كتب وفيق قانصوه لجريدة الأخبار، يروي مرجع سياسي بارز أن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لدى سؤاله عما إذا كانت بلاده قادرة على جمع النظام والمعارضة للتوصل الى حل في سوريا من دون دعم أميركي، أجاب: «بالتأكيد لا»، لافتاً إلى أن الأميركيين يدعمون الحراك الروسي. ولدى سؤاله عما إذا كان متفائلاً بإمكان أن يوصل هذا الدعم الى نتائج طيبة، أجاب: «بالتأكيد لا، لأننا نعرف أن واشنطن تضحك علينا!»
المصدر القريب من حزب الله يسوق هذه الرواية للتأكيد على أن لا صحة لكل التحليلات التي تشير الى احتمالات إجراء «بازار» إيراني ــــ سعودي بين اليمن وسوريا.
وفي المعلومات، لا التحليل، أن «الملف السوري، سياسياً، في الثلاجة. كل ما يجري من اجتماعات ومبادرات هو مجرد تعبئة وقت. والجميع، للأسف، مقتنع بأن لا حل في المدى المنظور ويمكن الوضع أن يستمر على ما هو عليه لسنوات». وأحد الأسباب الأساسية لذلك أن الأولوية الأميركية هي للعراق لا لسوريا، نظراً الى الترابط الجغرافي والسياسي بين الملفين، ولكون التعامل مع الساحة العراقية أكثر سهولة لجهة وجود أطراف ومكوّنات سياسية يمكن التعاطي معها، على عكس الساحة السورية التي يحتاج العمل فيها الى البدء من الصفر لغياب أي أطراف سياسية يمكن التعويل على التفاوض معها.
وعليه، بحسب المصدر نفسه، فإن «كل التطورات الميدانية الأخيرة وما سجّلته المعارضة من تقدم ميداني في بصرى الشام وإدلب وجسر الشغور، حتى ولو بدا وكأنه يأتي في سياق استراتيجية جديدة للمسلحين وداعميهم، لا يشكّل تعديلاً في موازين القوى الأساسي ولا يعدو كونه تحسيناً للمواقع، تماماً كما كان تقدم الجيش السوري وحلفائه في جنوب سوريا تحسيناً للمواقع بلا اثر سياسي»، ملمّحاً الى أنه «قريباً جداً جداً سيحصل ما يعدّل الموازين في الميدان»، في إشارة الى المعركة المنتظرة في جبال القلمون، ولكن دائماً «في سياق تحسين المواقع».
ويوضح المصدر: «ستحصل معركة كبيرة جداً، عنوانها تحصين القرى اللبنانية على السلسلة الشرقية والقرى السورية في جبال القلمون. وبالتالي، لم يقل أحد إن هدف المعركة إنهاء وجود المسلحين، ليس لاستحالة في تحقيق هذا الهدف، ولكن لأن المساحة الجغرافية التي ينتشر عليها هؤلاء كبيرة جداً، وبالتالي فإن التثبيت العسكري في هذه المنطقة يتطلّب إمكانات ضخمة وخططاً لوجستية معقّدة».
يؤكد المصدر أن هناك درجة عالية من الاطمئنان إلى أن لا انعكاسات سلبية لمعركة القلمون على الداخل، «لأن قرار الحفاظ على الاستقرار في لبنان لا يزال سارياً حتى الآن. الأمر الأميركي واضح لتيار المستقبل بأنه لم يعد مسموحاً اللعب بورقة السلفيين في الداخل، بدليل استمرار الاعتقالات وتوقيف الشبكات الإرهابية في صفوف هؤلاء. كما أن في هذا الاستقرار مصلحة واضحة لحزب الله. وعليه، الحوار بين حزب الله والمستقبل مستمر ولن يتوقّف وستكون له تأثيرات ايجابية سواء لناحية تخفيف الاحتقان أو لجهة تطبيق الاجراءات الأمنية كما حصل أخيراً في الضاحية». أما ملف الرئاسة، وهو إحدى نقاط هذا الحوار، فـ «لا أحد يتوقع حلاً له في المدى المنظور، خصوصاً أن هذا الأمر لا يشكّل ملفاً ضاغطاً على الوضع اللبناني، لا أمنياً ولا سياسياً، وهذا ما يعني ان لبنان قد يبقى بلا رئيس للجمهورية لسنة أخرى أو حتى لسنتين، وعلى البعض أن يكفّ عن ربطه بالاتفاق النووي بين طهران وواشنطن. إذا أراد الفريق الآخر حلاً لهذا الملف، الحل اسمه ميشال عون».
وعن موقف حزب الله من الاشتباك السياسي الحاصل حالياً حول ملف التعيينات لقادة الأجهزة الأمنية، يقول المرجع إن «عون محقّ في طلبه بصرف النظر عن الأسماء، وبالتالي لا خلاف معه حول موضوع قيادة الجيش. بالتأكيد حزب الله مع التعيين إذا ما طُرح الأمر، ولكن التمديد قد يحصل بقرار من وزير كما حصل في السابق. أما أي إجراءات يتخذها العماد عون رداً على قرار كهذا فيتم بحثها في وقتها في إطار التحالف بين الحزب والتيار».
في رأي المصدر أن «تقطيع الوقت» هو عنوان المرحلة الحالية في كل ملفات المنطقة المتشابكة، والتي ازدادت تشابكاً بعد العدوان السعودي على اليمن. والجميع منصرف اليوم الى جمع أوراقه وتدعيم مواقعه في انتظار أوان الحلول. الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران سيشكّل بالتأكيد موعداً مهماً، «ولكن هذا الاتفاق لا تزال حظوظ التوصل اليه تساوي حظوظ فشله. باراك أوباما جدي ولكن بسقوف عالية، والايرانيون جديون ولكن بخطوط حمراء واضحة». أياً يكن الأمر، من المؤكّد أن نقاش قضايا المنطقة بين الطرفين سيكون مؤجلاً الى ما بعد هذا الاتفاق، وهو نقاش سيكون بالمفرق وليس بالجملة، وبحسب الأهمية. ومن المؤكّد، أيضاً، أن ترتيب الملف اللبناني ليس ضمن الـ «توب تن».
عن موقع داماس تايمز