بيان المندوب السوري في مجلس الأمن حول الطفولة والنزاعات
————————————————————–
لو كان مجلس الأمن رجلا لطلبت عرضه على لجنة طبية لفحص الحواس الخمسة التي تتصرف بشكل عجائبي غريب .. فهو لايرى .. ولايسمع .. ولايتكلم .. ولايحس .. ولايشم .. عندما يتعلق الأمر بما تفعله اسرائيل .. وداعش
ولكن حواسه كلها تستيقظ دفعة واحدة عندما يتعلق الامر بالبحث عن ادانة الحكومة السورية .. كما يرد بالتفصيل في بيان الدكتور بشار الجعفري المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية في الأمم المتحدة ..
فمجلس الأمن هو الذي جعل من قصص البراميل المتفجرة الكاذبة سلسلة روايات خيالية بقبوله لتقارير لامصداقية لها كما فعلت الجزيرة بحكاية اقتلاع أظافر أطفال درعا التي عجزت عن اظهار صورة واحدة لهم حتى اليوم .. ولكنها تتحدث عنها كحقيقة نزلت مع النظرية النسبية ..
تخيلوا مثلا أن العالم سمع بما فعلته داعش بآثار حضارات بلاد مابين النهرين وسورية .. ولكن العالم الذي يحتاج الى فحص حواس شامل لم ير ولم يسمع ولم يشم ولم يحس ولم يتكلم عن سلوك دواعش اسرائيل على ضفاف بحيرة طبرية الذين أحرقوا كنيسة (السمك والخبز) في الجليل الفلسطيني الأعلى منذ أيام .. وهي الكنيسة التي أخذت اسمها من حادثة اطعام السيد المسيح المساكين الخبز والسمك ..دواعش اسرائيل يكملون مابدأه دواعش السلطان ودواعش بن عبد الوهاب ..
تخيلوا أيضا أن القتلة والمجرمين من ثوار تركيا والسعودية أطلقوا خلال الأيام الماضية 7000 قذيفة هاون وصاروخ على أحياء سكنية في حلب ودمشق .. ومع ذلك فان مجلس الأمن الأعمى والأصم والأبكم والذي لايحس ولايشم رائحة الدم البريء للأطفال كان يثرثر ممثلوه عن سلوك الحكومة السورية بحق الطفولة التي ينتهك حقوقها وحياتها .. والسؤال هو: ان كانت هناك اسطورة البراميل المتفجرة حقيقة فكم برميلا متفجرا تعادل 7000 قذيفة هاون وصاروخ على الأطفال ومدارسهم وعائلاتهم؟؟ بفرض أن البرميل يعادل عشرة قذائف وصواريخ فان مجموع ماألقته المجموعات المسلحة يعادل 700 برميل متفجر في ايام .. ولم ينبس أحد ببنت شفة ..
وتخيلوا أن داعش تحتل أكثر من 532 مدرسة جنوب مدينة الحسكة وتستعملها مقرات ومراكز تدريب لها وللانتحاريين ولكن ممثلة اللوكسمبورغ لم تلحظ ذلك .. وقررت على مبدأ احصائيات فيصل القاسم ولوغاريثمياته الخيالية أن الحكومة السورية دمرت ثلثي مدارس البلاد لتحرم الاطفال من حق التعلم دون أن ترى ممثلة اللوكسمبورغ فيها مدفعا ولا لحية واحدة .. وكأن ممثلة لوكسمبورغ دارت بنفسها في سورية ومرت في جولة بين الدواعش وأشباه الدواعش من النصرة وجيش الاسلام الذين كانوا يعلمون الأطفال أغنيات عيد الميلاد وبابا نويل في تلك المدارس والذين سمحوا لها باجراء البحث والدراسة دون ان تمسها الأيدي الشبقة وتداعب جسدها الأصابع المؤمنة ودون أن تسبى وتباع لبعض الأمراء .. ووضعت تقريرها دون أن نعرف كيف وصلت الى هذه الاحصائية التي لاشك أن فيصل القاسم سيحس بالحسد والغيرة لتجاوزها احصائياته الكاريكاتيرية في برنامجه الكاريكاتيري ..
الأطفال السوريون يخطفون من آبائهم ومن المدارس لصناعة قنابل متفجرة من أجسادهم عبر تحويلهم الى انتحاريين .. وهذا ماحدث مع سكان قرية قلب لوزة الذين تمردوا على رغبة النصرة في خطف ابنائهم لتحويلهم الى قنابل بشرية موقوتة فعاقبتهم النصرة بمجزرة مروعة لاتنافسها داعش في وحشيتها ..
لو كان أبو الطيب المتنبي (الذي هزت بيته في حلب أصوات 7000 قذيفة دون أن يرف لمجلس الأمن جفن ولا رمش) لو كان في مكان الدكتور بشار الجعفري في مجلس الأمن الذي كان يرسل الكتاب تلو الكتاب الى المجلس ليوقظه .. لشطب بيت شعره الشهير الذي يمكن أن يستعمله الجعفري محتجا بغضب على بلادة مشاعر مجلس الأمن .. ليقول .. يامجلس الأمن:
أنا الذي نظر الأعمى الى كتبي …. وأسمعت كلماتي من به صمم
لأن المتنبي سيضيف للجعفري ناصحا وهو يبتسم ويربت على كتفيه:
الا مجلس الأمن ياابن أخي .. فكم من داعش تحشى بها الأمم ..
ياجعفري .. هذا مجلس كله جيف .. وشحم كله ورم
===================================
فيما يلي بيان الدكتور بشار الجعفري مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة وفي البيان تفاصيل هامة مفيدة للاطلاع عليها ..
شكراً السيد الرئيس،
واسمح لي أن أهنئ معالي وزير الخارجية الماليزي صديقي السيد "داتو سري حنيفة أمان" على ترأسه لهذه الجلسة الهامة، وعلى ترأس بلاده ماليزيا لأعمال مجلس الأمن لهذا الشهر.
اسمحوا لي أيها السادة، وقبل أن أقرأ بياني، أن أطلعكم على أمرين هامين، أولهما قيام قطعان "داعش" من المستوطنين الإسرائيليين بحرق كنيسة "السمك والخبز" على ضفاف بحيرة طبريا في منطقة الجليل الأعلى شمال فلسطين، وهي الكنيسة التي سُميت بهذا الإسم تخليداً لإطعام السيد المسيح الخبز والسمك للمساكين، كما كتب قطعان "داعش" من المستوطنين الإسرائيليين على جدرانها عبارات مسيئة للبشر وللأديان. والأمر الآخر هو ما نشرته صحيفة "جمهورييت" التركية وكشفها عن تراجع النظام التركي عن إرسال مليون من لفافات أسلاك التفجير (صواعق التفجير) التي كانت معدّة لإرسالها إلى المجموعات الإرهابية المسلّحة في سوريا عن طريق الأردن. وأنا أضع هذين الأمرين برسم الدول الأعضاء في هذا المجلس.
السيد الرئيس،
في الوقت الذي تستقبل فيه الحكومة السورية المبعوث الخاص دي ميستورا في دمشق، وذلك استكمالاً لالتزاماتها الجدية في القضاء على الإرهاب وإيجاد حل سياسي سوري للأزمة، أمطرت المجموعات الإرهابية المسلحة، والتي يحلو للبعض تسميتها بـ "المعتدلة"، مدينتي حلب ودمشق وريفهما بشتى أشكال الصواريخ والقذائف والهاون وتفجير السيارات المفخخة خلال اليومين الماضيين، لم يوفروا حياً سكنياً ومدرسة ومستشفى إلا واستهدفوه، الأمر الذي أدى لمقتل وجرح مئات المدنيين غالبيتهم من الأطفال والنساء، وهو ما كان موضوع رسالتينا المتطابقتين الأخيرتين اللتين قمت بتوجيههما إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام بتاريخ 16 حزيران الجاري، آملين أن يتم أخذ المعلومات الواردة فيهما على محمل الجد من قبل القائمين على هذه المنظمة الدولية وألا يتم تجاهلهما في معرض تقاريرهم المستقبلية، وهي معضلة واجهناها في التقارير السابقة ولا زلنا نواجهها في تقرير الأمين العام المعروض علينا اليوم.
سقط أيها السادة خلال اليومين الماضيين أكثر من 7000 قذيفة هاون وصاروخاً على أحياء بدمشق وحلب، وقد يكون هذا الرقم مفيداً لمندوبة لوكسمبورغ لتحسين ثقافتها بعض الشيء حول ما يجري في بلادي سوريا.
السيد الرئيس،
نطَّلع اليوم على التقرير الثالث من نوعه الذي يصدره الأمين العام، بناءً على توصيات ممثلته الخاصة السيدة زروقي، حول "حالة الأطفال في النزاعات المسلحة". تقارير من المفترض أن تأخذ بالاعتبار المعلومات الواردة إليها من جميع الأطراف ذات الصلة، وخاصة الحكومات المعنية، بما فيها الحكومة السورية عندما يتعلق الأمر بحالة الأطفال في سوريا.
ولكن للأسف ماشهدناه على مدى السنوات الماضية، وبرغم تعاون الحكومة السورية الوثيق مع الممثلة الخاصة ومكتبها، هو تجاهل مريب من الممثلة ومكتبها لعشرات المراسلات والدلائل الحكومية الموثّقة التي دحضت مجموعة من المزاعم التي وردت سواء في هذا التقرير أو في سابقيه. لقد أرسلنا قوائم بأسماء الأطفال الذين استشهدوا، والمدارس والمشافي التي هاجمها الإرهابيون، ولم نترك صغيرة ولا كبيرة تتعلق باختصاص الممثلة الخاصة إلا وأرسلناها لها. وقد زوّدت الحكومة السورية مكتب الممثلة الخاصة وفريقها للرصد والإبلاغ بمئات، إن لم يكن آلاف، الحوادث الموثقة بالتاريخ والمكان والأسماء والتي تم ارتكابها من قبل إرهابيي الجماعات المسلّحة ضد أطفال سوريا منذ بدء الأزمة. وكان آخر تلك المراسلات بتاريخ 30 آذار 2015 حيث تضمّنت رداً تفصيلياً على ما تم إيراده من انتقادات ومزاعم ضد الحكومة السورية في مسودة نسخة التقرير الحالية. ومع ذلك، لم يتم الأخذ ولو بجملة أو حادثة واحدة من كل تلك الوثائق والبراهين والقرائن المرسلة إليها، الأمر الذي يؤكد مشاغلنا من أن هناك تجاهلاً متعمداً يسيء لصورة معدي التقرير ويمس نزاهتهم…
كل ما سبق يوصلنا لنتيجة مفادها أنه: أياً كان المسؤول عن كتابة تلك التقارير، فقد بات أداة في يد بعض الدول النافذة في هذه المنظمة الدولية لتشويه صورة الحكومة السورية، وبالتالي لن يقبل أية توصية ما لم تكن تلك الدول موافقة عليها، وهذا تماماً ما يفسر التجاهل غير المبرر لرفض التوصية بإدراج قوات الاحتلال الإسرائيلي في مرفق التقرير كطرف مسؤول عن قتل آلاف الأطفال الفلسطينيين على مدى العقود الستة لهذا الاحتلال، وتجاهل ممثلي الأمين العام على مدى سنوات لذكر أي إشارة لمعاناة الاطفال السوريين الرازحين تحت نير ذات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان السوري المحتل لأكثر من 4 عقود، على الرغم من اعتماد الجمعية العامة قرارين خاصين بالجولان السوري المحتل في كل دورة من دوراتها.
السيد الرئيس،
يبدو مما سبق ذكره أن العنوان العريض لهذا التقرير ليس إلا "تجاهل الحقائق" وتقديم أرقام الضحايا فحسب، فهو يتجاهل الجذور الحقيقة للأزمات وينكر دور الدول الراعية للإرهاب والمسبب الرئيسي في انتشاره واستفحال آثاره الجسيمة ضد أطفالنا، خاصة تجنيدهم من قبل التنظيمات الإرهابية المعتدلة والمتطرفة في آن معاً. وبالتالي، الاكتفاء بسرد أمثلة، بعضها قد يكون صحيحاً وبعضها الآخر منقولاً عن تقارير غير موثقة، كل ذلك بهدف شيطنة الحكومة السورية وسلبها مسؤوليتها الأساسية في حماية شعبها ومن بينهم الأطفال، وإعادة تدوير تهمة "الإرهاب" كي توجه سهامها إلى الحكومة السورية التي تكافح الإرهاب، وليس إلى رعاة الإرهاب أنفسهم…
السيد الرئيس،
في سوريا، وفي مخيمات الدول المجاورة، تنوعت أشكال تجنيد الأطفال واكتسبت هذه الأشكال مظاهر دموية غير مسبوقة، استهدفت حتى الطفل بعمر الرابعة. فلم يكن ضرباً من الخيال ما شاهده الجميع في أفلام "داعش" الترويجية، والتي ظهرت بشكل متكرر خلال الفترة الماضية على وسائل الإعلام، وهي تصور أطفالاً، بعضهم لا يتجاوز العاشرة من العمر، ينفذون إعداماً جماعياً بحق عشرات المعتقلين لدى هذا التنظيم الإرهابي، عن طريق رميهم بالرصاص أو قطع رؤوسهم. وقد تتساءلون، كيف وصل الأمر بهؤلاء الأطفال إلى ارتكاب هذا النوع من المجازر الوحشية التي لا يقبلها عقل بشري؟ بكل أسف، لقد تمكنت المجموعات الإرهابية المسلحة، على اختلاف مسمياتها، وبدعم خارجي سياسي وإعلامي منقطع النظير، من زرع أفكار التطرف واللا إنسانية في عقول أطفالنا، بعد اختطافهم من أهاليهم، وتلقينهم أفكارهم الإجرامية من خلال استحداث "نظام تعليمي تكفيري وهابي" يتماهى مع توظيفهم الإجرامي للدين الإسلامي. وفي آخر مثال على ذلك شهدنا المذبحة الدنيئة التي نفذها عناصر تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي بحق أكثر من 40 سوري مدني في قرية "قلب اللوزة" في ريف إدلب مطلع الأسبوع الماضي، أكثر من نصف هؤلاء الضحايا كانوا أطفالاً، والسبب كان لرفض الأهالي تجنيد أطفالهم في صفوف تنظيم "جبهة النصرة" الإرهابي. وفي هذا الصدد، فإن وفد بلادي يؤيد اضافة جريمة خطف الأطفال كانتهاك جسيم وتحديد الطرف المسؤول عن ارتكابه الى مرفق تقرير الأمين العام السنوي. ويجب التذكير هنا بأن جرائم خطف الأطفال من قبل التنظيمين الارهابيين "داعش" و "جبهة النصرة" تعود جذورها الى القرون الوسطى عندما اعتمدها السلاجقة والعثمانيون لانشاء الجيش الانكشاري آنذاك.
ومع ذلك، تستمر الحكومة السورية ببذل كل الجهود الممكنة وتسخير كافة الموارد لحماية أطفالها من هذا الفكر الإرهابي المتطرف وتلبية احتياجاتهم بفترات قياسية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، تمكنت الحكومة السورية من إعادة افتتاح 207 مدارس في ريف الحسكة بعد أن كانت الجماعات الإرهابية قد سيطرت عليها، إلا أن أكثر من 532 مدرسة لا زالت مغلقة في جنوب المحافظة نفسها بأمر من إرهابيي "داعش" الذين يستخدمون المدارس مقرات لهم ومراكز لتخزين السلاح فيها، ثم يخرج علينا ممثلون للأمين العام يتهمون الحكومة السورية باستهداف المدارس من دون أن يشرحوا ماذا يوجد في هذه المدارس ومن يستخدمها لغايات الإرهاب!!!! وهذه النقطة فاتت الممثلة الخاصة، وفاتت أيضاً مندوبة لوكسمبورغ التي كنا قد طالبناها على مدار عامين خلال شغل بلادها لعضوية مجلس الأمن، وعلى سبيل امتحان حسن نواياها، بإرسال كراسي متحركة لذوي الاحتياجات الخاصة. وطبعاً لم تفعل ولم تقدّم أي شيء، بينما نجدها اليوم تستخدم هذا المنبر للإدعاء بأن الحكومة السورية قد دمرت ثلثي عدد المدارس في سوريا، وكأنّها شاهد عيان على ذلك وأحصت تلك المدارس المدمرة ومن ثم وصلت إلى تلك القناعة.
كما لم تأل الحكومة السورية جهداً للتعاون مع فريق الممثلة الخاصة القطري المعني بالرصد والإبلاغ، ودأبت على تزويده بمعلومات موثقة عن مئات الجرائم والانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية المسلحة في سوريا، على أمل القيام برصد فوري لكشف ملابسات تلك الجرائم، إلا أننا لم نرى أي خطوة فعالة ملموسة في هذا المجال حتى الآن.
وختاماً السيد الرئيس، هو وقف سياسات حكومات الدول الراعية للإرهاب وبعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن للأسف، واتخاذ التدابير الفعالة لمحاسبة حكومات تلك الدول وإنفاذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وآخرها القرار 2199، ومن ثم دعم جهود الحكومة السورية في إعادة تأهيل الأطفال الضحايا وإدماجهم في مجتمعاتهم، وإلا فإن ذخيرة الحرب ووقودها سيستمران بالتدفق من خارج سوريا، وستتربى أجيال جديدة في سوريا وخارجها على خلفية صور الدم والعنف مما يسهل أجندات التنظيمات الإرهابية ويخدم دعايتها وأجندات مشغليها ويؤدي إلى استمرار الأزمات وتصديرها إلى العالم…..
شكراً…..