من مجموعته الشعرية السادسة ( الربيعية )
الشاعر الدكتور جهاد صباهي
لو أني
أعرفُ ماذا فعلتْ
تكتمُ صرخَتي خلفَ الشمس
تُغرقُني في بحرِ اليأسْ
تزرعُني على قمرٍ
يبكي ليلُهُ على الإسفلتْ
فاحترقَ قلبي
واحترقتْ
اخترقتَ جدارَ الصمتْ
سلبتَ فرحي ونبضَ القلبْ
ورحتَ تُنادي وسْطَ الدربْ
قلبٌ للبيعِ ومعهُ الربْ
أتبيع القلبَ .. تبيعُ الربْ
بحفنةِ وعودٍ معها الكَربْ
ياويلكَ من غضبِ الحربْ
تُعيدُكِ من حيثُ
أتيتْ
لو أني أعرفُ
ماذا فعلتْ
زعمتَ أنكَ الرسولْ
والمهديُ وزوجُ مريمَ البتولْ
والوصيُ على الأرضِ
تصولُ فيها وتجولْ
تهدمُ مآذنَ المساجدِ
تحرقُ المعابدَ
وتبعثُ من في القبورْ
تُكلمُ الجنَّ والطيورْ
زعمتَ أنكَ الربيعْ
جئتَ بقناعِ المخلّصِ الوديعْ
فحرقتَ الجبالَ والسهولْ
واعتقلتَ الشمسَ والقمرَ
وأزهارَ الحقولْ
وصرختَ أنا ربُكم الأعلى
عليكُمُ تجليتْ
لو أني أعرفُ
ماااذا فعلتْ
على يمينكَ
شمسٌ تحرقُ البيرقْ
وعلى يساركَ
سيلٌ جارفٌ أحمقْ
تذبحُ سنابلَ القمحِ
ماتت قبلَ أن تُخلقْ
أحلامُها ركبتْ في زورقْ
عبرتْ الحدودَ الى المنفى
علَّ رقابَها تُعتَقْ
من بطشِ سيفِكَ
وما قضيتْ
لو أني أعرفُ
ماذا فعلتْ
انكشفَ عن وجهِكَ القناعْ
وانهارت من حولكِ القلاعْ
ازدحمت السماءُ بالغيومْ
تحوّلَ ربيعُكَ خريفاً ظلومْ
زلزلَ معالمي بمنكبيه
وافترسني بمخلبيه
ضمني الليلُ بينَ قبضتيه
ووضعني القهرُ
نُصْبَ عينيه
وصارَ المطرُ حُلُماً
لأهلِ البيتْ
لو أني أعرفُ
ماذا فعلتْ
أتظنُ أنكَ نجوتْ
عقاربُ الساعةِ
شاهدةٌ عليكْ
كيف سجدتَ على أرضي
تُقَبلُها
وتقبضُ على حفنةِ ترابٍ
وتحملُها
الى صحراءِ نهايتكَ
تقومُ فيها قيامتُكَ
ويبدأُ سؤالُكَ
ماذا صنعتْ
لو أني أعرفُ
ماذا فعلتْ
ماذا لو غيروا ملامحيْ
وشوّهوا أحلامي
ولوّنوا جوارحيْ
ماذا لو اجتمعوا عليَّ
في ليلةٍ ظلماءْ
وشهِدَتْ لوعتي
الأرضُ والسماءْ
ناديتُكَ
فلا ذقتَ مرارةَ دمعيْ
ولا لبّيتَ النداءْ
دفنتَ أحلامي
واختفيتْ
لو أني أعرفُ
ماااذا فعلتْ
لو أني بعتُ نفسي
في سوقِ النِخاسةْ
ووزعتُ بالمجانِ أحزانَ عمري
وأوزارَ التعاسةْ
لو أني أقفلتُ بوابةَ قلبيْ
عن ذئابٍ ملأتْ دربيْ
لو أني قبّلتُ فمَ ثعبانْ
ونفثَ في جسدي السُمَّ
وغبتُ في عالمِ النسيانْ
لكني لغيره مااهتديتْ
مهما فعلتَ به
مهما قسوتْ
مازلتُ أهواهُ
مازلتُ خائفةً عليه
هو قدريْ
هو وطنيْ
وبهِ آمنتْ
لو أني أعرفُ
ماااذا فعلتْ
د . جهاد صباهي