د . سنان علي ديب
كتبنا منذ سنتين بنهاية العام مقالة تنبؤية سميناها عام الإحتواء والإستيعاب ومغزاها بأنه عام إحتواء الأزمات المعقدة الناجمة عن الحرب القذرة وما خلفته من آثار إقتصادية وإجتماعية ونفسية وثقافية ولنكتب تنبوء بالعام الذي يليه وبداية عام ٢٠١٨ عام الإنطلاقة الفاعلة القوية ومغزاه وضع اولويات لإعادة الحياة الإقتصادية وتخفيف الآثار الإجتماعية وهو ما كان بشكل عام ونتنبأ أن يكون العام الجديد عام الوطن بعد ان تعود السيطرة السورية على كافة الاراضي بعد التخلص من مخلفات الإرهاب و الأدوات التي لم تترك وسيلة لتدمير الإقتصاد ولبث السموم إلا فعلته لتقدر الخسائر الإقتصادية المباشرة بحوالي ٥٠٠ مليار دولار عدا مئات آلاف الشهداء و محاولة تفريغ البلد من الشباب بشتى الوسائل وبالتالي قتل منتوجات التنمية المتتالية والتي اوصلت سورية بداية الالفين لعداد بلدان العالم الثاني وفق مؤشرات التنمية البشرية وهو ما شهدناه من تدمير مشافي تعد من اهم المشافي بالمنطقة وسرقة الاجهزة و الأدوات في المشافي وتدمير المدارس والجامعات وتدمير المنشآت النفطية وسرقتها وحرق المحاصيل وقطع الأشجار وتلويث التربة و تدمير الجسور والمناطق الأثرية بالإضافة لتهجير العقول المتميزة والتخلص من جزء منها بالقتل ورغما من ذلك كان هناك إنطلاقة على كافة المجالات وفق الاولويات والإمكانات فوجدنا عودة بالمجال الزراعي والحيواني ليزيد المعروض ولو ضمن ظروف صعبة وشروط لم يتعود الفلاح عليها وضمن عقلية السوق و تقويض دور الوحدات الارشادية وجمعيات الفلاحين التي كانت تتكفل بتامين الادوات والعدد وما يلزم العملية الإنتاجية و حتى التسويق وقد تعافى هذا القطاع جزئيا وينتظر أن يتعافى بشكل شبه كامل مع امطار الخير وعودة اغلب الاراضي للحكومة و النوايا الحكومية لتطويره حسب الإمكانات وكذلك قطاع الصناعة بعودة الحياة للمناطق الصناعية و تقديم التسهيلات وعودة العافية للكثير من الصناعات والحرف ويبقى موضوع القطاع العام وكيفية التعاطي معه وفق تصريحات بنية إصلاحه كونه حاجة ضرورية في ظل الحاجة لتعاون وتكامل كل القطاعات الإنتاجية في مرحلة إعادة الإعمار ولكن التطبيق والتسريبات في واد آخر هي مهتمة بما آلت إليه الظروف ولا حتى بتلاشي فكرة الخصخصة عالميا في ظل قطاع عام مسيطر حتى في البلدان التي تعد راسمالية أو قائدة الفكر الليبرالي.ويبقى السؤال في ظل الحاجة الماسة لإعادة الإعمار لحوالي مليوني شقة وما يتبعها وفي ظل محدودية الخيارات هل يكون إصلاح القطاع العام الإنشائي حاجة ام خيار وهل تستطيع الافواه المفتوحة السوداء التصدي له فرادا دون إمكانات الدولة ام تبقى نفس الإسطوانة تعهد الدولة لأشخاص ينفذون بأدوات القطاع العام وعلى حسابه.وكذلك القطاع الخدمي بكافة اشكاله والذي جزء منه تحمل ضغوطات زادت عن قدراته ويحسب له ولكن هذا لم يقطع الطريق عن استمرار الفساد والهدر كالقطاع الصحي والتعليمي والذي يستشف من سيرورته النية لخصخصة ظاهرة ومبطنة بفرض مؤسسات خاصة غير قادرة على المنافسة إلا عبر إجراءات خاصة تعطيه حصة او عبر فساد وتسويء الخدمات وجزء منها لا يعتبر حاجة قصوى وإنما تنفيع لبعض المحسوبيات ومل ذلك على حساب الجودة وكذلك ستكون الحاجة لقطاع النقل بكافة مجالاته وذلك لقرب فك الحصار و لفتح المعابر الحدودية كنصيب وغيرها مع العراق وتركيا لاحقا ولتستوعب الحركة الاقتصادية والبشرية والسياحية .كل هذه المؤشرات تجعل المتابع متوقع بتفاؤل لحياة اقتصادية شبه عادية بعودة الامن والامان والتعافي شبه الكامل وبالتالي يبقى السؤال هل ستنعكس هذه المؤشرات على المواطن وهل سيحسن استغلالها بما يحسن معيشته ويقوض إنعكاسات الحرب بما ينظف النفوس و يحصن البيئة ويعيد اللحمة والحيوية و يحشذ الهمم والطاقات لإعادة سريعة للبناء الإنساني ولإعادة الإعمار بما يتيح إعادة الإستقرار بما يوازن عبر توزع يخفف الضغط على الخدمات ويرفع من جودتها وبما ينعكس على المستوى العام لمعيشة المواطن.
في ظل الأزمة وفي ظل معرفة بخفايا كثيرة وفي ظل تضليل بالمعلومات ضروري خلال ازمة انتقلت من الإرهاب العسكري للإقتصادي للسياسي بررت الكثير من السياسات ومنها التضخمية للتحكم بالغرض والطلب وعدم رفع الأجور رغما من الفجوة التضخمية التي قاربت ٢٢٥ الف ليرة بين الأجر وما تتطلبه المعيشة لأسرة من ٥ اشخاص في ظل محدودية العرض واتساع الطلب وهنا لابد من ملاحظة الحاجات المتزايدة وعودة المهجرين وقلة الإعانات وبالتالي زيادة الطلب في العام الجديد و يفضل المساعدات العينية إن عرض أو خيرنا من أجل استقرار الليرة وهذه الليرة التي عانت من تأرجحات وتبدلات اغلبها حسب ما اتضح مبرمج وجزء كان نتيجة الفساد الاحمر بالدماء وعلى عاتق سعر صرفها ستقاد عملية تحسين مستوى المعيشة والذي كان خيارنا بالعمل لتخفيض سعر الصرف مع ضبط الاسعار وسط التعامل بصدق وبنية جادة للتحكم بها بأدوات حكومية وسط ذهولنا من استمرار العمل بعقلية حرية السوق في بلد شلته حرب لو وقعت باكبر البلدان لتفتت و في هذا الخصوص يستشف زيادة المعروض من العملات الصعبة عبر زيادة اعداد العائدين من الخارج وزيادة التحويلات وزيادة عاىدات الترانزييت و عودة الحياة للسياحة الخارجية والتي يجب ان يبدا العمل للترويج لها بعد عودة الامان شبه التام لأغلب المناطق وخاصة لما تتميز به بلدنا من مزايا لا تحتويها بلدان اخرى بمنتوج سياحي متنوع ديني ثقافي طبيعي مناخي تراثي وغيرها وبنية سياحية متميزةوضبط الأسعار كفيل بزيادة المداخيل .وكل ما تقدم سبب للانتعاش ولكن غير كافي في ظل استمرار تفشي الفساد المسرطن والذي لم يترك مفصلا الا اصابه وسط ترقيعات مجتزأة بالتعيينات لقطع الطريق عليه ولكنها لم ولن تكون كافية لأن الإحاطة بالفساد لتقويضه بحاجة لمنظومة مواجهة لمنظومته تكون عبر عملية إصلاحية شاملة وسط برنامج واضح لحكومة إصلاحية تتبنى برنامج وطني ذات صلاحيات واسعة تعلن برنامجها وتحاسب عليه وتكون لها حق التعيينات على اساس الحاجة والكفاءة وليس على اي اسس لا وطنية