( ٣ )
* كان البريطانيون يريدون مد حدود العراق في الغرب إلى موقع الحمام غربي الرقة . ويريدون القضاء على ثورة العشائر الفراتية في منطقة دير الزور ، خشية قيام الثورة في جنوب العراق ، ولكي لا ترتفع معنويات الثوار في الجنوب ، وجميعهم من القبائل العربية الفراتية العراقية ، وكانت ثورة ديرالزور التي قاتلت الانكليز في الفرات وأجلتهم من منطقة دير الزور ، وكان لها الفضل الكبير في إقرار حدود الدولة السورية في الشرق سنة ١٩٢٠ .
وقد سبقت الثورة العراقية بستة أشهر ، وكان لها الأثر الأدبي في تقوية معنويات الثوار في الجنوب كبيراً ، وهذا ما كانت السلطة البريطانية في العراق تتحسبه وتخشاه .
لقد قدّر مؤرخو ثورة ١٩٢٠ في العراق أثر ثورة دير الزور أحسن تقدير ، عاد الجيش البريطاني بعد انسحابه من دير الزور إلى الحدود العراقية ، فزحف إلى الغرب لاستعادة دير الزور والقضاء على ثورتها وضمها إلى العراق ، ووصل إلى قرية الصالحية بين البوكمال والمياذين ، فاشتعلت حماسة الديريين وعشائرها الممتدة على ضفاف الفرات ، وغلت الوطنية في نفوسهم غليان المرجل ، واستعدوا وتسلحوا بالبنادق التي خلفها الأتراك وأسرعوا بالزحف إلى بلدة المياذين على بعد ( ٤٥ كم) شرقي دير الزور ، للوقوف أمام الجيش البريطاني ، ورابطوا في المياذين ، حيث استعدوا واستنفرت العشائر كافة ، وكانوا في منتهى اليقظة والحماسة والاستعداد للقتال والتضحية . وكان زحفهم ومرابطتهم في المياذين قرابة الشهر ، وإنفاقهم الأموال على معيشتهم وعلى السلاح تضحية كبيرة في ذاتها ، ووطنية صادقة ، هذه التضحيات ساعدت كثيراً في إقرار وضع الحدود بين سورية والعراق على طريق دير الزور بغداد ، عند قرية حصيبة ( منطقة القائم ) العراقية ، وهي الحدود الحالية . بالإضافة للعشائر ، كان قادة الزحف هذا ( عياش الحاج وخلوف عبد الحميد وعمر عبد العزيز ) الأول لفرق الوسطيين والثاني لفرق الخرشان والثالث لفرق الشرقيين ،في دير العتيق ، وهي أحزاب دير الزور الثلاثة .
خليل عبد اللطيف