لقد أيقظ "بعل أ وغاريت" إله المطر المحيي ذاته من غفوته وعاد في تألقه القديم -الجديد يحتل مقام الصدارة في اهتمامات الباحثين في الفكر الديني القديم ..كما كان يحتل مقام الصدارة في حياة سكان الساحل السوري في عهوده الغابرة…
لقد شغلت نصوص أوغاريت المتعلقة بالبعل السوري اهتمام الباحثين والدارسين وظهرت ترجمات كثيرة لها الى معظم لغات العالم..ونشرت عنها بحوث مستفيضة حولها..
وأعتقد بأن هناك سبب آخر يدفعنا الى القول إن هذه النصوص لم تكتب مرة واحدة بشكل كامل بل نظن أنها تحمل في طياتها تراثاً شفوياً سابقاً موغلاً في القدم..لعلها مرت بأشكال كتابية متعددة قبل وصول شكلها الأخير إلينا..
ويبدو بأنه كان لها وظيفة طقسية ..تتلى في احتفال السنة الجديدة التي كانت تأتي في التقويم الأوغاريتي في بداية فصل الخريف…
لقد كانت حكايات بعل تروى كل عام في احتفالات فصل الخريف حيث كان الناس يعبرون عن أفراحهم بجني غلال موسم العام الزراعي المنصرم وبهطول باكورة الأمطار المبكرة التي تعلن عن بدء اعمال الحراثة والبذار للمو سم الزراعي الجديد
فيصلون الناس شاكرين مهللين متمنيين أن تدوم هذه الفرحة العارمة…
فالإله بعل كونه إله المطر المحيّي ..كان أكثر الآلهة قرباً والتصاقاً بحياة البشر اليومية..ان كانوا مزارعين يعتمدون على المطر أو صيادين يبغون هدوء الريح..فهو شفيع البحارة ..أو تجاراً ملاحين يمخرون عباب البحر.. لذلك كانوا يتحلقون حول بعضهم ليسمعوا حكايات وملاحم تلهب مشاعر المحتفلين عن صراع بعل مع يم وانتصار بعل عليه في النهاية ..هذه الطقوس هي تجسيد لآمال واحلام الناس بقدوم سنة خيرة يهطل فيها الغيث وبنبت الزرع وتختفي العواصف والأنواء ..فيكثر الخير وتزدهر التجارة ويعم الرخاء بين البشر..
لقد كانت الكلمة هي البداية و ربما علة كل شيء إذ كان الإله في حالته الأولى يضم كل شيء وسيبقى في جوهره على ماهو عليه خلال تجلياته التي انتجت الاساطير والملاحم للتعبير عن الكون وحاجات الروح الاتسانية…
عاشق أوغاريت ..غسّان القيّم..