((محمد ابوزيد محمد
ما كتبته عن سارتر ( سبعة أجزاء ) ، وعن كافكا ، وعن ماركس فى المسألة اليهودية ، أضعه بتصرف السيدة الفاضلة / منيرة أحمد صاحبة موقع نفحات قلم ..ففى عنقى وعنق كل سورى ، وكل شريف فى عالمنا ، دين كبير ، لتلك السيدة المخلصة لبلدها ، والتى عملت خلال السنوات الماضية فى صمت ودون ضجيج ، وكان دورها يماثل دور أى جندى سورى فى جبهات القتال ..هى فرصة لأحييها ، ولأشد على ايديها ، وأمنحها اقل القليل مما تستحق …))
ونحن بدورنا نحييك ونحمل الأمانة .. وننقل الرسالة ونتابع من خلال موقعنا نشر الاجزاء المهداة للموقع
جان بول سارتر
الجزء الثانى
تعلق سارتر فى صباه وشبابه بعدد من الكتاب والروائيين والشعراء ومن أهمهم شكسبير ، وجيته ، وفيكتور هوجو ، وأندريه جيد ..
يقول سارتر
( فى البداية لم أود ان اكون فيلسوفا ، وأن اؤلف فى الفلسفة ، وقد اعتبرت هذه الناحية مضيعة للوقت . ولم احب ان اتفلسف . ولكنى عندما أخذت أقرأ فيها ، شغفت بمسائلها ، واصبحت أقضى نهارى بطوله فى دراستها . ثم اخذت ابتكر فلسفيا .ووجدت متعة فى التأليف فيها ..)
وفى عام ١٩٣٣ حصل سارتر على منحة من المعهد الفرنسى فى برلين لدراسة الفلسفة الالمانية الحديثة . وعلى الخصوص فلسفة الفينومونولوجيا او علم الظواهر . والذى يترجم أحيانا باسم علم الظاهريات ..وكان الفيلسوف الالمانى هيجل من اوائل من استخدموا هذا التعبير وقد اطلقه على المراحل التى يمر بها الانسان ، من بداية تعرفه الحسى حتى يصل الى المعرفة المطلقة ..ولكن سارتر اعتبرها منهجا وليس فلسفة .
كما درس سارتر فى المانيا على يد هوسيرل ومارتن هيدجر وأقام الى جانبهما علاقة قوية مع استاذ الفلسفة كارل يسبرز
وقد اعتبر هيدجر اول الفلاسفة الوجوديين مع انه رفض هذه التسمية . واعقبه مواطنه اليهودى ياسبرز الذى عارض النازية على عكس هيدجر ، وقد رفض ياسبرز تسمية الوجودية ، وفلسفة هيدجر على السواء .
انضم سارتر بعد عودته من المانيا الى هيئة تدريس مدرسة ليسيه باستير ، وكانت سيمون دى بوفوار تعمل فى تدريس الفلسفة فى باريس أيضا ..وقد جرب سارتر خلال عام ١٩٣٥ بعض الادوية المخدرة ، ومن بينها الماسكالين ، وزار فى العام التالى مصحة عقلية فى شمال فرنسا . وتقول سيمون دى بوفوار ان سارتر كان يعتقد خلال تلك الفترة انه متبوع بسرطان الماء ( ابوجلمبو ) وانها كانت قلقة على حالته العقلية التى كانت تتحسن خلال رحلاتهما المتعددة فى انحاء اوروبا …
وقد أنتقد سارتر وسيمون افكار سيجموند فرويد حيث انكرا مذهب فرويد فى العقل الكامن ( اللاشعور ) …
تقول سيمون دى بوفوار :
( ان التحليل النفسى ، والمحللين النفسيين ، جعلونا نمتلئ بالنفور من أساليبهم الرمزية ، واصطلاحاتهم الفكرية ، التى تتناول الجنس . فان هذه الناحية التى تبناها فرويد ، كانت كفيلة ببث الضيق والسأم فى نفسينا ، لأنها كانت تخدش حياءنا وتنال من معنوياتنا )
وقد انكر سارتر آراء فرويد إلا فى ناحيتين : الاولى هى دراسات فرويد فيما يختص بالاطفال ، فقد سلم سارتر بارتباطها برباط قوى بالجنس . والثانية فيما يتعلق بالحالات المرضية فقد وجد سارتر ان باع فرويد فيها ، وخبرته ، كانتا طويلتين .
اما فيما عدا ذلك فقد أنكر سارتر فكرة فرويد فى العقل الكامن او كما أسماها اللاشعور ، واقام تحليله الوجودى على فكرة الشعور او الوعى . وانه بقدر مايكون المريض واعيا ، بقدر ما يعرف الصورة المقدمة اليه عن نفسه . وانه بينما يعمل التحليل الفرويدى على تحديد العقدة النفسية فى المريض . فان التحليل النفسى الوجودى يبحث عن الاختيار الاول للشخص . ويحدد الخطة الاولية التى رسمها ، باختياره الحر لحياته . ويكون هذا عند سارتر بتحليل ذلك الاختيار . وتفسير السلوك ورده الى العلاقات الاساسية فى الحياة ، وليست هذه العلاقات هى علاقات فرويد الجنسية ، وانما هى علاقات تتعلق بشعور ومعارف الشخص الموجود ذاته . لهذا رفض سارتر فكرة السوبر ايجو ( الانا العليا ) عند الفرويديين .
وقد ادخل سارتر فكرة جديدة فى تحليله النفسى اسماها ( خداع النفس ) وقد حاول سارتر بهذه الفكرة ان يفسر ماأصاب الشاعر الفرنسى بودلير حين اتخذ قراره بخداع نفسه ، وهو فى حالة شعورية واعية . فقد لجأ بودلير حين وجد نفسه وحيدا ، بعد وفاة والده ، وزواج امه التى أحبها من رجل آخر ، الى وحدة اختيارية ترك فيها عالم الحقيقة إلى عالم آخر ( يرى فيه الاشياء كما يجب أن يراها هو بنفسه )
ومازال مشوارنا مع سارتر طويل جدا …احييكم على امل اللقاء فى الجزء الثالث .