عبد العزيز بدر عبد الله القطان*
الإبادة الجماعية هي واحدة من أخطر الجرائم في القانون الدولي، وتعني ارتكاب أعمال تهدف إلى تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية كلياً أو جزئياً، فقد تم تعريف هذه الجريمة بشكل واضح في اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.
وتشمل أفعال الإبادة الجماعية القتل، وإلحاق الأذى الجسدي أو النفسي الخطير، وفرض ظروف معيشية قاسية تهدف إلى التدمير المادي، والتدابير التي تعيق الإنجاب داخل الجماعة، ونقل الأطفال قسراً إلى جماعة أخرى، بالتالي، إن القانون الدولي يفرض على الدول التزامات قوية لمنع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، حيث يعتبر التقاعس عن القيام بذلك انتهاكاً جسيماً للالتزامات الدولية الأساسية.
كما تعد السياسات الصهيونية التاريخية والممارسات المستمرة التي تنطوي على تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم، وتهجيرهم الجماعي، وفرض العقاب الجماعي، واحتلال الأراضي الفلسطينية من الأسباب الرئيسية لتفاقم الصراع الحالي في غزة، هذه السياسات، التي استمرت لعقود، أسهمت في تشكيل الأساس للعنف الصهيوني ضد الفلسطينيين، حتى قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، كانت غزة تضم حوالي 2.17 مليون فلسطيني، نصفهم تقريباً من الأطفال، من بين هؤلاء، كان هناك أكثر من 1.5 مليون لاجئ فلسطيني، بمن فيهم العديد من الفلسطينيين وأحفادهم الذين نزحوا قسراً من منازلهم أثناء وبعد الحرب التي أدت إلى إنشاء ما تسمى “دولة إسرائيل” عام 1948، هذا النزوح المستمر والتغيير الديموغرافي القسري له جذور قانونية وسياسية معقدة.
بالتالي، إن القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، يفرض قيوداً صارمة على التهجير القسري والعقاب الجماعي، ووفقاً لاتفاقيات جنيف، يُعد التهجير القسري للأشخاص المحميين داخل أو خارج الأراضي المحتلة جريمة حرب، كما يُعد العقاب الجماعي الذي يتعرض له المدنيون، والذي يشمل تدمير المنازل والبنية التحتية المدنية، انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية، بالإضافة إلى ذلك، إن معاناة الفلسطينيين في غزة، وخاصة اللاجئين الذين يعانون من نتائج التهجير القسري منذ عام 1948، تسلط الضوء على الحاجة الملحة لتطبيق القانون الدولي بشكل عادل، ويجب على المجتمع الدولي أن يتخذ إجراءات فاعلة لضمان حماية حقوق الإنسان وإنهاء هذه الانتهاكات، بالتالي، إن استمرار هذه السياسات الصهيونية دون مساءلة يعزز دائرة العنف ويزيد من تعقيد حل النزاع، لذلك، من الضروري أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل فعال لفرض الالتزام بالقوانين الدولية وإيجاد حلول مستدامة تضمن حقوق الفلسطينيين وتحقق السلام في المنطقة.
وفي سردٍ تاريخي بسيط، خلال الفترة ما بين 1947 و1949، في حرب “النكبة”، قامت القوات الصهيونية بقتل أكثر من 15,000 فلسطيني، وتدمير أكثر من 400 قرية فلسطينية، وتهجير أكثر من 800,000 فلسطيني من أراضيهم ومنازل أجدادهم، كما تم مصادرة أراضي وممتلكات الفلسطينيين الذين قتلوا أو شردوا قسراً بواسطة الكيان الصهيوني، وفي أعقاب حرب الأيام الستة عام 1967، سيطر الكيان الصهيوني على الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، ولا يزال تحتفظ بالسيطرة على هذه المناطق حتى يومنا هذا، فقد أدت هذه الحرب وما تلاها إلى تهجير حوالي 300,000 فلسطيني إضافي.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد قرارات الأمم المتحدة، مثل قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، على حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وتعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم، بالتالي، إن استمرار كيان الاحتلال الصهيوني في سياساته التوسعية والتهجير القسري دون مساءلة دولية يعزز من تعقيد الصراع ويزيد من معاناة الفلسطينيين، أما على الصعيد القانوني، يجب على الكيان الصهيوني أن تلتزم بالقوانين والقرارات الدولية لضمان حقوق الفلسطينيين، وإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان التي تفاقم من حدة الصراع، كما يجب على المجتمع الدولي أن يمارس ضغوطاً فعالة على هذا الكيان للامتثال لهذه القوانين وقرارات الأمم المتحدة لضمان تحقيق العدالة والسلام في المنطقة.
وبين عامي 1993 و1995، وقعت حكومة كيان الاحتلال ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقيات أوسلو والاتفاقيات اللاحقة، التي كانت تهدف إلى أن تكون ترتيبات مؤقتة إلى حين التوصل إلى اتفاق سلام دائم، فقد أدت هذه الاتفاقيات إلى إنشاء السلطة الفلسطينية وتقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى ثلاث مناطق، مع توزيع السيطرة بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية بطرق متفاوتة، وفي عام 1993، بدأت إسرائيل بإنشاء نقاط تفتيش عسكرية وفرض سياسة “الإغلاق” في الضفة الغربية وغزة، ما أدى إلى فرض قيود شديدة على حركة البضائع والأشخاص من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية.
هذا النظام من القيود الشديدة على الحركة، الذي يتضمن الجدار الفاصل بين الكيان الصهيوني والضفة الغربية كما تم تحديده في هدنة عام 1949، تم انتقاده بشدة من قبل محكمة العدل الدولية، ففي الرأي الاستشاري الصادر بشأن الجدار، وجدت المحكمة أن هذا الهيكل ينتهك التزامات الكيان الصهيوني بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، من الناحية القانونية، تنتهك هذه الممارسات العديد من البنود في القانون الدولي، بالتالي، إن الاتفاقيات الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف، تحظر على كيان الاحتلال فرض عقوبات جماعية أو اتخاذ تدابير تؤدي إلى إعاقة الحياة اليومية للسكان المدنيين، بالإضافة إلى ذلك، إن النقاط العسكرية والسياسات التي تعرقل حرية الحركة والتجارة يمكن أن تعتبر انتهاكات لحقوق الإنسان الأساسية، مثل الحق في التنقل والحق في العمل والتعليم والرعاية الصحية، بالتالي، يتطلب القانون الدولي من الكيان الصهيوني التخفيف من هذه القيود والامتثال لالتزاماته كقوة احتلال، بما في ذلك توفير الحماية والاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين، بالإضافة إلى ذلك، يُلزم المجتمع الدولي بالتحرك لضمان التزام جميع الأطراف بالقانون الدولي، والعمل على إنهاء الانتهاكات وضمان تحقيق العدالة والسلام في المنطقة، وفي هذه الحالة يجب تطبيق القانون الدولي بشكل فعال لضمان حماية حقوق الفلسطينيين وتحقيق التوازن في المنطقة.
وفي عام 2005، نفذ كيان الاحتلال الصهيوني “خطة فك الارتباط من جانب واحد”، التي تضمنت سحب قواته العسكرية ومستوطنيه من غزة وتفكيك المستوطنات هناك، وعلى الرغم من انسحابه، احتفظ كيان الاحتلال بالسيطرة على المجال الجوي والمياه الإقليمية لغزة، وكذلك المعابر الحدودية، ما أدى إلى استمرار تأثيره الكبير على الحياة اليومية في القطاع، أما في عام 2006، فازت حركة حماس في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، ما أدى إلى توترات متزايدة مع حركة فتح، هذه التوترات بلغت ذروتها في عام 2007 عندما تمكنت حماس من السيطرة الكاملة على قطاع غزة بعد اشتباكات مع قوات فتح، مما أدى إلى انقسام سياسي وإداري بين الضفة الغربية التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية بقيادة فتح، وقطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، بالتالي، من الناحية القانونية، يمكن النظر إلى إجراءات الكيان الصهيوني في غزة على أنها استمرار للاحتلال بطرق غير تقليدية، حتى بعد فك الارتباط، يواصل كيان الاحتلال فرض قيود صارمة على حركة الأشخاص والبضائع من وإلى غزة، مما يؤثر سلباً على الحقوق الأساسية للسكان المدنيين في القطاع، بالتالي، وفقاً للقانون الدولي، وخاصة اتفاقيات جنيف، فإن القوة المحتلة مسؤولة عن رفاهية السكان المدنيين في الأراضي المحتلة، بما في ذلك ضمان وصولهم إلى الضروريات الأساسية مثل الغذاء والدواء.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الحصار المفروض على غزة منذ سيطرة حركة حماس يعتبر عقاباً جماعياً، وهو محظور بموجب القانون الدولي الإنساني، كما أن استمرار هذه الممارسات دون مساءلة ينتهك حقوق الإنسان للفلسطينيين في غزة ويعزز من تدهور الأوضاع الإنسانية، وقانونياً، إن الوضع في غزة يجب أن يُعالج من خلال إطار القانون الدولي الذي يضمن حماية المدنيين وحقوقهم، كما يجب على الكيان الصهيوني أن يلتزم بالتزاماته كقوة محتلة وأن يرفع القيود غير المبررة التي تؤثر على حياة السكان، كما يتوجب على المجتمع الدولي أن يتخذ خطوات فعالة لضمان احترام القانون الدولي وحماية حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع العمل على إيجاد حلول دائمة وعادلة للنزاع المستمر.
أما في عام 2007، فقد عززت حركة حماس سيطرتها على المؤسسات الحكومية في قطاع غزة، مما دفع الكيان الصهيوني إلى فرض حصار شامل على القطاع. هذا الحصار أدى إلى تكثيف القيود على الحركة والقيود الاقتصادية، وتقليص فئات وأعداد الأشخاص والبضائع المسموح لهم بالدخول والخروج من غزة عبر المعابر الحدودية التي يسيطر عليها كيان الاحتلال، وقد وُصفت هذه السياسة بأنها “مقدمة بطيئة الحركة لجريمة الإبادة الجماعية”، وعلى الرغم من المبررات الأمنية التي قدمها الكيان المجرم لهذه القيود، فقد أشار مسؤولون “إسرائيليون” إلى أنها جزء من “سياسة فصل” غزة عن الضفة الغربية، كما وصف البنك الدولي الحصار بأنه جعل غزة “مركزاً مسوراً للتبرعات الإنسانية”، حيث أدى الحصار إلى تقويض الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للفلسطينيين، مما أثر بشدة على حقوقهم الإنسانية الأساسية وآفاقهم الاقتصادية.
بالتالي، إن الحصار الصهيوني على قطاع غزة كان له تأثير مدمر بشكل غير متناسب على النساء والفتيات في القطاع، خاصة فيما يتعلق بالحصول على التعليم والفرص الاقتصادية وفرص العمل والرعاية الصحية، بما في ذلك الخدمات الصحية الإنجابية، أما من الناحية القانونية، يعتبر الحصار انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، وكما أشرنا آنفاً، إن اتفاقيات جنيف تحظر العقاب الجماعي وتفرض على القوة المحتلة مسؤولية حماية المدنيين وضمان تلبية احتياجاتهم الأساسية، إذ أن القيود الصارمة على حركة البضائع والأشخاص تسببت في أزمة إنسانية مستمرة، تؤثر على جميع جوانب الحياة في قطاع غزة وتعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الرأي القانوني في هذه المسألة يؤكد أن الحصار يشكل انتهاكاً واضحاً للعديد من المعاهدات الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بالتالي يجب على كيان الاحتلال الصهيوني رفع القيود غير المبررة وضمان حرية الحركة والوصول إلى الضروريات الأساسية لسكان غزة، كما يتعين على المجتمع الدولي التحرك بفعالية لضمان احترام القانون الدولي وإنهاء الحصار، وذلك من أجل حماية حقوق الإنسان وتحقيق السلام والعدالة في المنطقة.
وعلى الرغم من إجراء الكيان الصهيوني لفك ارتباطه الرسمي بقواته العسكرية من غزة في عام 2005، فإن القطاع ما زال تحت احتلال الكيان الصهيوني، ووفقاً للقانون الدولي، يعتبر ذلك الوضع معترفاً به دولياً، حيث أن كيان الاحتلال يظل يمارس سيطرته على عناصر أساسية من السلطة في القطاع، بما في ذلك الحدود البرية والبحرية والجوية، باستثناء الحدود مع مصر، بالإضافة إلى ذلك، يدير الكيان الصهيوني سجل السكان الفلسطينيين ويمارس سيطرته على جوانب أخرى من الحكم في قطاع غزة.
بالتالي، فقد تم تأكيد وضع غزة كأرض محتلة بموجب القانون الدولي من قبل العديد من الهيئات والمنظمات الدولية المختصة، بما في ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة في جنيف الرابع عام 2014، والمحكمة الجنائية الدولية، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والعديد من المنظمات غير الحكومية وخبراء القانون الدولي، ووفقاً للقانون الدولي، يتعين على الدول المحتلة تحمل المسؤولية الكاملة عن حماية حقوق السكان المدنيين في الأراضي المحتلة وتوفير الحماية اللازمة لهم، وبالتالي، يُعتبر استمرار السيطرة الصهيونية على غزة وفرضه للقيود على الحركة والقيود الاقتصادية على السكان المدنيين، بما في ذلك النساء والفتيات، انتهاكاً لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وهذا يعني أن سيطرة الكيان الصهيوني على حياة الفلسطينيين في قطاع غزة تتجاوز حدود الفصل العسكري وتمتد إلى فرض قيود صارمة على وصولهم إلى المناطق الداخلية حتى داخل حدود غزة نفسها، على الرغم من فك ارتباط الكيان بقواته البرية والمستوطنات في غزة في عام 2005، فقد استمر في فرض ما يُعرف بـ “المناطق العازلة” على طول الحدود البرية لغزة، وقيّد وصول الفلسطينيين في غزة إلى “جزء صغير” من المياه الإقليمية للبحر.
بالإضافة إلى ذلك، إن تباين حجم المناطق العازلة منذ عام 2005، حيث امتدت بعضها لمسافة تصل إلى 1500 متر من الحدود البرية مع الكيان الصهيوني، مما أدى إلى إغلاق ما يصل إلى 17% من إجمالي مساحة غزة وحوالي 35% من أراضيها الزراعية، بالإضافة إلى ذلك، قيد الكيان الصهيوني وصول الفلسطينيين في غزة إلى “مناطق الصيد”، التي تراوحت بين ثلاثة إلى تسعة أميال بحرية من الشاطئ، وهو انتهاك لاتفاقية أوسلو المؤقتة لعام 1995 التي كانت تمنح الفلسطينيين حق الوصول إلى مسافة تصل إلى 20 ميلاً بحرياً من الشاطئ، إضافة إلى ذلك، فقد فرض الكيان الصهيوني قيوداً على الوصول إلى الأراضي والبحر من خلال إجراءات عنيفة، بما في ذلك استخدام الذخيرة الحية، مما أسفر عن وقوع إصابات وحتى الوفيات، حيث يعتبر هذا النهج انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويؤكد على ضرورة مراجعة وتغيير هذه السياسات من أجل حماية حقوق الإنسان الأساسية وتحقيق العدالة في المنطقة.
ووفقاً للتقارير والمعلومات التي لا تعد ولا تحصى، فقد تم فتح النار على الفلسطينيين في قطاع غزة من قبل الجيش الصهيوني من مسافة تصل إلى كيلومترين من السياج الفاصل، وذلك على ممتلكاتهم الخاصة المتواجدة خارج المناطق المحظورة، حيث نتج عن هذه القيود القاسية على الوصول خسائر هائلة للمزارعين وأصحاب الأراضي والصيادين في غزة، مما أثر سلباً على الإنتاج الزراعي والأمن الغذائي في المنطقة، ولقد كانت الآثار السلبية لهذه القيود أكثر تأثيراً على النساء، حيث انخفضت نسبة المشاركة النسائية في العمل في الصناعات الزراعية وصيد الأسماك من 36% في عام 2007 إلى ما يقل عن 4% فقط بحلول عام 2018، بعد فرض المناطق العازلة.
بالتالي، إن تلك الإجراءات تشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان، التي تضمن حقوق الأفراد في الوصول الحر والآمن إلى أماكن العمل والممتلكات الخاصة بهم، بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه القيود تزيد من معاناة السكان المدنيين في قطاع غزة وتفاقم الوضع الإنساني الصعب الذي يعيشونه بالفعل، وتضعف حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لذلك، يجب على المجتمع الدولي والجهات المعنية بحقوق الإنسان التدخل العاجل لإنهاء هذه الانتهاكات وحماية حقوق الفلسطينيين في قطاع غزة.
بالإضافة إلى ذلك، إن القيود الصهيونية على الواردات إلى غزة تسببت في نقص حاد في الضروريات الأساسية، بما في ذلك الإسكان والمياه النظيفة والكهرباء والغذاء والرعاية الطبية، فمنذ عام 2008 على الأقل، اعتمد الكيان الصهيوني سياسة رقابة مشددة على واردات المواد الغذائية إلى غزة بهدف “إخضاع الفلسطينيين لنظام غذائي دون التسبب في موتهم جوعاً”، كما صرح دوف فايسغلاس، مستشار رئيس الوزراء “الإسرائيلي”، في عام 2006/ هذا النهج أدى إلى تهيئة الظروف لمجاعة وحرمان شديدة في القطاع.
كما أن الحصار المفروض على غزة عرقل أيضاً إمكانية الوصول إلى مواد البناء الضرورية للبنية التحتية، وأعاق الحركة بما في ذلك السفر الضروري للحصول على الرعاية الطبية الحيوية داخل غزة وخارجها، أما في عام 2016، وصف الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، بان كي مون، الحصار الإسرائيلي بأنه “عقاب جماعي” للفلسطينيين في قطاع غزة، كما لاحظت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان في عام 2014 الأثر السلبي للحصار على وصول الفلسطينيين إلى الخدمات الأساسية والمنقذة للحياة، مثل الغذاء والصحة والكهرباء والمياه والصرف الصحي، معتبرة أن هذا يشكل انتهاكاً لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
من الناحية القانونية، يعتبر الحصار شكلاً من أشكال العقاب الجماعي المحظور بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، بالإضافة إلى ذلك، إن اتفاقيات جنيف، على سبيل المثال، تحظر صراحة العقاب الجماعي والتدابير التي تهدف إلى تقييد حقوق الإنسان الأساسية، وإن استمرار هذه السياسات يفاقم الوضع الإنساني المتردي في غزة ويزيد من معاناة السكان المدنيين.
الرأي القانوني في هذه المسألة يؤكد أن السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالحصار وانتهاك حقوق الفلسطينيين في غزة تتطلب تدخلاً عاجلاً من المجتمع الدولي، حيث يجب الضغط على الكيان الصهيوني لإنهاء الحصار وضمان وصول المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية إلى سكان غزة، والامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.
بالتالي، تُعتبر الإبادة الجماعية من أخطر الجرائم في القانون الدولي، وتفرض التزامات قوية على الدول لمنعها ومعاقبة مرتكبيها. لضمان فعالية هذه الجهود، يجب على المجتمع الدولي تعزيز التعاون القانوني والسياسي لتطبيق العدالة الدولية، ودعم الآليات الدولية مثل المحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والتدخل السريع لمنع وقوع مثل هذه الجرائم، وضمان تقديم الدعم والمساعدة للضحايا وإعادة بناء المجتمعات المتضررة، لكن تحقيق هذه الحلول يتطلب التزاماً جماعياً ومستداماً من جميع الدول لضمان عدم تكرار هذه الفظائع في المستقبل، وهذا ما لا يتوفر على المدى المنظور.
*مستشار قانوني – الكويت.