عبد اللّه أحمد – خاص بتوقيت دمشق
إنّها حرب وجود… وفي لحظة الحقيقة نستحضر التاريخ ونستخلص العبر، فالطريقة وعرة وممراتها قاسية، لكنّها واضحة المعالم والهدف.. غير أن الوصول إلى المرتجى لا يكون إلاّ من خلال عقيدة وإيمان راسخين.
إنه الصراع الأبدي ما بين الخير والشر.. ما بين السعي إلى الحرية الأبدية، بمقابل من يريد لنا العبودية الأزلية.
حرب الوجود التي تستهدف سوريا الإنسان والحضارة… سوريا التنوع والوجود. حربٌ تستخدم فيها كل الأدوات والأقنعة، والعزازيل "الشياطين" تصرخ وتهول، وتظهر على هيئة بنى البشر، في محاولة الإغواء الأخيرة.. فتارة البغدادي، وتارة الجولاني.. وعلوش والفاتح، وفيصل القاسم، والجزيرة وأخواتها، والقائمة تطول… صراخ وتهويل وتَزين، في محاولة يائسة لتشويه الواقع والماضي، ورسم مستقبل العبودية لشرق يستمدّ منه العالم عبق الحياة والإشراق.
المحاولات عبر التاريخ لا تنتهي (محمد عبد الوهاب، والفكر الوهابي الهدّام… الإخوان وسيد قطب…داعش والنصرة وأخواتها… وصولا وتقاطعا مع عائلة روتشليد ومنظومة البدع التي أنشئتها وروجت لها ).
صناعة الإعلام وأثرها في صناعة وتوجيه الرأي العام، من أهم الوسائل والأدوات المستخدمة في الحروب المختلفة سواء أكانت عنيفة أم ذكية أم ناعمة.
يُسخّر الإعلام الغربي كافة إمكانياته لترويج أفكار ومفاهيم تخدم الاستراتيجيات الغربية في السيطرة على العالم، من خلال التركيز على بعض المفاهيم الثانوية بهدف التضليل والتسطيح.
حيث يتم التركيز على "الجنس والنوع والهرمونات والمعتقدات" كمحرك وسبب أساسي للعنف والجريمة، حتى يتحولان إلى شيء طبيعي، كنتاج لتطور الجنس البشري.
وفي إسقاط لمقاربة الإعلام الغربي والمعادي لأحداث المنطقة، نرى أن الغرب يصوّر الصراع على أنه صراع مذهبي طائفي، وبأن ظهور التنظيمات الإرهابية "القاعدة، وداعش، والنصرة …الخ " هو نتيجة الاضطهاد الطائفي، وسياسات التهميش، وبأن الولايات المتحدة هي المخلّص، لأنها القادرة على التدخل والاحتواء، ونظرا لكون الاذرع الإعلامية الغربية الممتدة والمهيمنة تبني هذا المفهوم من خلال المحطات الناطقة بالعربية التابعة لها، فقد تحول ليصبح ايديولوجية وفكرة ومنهج، ضمن استراتيجية حرف المجتمعات عن مسارها الطبيعي إلى مسار الصراع الأبدي من خلال ترسيخ فكرة الصراع المذهبي.
كما تم الترويج لتنظيمات "داعش" و"النصرة" من خلال المبالغة في تصوير قوّتها وحتمية سيطرتها على مناطق معينة، ورسم خطوط حمراء لتوسعها باتجاه لا يمس مصالح الولايات المتحدة، وإيهام العالم بأن الولايات المتحدة والتحالف المفترض يقاوم هذا التنظيم ، وعلى نطاق واسع، ودعمها إعلامياً من خلال ترويج العنف وحضانة إعلامها الجديد.
من جهة أخرى يعمل الإعلام الغربي وبشكل منهجي من خلال ترويج مشاهد الجريمة والعنف لهذه التنظيمات، وبنفس التقنيات والمنهجية التي تعتمدها "داعش" و"النصرة" لتخويف الشعوب الغربية، وإيجاد المبرر للتدخل في الشرق الأوسط والعالم بحجة مكافحة هذه التنظيمات.
إلا أن الأخطر في الحرب الإعلامية الغربية والعربية التابعة لها، هو استهداف الفكر القومي والوطني، وشيطنة الشخصيات الوطنية، ومحاولة رسم تصوّر ورأي عام يساوي بينها وبين هذه التنظيمات.
يستخدم الإعلام الجديد، تقنيات الصورة والزوايا والمؤثرات الصوتية التي تنتشر وبتشبيك مدروس باستخدام التقنيات الرقمية الجديدة ، وبتبني من الإعلام التقليدي من خلال سيناريوهات محترفة في تشويه الواقع.
الإعلام الوطني والإعلام المقاوم لعب دورا مهما في مواجهة الحرب الإعلامية، إلاّ أنه لم يرقى بعد إلى المستوى المطلوب، لاعتماده أسلوب ردات الفعل، والتي افتقرت إلى التكافؤ في مواجهة امبراطوريات إعلامية معادية ، وكون هذا الإعلام أيضا لم يرقى إلى مستوى الطموح ، بسبب إهمال "الإعلام الحربي" المنهجي، كما هو الحال بالنسبة للإعلام الجديد، إضافة إلى كمّ من الأخطاء في نقل الصورة من زوايا خاطئة أحيانا، على الرغم من الإمكانيات المتوفرة.
لقد أطلق الغرب فيروس "داعش" ويستثمر فيه على الأرض، وسوف يحتاج العالم إلى سنوات طويلة لاحتواء هذا الفيروس، وهذه المرحلة من الحرب العظمى تستدعى التعبئة الإعلامية والسياسية والعسكرية، ولا بدّ من أن ندرك جميعا أن الخطر جسيم، ولابدّ أيضا من أن نربح حرب الأفكار بالتوازي مع الحسم العسكري على الأرض.
الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى لمشروع إعلامي متكامل لمواجهة إعلامية ترتقي إلى مستوى التحديات، وتواجه حرب الأفكار والتشوية والتضليل الممنهج الذي يتقنه الغرب، وعلينا جمعيا من خلال الإعلام الجديد والتقليدي أن نظهر حقيقة هولاء الأبطال من جنود الجيش العربي السوري الذين سطّروا بطولات لم يشهد التاريخ مثيلا لها، وكم من الأبطال لدينا "آلاف الأبطال"، فصورة وهيئة هذا الجندي البطل هي التي يجب أن تظهر وترسخ، كما هو حال القادة الأفذاذ الذين يديرون هذه الحرب.
إلاّ أننا لا يجب أن نهمل الدراما، ولا بدّ من إعادة النظر بما تمّ ترويجه واعتماده سابقا من دراما تصوّر البيئة الدمشقية والسورية بشكلٍ مُضلل، في إطار مشاريع تشويه التاريخ السوري والعربي كمقدمة لتوجيه الرأي العام والمجتمع لخدمة المشاريع الغربية.
لدنيا مقومات القوّة، ونحن ننتصر على المستوى الاستراتيجي، فالجيش العربي السوري هو الأقوى، وهو صاحب الكلمة الفصل في الميدان، وعلينا أن نمدّه بمقومات القوّه من خلال الدعم بمختلف أنواعه وبالأخص الدعم الإعلامي.