د . م . عبد الله أحمد
إن تركيز الانتباه باتجاه قضايا ثانوية هو القضية التي يجب التوقف عندها، كون ذلك يدفع الناس بعيدا عن القضايا الجوهرية ..وقد يكون ذلك مطلوبا من قبل البعض وبالاخص فيما يتعلق بالاعلام ككل وبالدراما بشكل خاص …
ولكن قبل الخوض في الدراما …علينا أن نسأل ما هي الاولوية في هذه المرحلة؟
قد تكون الاجابة من نوع السهل الممتنع ..إلا أن أولوية كل سوري هي تحرير ما تبقى من أرض محتلة..وكذلك تحسين الوضع المعيشي للمواطن ، إلا أن ذلك يحتاج الى اجراءات جادة والى محاربة فعلية للفساد ، وقد يكون من الاولويات أيضا التخطيط للمستقبل والعمل عن نشر رسالة المحبة والسلام والحضارة المتأصلة الجذور في سورية ، وهذا بدوره يحتاج الى جهود جباره والى إعادة النظر بالاساليب التعلمية والمنهج التعلمي، وفي رفض تسيس الدين ، وعندها يكون دور الدراما والاعلام مكملا أساسيا لتحقيق هذه الرؤية ..فهل توجد رؤية لكي تنفذ؟
بالعودة الى الدراما ، لا ينكر احد دور الدراما المهم، وليس على المشككين الا النظر الى الدراما الامريكية(هوليود) والبريطانية قبلها (جيمس بوند وغيره) التي قامت بنشر قيم الغرب (الافتراضية ) بالتركز على تفوق الغرب واستخدم كذراع للهيمنة ، الشيء نفسه يمكن أن نراه في الدراما التركية والهندية وغيرها …
المشكلة أن الدراما السورية مختطفة من قبل الممولين ، ولا توجد رؤية موحدة ، على العكس تماما يتم الترويج لقيم ومفاهيم وصور أخطر من “دقيقة صمت ” الذي تعرض للانتقاد الشديد من قبل من لم يشاهده بعد ، علما أن العمل لم يستكمل عرضه كي يتم تقيمه …الاخطر هو باب الحارة ومايسمى عطر الشام وما بعرف شو من مجموعة ما يسمة البيئة الشامية ..وتحدثنا كثيرا كيف استخدمت هذه الاعمال لتحضير بيئة العمل للفوضى الخلاقة (المشروع الامريكي )، والاخطر أنها مازالت تجتاح الشاشات ….
ولكن علينا أن أن نسأل؟ هل نحن في مجتمع وردي ومثالي ولايوجد فيه فساد ؟ أما أن الفساد موجود وبشكل كبير ،ولا بد من استئصاله …وعلى الدراما والاعلام من خلال “العمل الاستقصائي” أن يكون أول من يلقي الضوء على الجوانب المظلمة من أجل تغيرها،ولكن ببساطة الاعلام لا يقوم بدوره .
وهل هناك دور للاساطير والاحلام “المصنعة ” حسب الطلب في مجتمعنا؟ بالـتأكيد ..فكم من “كاهن” صنعت الاحلام المزيفة ….ليتحول البعض الى الايمان بالاساطير أكثر من إيمانهم بالحقائق الساطعة ..والاهداف معروفة ومكشوفة …
المشكلة هي دائما بالمواقف الانفعالية من دون تدقيق أو تفكير ، وما نحن فيه من تخوين وتصنيف للناس بناءا على موقف أو كلمات عابرة يدل على عمق الازمة ..التي لا بد من الخروج منها، وذلك يستدعي الاعتراف بها أولا وبمسبباتها الحقيقية ، وكذلك البحث في الاسباب التي جعلت البلاد غير محصنة أمام هذه الحرب القذرة والمركبة علينا ..
قد يقول البعض إن ما حدث هو نتيجة مؤامرة علينا، هذا صحيح وسوف تستمر المؤامرات علينا في المستقبل ولكن لماذا ؟ لاننا نملك من العمق الحضاري والثروات بكل أنواعها وبما في ذلك البشرية الخلاقة ،وذلك يجعل القوى المعادية تستمر في عملها من أجل الهيمنة علينا ، ولكن في نفس الوقت، المؤامرات تنجح فقط عندما نكون غير محصنين ،ولذلك لا بد عن منع الاخر من إستخدام حصان طروادة جديد …
لا بد من كسر الصمت ..ولابد للدراما وكل المؤسسات الاخرى من أن تقوم بدورها ليس من أجل سورية فقط وإنما من أجل هذا الشرق وكل عالم العربي .