تبدأ معركته الممتعة مع خوفها .. يعلو كتفيها بجسده الصغير، يتسلق الى السقيفة فوق الحمام، تتصاعد سعادته بالتلاعب بأعصابها، و ترجوه ان يتنزل بهدوء .يصدر صوتا كهدير الطائرة، يلوح بذراعيه الصغيرتين وهو يراقب نفاذ صبر أمه وضحكتها القلقة، وهي تحاول إسكات صفيره، لكنه لا ييبالي برجائها ويستمر باخبارها بأسلوب خطابي فصيح انه النسر، وسوف يهبط متى شاء . يستغل حاجة أمه للكشف عن خزان الماء الدائم التسرب، وحيث انه الوحيد القادر على الصعود لصغر حجمه ورشاقته.
لكن معركته الآن هنا في بادية قصية، وأمد الحرب قد طال إلى أن اشتد عوده بها …عرف فيها العطش، والبرد والجوع، وفقدان الآفاق، ورائحة الدم والباررود…كان الوقت قد فات ورفيقه يبحث عن مأوى لجرحيهما…….
وهي بانتظار أن يطلب مساعدتها، تغفو على أحلامها ينهمر الدم من السقيفة على الجدران ليغطي مرآتها، ويتقطر على وجهها، وليغرق غرفة نومها، و تسمع صوته :لاتجزعي فكم كانت مخاوفك بريئة على جبهة سقيفتنا، فلا خوف عليّ بعد اليوم من السقوط، وها أنا مسجى بسقيفة بعيدة عنك….. هذه المرة النسور تهوي إلى السماء
قال لها رفيقه :
حين يحررون المنطقة سأنقل لك جثمانه… وقبيل النقل، وفي سقيفة زرقاء واسعة، إلتقته.