هذه الأسئلة وغيرها، بات طرحها مشروعا للغاية، بعد أن تحوّل المغرب إلى أداة بيد فرنسا، استعملته في غزو مالي، بذريعة مُحاربة الإرهاب، وتستعمله اليوم في العودة إلى إفريقيا الوسطى والهيمنة عليها بمُسمّى مُحاربة الإرهاب دائما، في حين أنّ فرنسا أصبحت بعد أمريكا من أكبر مُصنّعي ومُموّلي الإرهاب في العالم العربي الإسلامي وإفريقيا، والعالم ككل، فبسبب الغزو الفرنسي الغربي الخليجي الصهيوأمريكي لليبيا، تمّ تدمير الدولة بها، وتسليمها إلى جماعات القاعدة والتكفيريين الوهابيين، الذين حوّلوها إلى أخطر بؤرة لتصدير الإرهاب والمهربين والسلاح إلى بلدان الجوار، ففرنسا إذن لا يُمكن بأي حال من الأحوال أن تُحارب من صنّعتهم وموّلتهم وسلّحتهم، ولكنها تبتكر سيناريو الأخطار الإرهابية لبسط نفوذها من جديد على المناطق الحساسة في إفريقيا، كما أنها تسعى جاهدة لِمُحاصرة الجزائر ببؤر التوتر والإرهاب، لشرعنة أي تدخل مستقبلي فيها، وهو ما بات يلوح في الأفق، مع نشر مقتطفات مراسلة مُستعجلة وجهتها وكالة الإستخبارات الأمريكية “سي أي إيه” للبيت الأبيض الأمريكي، تحذر فيها من احتمال أن يكون المغرب يحضّر لحرب على الجزائر، وارتكزت المراسلة، على جملة من الحقائق والشهادات التي أفادها بها كبار المسؤولين المغاربة، والتي تؤكد في مجملها أنّ المغرب بات يتحامل على الجزائر وإسبانيا والبرلمان الأوروبي ومنظمات حقوق الإنسان، التي نددت بالمجازر والمذابح التي ارتكبها المخزن المغربي ولا يزال بحقّ الشعب الصحراوي، وربطت المخابرات الأمريكية هواجسها بسباق المغرب ضدّ الساعة، لعقد صفقات تسليح كبيرة، تضمنت إحداها شراء 24 طائرة مقاتلة “ف16″، إضافة إلى تخصيصه السنة الماضية 9.5 مليار درهم مغربي لشراء العتاد والمعدات العسكرية، و10 مليار درهم، لبناء قواعد عسكرية جديدة وتأهيل الثكنات والمدارس العسكرية وغير ذلك، في وقت تُعاني فيه الغالبية العظمى من الشعب المغربي، قساوة المعيشة وغلاء الأسعار، ونقص الخدمات…
وبالتزامن مع كلّ ذلك أشارت وكالة الإستخبارات المركزية الأمريكية، إلى أنّ المغرب وضع قواته في الجنوب، في حالة طوارئ قُصوى، وأنّ كبار المسؤولين المغاربة طلبوا من قيادة الأركان، خارطة طريق، في حال تقرّر الهجوم على جبهة البوليساريو إن هي قامت بأي تحرك ضدّ المغرب، أو حتى في حال ملاحقة البوليساريو داخل الأراضي الجزائرية المستقلة، مع تحديد تبعات وانعكاسات تنفيذ مثل هذا السيناريو، وبرأيي أن المخزن المغربي قد وصل إلى أعلى مستويات الغباء، بمجرّد تفكيره في المُغامرة باختراق الحدود الجزائرية، أو أنه وبتحوّله إلى “جحش” للفرنسيين، يُعوّل على مساندة الفرنسيين له في أي حرب قد يُقامر بإشعالها مع الجزائر، لأنّ فرنسا عانت الويلات مع هذا الشعب، خلال ثورة التحرير المجيدة، والذي ألحق بها أكبر هزيمة في تاريخها الإستعماري، وهي تدري أكثر من غيرها، أن الرأي العام الفرنسي سوف لن يسمح لقيادته بالتهور في الجزائر، لأن نيران الحرب ستحرق فرنسا بالكامل، كما أنّ الشعب المغربي بحدّ ذاته، لن يُجاري السفهاء والأغبياء من مسؤوليه، وعلى رأسهم الملك محمد السادس، الذي لم تشهد المملكة المغربية طوال تاريخها شبيها له في الرُّعونة السياسية، وقصر النظر الإستراتيجي، فهو إذ يُراهن على الفرنسيين، والصهاينة، يؤكد أن الشعب المغربي بات محكوما من غير أهله، فهذا الشعب، هو من احتضن الثورة الجزائرية، وقدّسها، ولن يرضى أبدا بالدخول في حرب سوى ضد أعدائه وأعدائها، وعلى رأسهم فرنسا التي نفت الملك الراحل محمد الخامس رحمه الله، والذي كان خير نصير لثورة الجزائر، فكجزائريين لم ولن نُفكّر يوما في مُحاربة أشقائنا المغاربة، وسبق أن عانينا في بداية الإستقلال من تحرّش القصر الملكي المغربي بعدما غاب عنه الملك الراحل محمد الخامس، فيما سُمّي بحرب الرّمال، حيث هاجم الملك الراحل الحسن الثاني الجزائر، وهي لم تُضمّد جراحها بعد، وكان أن انتفض ضدّه كلّ الأحرار في الجزائر، وكلّ أحرار العرب والعالم، ما أرغمه على التراجع والإنكفاء، أما اليوم، فالكل يعلم وزن الجزائر وقوتها، وقوة المحور الذي تنتمي إليه، وهو المحور الذي أذَلّ الفرنسيين والأمريكيين والصهاينة، والجزائر وكما سيشهد بذلك التاريخ، كانت السباقة لمُواجهة مُؤامرة “الربيع العربي”، وجاهرت بموقفها في كلّ المحافل الدولية بما فيها “جامعة العُربان”، ودولة بمثل هذه المواقف الصلبة، سوف لن تُفكّر في الإستعداد لمُواجهة القصر الملكي، بل إنها أقدر من أي وقت مضى، لتوجيه الصفعات القوية والمُؤلمة لمن يُحاولون التلاعب بأشقائنا المغاربة والزّج بهم في حرب، سيكونون أكبر الخاسرين فيها، لأنها لن تخدم سوى المُتصهينين من الفرنسيين وأتباعهم وخُدّامهم في القصر الملكي المغربي، ولن أغالي في التحليل إن قُلت، بأنّ مُغامرة القصر الملكي المغربي، تحت قيادة ملكه الحالي محمد السادس، قد تُشكّل نهاية الملكية والعبودية في المغرب، وهو الأمر الذي كان سيحصل في انقلابي السبعينات من القرن الماضي، لو أن السلطة في الجزائر، زكّت وباركت ودعّمت الإنقلاب.
لن أطيل كثيرا في هذا الحديث، لأن ما يهمني كقومي عربي، هو نبذ أي صراع بين إخواننا العرب في أي زاوية أو بقعة من وطننا العربي، والعمل على الحيلولة دون وقوعه، لكن بالمُقابل، لا يجب أن تُنسينا قوميتنا، إلزامية ووُجوب الدفاع عن أوطاننا، وشرفنا وسيادتنا، ومن هذا المُنطلق، أنبّه بعض العابثين من أشباه السياسيين والإعلاميين في الجزائر، بأنّ الوقت غير مُناسب على الإطلاق، للّعب بأمننا القومي، ووضع مؤسستنا العسكرية محلّ جدال وتجاذب سياسوي، خاصة مع اقتراب الموعد الإنتخابي الرئاسي، لأنه في حال الخطر على الجزائر، فلِتذهب الديموقراطية، إلى الجحيم، لأنّ سيادتنا وشرفنا لا يُمكن تشبيههما ومُقايضتهما بأي مُقابل كان، وما دام أن “مُجاورنا” يُفكر ويستعد للهجوم علينا، فلا سبيل لنا سوى استرجاع مبادئنا الأصيلة والراسخة، والتي يُوجزها نشيدنا الوطني:
“نحن ثرنـا فحياة أو ممات /// وعقدنا العزم أن تحيا الجـزائر”، ولن تكون بذلك الجزائر، إلا مقبرة جديدة “لفرنسا الإستعمارية