د . م . عبد الله احمد
يربط علم الأعصاب التطوري تطور قشرة الدماغ الجديدة (Neocortex) بالكوارث والحالات الاستثنائية ، أي أن تطور العقل البشري يجري بشكل أسرع عند حدوث الكوارث والحالات الطارئة ،ربما ، ولكن علمتنا هذه الحرب المدمرة، أنه ليس من الحتمي أن يحدث هذا التطور الجمعي، وفي الاتجاه الصحيح ، حيث نرى نمو العوامل الأنانية والانتهازية ، التي تجعل فكرة الخلاص الشخصي هي السائدة عند الكثيرين ، وما لم يتم ترميم هذه الفجوة على مستوى الدول في الوقت الحاضر ،فقد يؤدي ذلك إلى انحدار جمعي آخر نحو الهاوية ، مع عودة الفوضى من جديد بشكل أو بآخر .
إن العودة إلى الاستقرار من جديد ، يتطلب تطبيق قوة القانون وبشكل قسري، إضافة إلى بذل جهود جبارة من أجل إعادة برمجة الوعي الجمعي بشكل يتناسب مع مفهوم الدولة، لأنه على الجميع الإدراك أن الخطر يداهم الجميع ، والبناء ينقذ الجميع ، والملكية العامة ليست مشاعا وإنما تخص الجميع ، عندها يمكن للعقل الجمعي أن يتطور ، وهذا بالضرورة سينعكس إيجابا على المجتمع وعلى الدول ،وعندها يمكن الحديث عن المساواة والعدالة ، وعن إرادة البناء .
من جهة أخرى، إن تدخل الأديان في الشؤون والسياسات العامة، سوف يعني أنه لا أمل في تصحيح هذا الوعي الجمعي ، وعلى العكس تماما ،الفوضى ستكون حتمية ، لان الأديان عامل تقسيم وليست عامل جمع ….
هل نتعلم ؟ هل نعود إلى حال يتناسب مع التطور العقلي “الجمعي ” المفترض بعد كل هذه الكوارث و الأزمات في منطقنا! …