دمشق-سانا
أكد السيد الرئيس بشار الأسد أن خطورة الإرهاب في منطقتنا تنبع من المظلة السياسية التي يوفرها له عدد من الدول والزعماء والمسؤولين وبشكل أساسي في الغرب ومن عدم وجود منظمة دولية فعالة يمكن أن تمنع بلدا من استخدام الإرهابيين كعملاء ووكلاء ليدمروا بلدا آخر.
ولفت الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة اكسبرسن السويدية إلى أن الإرهاب في منطقتنا والعالم يستند إلى الايديولوجيا الوهابية.
وفيما يلي الجزء الأول من المقابلة:
السؤال الأول.. سيادة الرئيس.. أود أن أتقدم منكم بجزيل الشكر نيابة عن اكسبرسن لمنحنا هذه المقابلة. شكرا جزيلا لكم. بينما نجلس هنا.. نجري هذه المقابلة.. يجتاح تنظيم “داعش” الإرهابي مخيم اليرموك للاجئين. وفي الوقت نفسه تسيطر “جبهة النصرة” على الحدود السورية الأردنية.. كما فرضت سيطرتها على إدلب. ما مدى خطورة الوضع الآن من وجهة نظركم…
الإرهاب ليس قضية محلية ولا حتى إقليمية إنها مشكلة عالمية
الرئيس الأسد:
طالما تتحدث عن الإرهاب.. فهو دائما خطر.. في أي زمان أو مكان وفي أي حالة كان. هذا ما يمكن قوله دائما عن الإرهاب وهذا لا يرتبط مباشرة بالمثال الذي ذكرته.. لأن ما ذكرته يشكل أحد تجليات الإرهاب فقط. إنها عملية طويلة بدأت قبل سنوات.. حتى قبل بداية الأزمة في سورية. الإرهاب خطر لأنه لا يعرف حدودا ولا قيودا.. ويمكن أن يضرب في أي مكان. الإرهاب ليس قضية محلية ولا حتى إقليمية إنها مشكلة عالمية. ولهذا السبب نقول إن الإرهاب خطير دائما. في حالتنا.. يمكن القول إنه أكثر خطورة والوضع أكثر سوءا بسبب الوضع العسكري الذي ذكرته في سؤالك. في الواقع.. هذه المرة تنبع خطورته من تمتعه بمظلة سياسية يوفرها عدد من الدول والزعماء والمسؤولين.. بشكل أساسي في الغرب. العديد من أولئك المسؤولين لم يروا الواقع على حقيقته في البداية. لقد بات الأمر أكثر خطورة الآن بسبب غياب القانون الدولي وعدم وجود منظمة دولية فعالة يمكن أن تحمي بلدا من بلد آخر يستخدم الإرهابيين كعملاء ووكلاء ليدمروا بلدا آخر. هذا ما يحدث في سورية. ولهذا أقول.. نعم الوضع خطر.. لكن في الوقت نفسه.. فهو قابل للعكس. وطالما كان قابلا للعكس.. فإن الأوان لم يفت للتعامل معه. سيكون الأمر أكثر خطورة بمرور الوقت عندما يشحن الإرهابيون قلوب وعقول الناس.
السؤال الثاني.. إلا أنهم يسيطرون على المزيد من المناطق في سورية. هل باتت القوات السورية والجيش السوري أضعف من ذي قبل…
الرئيس الأسد..
هذا أمر طبيعي.. فهذه تداعيات أي حرب. أي حرب تضعف أي جيش بصرف النظر عن مدى قوته وحداثته. إنها تقوض وتضعف كل مجتمع.. بكل ما للكلمة من معنى.. في الاقتصاد.. والمجتمع.. والأخلاق.. وبالطبع الجيش كجزء من هذا المجتمع. هذا طبيعي.
السؤال الثالث.. لكن هل بات الجيش أضعف من ذي قبل… أطرح هذا السؤال لأننا كنا نرى في الماضي أن الجيش ينتقل من نصر إلى نصر.. وكنتم تسيطرون على مناطق أوسع. كانت سيطرتكم أكبر على منطقة القلمون ومناطق أخرى. أما الآن فهم يسيطرون على إدلب.. على سبيل المثال.
الرئيس الأسد:
هذا لا علاقة له بتلك القضية.. أعني كون الجيش أقوى أو أضعف. كما قلت.. فإن أي حرب تضعف أي جيش. هذا هو المسار الطبيعي للأحداث. لكن في حالتنا.. عندما تنظر إلى سياق الحرب خلال السنوات الأربع الماضية.. تجد أن هناك كرا وفرا. أحيانا تكسب وأحيانا تخسر.. وذلك يعتمد على عدة معايير.. بعضها يتعلق بالمعايير والعوامل الداخلية.. وهنا يكون الأمر أكثر دقة. لكن بعضها يتعلق بمدى الدعم الذي يقدم للإرهابيين. على سبيل المثال.. وفي المثال الأخير الذي ذكرته حول إدلب.. فإن العامل الرئيسي كان الدعم الهائل الذي قدمته تركيا.. الدعم اللوجستي.. والدعم العسكري.. وبالطبع الدعم المالي الذي تلقوه من السعودية وقطر.
السؤال الرابع.. هل هذه معلومات أم مجرد رأي…
الرئيس الأسد:
هذه معلومات. لقد كانوا يتلقون كل شيء ويتصرفون كجيش واحد.. أعني الإرهابيين.. “جبهة النصرة” التي هي جزء من القاعدة.. والحكومة أو المؤسسات أو المخابرات التركية.. كانوا كلهم يتصرفون وكأنهم جيش واحد في تلك المعركة. بالتالي.. فإن الأمر لا يتعلق بضعف جيشنا أو قوته.. بل كان يعتمد أكثر على حجم الدعم الذي تلقاه الإرهابيون من تركيا.
تركيا وقطر والسعودية ليست دولا مستقلة ولا تمتلك أجندة خاصة بها
السؤال الخامس.. قبل أربع سنوات.. كان لتركيا وقطر والسعودية أجندة خاصة بها. هل تغير ذلك… هل غيرت تلك الأجندة…
الرئيس الأسد:
أولا.. هذه ليست دولا مستقلة.. وبالتالي فهي لا تمتلك أجندة خاصة بها. في بعض الأحيان يكون لهم سلوكهم ضيق الأفق أو الانتقامي أو المبني على الكراهية والذي يستخدم في أجندة الآخرين. ولنكن صريحين هنا.. ففي بعض الأحيان كان ذلك يصب في أجندة الولايات المتحدة. وبذلك لا نستطيع القول إن لديهم أجندتهم الخاصة بهم.. لكنهم لم يتغيروا. ما زالوا يدعمون نفس الإرهابيين.. لأن هذا السلوك لا يتعلق بالأزمة في سورية.. لقد دعموا الإرهابيين في أفغانستان.. من خلال دعمهم للايديولوجيا الوهابية والتطرف الذي أفضى إلى الإرهاب مؤخرا في أوروبا. لقد قدموا هذا الدعم لعقود.. وهم الآن يدعمون الايديولوجيا نفسها والفصائل نفسها لكن تحت مسميات مختلفة في سورية. إذا.. لم يتغير شيء لأن هذا سلوكهم الطبيعي.
الايديولوجيا الوهابية تشكل أساس كل إرهاب في العالم
السؤال السادس.. أي ايديولوجيا تعني…
الرئيس الأسد:
الايديولوجيا الوهابية التي تشكل أساس كل إرهاب في العالم. لم تكن هناك أعمال إرهابية خلال العقود الأخيرة في الشرق الأوسط والعالم دون هذه الايديولوجيا. كل إرهابي في العالم يؤسس معتقده على الايديولوجيا الوهابية.
المشكلة مع الولايات المتحدة وبعض المسؤولين الغربيين هي أنهم يعتقدون أن بوسعهم استخدام الإرهاب كورقة سياسية
السؤال السابع.. تقول إن الأيديولوجيا الوهابية مرتبطة بأحداث أيلول وكل المجموعات الإرهابية… ألا تعرف الولايات المتحدة بهذه الصلة بين الايديولوجيا الوهابية والإرهابيين… لكنهم مستمرون في دعمهم للسعودية.
الرئيس الأسد:
هذا سؤال مهم جدا.. لأن الولايات المتحدة كانت في ثمانينات القرن العشرين تصف مجموعات القاعدة وطالبان في أفغانستان بالمجاهدين. هكذا وصفهم الرئيس بوش. لكن بعد أحداث 11 أيلول 2001 باتوا يصفونهم بالإرهابيين. المشكلة مع الولايات المتحدة وبعض المسؤولين الغربيين هي أنهم يعتقدون أن بوسعهم استخدام الإرهاب كورقة سياسية. في الواقع فإن الإرهاب كالعقرب.. عندما تتاح له الفرصة سيلدغ.. إذا.. هم يعرفون.. لكنهم لم يقدروا مدى خطورة الإرهاب عند استخدامه كورقة سياسية.
السؤال الثامن.. سيادة الرئيس.. الوفد الرسمي السوري وجزء من المعارضة التقوا مؤخرا في موسكو. هل تمخض ذلك الاجتماع عن أي نتائج فعلية…
الرئيس الأسد:
في الواقع نعم. نستطيع أن نقول ذلك لأن هذا الاجتماع كان المرة الأولى التي يتم فيها التوصل إلى اتفاق ..لأنه كما تعرف كانت هناك عدة حوارات من قبل.. اتفاق على بعض المبادئ التي يمكن أن تشكل أساسا للحوار القادم بين السوريين. لم ننته من ذلك بعد.. لأن جدول أعمال ذلك الاجتماع كان شاملا جدا وبالتالي فإن أربعة أيام لم تكن كافية. في الواقع.. استمرت الاجتماعات أربعة أيام.. لكن دام الحوار بين الحكومة وممثلي المعارضة يومين. لم يكن ذلك كافيا لإنهاء جدول الأعمال.. لكن عندما يكون هناك اختراق.. حتى ولو كان جزئيا.. فإنه يعني أن الاجتماع القادم سيكون واعدا من حيث التوصل إلى اتفاق تام حول مبادئ الحوار الذي سينتهي إلى حل للصراع في سورية.
السؤال التاسع.. ما تقوله سيادة الرئيس مهم جدا لأن مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية.. السيد ستافان دي ميستورا يخطط لعقد سلسلة من المشاورات التي ستبدأ في أيار أو حزيران لتقييم فرص إيجاد أرضية مشتركة بين الدول الرئيسية المهتمة بالصراع. ما رأيكم في ذلك…
الرئيس الأسد:
في الواقع.. أنا أتفق مع دي ميستورا حول هذه النقطة لأننا إذا أردنا أن ننظر إلى الصراع في سورية على أنه مجرد صراع داخلي بين فصائل سورية.. فإن ذلك غير واقعي ولا موضوعي. في الواقع.. فإن المشكلة ليست معقدة جدا.. لكنها أصبحت معقدة بسبب التدخل الخارجي.. وأي خطة تريد أن تنفذها في سورية اليوم من أجل حل المشكلة ..وهذا ما واجهته خطة دي ميستورا في حلب.. ستفشل بسبب التدخل الخارجي. هذا ما حدث في حلب.. عندما طلب الأتراك من الفصائل أو الإرهابيين الذين يدعمونهم أو يرعونهم أن يرفضوا التعاون مع دي ميستورا. وهكذا أعتقد أنه يعلم أنه ما لم يتمكن من إقناع هذه البلدان بالتوقف عن دعم الإرهابيين وترك السوريين ليحلوا مشكلتهم.. فإنه لن ينجح.
خطة دي مستورا من أجل حلب منسجمة مع جهودنا في إجراء مصالحات في مناطق مختلفة من سورية
السؤال العاشر.. ما رأيك بجهود دي ميستورا…
الرئيس الأسد:
ناقشنا معه خطته من أجل حلب.. وهي منسجمة مع جهودنا في إجراء مصالحات في مناطق مختلفة من سورية. وهذا ما نجحنا به.. وهنا يمكن جعل الأمور أفضل.. عندما تساعد الناس على العودة إلى حياتهم الطبيعية وعندما تمنحهم الحكومة العفو ويسلمون أسلحتهم. إذا.. خطته من أجل حلب تنسجم مع مبادئ المصالحة نفسها.. ولذلك دعمناها من البداية.. وما زلنا ندعم جهوده في هذا الصدد.
السؤال الحادي عشر.. سيادة الرئيس.. السويد هي البلد الوحيد في أوروبا الذي يمنح حق الإقامة الدائمة للأشخاص الذين يهربون من الحرب في سورية. ما الذي يعنيه ذلك.. وكيف تنظرون إلى سياسة السويد…
الرئيس الأسد:
بذلك الخصوص أو بشكل عام…
السؤال الثاني عشر.. في ذلك المجال بالتحديد.
الرئيس الأسد..
أعتقد أن هذا موضع تقدير في سائر أنحاء العالم وليس فقط في بلدنا. هذا الموقف الإنساني الذي تتخذه السويد محط تقدير فيما يتعلق بمختلف الصراعات بما في ذلك الصراع في سورية. إذا من الجيد أن يمنح الناس مأوى.. لكن إذا سألت السوريين الذين هربوا من سورية.. “ماذا تريدون…” فإنهم سيقولون لك إنهم لا يريدون أن يهربوا من سورية بسبب الحرب.. إنهم يريدون إنهاء تلك الحرب. هذا هو هدفهم.. وهذا هو هدفنا. بالتالي.. أعتقد أن من الجيد أن تمنح الناس المأوى.. لكن الأفضل هو أن تساعدهم على العودة إلى بلادهم. كيف… أعتقد أن السويد بلد مهم في الاتحاد الأوروبي. يمكنه أن يلعب دورا محوريا في رفع العقوبات لأن العديد من السوريين الذين ذهبوا إلى السويد أو إلى أي بلد آخر لم يذهبوا بسبب الأعمال الإرهابية فقط.. لقد ذهبوا بسبب الحصار أيضا لأنهم فقدوا مصادر رزقهم.. ولأنهم يريدون الحصول على أساسيات حياتهم اليومية كان عليهم مغادرة سورية بسبب الحصار.. إذا.. رفع الحصار الذي أثر على كل سوري.. وفي الوقت نفسه منع أي بلد أوروبي من منح الإرهابيين مظلة تحت أسماء مختلفة.. سواء سموها معارضة سلمية.. أو معارضة معتدلة. لقد بات من الواضح اليوم.. ولقد تم إثبات ذلك.. أن هذه المعارضة التي كانوا يدعمونها هي نفسها كـ “جبهة النصرة” والقاعدة.. والإخوان المسلمين.
الأمر الثالث الذي يمكن أن يقوموا به هو أن يضغطوا على الدول التي تدعم الإرهابيين وتمنع أي خطط للسلام في سورية.. أقصد كتلك الخطة التي ذكرتها.. والتي طرحها السيد دي ميستورا. إنهم يمنعون تنفيذ ذلك في سورية.. وبشكل أساسي السعودية.. وقطر وتركيا. بالتالي أعتقد أن هذه أفضل مساعدة إنسانية وسياسية يمكن أن تقدمها السويد للشعب السوري.
السؤال الثالث عشر.. الحصار والحرب.. وملايين اللاجئين أو الهاربين من البلاد. لقد وصف هذا الوضع بأنه أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية. ما مدى مسؤوليتكم.. سيادة الرئيس عن هذا الوضع…
الرئيس الأسد:
أعتقد أن مقارنة ما يحدث في سورية.. حتى من وجهة نظر إنسانية.. وما حدث في الحرب العالمية الثانية.. نوع من المبالغة الكبيرة. لا نستطيع أن نجري تلك المقارنة لأسباب سياسية. لكن بصرف النظر عن هذه المبالغة.. لدينا ملايين الناس الذين هجروا من مناطقهم إلى مناطق أخرى بسبب الأعمال الإرهابية وهذا عبء كبير في الواقع.. فإننا نتحمل العبء الأكبر للأزمة. تسمع الكثير من الضجيج حول ما تفعله المنظمات الدولية أو الكيفية التي ينفق بها من يسمون أنفسهم “أصدقاء سورية” المال ويقدمون الدعم والهبات للسوريين. في الواقع إذا أردت أن تحصل على فكرة بسيطة عما يحدث.. على سبيل المثال عام 2014 العام الماضي.. فإن جميع الدول والمنظمات قدمت في المجال الغذائي 22 بالمئة فقط مما نقدمه كدولة خلال الحرب. هذا فرق كبير.. نحو واحد إلى خمسة أمثال.
السؤال الرابع عشر.. داخل البلاد…
الرئيس الأسد:
داخل سورية.. نعم. فيما يتعلق بقطاع الرعاية الصحية مثلا.. كانت النسبة 1 على 18 لصالحنا. إذا.. وفي الواقع.. فإننا نتحمل العبء الأكبر. إضافة الى ذلك.. ما زلنا ندفع الرواتب ونرسل اللقاحات للأطفال.. ونوفر المتطلبات الأساسية للمستشفيات في المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين. إذا.. ما زلنا ندير البلاد ونتحمل العبء الأكبر.
أكثر قادة “داعش” خطورة في منطقتنا اسكندنافيون
السؤال الخامس عشر.. طبقا لوكالة المخابرات السويدية.. فإن الجهاديين العائدين ..وهناك العديد منهم هنا في سورية الآن.. يشكلون أكبر خطر محلي يهدد السويد اليوم. هل تتفق مع هذا الرأي…
الرئيس الأسد:
لا أعتقد أن من الصحيح النظر إلى الإرهاب كقضية محلية أو إقليمية. كما قلت.. إنه مشكلة عالمية. إذا أردت التحدث عن السويد كجزء من أوروبا أو المجموعة الاسكندنافية في أوروبا.. فينبغي أن تأخذ في الاعتبار أن أكثر قادة “داعش” خطورة في منطقتنا اسكندنافيون.
السؤال السادس عشر.. هل هذه معلومات…
نعم.. هذه معلومات. هذا ما لدينا من معلومات. وهكذا.. لا تستطيع أن تفصل هذه المجموعة من البلدان.. أو السويد عن أوروبا. طالما ينمو الإرهاب في بلدان أوروبية مختلفة.. لا تستطيع السويد أن تظل آمنة. وطالما كانت الحديقة الخلفية لأوروبا.. وخصوصا حوض المتوسط وشمال افريقيا في حالة من الفوضى وتعج بالإرهابيين.. لا يمكن لأوروبا أن تكون آمنة. وبالتالي.. نعم أتفق مع الرأي القائل بأن هذا يشكل تهديدا رئيسيا.. لكن لا يمكن أن تسميه محليا.. بل هو تهديد.
السؤال السابع عشر.. هل طلبت منكم السويد تبادل المعلومات حول مقاتلي “داعش” هؤلاء أو حول جهاديين آخرين…
الرئيس الأسد:
لا.. ليس هناك اتصال بين أجهزة المخابرات في بلدينا.
كل ما حدث في أوروبا من هجمات إرهابية حذرنا منه منذ بداية الأزمة.. علينا أن نتوقع المزيد من الهجمات في هذا الصدد
السؤال الثامن عشر.. سيادة الرئيس.. في كانون الأول 2010 نفذ تيمور عبد الوهاب ..وهو إرهابي سويدي تدرب في العراق وسورية.. هجوما انتحاريا في استوكهولم. ومؤخرا.. كان هناك نفس السيناريو في باريس.. أعني الهجوم على تشارلي ايبدو.. وحتى في كوبنهاغن. هل تعتقد أن البلدان الغربية ستواجه نفس السيناريو في المستقبل…
الرئيس الأسد:
في الواقع.. كل ما حدث في أوروبا.. أعني من هجمات إرهابية.. حذرنا منه منذ بداية الأزمة.. وقلت إن سورية تشكل خط فالق الزلزال.. وعندما تعبث بهذا الخط ستكون لذلك أصداء وتداعيات في مناطق مختلفة.. وليس فقط في منطقتنا.. حتى في أوروبا. في ذلك الوقت.. قالوا إن الرئيس السوري يهدد. في الواقع.. لم أكن أهدد.. بل كنت أصف ما سيحدث. الأمر ليس بحاجة لعبقرية.. لأن هذا هو سياق الأحداث التي جرت عدة مرات في منطقتنا.. ولدينا خبرة بهؤلاء الإرهابيين منذ أكثر من خمسين عاما. لم يصغوا لنا.. وقد حدث ما كنا قد حذرنا منه.. وما رأيناه في فرنسا.. في حالة تشارلي ايبدو.. والهجمات الانتحارية في كوبنهاغن ولندن.. وإسبانيا.. قبل عشر سنوات.. هذا يشكل قمة الجبل الجليدي.. الإرهاب جبل هائل. هذه ليست أحداثا معزولة. عندما يكون هناك مثل تلك الأحداث المعزولة فعليك أن تعرف أن لديك جبلا كبيرا تحت البحر لا تراه. إذا.. نعم.. أتوقع أنه طالما كان هناك هذا الجبل.. وطالما لا يزال المسؤولون الأوروبيون يبجلون دولا مثل السعودية وقطر بسبب أموالها وحسب.. وتبيع قيمها وتسمح للايديولوجيا الوهابية الظلامية بالتغلغل وأن تزرع في بعض المجتمعات في أوروبا.. علينا أن نتوقع المزيد من الهجمات في هذا الصدد.
الإرهاب حالة ذهنية.. ثقافة ينبغي التعامل معها بطريقة ايديولوجية
السؤال التاسع عشر.. ما أكثر الطرق فعالية في التعامل مع الإرهابيين…
الرئيس الأسد:
أولا.. الإرهاب ليس حربا. إنه حالة ذهنية.. ثقافة. ولذلك ينبغي التعامل مع هذه الثقافة. وينبغي التعامل معها بطريقة ايديولوجية.. وهذا يتضمن التعليم والثقافة. ثانيا.. أولئك الإرهابيون يستغلون الفقراء. ينبغي أن تعالج الفقر وبالتالي فإن النمو الاقتصادي والتنمية أمران مهمان جدا.. ثالثا.. عليك التعامل مع القضايا السياسية التي يستخدمها هؤلاء الإرهابيون لتعبئة عقول الشباب أو الأطفال لحل المشاكل السياسية في منطقتنا. على سبيل المثال فقد كانت قضية السلام واحدة من الأسباب الرئيسية التي مكنت الإرهابيين من حشد وتعبئة إرهابيين آخرين.
السؤال العشرون.. أي سلام… هل تقصد عملية السلام…
الرئيس الأسد:
أقصد بين العرب و”إسرائيل”. ينبغي حل هذه المشكلة.. لأنها تشكل أحد أسباب اليأس.. وعليك التعامل مع يأس ذلك الشباب الذين أرادوا أن يذهبوا ويموتوا من أجل ان يذهبوا إلى الجنة ليعيشوا حياة أفضل. هكذا يفكرون. إذا.. ينبغي أن تتعامل مع حالات اليأس هذه. التدبير الأخير يكون من خلال تبادل المعلومات بين أجهزة المخابرات. الحرب تستعملها للدفاع عن نفسك ضد الإرهاب. لا تستطيع أن تواجه الإرهاب بحرب. لكنك تستطيع الدفاع عن نفسك فقط باستعمال الأدوات العسكرية. هكذا يحارب الإرهاب.
داعش لا يمتلك حاضنة في مجتمعنا
السؤال الحادي والعشرون.. سيادة الرئيس لقد طلبت “داعش” من أنصارها في سائر أنحاء العالم القدوم إلى سورية والعراق ليعمروا ما يسمى الخلافة. كيف ترى مستقبل “داعش”…
الرئيس الأسد:
لا أعتقد أن “داعش” يمتلك حتى الآن حاضنة في مجتمعنا. دعني أتحدث عن سورية أولا.. حيث لا أستطيع أن أتحدث عن مجتمعات أخرى في منطقتنا.. لأنك عندما تتحدث عن “داعش” فإنك لا تتحدث عن قضية سورية.. فهو موجود في سورية.. والعراق.. ولبنان.. وليبيا.. ومصر. لكن فيما يتعلق بسورية فإنهم لا يمتلكون حاضنة.. إذا.. إذا أردت أن تتحدث عن المدى القصير فإنه ليس لـ “داعش” مستقبل. لكن على المدى المتوسط.. وخصوصا فيما يتعلق بالشباب والأطفال.. فإن أمام هذه المنطقة مستقبلا واحدا فقط هو مستقبل القاعدة.. أي “داعش”.. و”النصرة”.. والإخوان المسلمين. وهذه ستشكل الحديقة الخلفية لأوروبا.
السؤال الثاني والعشرون.. على المدى المتوسط والطويل.. هذا خطر جدا.
الرئيس الأسد:
بالطبع.. لأنك تستطيع اتخاذ التدابير ضد العديد من الأشياء.. لكنك لا تستطيع السيطرة على الايديولوجيا. عندما تزرع في الذهن.. يصبح من الصعب التخلص منها. ولذلك.. عندما تترسخ في الأذهان.. فإن هذا هو المستقبل الوحيد للمنطقة.
كحكومة لنا الحق بأن نطلب الدعم من أي دولة أو منظمة أو كيان يمكن أن يساعدنا في حربنا ضد الإرهاب
السؤال الثالث والعشرون.. “داعش” و”النصرة” يتلقيان الدعم من الخارج.. وأنت ذكرت تركيا.. وقطر.. والسعودية وغيرها.. لكن هناك جانبكم أنتم. حزب الله يقاتل معكم. هل تحتاجون لحزب الله هنا في سورية…
الرئيس الأسد:
أنت كمواطن سويدي لا تقبل أن يطلب منك أحد أن تقارن بين تيمور عبد الوهاب على سبيل المثال.. بوصفه إرهابيا.. وحكومتك.. بصرف النظر عما إذا كنت تتفق مع حكومتك أو تعارضها. الأمر نفسه ينطبق على شارلي ايبدو والإرهابيين والحكومة الفرنسية. لا تستطيع المقارنة. وهكذا.. لا نستطيع كسوريين أن نقبل بالمقارنة بين الدولة والمنظمات الإرهابية. مهمتنا مساعدة البلد.. والدفاع عن المواطنين.. بينما لا أعتقد أن هذا هو الدور الذي يلعبه “داعش” أو “النصرة” أو الإخوان المسلمين. في الواقع فإن دورهم أن يقتلوا ويرهبوا الناس وحسب. ولذلك لا تستطيع المقارنة.
ثانيا.. فإننا كحكومة لنا الحق بأن نطلب الدعم من أي دولة أو منظمة أو كيان يمكن أن يساعدنا في حربنا ضد الإرهاب.
ثالثا.. ولأنني عندما قلت إن الإرهاب لا يمكن أن يكون قضية محلية.. وإن من الخطأ النظر إليه كقضية محلية فإن الأمر الجيد هو أن يكون هناك تعاون مع مختلف القوى في المنطقة. على سبيل المثال.. فنحن كسوريين تعاونا مع العراقيين حتى قبل صعود “داعش” مؤخرا في الصيف الماضي في الموصل. قبل ذلك كان بيننا تعاون جيد.. تعاون استخباراتي وحتى عسكري.. ولسبب وحيد وهو أن العراقيين يعرفون أن الإرهاب سينتقل إلى العراق.. وهذا ما حدث في الموصل. ويحدث الشيء نفسه بالنسبة إلى لبنان. وهكذا.. فإن حزب الله يعي أن الإرهاب في سورية يعني إرهابا في لبنان.. وأن الفوضى هنا تعني الفوضى هناك. بالتالي.. فإن هذا النوع من التعاون مهم جدا لنا جميعا.
يتحدثون عن الأسلحة الكيميائية دون أن يكون لديهم دليل واحد على ذلك
السؤال الرابع والعشرون.. سيادة الرئيس.. مرة أخرى تتهمون بأنكم استعملتم الأسلحة الكيميائية في سورية. تم إجراء اختبارين لصحيفة “التايمز” ولجمعيات خيرية طبية. وكشف الاختباران أن قواتكم استخدمت الكلورين والسيانيد.. طبقا للتايمز والعفو الدولية.. على ما أعتقد.. ما قولكم في ذلك…
الرئيس الأسد:
لقد قلنا دائما إن هذا جزء من الحرب الدعائية ضد سورية منذ اليوم الأول.. شيطنة الرئيس وشيطنة الدولة لكسب عقول وقلوب الشعب السوري لصالح أجندتهم. لم ينجح ذلك.. وإذا أردت أن تقارن هذه الحرب الدعائية بما يحدث الآن في الغرب فيما يتعلق بأوكرانيا تجد أن الأمر نفسه يحدث.. شيطنة بوتين وتزوير العديد من الفيديوهات.. وأشياء لا تخبر الرأي العام في الغرب سوى بالأكاذيب. هذا هو الواقع. ينبغي أن يعي الناس في الغرب ذلك. وهذا لا يعني أننا لا نرتكب أخطاء.. أو أننا نقوم بأشياء خاطئة أو سيئة.. لكن في المحصلة.. فهذه حرب دعائية إعلامية لا تعكس الواقع في منطقتنا. إنهم يتحدثون عن الأسلحة الكيميائية دون أن يكون لديهم دليل واحد على ذلك.. وحتى الأرقام التي تنشر من قبل العديد من المؤسسات الأوروبية كجزء من الحرب الدعائية تفاوتت بين 200 ضحية و1400 ضحية. وهذا يعني أن هذه الأرقام ليست موضوعية ولا دقيقة. وحتى الآن ليس هناك دليل على أن أولئك الناس قتلوا بسبب هذا الهجوم. الدليل الوحيد الذي كان لدينا عندما قدمت لجنة من الأمم المتحدة هو أن غاز السارين استخدم في تلك المنطقة.. لكنهم لم يعرفوا كيف أو من قبل من.. ولذلك يستمرون في اتهام سورية. هذا غير واقعي لأنك إذا أردت استخدام أسلحة الدمار الشامل فإنك لا تقتل بضع مئات.. بل تقتل عشرات الآلاف من الناس.. وهذا قرب العاصمة وسيؤثر في الجميع. إذا العديد من الحكايات حول هذه القضية غير صحيحة.
ثانيا.. كنا نحن الطرف الذي طلب من الأمم المتحدة إرسال وفد للتحقق من هذه المزاعم.
السؤال الخامس والعشرون.. هل لا تزالون تفعلون ذلك…
الرئيس الأسد:
لقد فعلنا ذلك.. سورية هي التي طلبت من الأمم المتحدة.. وليس أي بلد آخر. عندما كان هناك دليل على أن الإرهابيين استخدموه في شمال سورية لم يحاولوا التحقق من ذلك. لم يذكروا ذلك. وهكذا فإن هذا جزء من الأجندة السياسية ضد سورية.
السؤال السادس والعشرون.. سيادة الرئيس.. كما تعرف.. هناك العديد من الاتهامات الخطرة ضد حكومتك فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان. ما مدى معرفتكم بالتعذيب الذي يجري في سجونكم هنا…
الرئيس الأسد..
عندما تتحدث عن التعذيب.. علينا أن نميز بين التعذيب كسياسة ممنهجة وحوادث منفردة يمكن أن يرتكبها أي شخص. عندما تتحدث عن سياسة التعذيب فإن المثال الأقرب هو فيما حدث في غوانتانامو.. في غوانتانامو كانت هناك سياسة تعذيب اتبعتها الإدارة الأميركية ووافق عليها الرئيس بوش ووزير دفاعه وباقي إدارته. في سورية.. لم تكن لدينا سياسة كتلك تحت أي ظرف كان. إذا أي انتهاك للقانون.. مثل التعذيب.. أو الانتقام.. أو ما إلى ذلك.. يمكن أن يكون ذلك حدثا منفردا يحاسب عليه مرتكبه. إذا.. هذا ما يمكن أن يحدث في أي مكان في العالم.. كأي جريمة أخرى.
السؤال السابع والعشرون.. هل تستطيع منظمة العفو الدولية أو الصليب الأحمر زيارة سجونكم هنا…
الرئيس الأسد:
قدم العديد من الصحفيين والعديد من المنظمات إلى سورية.. لكن إذا أردت أن تذكر اسما معينا يمكن أن يزور سورية فإن ذلك يعتمد على نوع التعاون القائم بين منظمة معينة وحكومتنا.. وذلك يعتمد أيضا على مصداقية المنظمة. لكن من حيث المبدأ.. فإن العديد من المنظمات والكيانات يمكنها أن تزور سجوننا.
السؤال الثامن والعشرون.. سيادة الرئيس: لقد قمت بتغطية الحرب في سورية على مدى السنوات الأربع الماضية. والتقيت مجموعات مختلفة ونشطاء كانوا ضالعين في الصراع. التقيت حتى بجنود من جيشكم هنا. بعض أولئك النشطاء ليسوا إسلاميين في الواقع. قيل لي إنهم يحاربون من أجل الحرية. ما الذي تريد أن تقوله لهم…
الرئيس الأسد:
لم نقل يوما إن كل مقاتل إسلامي. نعلم أنهم هم الطرف السائد الآن.. أعني الإرهابيين و”داعش” و”النصرة”. لكن إذا أردت التحدث عن الحرية.. فإن الحرية غريزة طبيعية في كل إنسان منذ أبينا آدم.. وهذا أمر مقدس لكل من يطلبه.. ولذلك من غير المنطقي وغير الواقعي وغير المنسجم مع طبيعة الأرض والناس أن يكون المرء ضد الحرية. لكن علينا أن نطرح بضعة أسئلة بسيطة. هل قتل الناس جزء من تلك الحرية… هل تدمير المدارس ومنع الأطفال من الذهاب إلى مدارسهم جزء من تلك الحرية.. هل تدمير البنية التحتية والكهرباء.. والاتصالات.. وأنظمة الصرف الصحي.. وقطع الرؤوس.. وتقطيع أجسام الضحايا جزء من تلك الحرية… أعتقد أن الجواب على هذا السؤال واضح جدا لكل شخص بصرف النظر عن ثقافته. إذا.. فإننا ندعم كل شخص يعمل للحصول على مزيد من الحرية.. بطريقة مؤسساتية.. وفي إطار دستور البلاد.. وليس بالعنف والإرهاب وتدمير البلاد. ليست هناك علاقة بين ذلك وبين الحرية.
السؤال التاسع والعشرون.. إنهم يتهمون الجيش السوري بارتكاب نفس الأشياء.. كما في حالة القتل وما شابه.
الرئيس الأسد:
عليهم إثبات ذلك. أعني أن الجيش يقاتل منذ أربع سنوات كيف يمكن أن تصمد في حرب ضد هذا العدد الكبير من البلدان.. بلدان عظمى وبلدان غنية.. بينما أنت تقتل شعبك.. كيف يمكن أن تستمر بالتمتع بدعم شعبك… هذا مستحيل. هذا مناف للواقع ولا يمكن قبوله.
تبنينا منذ البداية محاربة الإرهابيين وفي الوقت نفسه إجراء الحوار
السؤال الثلاثون.. سيادة الرئيس.. إذا تيسرت لك إعادة الزمن إلى عام 2011 وبداية الأزمة.. ومع استخدام ميزة معرفتك بما جرى.. هل كنت ستفعل أي شيء بشكل مختلف…
الرئيس الأسد:
علينا أن نتناول الأساسيات أولا. أعني أن الشيئين اللذين تبنيناهما منذ البداية كانا.. محاربة الإرهابيين.. وفي الوقت نفسه إجراء الحوار. بدأنا الحوار خلال العام الأول من الأزمة.. بعد بضعة أشهر من بداية الصراع في سورية.. دعونا الجميع إلى طاولة الحوار وتعاونا مع كل مبادرة قدمت من الأمم المتحدة.. أو من الجامعة العربية.. أو من أي بلد آخر.. بصرف النظر عن مصداقية تلك المبادرة.. فقط كي لا نترك طريقا دون أن نسلكه وكي لا نعطي أي شخص ذريعة للقول إننا لم نفعل هذا أو ذاك. وهكذا.. فقد جربنا كل شيء. ولذلك.. لا أعتقد أن بوسع أحد القول إنه كان ينبغي أن نمضي باتجاه مختلف.. سواء فيما يتعلق بالحوار أو بمحاربة الإرهاب. هذه هي الدعامات الرئيسية لسياستنا منذ بداية المشكلة. الآن.. أي سياسة بحاجة إلى التنفيذ والتطبيق.. وفي التنفيذ هناك دائما أخطاء.. وهذا أمر طبيعي. إذا.. التحدث عن فعل الأشياء بطريقة مختلفة يمكن أن ينطبق على التفاصيل أحيانا.. لكني لا أعتقد الآن أن السوريين كان يمكن أن يقولوا إننا لا نريد الحوار أو لا نريد محاربة الإرهاب.