تحت هذا العنوان أقام الأديب عبد الباقي قربوعة متغلبا بذلك على الحظر جاعلا منه مناسبة لالتقاط أنفاس أدبية وفكرية متميزة وجامعة … موقع نفحات القلم تابع تلك الندوات وحاول اقتطاف موجز عنها حيث تناولت أراء متعدد حول رواية – رواية “الديوان الاسبرطي” للرّوائي عبد الوهاب عيساوي الفائزة بجائزة البوكر العالمية، :
+ دردشة هاتفية مطولة بيني وبين الشاعر والروئي الأستاذ هيثم سعد زيان، صاحب القريحة الشجية شعرا ورواية وطربا.. بمُجمله كوكتال فنّي متنقل، تناولنا خلال هذه المكالمة موضوع الساعة، المتمثل في فوز صديقنا عبد الوهاب عيساوي بجائزة بوكر، استخلصنا في النهاية أن الكتابة رحابة قلب أوّلا، صفاء وسعة من المحبة قد صنعها الكاتب خلال مراحل حياته، خريطة يحبّ فيها حتى الحاقدين عليه، لأنه يسعى دائما ليتخذ مكانا له في قلوب كل الناس.. كاتب لم يخطط إلا ليطلع على الجميع كالشمس صباحا وكالقمر ليلا..
+ هيثم سعد زيان:
– رواية “الديوان الاسبرطي” سمعنا صداها من نقّاد وقرّاء بمعايير قويّة، وأنصتنا بشأنها لذوي الرأي.. التاريخ ليس ملكا لأحد، ولا هناك من لدية السلطة ليحدد للآخر كيف يتناوله، والمعطيات التاريخية ليست مقدسة.. للروائي حقّه وحظه في مراجعة المواقف التاريخية الغابرة ووضعها في الواجهة بما أراده من آراء تخصه.. نحن الآن بصد الاحتفاء بمنجز أدبي رفع صيت الدكتور بشير ضيف الله:
+عبد الوهاب عيساوي كان يتوفّر على ملامح التميّز قبل أن يعرفه أحد، فنحن عندما ننبهر بأحد لا ننتظر فوزه بجائزة، لأننا لا نريد أن نكون تبّعا، بهذه الحيادية آمنت بموضوعية الفوز، جائزة بوكر العالمية تأسّست وفي نيتها البحث حثيثا عن نص جميل سيان كان “الديوان الاسبرطي”، أم عملا آخر لا ندري في المستقبل من أيّ اتجاه يبزُغ، المهم أن يكون المرء صافي السريرة، متصالحا مع النص حتى وإن كان بقلم عدوٍّ لدود، فالفرحة لا يجب أن تُكبَت لأنها لذيذة جدا في حدود تجربتي، فمن يكبتها أو يظهر بخلافها ويعاكس الحدث فليتأكد أن قلبه معلول وأنه يُضمر مرضا عضالا.. وعلى غرار ما نفعله إذا شك أحدٌ في إصابته بفيروس كورونا، يجب عليه أن يعرض نفسه على أخصّائي في علم النفس ليكتب له وصفة تجعله لا يتأخر عن حضور المناسبات المُفرحة السامقة في بهجتها، واقترح عليه زيارة المصحة الأدبية التي اقترحها الروائي واسيني الأعرج.. أشكر عبد الوهاب عيساوي على توقيعه الأدبي التاريخي لتُذكر الجزائر – وولاية الجلفة بالأخص، وبمعنى أدق مدينة حاسي بحبح – في محافل دولية ذات شأن كبير بالأدب العالمي. الوطن إلى مستويات مهمة من العالم..الواجب في هذه الحالة وضع الخلافات الأيديولوجية في رواق آخر..
+ الروائي فيصل لحمر.
– أعتقد انه حصول كاتب جزائري شاب على جائزة بأهمية البوكر العربية، يعدّ انفتاحا هاما على قطاع مغمور من الإبداع العربي: الرواية الجزائرية. فالأدب الجزائري عانى مطولا من شكل استثنائي تعتيما. وهو وضع كان عليه انتظار مرحلة السوشل ميديا والانفتاح المعلوماتي لكي يتغير. الأدب الجزائري قطع أشواطا كبيرة في شقه المكتوب بالفرنسية فيما ظل شقه المعرب ينمو في الظل، في ظل هامشية تاريخية لكل ما هو مشرقي، وفي ظل تعتيم موروث لم تعد له مبررات أصلا تلقينا اليوم – بكثير من الفرح وكثير من التوقع الممزوج بخوف الخيبة – نبأ حصول الروائي عبد الوهاب عيساوي. فبعد أن شرّقت البوكر وغرّبت طيلة 13 دورة اهتدت إلى الجزائر، في عام يبدو أنه العام الجزائري بامتياز. من الحراك السياسي السلمي الذي أدهش العالم، إلى كأس إفريقيا لكرة القدم إلى جائزة كتارا، انتهاء إلى البوكر أخيرا. هنالك درس هام علينا أن نستخرجه عربيا (وسياسيا) من هذا التتويج: درس مفاده أن الشباب العربي بدا يقدم – بدءا من مراحل مبكرة من عمره- مشاريع علنيا، ونحن نتعامل معها، علينا أن نتخلى عن تقاليدنا الأدبية المشبعة بروح الأبوة والتعالي الباطرياركي المتعالم، تقاليد لا تتكئ إلا على اعتبار واه هو السنُّ والسنّ فقط. درس سياسي قد يكون عالميا: فالغد قد يكون بأيدي فاعلين أقل ترهلا مما تعودنا عليه. وليس السبب هو منقصة نجدها في كهول العالم، بل المنقصة في واجهات سياسية وثقافية وإبداعية يغيب عنها الشباب بكل ما يملكونه من حيوية واستعداد للعطاء.
+ الناقد الدكتور الأمين بحري:
“- لقد اتخذت هذه الرواية منحى معاكساً لسابق الروايات التي تزعم أنها تاريخية، والتي كان التاريخ فيها وسيلة وليس غاية للسرد.. لكن ما يفرق رواية عبد الوهاب عيساوي عن تلك الأعمال التي وظفت التاريخ كوسيلة وأداة لغايات متعددة هو أن تخييل التاريخ رواية الديوان الإسبرطي، قد وظف كل الجوانب الفنية والتوثيقية والفكرية في هذا السرد، كوسائل ولواحق مكرسة حصراً لاستهداف التاريخ وتخييله في الرواية، وهذا هو الأصل في بنية الرواية التاريخية التي لا توظف التاريخ من أجل غرض خارج عن مداره، وإنما تقوم بتسريد كل شيء في العالم السردي من أجل تخييل التاريخ روائياً…
توقع رواية الديوان الإسبرطي قارئها في عدة إشكالات فنية: منها أنها رواية بلا بطل. وهذا خيار سردي متداول عالمياً وعربياً وليس عيباً في السرد كما يعتقد الكثيرون، وثانيهاً أنها بلا راوٍ محدد. أي أن جميع شخصياتها هم رواة(يتداولون على السرد)….”
الناقد الدكتور الأمين بحري
+ الشاعر محمد زابور:
– النجاحات لا تصنعها المدن الكبرى فقط كما يتصور البعض، ولا منابر الإعلام الزائف المتخندق دائما مع المركز، ولا الصالات المكيفة في أفخم الفنادق، ولا استعراض العضلات في كل محفل، قد يصنعها صوت قادم من جزائر الهامش و النسيان، وعلى مشارف الصحراء بمدينة حاسي بحبح تحط البوكر رحلتها، لم تغرها العواصم و لا بهرجة مدن الحداثة، ولا الأسماء التي شغلت كثيرا الساحة الروائية، هو النجاح لا يعرف الحدود، ولا ألوان الشعوب لا خل ولا صديق له سوى لمن أخلص وآمن بصدق. على أهل بحبح أن يقيموا الأفراح والليالي الملاح وعلى مسؤولي الثقافة و كتاب الجزائر أن يحتفوا بهذا الإنجاز الذي قد لا يتكرر قريبا. الروائي عبد الوهاب عيساوي اشتغل بصمت وترو ودون ضجيج، وهذا جزاء من يطبخ على نار هادئة، لا شك أن هناك أصوات كانت ستقول وتقول عن بوكر هذا العام لكن عبد الوهاب عيساوي قطع قول كل خطيب، فألف مبروك لنا جميعا.
+ الروائي عبد العزيز غرمول:
– أعتقد أننا جميعا مسرورون بهذا الفوز المتألق للروائي عبد الوهاب عيساوي، خاصة وأنه فوز مستحق بالنظر للمستوى المميز لروايته. علينا أن نقدّر هذا الفوز حق تقديره فهو لم يكن هدية مقارنة بالروايات المنافسة، كلها كانت جيدة ومتميزة، خاصة حطب سراييفو للروائي سعيد خطيبي، وكلتا الروايتين تستحقان التتويج. غير أن “الديوان الاسبرطي” كان لها ما يميزها ويزكيها أمام لجنة التحكيم. لقد برهن عيساوي على أنه قلم موهوب، وسارد مُتقن وصبور، يعرف كيف يختار مواضيعه ويوظفها، ويجمع لها ما يكفي من الخلفية المعرفية والفنية. وفي هذه الرواية بالذات اختار موضوعًا تاريخيًا إشكاليا، استطاع أن يحوله إلى قطعة فنية استحقت تنويه النقاد أولًا، ثم تتويج الجائزة الراقية.
+ انعام عوض شاعرة سورية.
– إن فوز الروائي الجزائري بهكذا جائزة لمن دواعي سروري، والفخر لكم يكبر القلب، ونشعر بالاعتزاز والشموخ باختيار انجازات العرب، ووضعها في الدرجات الأولى.. وإن دل ذلك على شيء فهو يدل على أن الإبداع والعبقرية ليستا حكراً على الغرب، وكم كنا سباقين لذلك ومصرّين أن نبقى كذلك، هنيئاً من القلب للروائي عبد الوهاب عيساوي جائزة بوكر، ومزيداً من التألق والفوز بإذن الله ولكل مجتهد نصيب..
+ الشاعر أحمد عاشوري:
– إنجاز كبير لصديقي المبدع عبد الوهاب وإنجاز رائع للجزائر، والشيء الذي أفرحني أن عبد الوهاب عيساوي من الجزائر العميقة من الجلفة المتألقة دائما، لم أقرأ الرواية بعد..أهنئ عبد الوهاب وأتمنى له نجاحات أخرى.
+ الشاعر الكبير سليمان جوادي:
– استطاع عبد الوهاب عيساوي من خلال فوزه المستحق بجائزة البوكر أن يضرب عدة عصافير بحجر واحد ويحقق أهدافا عدة، فقد أثبت أن اللغة العربية في الجزائر ما زالت بخير، وستظل سيدة في دارها رغم معاول الهدم التي حاولت أن تطالها، وخاصة في الفترة “البوتفليقية” المشؤومة، وأن منظومتنا التربوية قبل محاولات الإصلاح المزعومة كانت تنتج لنا مواهب فذة في شتى الميادين والتخصصات، وبمختلف اللغات، استطاع بهذا الفوز أن يثبت للعالم بأن امتدادنا مشرقي، أولا ثم إنساني رغم محاولات المسخ والتشويه والاستلاب، استطاع عيساوي أن يثبت أن ليس هناك أدب مركز وأدب هامش، ولكن هناك أدب راق جميل، وهناك أيضا الادعاء واللاأدب، الذين حاولوا التقليل من قيمة الرواية دون قراءتها، أو حتى الاطلاع على الأعمال الأخرى للروائي، العناوين التي سبقت الديوان الاسبرطي، ويتحججون بوجود أمين الزاوي ضمن لجنة تحكيم الجائزة، أو أن هذه الرواية التي أثبتت تميّزها لها نظرة للأتراك تتماهى وتنسجم مع الدولة صاحبة الجائزة، هؤلاء ” المقللون المحبطون” على قلتهم، غاب عنهم أن أمين الزاوي أكبر من أن يكون بهذه الدونية حتى يفضل عملا بمجرد أن كاتبه جزائري، ولا دار في خلدهم أن الدولة التي أكسبت الجائزة هذه الشهرة والأهمية والصدقية، يمكن أن تسقط في فخ الانحياز الفكري والسياسي خلال تقييم الأعمال المرشحة، المهم هنيئا لنا بهذه الجائزة ومزيدا من الفتوحات للأدب الجزائري عموما…
+ الروائي عيسى شريط.
– لست هنا بصدد مقاربة رواية الديوان الاسبرطي مقاربة نقدية، ولا الخوض في محتواها وأسلوب كتابتها، لكني أريد فقط أن أدرج رأيي في فوزها بجائزة البوكر، وهي فرصة لكي أهنيء الروائي عبد الوهاب عيساوي بهذا الفوز الثمين، وأشير أيضا إلى يقيني بأن هذا الفوز جاء على استحقاق بذلك أنصفت لجنة القراءة هذا العمل الثري تاريخا والمتميز أسلوبا، اختار عبد الوهاب خوض الرواية التاريخية وهو مجال ليس بالهين بل صعب المنال لأنه جنس يعتمد قبل كل شيء على البحث التاريخي العميق عبر مطالعة عشرات المراجع، وجمع المادة اللازمة والكافية، ويتوج كل ذلك بمهارة الكاتب التي وحدها تمكنه من بعث كل المادة التاريخية في عمل سردي روائي، ومن هنا تجلت مهارة الكاتب يقينا.. لا أريد الخوض في بعض الآراء التي جاءت مقلّلة من جودة العمل، واعتقد أن اغلبها استند على اعتقاد شخصي أملته عليه أيديولوجيته معينة، قرأت بعض الآراء التي تعاتب عبد الوهاب عيساوي على اعتبار تصنيف العثمانيين ضمن خانة المحتلين، وتناسوا أن مثل هذا الاعتقاد لم يبتدعه الروائي بل أجتمع الكثير من المؤرخين على اعتبار وجود العثمانيين احتلالا بكل المقاييس، واليقين أن عبد الوهاب أراد أن يكون متجردا من أي أيديولوجية تحتم عليه طمس ما رآه حقيقة، وهذا هو ديدن الكاتب المتحرر… وختاما لابد من الاحتفاء بهذا الانجاز لأن الأمر لا يعني عبد الوهاب عيساوي وحده بل يعنينا جميعا، أتمنى التألق لكل كاتب ومبدع جزائري… وشكرا…
+ أشرف كرشاني. دار الماهر للطباعة والنشر:
– من أجمل الأخبار التي حملتها لنا سنة 2020 فوز الروائي الجزائري عبد الوهاب عيساوي بجائزة البوكر الدولية للرواية العربية، وهذا لأول مرة في تاريخ الجائزة بعد وصول عملين جزائريين للقائمة القصيرة، قلم عبد الوهاب كما اتفق جميع المتتبعين يستحق التتويج وعن جدارة وهذا الإنجاز سيقدم دفعا كبيرا لكثير من الأقلام الشابة التي تحاول أن تقدم إضافة للساحة الأدبية الجزائرية وهو إيذان بميلاد جيل جديد من الكتاب فرض نفسه بقوة موهبته خصوصا مع سهولة النشر نسبيا مقارنة بالسنوات الماضية. يضع هذا التتويج كلا من الناشرين والكتاب أمام تحدٍ كبير، وهو الحفاظ على تواجد الجزائر على عرش الكتابة العربية في الأعوام القادمة، ووجب الإشارة كذلك هنا أن البحث عن النص الجيد وسط هذا الكم الكبير من الإصدارات أصبح عملا شاقا جدا على القاريء، لذلك ننتظر من النقاد أن يساهموا في فرز ما يطبع حتى يطفو للسطح كل عمل يستحق. وفي الأخير نهنيء أنفسنا ونهنيء الكاتب عبد الوهاب عيساوي والناشرة السيدة آسيا على الإنجا القاص سعدي صباح:
– لما أستفقت على خبر فوز الرّوائي عبد الوهاب عيساوي بجائزة البوكر العالمية، سعدت كثيرا، ليس لأنّه صديقي وابن ولايتي ووطني، ولكنّه جعل للرّواية الجزائرية مكانتها المرموقة التي تليق بها، إنّما تفاعلت مع هذا الفوز العالمي المشرّف بصفة عادية جدا، بناء على بعض التصورات، وما كتب عنه بعض النقاد والمهتمين، واستشرف بعضهم بمستقبل الرّواية الجزائرية، من خلال هذا الشاب المتواضع الذي لا يحبّ الأضواء كثيرا، ولا علاقة له بالفنادق الفخمة والمهرجانات الفارغة.. والتّكريمات الهزيلة، ألا وهو الروائي عبد الوهاب عيساوي، الذي يشتغل في صمت ودون ضجيج، لذلك تنبأ الكثير بمستقبله، فلم أتفاجأ لأنّه عوّدنا على حصد الجوائز، وأعتقد أنّ وصوله لجائزة البوكر العالمية كان بالتدرّج، من خلال تتويجه بجوائز أخرى، بداية بجائزة على معاشي إلى جائزة أسيا جبار إلى جائزة كتارا.. وصولا إلى جائزة البوكر العالمية التي لا محالة أنها تحفز الكثير من الكتاب الشباب الذين تجرعوا علقم التثبيط والتهميش، ولفت الانتباه إلى الرّواية الجزائرية عامة، ولا ريب أنّه سيجعل النقاد والمتكلّمين على المستوى العربي، يقفون عندها ويهتمون بها دراسة وتحليلا وترجمة، أكثر بكثير من ذي قبل، وفي رأيي أن هذه الجائزة كانت ثمرة مسار طويل ومجهودات جبّارة، اعتكافا.. وعزلة.. وقراءة متفحّصة للأعمال الأدبية.. وقيدا… وتلخيصا، وغوصا في المسائل التاريخية والأدبية، ولا سيما الرّوايات التي تطرح إشكاليات عميقة في التّاريخ والأدب، فهو قارئ انتقائي نهم، وبذلك برهن للعالم بأنّه روائي كبير، ويشهد له الجميع، ومنهم من كان ينتظر له هذا اليوم السعيد.. الذي شرّف به الجزائر، فنحن كمحبين وقرّاء وكتاب أزاحنا فوزه بالفعل ولو فترة… عن هاجس الوباء وسجن الحجر، ومنحنا جرعة لا تنسى من الفرح، في وقت تلاشت فيه الأفراح، وشرّف وطنه وقرّاءه، فهو يعرف كيف يستغلّ وقته، عن نفسي لم أسمع عنه قط.. بأنّه تهيكل أو دخل في بعض الخلافات الأدبية، الذي قد يعرقل العملية الإبداعية، ولم يسمح لنفسه بأن يضحي بشحنته.. في الحديث الزائد أو المناوشات الفيسبوكية التي قد تنقص من قيمة الأديب وتأكل من وقته، فلو فعل ذلك ما وصل إليه من مجد وشهرة عالمية، يحلم بها الكثير على مستوى الأقطار العربية، عبد الوهاب عيساوي لم أسمعه يوما يدّعي بأنّه روائي كبير.. أو يقول: أنا وورائي الطّوفان، حضرت له بعض التكريمات فرأيت سمات الخجل بادية على وجهه، الرّوائي الجزائري عبد الوهّاب يتقبل الآخر ويقرأ له ويسمع صوته.. يعطيه قدره، يوقّر الكبير ويحترم الصغير، جمعتني به عدة جلسات وملتقيات، وعرفته داخل وخارج نصوصه، وأحصيت كل من توسّم فيه خيرا ككل محبيه، ولن أذكر ذلك تفاديا لبعض الحساسيات التي تنجم عن السهو، وأصرّح جازما بأن الكثير منّا رأي وقرأ في شخصه معاملة الروائيين الكبار، وذلك يتجلى في حضوره المميز وفي تواضعه وطيبة سريرته ونظرته إلى بعيد، كل هذه العوامل التي ذكرتها والتي لم يتسع المقام لذكرها، كانت وراء بزوغه على العالم بروايته العالمية ديوان الإسبرطي، باختصار تواضع لله ولخلقه.. فزاده رفعة، وجعل لنفسه مساحة خاصة، جعلته في منأى عن الصغائر وسفاسف الأمور.. فطرق أبواب النجوم، وربّما يكون للنقاد كلمة أفضل في إنصاف هذا الرجل الأصيل الذي أدّب نفسه وأحسن صقلها، قبل الولوج في عالم الأدب، لذلك نال نصيبه الكبير من المعجبين والمهتمين والمتتبعين في ظرف وجيز..ز الذي نعده كبيرا.
+