تعود مجددا السحابة الحلزونية الإعصارية لتظهر في الحسكة بشكل مخيف في تجربة لم تكتمل دون أي مبرر أو ظروف طقسية مناسبة بعد أن كانت قد ظهرت في الرقة، وأنا أعود لأؤكد مجددا أن هذه السحب الإعصارية المدمرة التي تنشأ بسرعة مع تدفق كم هائل من الرطوبة لا تتوفر إلا فوق المياه المحيطية الواسعة التي ترتفع نحو الأعلى لتشكل ظروف إعصارية مع ضغط منخفض جدا لا تتوفر ظروفها المثالية إلا في المناطق الموسمية في المحيطين الهادي والهندي في شرق آسيا وجنوب آسيا وفي خليج البنغال وكذلك في مناطق البحر الكاريبي حيث تتوفر الظروف المائية الواسعة مع التقاء الرياح من ثلاثة مصادر متقابلة عدا عن وجود مساحات مائية دافئة بدرجة حرارة سطحية لا تقل عن 26.7 درجة ، وهي ذات حركة معروفة من الشرق إلى الغرب، ومن الماء إلى اليابس، ولا يمكن غير ذلك…
هذه السحب التي أخذوا يسمونها خلية عظمى supe rcell لا تنتمي لمناطقنا (قولا واحدا) ولا تظهر فجأة، لنعود مجددا إلى قضية التلاعب بظروف المناخ في سورية التي أصبحت تتكرر في مختلف المناطق السورية منذ بداية الحرب وتحديدا من عام 2015 مع التركيز الواضح اليوم على المناطق الشرقية والجزيرة التي تتوفر فيها معظم الخيرات الزراعية ، وخصوصا القمح، الذي يؤدي تدمير موسمه إلى ضربة كبيرة للاقتصاد الزراعي ولقمة الشعب السوري الذي بلغت معاناته اليوم الحد الأقصى ولم يتبقى سوى تدمير أساسا صناعة رغيف خبزه من قبل من يريدون زيادة شقاءنا.
إذا تكررت الحوادث غير المنطقية والفجائية دون أي توقع مسبق (وهذا غير موجود في علم الطقس بهذا الوضوح الفاقع) ، وبقينا بكل بساطة نحاول جاهدين إيجاد تفسير علمي لها، سيكون تفسير خاطئ بالمطلق، لأن التفسير العلمي لظاهرة صحيحة لا يكون في المكان الخطأ، هذه ثوابت وقوانين لا يمكن الخروج عنها إلا بإرادة البشر. وللعلم يتم معرفة ظروف أي بلد من خلال مراقبة مستمرة لتطور محاصيله الزراعية من خلال الأقمار الصناعية حيث يمكن معرفة جودة المواسم وخلوها أو عدم خلوها من الأمراض، وبالتالي القرار بإيذائه، كما فعلت الولايات المتحدة في كوريا الشمالية عام 2003 عندما جففوا السحب ودمروا محصول الأرز مما أدى لموت 6 ملايين شخث ثلثاهم من الأطفال.
أهم ما تعرضنا له حتى اليوم من أحداث طقسية غير مبررة كان عاصفة غبارية وصلت الساحل في أيلول عام 2015، وذات السحابة الإعصارية في دمشق 2018، وعواصف وزوابع هوجاء ضربت الساحل فجأة في أيار عام 2019 لفترة قصيرة كان مخربة جدا بسرعة 115 كم/سا في السهول واقتلعت الأشجار من جذورها ودون توقع مسبق ودون مبرر علمي، وعاصفة هوجاء ضربت الساحل بعد موجة الحرائق الأخيرة في الساحل السوري ولبنان استمرت لأقل من نصف ساعة مع أمطار أطفأت الحرائق، وذات السحابة المصطنعة في الرقة الشهر الماضي وأدت لمقتل الإنسان والحيوان وتخريب الزراعات، وأخيراً الضباب (شكلا) الغير مقنع الذي غطى بعض مناطق الساحل ليومين واستمر أقل من ساعتين نتجت عنه مواد لزجة ظن الناس أنها شابورة أو ضباب وهي لا تمت لهما بصلة ..علميا كل ماسبق مستحيل في سورية ….
ماذا بعد ….حرب الطقس على الشعب السوري أصبحت أكثر من واضحة…ولكل شيء تفسير….
الصور للسحابة الإعصارية كما تناقلتها بعض المواقع
د. رياض قره فلاح
أستاذ علم المناخ
قسم الجغرافية – جامعة تشرين