الفنان التشكيلي ابراهيم الحميد
أنا ابن الفرات وامتداد لحضاراته
_ من أقصى الشرق ، من مدينة البوكمال ، مدينة الكرم وجارة التاريخ والحضارة ( ماري ) العراقة . من ضفاف الفرات ونخيلها ورمانها ، من بيئته وطبيعته الساحرة وأطياف حضارية مستمرة عبر الزمن . حمل الفنان ابراهيم الحميد موهبته وعشقه ، وجعبته الحضارية والفنية والانسانية ليعبر بريشته الساحرة ، ينقل عبر ألوانه وخطوطه حكاية الذاكرة الحضارية ببساطة وعفوية واتقان عبر البحث والتجريب عن اضاءات انسانية تعبر عن همومنا وهواجسنا وأحلامنا ، اقترنت بمهارة وحس فني رفيع بالموروث ذات خصوصية ابداعية ولغة بصرية تأثيرية وفق تقنيات مختلفة ، للوصول إلى عنصر الدهشة التي تفصح عنها عين المتلقي .
وتتويجاً لموهبته انتسب إلى كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق التي صقلت موهبته وأغنت ثقافتةالفنية والبصرية ورؤيته الخاصة بالتشكيل ارتبطت بأسلوبه المميز وتجربته الفنية . رغم أن اختياره للدراسة في كلية الفنون الجميلة لم يدرك مدى صحته إلا بعد زمن اكتشف فيه عشقه للخط واللون ، وقدرته على إعادة خلق الصور الوفيرة الثرية المحفوظة في أعماق خياله وذاكرته البصرية .
فعرف النجاح والتألق لتؤكد صحة اختياره . وكان لملازمة الفنان الكبير الراحل فاتح المدرس في مرسمه لعدة سنوات أكسبته ماهية وقراءة اللوحة وأسرار اللون حرقت مراحل في نضجه الفني ، وفتحت المسار لتجربته ، امتلك فيها ناصية التعبير وخلق بنية بصرية مختلفة ذات ملامح لونية وقيمةفكرية وجمالية تدل على خصوصية في العمل أخذت طابعها ومكانتها في المشهدالتشكيلي السوري .
استطاع الفنان ابراهيم أن يرسل من خلال لوحاته حكايا العشق والانتماء لفراته وحضاراته العريقة الممتدة على ضفتيه ، بعضها لازال شاهداً على العصر . مزج باقتدار معادلة التراث والاحساس الفني المرهف وتأثير اللون لتصل إلى عين المتلقي لغة بصرية تراثية امتزجت بأناقة مع الحداثة وترابطت مع المضمون والشكل تتغلغل في أعماق النفس لتولّد الانبهار والتساؤلات . يجمع متناقضات الألوان في معظم أعماله من الأصفر والبرتقالي سريع التأثير ويحمل في مضمونه العودة إلى مرابع الطفولة والأصالة إلى الأزرق الشفاف الذي يبعث في النفس الهدوء والسكينة إلى بقية الألوان يبرز من خلالها الصيغة التعبيرية والانفعالية والتأثيرية ، يستمد موضوعاته من عشقه الأزلي وملهم الشعراء والفنانين الفرات الخالد ونخيله وبيوته الطينية ، وتراب البادية الذي يشبه لون الشمس ، ووجه أمه المشرق التي اختزل فبها كل النساء ، وتفاصيل حياة وأحلام البسطاء ، يغوص في البحث عن مكامن الابداع وأعماق النفس البشرية يستخرج منها جملاً من الاحاسيس والمشاعر لينسى المتلقي أنه أمام لوحة بل أمام كتاب أو قصيدة أو خاطرة ، تحمل مدلولات خاصة وعميقة وبسيطة . فللون عند فناننا القدير اللاعب الرئيسي في لوحاته للغوص في العمق البشري ضمن ايقاعات موسيقية تزيح الهم وثقل الحياة ، وتصل إلى عمق المشاهد وفكره .
فناننا المبدع الحميد نجده لا يلتزم بمدرسة أو اتجاه فني محدد ، لأن لديه المقدرة على المزج والتنويع في المذاهب الفنية كلها . يطلق العنان للخيال ولمشاعره وحسه الداخلي للتعبير عنها دون قيود ، متشبث بجذوره ، تارة ينهل من ماء الفرات عذوبته ، تارة يمشط سنابل وخصل القمح ، ومرة يستظل بأشجار الغرب يطلق العنان لذاكرته عن الحب والحنين وتربة استمد منها أفق موهبته وألق شبابه، ومرات يتكأ على جدران ماري ودورا اوربوس ( الصالحية ) يستمد منها عظمة التاريخ وأصالته وأبجديات الحضارة . يبحث عن الانسان وبريق العيون الذي يستشف منها لمعان الحرية ودفء الحياة ، ويلملم أخلامه المتكسرة ليعيدها أمل و يجدد فيها روح التفاؤل …..
فنان يسيطر بكل ثقة على لوحته وممتلكاً لأدواتها ، يلهمها أحاسيسه العفوية الصادقة بصيغ عقلانية ورؤى ابداعية متجددة يجمع فيها الأصالة والتفرد والمرونة والقدرة على التجريد ومهارة وكفاءة تحليل عناصر الأشياء ، والقدرة على التركيب . يساعده في ذلك مخزونه الفني الغني وثقافته الواسعة ، يترجم من خلالها أفكاره بكل بساطة ويسر ، يصيغ عوالمه السحرية ممعنة في العمق ، مغرقة في الصدق ، راقية في درجات السمو اللوني متباينة في كثافتها ورقتها ، ودور الفاتح والغامق لكل لون ، حتى الفراغ يوظفه لصالح العمل . مدركاً حدود المسافة بين الصورة البصرية والمكانية ، وبين صورة العمق والسطح .
ابراهيم الحميد فنان يحمل ناياً بيد يبث مشاعر الحب والحنين والألم والفرح ، ويده الأخرى ريشة تصوغ الجمال والمتعة والقيمة الفنية والفكرية ..
الفنان ابراهيم حنوش الحميد في سطور :
– مواليد دير الزور – البوكمال ١٩٥٩
-خريج جامعة دمشق – كلية الفنون الجميلة – قسم التصوير ١٩٨٦ – عضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب – عضو اتحاد الصحفبين – يعمل في مجال الصحافة والاخراج والتصميم ورسم الموتيف ومصمم ديكور سابقاً .
– أقام عدة معارض فردية منها ..معرض في صالة ايبلا بدنشق ١٩٩٠ – معرض في صالة عشتار بدمشق ١٩٩٢
– معرض في دار الندوة في بيروت ١٩٩٣ – معرض في مركز معروف سعد الثقافي في صيدا في لبنان ..
والكثير من المعارض الأخرى في سورية ولبنان واليابان .
– أقام معرضاً مشتركاً مع الفنان الكبير الراحل فاتح المدرس والفنان زهير حسيب بدار الندوة في بيروت .
– أقام معرضاً بصالة فاتح المدرس ٢٧ / ١/ ٢٠١٩ بدمشق.
– يستعد للمشاركة بمعرض في القاهرة بدعوة خاصة من صالون بيت الفن الدولي الثالث للفن التشكيلي ( ابدعات حرة ) في قاعة الأهرام للفنون .
نفحات القلم –
دير الزور – خليل عبد اللطيف