إن كل العلوم السائدة مستمدة من العلوم الباطنية، وهذا يشمل العلوم المجردة وغيرها .البداية؛ هي “النقطة”، ومن ثم الدائرة وشروطها، كما الأشكال والارقام المشفرة بالرموز. حيث أن للأديان وللعقائد الباطنية بمجملها جوهر واحد رغم التفسيرات المختلفة بحسب السياق التي وجدت خلاله، وبحسب القدرة على تشفير المعلومات .. وهكذا نرى أن تكرار الاحداث والمفاهيم في السردية الدينية يثبت أن لجميعها مصدر واحد . وأن ما يرّوجه البعض من “أبطال المثولوجيا” الهواة حول “النسخ واللصق” وحول اختراع الأديان هو أمر مثير للسخرية . فالعلوم القديمة هي علوم عظيمة وقديمة قدم الإنسان. ولا يمكن الاعتماد على تخاريف تاريخية “لتراث وصفه البعض بالمقدس” لنفي أو اثبات حالة معينة أو سياق (كما يحاول بعض “العلمانيون- الطائفيون” ) و”أبطال المثيولوجيا” المعاصرة ..فعندما نبحر في التاريخ ونبحث في الدفتر العتيق (في مرحلة ما قبل الاغريقية، والبوذذية الباطنية، والسومرية البابلية) نرى عظمة الفكر والتصورات، ولا يعني ذلك بالضرورة قبول كل ذلك كما هو ” لأن الوصول إلى المعرفة يحتاج الى فك الشيفرة والى جهود جبارة ..ولكن إذا القينا نظرة على تلك الحقبة نرى…
“إن التصنيف الحقيقي الباطني المكون من سبعة أضعاف هو أحد أهم التصنيفات، إن لم يكن أهمها، والذي يلقى ترتيبًا من الدستور الغامض لهذا النوع الأبدي. ويمكنني أيضًا أن أذكر في هذا الصدد أن التصنيف الرباعي يدّعي أنه من نفس الأصل. يبدو أن نور الحياة، كما كان، ينعكس من خلال موشور باراكتي(الشكل أو الحالة الأصلية لأي شيء) ذو الاوجه الثلاثة، الذي يحتوي على مشيئة ثلاثية صالحة(Gunams) لوجوهه الثلاثة، وينقسم إلى سبعة أشعة، والتي تتطور مع مرور الوقت إلى المبادئ السبعة من هذا التصنيف. يقدم التقدم في التطوير بعض نقاط التشابه مع التطور التدريجي لأشعة الطيف. في حين أن التصنيف الرباعي هو بإسهاب يعطي أولاً وقبل كل شيء تأكيدًا للتعاليم القائلة بأنه، في حين أن الإنسان الأسمى قد مر على الكرة الأرضية وغيرها، في الجولة الأولى، من خلال جميع الممالك الثلاث – المعادن، والنبات، والحيوان – في هذة لدينا الجولة الرابعة، حيث انبثق كل حيوان ثديي من الإنسان إذا كان يمكن اعتبار المخلوق شبه الأثيري مع الموناد البشري متعدد الأشكال، من أول سلالتين، كإنسان. ولكن يجب أن يسمى ذلك؛ لأنه، في اللغة الباطنية، ليس شكل اللحم والدم والعظام، الذي يشار إليه الآن باسم إنسان، والذي هو بأي حال من الأحوال الإنسان، ولكن إلى الموناد *الإلهي الداخلي بمبادئه أو جوانبه المتنوعة”.
يدل هذا السياق على مرحلة متقدمة من الفكر الباطني وإن كانت بعض الافكار أو التصورات الواردة اعلاه غير مكتملة أو اشكالية إلا أنها تعطي صورة مذهلة عما وصلت اليه الحضارات الغابرة …أي أنها كانت متطورة للغاية- كل التفاصيل في كتاب الثيوصوفيا والعقيدة السرية
*يشير موناد ، في نشأة الكون، إلى الكائن الأسمى أو الألوهية أو كلية كل الأشياء. يقال إن المفهوم قد تصوره فيثاغورث وقد يشير بشكل مختلف إلى مصدر واحد يعمل بمفرده، أو إلى أصل غير قابل للتجزئة، أو إلى كليهما.