كانَ اللقاءُ على مشارفِ جنّةٍ
خضراءَ في صدرِ الرَّبيعِ المُورقِ
لهواكِ أُغليها مودّةَ شاعرٍ
نضِرِ الهوى رغمَ الزّمانِ الضّيِّقِ
سأُذيعُ للأنسامِ سِرّاً أننيْ
لسوى جمالِكِ – فتنتي – لم أعشقِ
عاودْتُ عهدَكِ بالهوى ناجيتُهُ
روّيتُهُ بالمَدمعِ المُستغرقِ
وكأنَّ حُسنَكِ قبلَ عشقي لم يكنْ
وكأنّهُ مِنْ قبلِهِ لمْ يُخلقِ
كوسائدِ الأحلامِ جيدُكِ مُشرقاً
كالياسمينِ كعطرِهِ المُتموسِقِ
ولنا على تلكَ الضّفافِ قصائدٌ
نشوى بعطرِ مروجِها المُتدفّقِ
وليَ الربيعُ مرابعٌ أشدو بها
ومناهلٌ منْ خمرِها ما أستقي!
فحنوتُ أرشفُ مِنْ ضيائكِ هائماً
عاودْتُهُ عَودَ المشوقِ المُشفِقِ
وكفجرِها إذْ لاحَ وجهُكِ ناضراً
أرنو إلى ذاكَ البهاءِ المُشرِقِ
طلعَ الصَّباحُ على الرّوابي سافراً
لمّا بدوْتِ مِنَ الوِشاحِ الأزرقِ
حسنٌ بهيٌّ لا يُبارى شأوهُ
ينبوعُهُ طهرُ العَذوبِ الغيدقِ
وحسَوْتُ باقي الكأسِ أشدو حالماً
ومعاقراً شفةِ الصّبا المُترقرِقِ
فهفوتُ أنأى عنِ عماياتِ الهوى
شوقاً إلى مهدِ الجمالِ المُطلقِ
قلبيْ إليهِ لسوفَ يبقى شاخصاً
مُتهجّداً فِعلَ الأسيرِ المُوثقِ
أدعوكَ يا زمنَ الصِّبا متوسّلاً:
هلْ نلتقي يا فتنتي , هل نلتقي؟!
لنعودَ في روضِ الصِّبا وصباحِهِ
ونفيءَ في فيءِ الودادِ الأسبقِ
طفلينِ ننعمُ في ظلالِ هنائِهِ
نغفو , ونحلمُ في ظلالِ الزّنبقِ
ولكِ الفؤادُ بجمرِهِ وحنينِهِ
أبداً لغيرِكِ في الورى لمْ يخفقِ
أُغلي هواكمْ فوقّ كلِّ منازعيْ
أطويهِ في سرّي العميقِ المُغلَقِ
أغليكِ في قلبي ولو طالَ المدى
يزدادُ فيكِ توجّعي وتعلّقي
لا البعدُ يُثنينيْ ولو طال المدى
لا بل يزيدُ توهّجيْ وتألقي
وإلى جمالِكِ زهرُ شِعريَ ينتمي
أزهارُ شِعريْ بالمحبّةِ ترتقي
ولعهدِنا – يا ميُّ – ميثاقُ الهوى
لا تقلقي , أجميلتي , لا تقلقي
سأظلُّ أشدو للروابي عاشقاً:
لو لاحَ وجهُكِ في الوشاحِ الأزرقِ
ياسين عزيز حمود