حدثني حجر الرصيف قال :
هل ما زال قلبك يحبس الدماء عن روحك , بينما الرصاص يسير إلى قلبك , كرشاش مياه الحدائق , حتى صار صدرك غربالاً ؛ ينخلون عليه وقائع الأيام القادمة .؟
هل ما زالت الحروف والكلمات والتعاويذُ , تُعذّب رأسك الذي أنهكَهَ التاريخ , وشروح عصر الحجارة ؛ وخزعبلات الحضارة , والصِحاح التوراتيّة ؛ وخوارج هذا الزمان.؟
قل لي يا صديقي الحجريّ البائس ؛ كيف حال الآلالم في ظهرك ؟ بعد أن مَنَعَك الأطباء من حمل كيلوغرام من السكر ؛ وصرتَ قادراً على تحمّل كل الخناجر التي تركض إلى ظهرك , لتشقُّ أنهار وداعك .
هل جرّبتَ يا صديقي أن تتناول القمح المبرعم ممزوجاً بالعسل ؟ جرّبه حين سيأتي العيد , ستفرح كثيرا به ؛ مع أنني أعرف أنهم خطفوا العيد ,وسرقوا كل الحلاوة منه ,
أعرف يا صديقي أن كل شيء يرتفع حولك إلا سكّرك , فإنه ينخفض ؛ منذ أن أخذوا منك عروسة السكر , وقهوتك , وشطيرة الزيت والزعتر .
أعرف أنهم سرقوا العيد من عمرك ؛ وجعلوكَ تبكي وأنتَ تبحث عن الكهف , حين سحبوا الدروب والطرقات من تحت خطواتك ؛ بعد أن مزّقوا لك أوراق الكتاب ,وأسطر الدفتر.
لماذا قلتَ لي يا صديقي إنك خشيتَ من ضربة نيزكٍ ..وأنت تجلس بجانبي تودّع وردتك البيضاء , وترتِّلُ أناشيد الفراق . لتُفهمني أنك صرتَ تُحِبُ موتك .
ألم أقل لك إني أحبك ؛ ورجوتك ألا تَرحل .!
ألم أقل لك , ابكِ لكن لا ترحل , فما زال عندي حكايات كثيرة , وما زال عندك بحرٌ من دموع .