قالت من الروح بوحا يطيب معه الحديث , تناغمت في كلماتها معاني الجمال مع عمق الفكر .. لتجلي القلوب .. وتضيئ عوالم الحرف …تعيش الإنسانية والوطن عشقا يتوجها ملكة روحها إنها الضيفة القادمة إلينا من نور المحبة وعطر الانتماء الشاعرة اللبنانية
( لودي جورج الحداد ) حاورها لنفحات القلم الإعلامي فؤاد حسن حسن .
السؤال الٱول : كيف تعرفي عن نفسك ؟
أنا إنسانة تتوق إلى حرية الروح حين تأخذني من هذا العالم المادي الذي يجتاحه ضباب القلوب، المليء بالمعاصي والموبقات. عالمي يحلق فوق سحابة تعوم مع الأثير، يبحث عن الإنسان المفعم بالحب والجمال والإيمان.
وقد دونت في إصداري الأول” كؤوس الأحلام”،خاطرة قلت بها: ” لا تسألوني عن هويتي، فأنا لا أنتمي لأي مكان، زرعني قدري هنا، لكن قلبي وروحي ملء الزمان…”، وختمتها قائلة:”لا أريد على التراب مسكناً، ففي السماء سأطلق العنان…”.
السؤال الثاني : من هم الشعراء الذين تأثرت بهم ؟
قرأت طبعاً لشعراء وأدباء كبار وكثر، لكنني عشقت منذ صغري فكر جبران، الذي انتهلت من كتبه ولم أرتوِ بعد… ربما كتاباته قد قرعت ذات يومٍ على جدار صمتي وأيقظت بي ثورة حملتني لأدون ما يختلج في ذاتي، لكنني إلى الآن أشعر أنني لم أصل بعد إلى عمق ذلك البئر الذي ينبض في داخلي لكي أكون…
السؤال الثالث: ماذا يجري اليوم من قضايا تجسديه في كتاباتك من قضايا إنسانية و عاطفيه تلتصق بالوجدان ، هل مايجري اليوم على الساحة العربية كان السبب في ذلك ؟
ما أكتبه يفيض من ذلك الجدول العميق الذي يهدر في داخلي، فالكتابة بالنسبة إلي سفر أروع من الأحلام، يحملني إلى موطني الذي يتوهج هناك وراء جبال تعانق النور، وإلى لحن يشدو مع همسات أنجم تعشق بهاء الليل وسحر القمر وقداسة السكون.
السؤال الرابع : ما رأيك في الحراك الثقافي اليوم ؟
في هذا الحراك الثقافي الكبير اليوم ، إصدارات كثيرة وأمسيات ومنابر تصدح كل يوم، فهناك أقلام تنبض بالأدب الرفيع فرضت نفسها بكل وضوح، نجلها ونحترمها طبعاً، وهناك أيضاً من يتطفلون على الحرف. تبقى الأيام وحدها الكفيلة بأن تدون على دفاترها أسماء من نقشوا أسماءهم بإزميل الإبداع على صفحات الفكر والأدب والثقافة.
السؤال الخامس : ماذا فعلت تطورات الإلكترونية اليوم في هذا العالم الإفتراضي الزائف وخاصة في الأدب ؟
لا أحد يمكنه أن ينكر أن صفحات التواصل الإجتماعي أصبحت منبراً لأهل الثقافة والأدب، وأيضاً أفسحت المجال للمتطفلين على الحرف، لكن كما قلت سابقاً، تبقى الحنطة الجيدة في النهاية خبزاً على موائد الأدب الراقي والأصيل.
وأقول أيضاً، إن هذا التطور الإلكتروني قد فتح الأبواب على الإلتقاء وألغى كل الحدود والمسافات، لكنه من جانب آخر أبعدنا عن الكتاب الذي يأخذنا بسحر ساحر إلى هدوء النفس، بعيداً عن ضجيج هذا العالم الزائف والمتصحر.
السؤال السادس : ماهي مقومات الأدب في رأيك ؟
أول مقومات الأدب، الثقافة واللغة السليمة، ثم تأتي الموهبة التي من دونها لا ينسكب حبر ولا يتألق مداد.
السؤال السابع : هل القصيدة هي قلعة الشاعرة دائما ُ التي تحتمي بها ؟
ربما القصيدة كما تفضلت، قلعة نتحصن بها من أسياف الجهل، لكنني أراها جزء من واحة الروح والقلب معاً. القصيدة انسياب لدمعة من أحداق الوجع، وبسمة على ثغر حلم يلاحق المدى.
السؤال الثامن : كيف تتجلى صورة المرأة في قصائدك؟
المرأة في كتاباتي، هي التي تمزق سياج الخوف والقلق، هي التي تمسح دمعة انزلقت من أحداق مرآة النفس.
المرأة في كتاباتي تبحث عن الإنسان بين البشر، وتؤمن أن هذا الوجود الماضي بنا إلى أفول، ما هو سوى طريق نعبر به ، ربما نترك أسامينا على جدار أو رصيف … وربما لا نكون…
السؤال التاسع : حديثينا عن أعمالك الأدبية وما جديدك ؟
صدر لي في عام ٢٠١٧، ديوان بعنوان ” كؤوس الأحلام”، وفي عام ٢٠١٨، ديوان آخر بعنوان” نفحات من جليد ونار”.
ولدي الآن قيد الطبع، كتاب يحتوي نصوصاً نثرية دونت بها ما يختلجني من حنين لأهلي وقريتي الأم التي هجرتها منذ سنين، وقد أسميته” نجمة الصبح”، كما كان أجدادي يسمونها، المعروفة الآن باسم” المحيدثة”.
السؤال العاشر : كلمة أخيرة سيدتي
الشكر الوافر لك صديقي الشاعر والإعلامي فؤاد حسن ولموقعكم وجريدتكم الموقرة نفحات القلم وللإعلامية الأديبة منيرة أحمد لمحاورتك لي ، أرجو أن تكون أجوبتي المقتضبة قد لامست الأفكار التي تجول في عمق أسئلتك.
وفي النهاية ، أرجو أيضاً أن أكون مستحقة لهذه المحاورة، فأنا لست سوى هاوية صغيرة في سماء الأدب، أحاول أن أدون خلجات وجداني على السطور.
” أرحام اللّيالي “
كنتَ تخاتلُ الوجعَ
واللَّحظاتِ الموبوءةِ
في خاصرةِ المساءاتْ
وأنا قابُ قوسَينِ
من النَّشوةِ المترفةِ
في محرابِ الدُّعاءْ !
ارتعشَتْ أجنَّةُ الصَّهيلِ
في أرحامِ اللَّيالي
كأنَّما الكواكبُ في المخاضْ
الرُّوحُ الثَّكلى هائمةٌ
إلى سِدرةِ المنتَهى
والجسدُ الهزيلُ
يتعفَّرُ في اليبابْ …!
أنسامُ اللَّهفةِ
تستعرُ على جبينِ الأرقْ
الحبرُ ينوءُ وينتحرُ
من أوزار الألمِ على الورقْ
أمشي الهُوينى ،
أختلسُ براعمَ الفكرةِ
ما بينَ شرايينِ المغيبِ
ولحنِ نجمةٍ على ثغرِ الأفقْ …!
سلْ حواسَّ النِّسيانِ
عن نزفٍ من مقلِ المرآةْ
سلْ الأنجمَ في الغسقِ
عن قدسيَّةِ تلكَ الصَّلاةْ
واسدلْ ستائرَ اللَّاعودةِ
فأنتَ هناكَ في كنفي
نمْ قريرَ العينِ
من قالَ إنَّ في الرَّحيلِ … غيابْ …!؟
**** جليدٌ ونار “
برهةٌ من سُّكونٍ
بينَ الموتِ والحياةْ
دقائقٌ من شغفٍ
بينَ الأرضِ والسَّماءْ
حلمٌ تعرَّى في نشوةٍ
على ثغورِ الصَّباحْ
فراشةٌ من نورٍ
غزلَتْ دهشةً
على مُتونِ الرِّياحْ …
اقتحمَ جسدَ المللِ
انسلَّ الى القعرِ
أشعلَ فتيلَ القلقِ
زوبعَ في مدائنِ الفكرِ
هديرُ ندائِهِ
ملأَ الأرجاءْ …
إفرحي
تألَّقي
كوني
أطلقي العَنانْ
اعتقي الإنسانْ
في راحتَيْكِ الضَّوءُ
على أهدابِكِ الشَّوقُ
وفي كنفِكِ العمرُ …
ثمَّ أسدلَ على وجهِهِ
نقاباً منَ الضَّبابْ
واضمحلَّ وراءَ السَّرابْ
فهوَتْ دمعةٌ
من جليدٍ … ونارْ ….*