ولد ناظم حكمت في 7 شباط 1902 في مدينة سالونيك اليونانية لعائلة تركية عانقت النضال والأدب بتفاصيلهما، فأحبت جلال الدين الرومي، وحولت بيتها الى ملتقى لمريدي الشعر والطرب. وكان لناظم منذ صغره مكانه في الملتقى – مستمعا منصتا بانتباه لكل ما يُحكى ويُغنى. حتى جاء يوم فاجأ فيه الحاضرين بقصيدة مهداة إلى جلال الدين الرومي.
سافر ناظم عام 1922 الى موسكو، ودرس في جامعة "عمال الشرق"، وتمكن من توسيع آفاقه المعرفية والفلسفية. كما شارك في التظاهرات الثقافية والندوات الفكرية، واهتم بالسينما والمسرح، وارتبط بعلاقات حميمية مع كبار الشعراء، ومنهم مايكوفسكي.
عاد الى بلاده عام 1925 وكله امل في ان تحتضنه، غير ان امله تلاشى مع اكتشافه ان أفكاره الماركسية كانت محظورة لدى السلطات الجديدة في وطنه/ تركيا الجمهورية ما بعد العثمانية، بل وباتت مدعاة لاعتقاله! فغادر الوطن مجددا عائدا الى موسكو، حيث فتح ستارة المسرح لينشغل به، وتزوج موسكوفية.
عام 1928 عاد من جديد الى بلاده، وانصرف الى الشعر، واصدر العديد من الدواوين التي طلع بها مجددا حقيقيا للشعر التركي.
وفي عام 1938 اعتقل بسبب نشاطه السياسي، وحكم عليه بالسجن خمسة عشر عاما. وفي السنة التالية حكم عليه بعشرين عاما اخرى، بسبب جرأته وسخريته امام المحكمة من الجيش وقوله: "الجيش يخاف الشعر". وبين عامي 1938 و1950 قضى ناظم حكمت اقسى فترة في حياته، حيث كان عليه ان يواجه بشكل يومي بشاعة الجلادين وبطشهم. ورغم هذا كله واصل كتابة الشعر، وعكست قصائده مأساة السجن التي فرضت عليه، والازمات التي كان يعيشها العالم. وكان زملاؤه السجناء يسمونه "المعلم"، فيما يسميهم هو "اخوتي".
عام 1950 قرر ناظم حكمت الاضراب عن الطعام. وعلم بذلك رفاقه وأصدقاؤه في باريس، فخرجوا في مظاهرات تضامنا معه واحتجاجا على وحشية النظام التركي. وشهدت تركيا ذاتها العديد من التظاهرات المطالبة باطلاق سراحه دون قيد او شرط. وبفعل هذه الضغوط – الخارجية والداخلية – خرج ناظم حكمت من السجن. الا ان السلطات بذلت كل جهدها للتضييق عليه، ففرّ الى موسكو من جديد، ومن هناك راح يطوف في بلدان اوربا الشرقية، مردداً قصائده التي حُبست ومُنعت من البوح طويلا، وناشطا في منتدياتها الثقافية، ومقدما عروضا لمسرحياته، ومساهما في اللقاءات والنقاشات الفكرية والثقافية والسياسية.
ظل ناظم حكمت في حل وترحال في بلدان اوربا الشرقية حتى عام 1952، حين فاجأته نوبة قلبية، فاضطر الى العودة الى موسكو. وهناك قضى شهرين في الفراش حتى تعافى، فعاود اسفاره من جديد، وحل في مصر وسوريا وكوبا وفرنسا، واهباً كل ما لديه من ثمار الابداع للناس الذين احبهم واحبوه، ومقاوما مرضه المتفاقم، الذي تمكن منه في النهاية في 3 حزيران 1963.
ومما تركه : الأعمال الشعرية الكاملة ورواية ( الحياة جميلة يا صاحبي ) .
إعداد : محمد عزوز