غياث علي جوني
لَهْفِيْ عَلَىٰ قَحْطانَ طالَ غِيابُه
وَلَسَوْفَ يُوجِعُني الْحَنينُ وَيَقْتُلُ
ماكُنْتُ أُوْمِنُ قَبْلَ دَفْنِهِ لَحْظَةً
أَنَّ الْمَلاكَ إِلَى التُّرابِ سَيُحْمَلُ
فَالْعِلْمُ أَنَّ مَلائِكَ الرَّحْمٰنِ فِي
عَلْيائِهِمْ ، وَإِلَى الدُّنا لَمْ يَنْزِلوا
إِِلَّا لِحَمْلِ بَشائِرٍ مِنْ رَبِّهِمْ
فِيها الْخَلاصُ مِنَ الجَّهالَةِ كامِلُ
فَجْراً أَتانِي فِي الْمَنامِ مُوَقَّراً
وَحَسِبْتُ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَسَيُقْبِلُ
عانَقْتُهُ بِمَسَرَّةٍ مُتَيَقِّناً
هٰذا الْحَبيبُ وَبَيْنَ أَذْرُعي يُحْمَلُ
مِنْ عَنْبَرٍ كانَ الْأَريجُ بِصَدْرِهِ
وَشَقائِقٍ بِنَجيعِ قَلْبِهِ تَرْفُلُ
حَدَّثْتُهُ وَسَأَلْتُهُ عَمَّا جَرَىٰ
وَهَلِ الْحَقيقَةُ أَنَّهُ مُسْتَبْسِلُ
فَبَكَىٰ عَلَىٰ زَنْدي وَأَفْصَحَ دَمْعُهُ
عَنْ حُرْقَةٍ في روحِهِ تَتَغَلْغَلُ
مِنْ أُمَّةٍ قَتَلَ الشِّقاقُ طُموحَها
وَعَلَى الدُّهورِ مِنَ الْوَنَىٰ تَتَمَلْمَلُ
وَأَجابَني : قَدَرُ الْعَلِيِّ وَطَبْعُهُ
أَنْ يَفْتَدي أَمَّا الْوَضيعُ فَيَبْخَلُ
وَكَنَجْمَةٍ وَالضَّحْوُ قَدْ سَرَقَ الدُّجَىٰ
غابَ النَّجِيُّ وَفي الْبَصيرَةِ يَمْثُلُ
حَتَّىٰ صَحَوْتُ وَفي عُيوني غِبْطَةٌ
يارَوْ عَةَ الْأَحْلامِ فيها الْأَجْمَلُ
ياأَيُّها الْوافي بِعَهْدِكَ حامِياً
شَرَفَ الْعُرُوبَةِ أَنْتَ فينا الْأَمْثَلُ
سَتَظَلُّ نُعْمَىٰ في الْحَياةِ خِصالُكُم
فَهِيَ الْمَناهِجُ وَالْمَعانِي الْمَنْهَلُ
مُتَأَلِّهٌ مُتَسامِحٌ تَهْوَى الْعُلا
وَبِحُلَّةٍ مِنْ رِفْعَةٍ تَتَجَمَّلُ
تَبْني الصَّداقَةَ وَالْمِوَدَّةَ مُؤْمِناً
أَنَّ الْحَياةَ عَقيدَةٌ وَتَفاضُلُ
حِيْنَ الطُّغاةُ عَلَى الشَّآمِ تَجَرَّؤوا
وَمَعاوِلَ التَّخْريْبِ فيها أَعْمَلوا
لَمْ تَأْسِرِ الدُّنْيا خَيارَكَ إِنَّما
زَحَفَ الرِّفاقُ وَأَنْتَ فِيهِمْ أَوَّلُ
لِلَّهِ دَرُّكَ قَدْ وَهَبْتَ فُتُوَّةً
لِحِمَىً نَجَتْ وَشَقائِقٍ تَتَمايَلُ
يا كَوْكَباً زانَ السَّماءَ ضِياؤُهُ
شَرُفَتْ بِكَ الْفِرْدَوْسُ وَالْمُسْتَقْبِلُ
أَنْتَ الشَّهيدُ عَلَى الزَّمانِ مَكانُهُ
مُهَجُ القُلوبِ وَفي الْأَعالي مُبَجَّلُ
جَرَّعْتَنِي نُغَبَ الْحَياةِ كَرامَةً
وَمَحَبَّةً مِنْ روحِي كَمْ تَتَهَيَّلُ
لَنْ أَسْقي قَبْرَكَ بِالْقَراحِ لِأَنَّهُ
فِي الْقَبْرِ بَحْرٌ بِالطَّهارَةِ يَحْفِلُ