في مثل يوم أمس من العام 2014، صار هناك ما يسمّى «الدولة الإسلاميّة في العراق والشام» وصار لها قائد يسمّى «الخليفة أبو بكر البغدادي»، بعد قرون من اندثار الخلافة الإسلاميّة.
عام واحد كان كفيلاً بأن يثبّت تنظيم «داعش» قدميه في العراق وسوريا، وأن يتمدد في كل دول المنطقة، لا بل نحو الكثير من أرجاء المعمورة شرقاً وغرباً.
حتى هذا اليوم، لم «ينعم» لبنان بـ«ولاية» أو «أمير» منفصلين عن إمارات سوريا وأمرائها، بل ما زال «بلد الأرز» يأتمر بأمرة أمير قاطع القلمون السعودي عمر سيف الملقّب بـ «أبو سياف الجزراوي»، الأمير العام السابق لـ«الكتيبة الخضراء» التي كانت تضمّ العدد الأكبر من الانتحاريين والانغماسيين.
ويتبع «الجزراوي»، بدوره والي دمشق أبو أيوب عبد الهادي العراقي، الضابط السابق في الجيش العراقي، الذي ترك العراق متوجّهاً إلى ساحات القتال تحت جناح «القاعدة» قبل أن تعتقله القوات الأميركيّة ليكون بذلك أوّل عراقي يدخل إلى سجن غوانتانامو.
ويولي «التنظيم» أهميّة للبنان. ولذلك، أنشأ هيكلية أمنيّة وتنظيميّة تضم أكثر من 10 مجموعات أساسية، وأرسل «مهاجرين» من ذوي الخبرات إلى لبنان لتنفيذ الأعمال الإرهابيّة، مبتعداً عن تعيين لبنانيين في المراكز القياديّة الأساسية.
وكان لافتا للانتباه أن أسماء معظم قادة هذه المجموعات وعناصرها لم ترد على لسان الموقوفين لدى القضاء العسكري اللبناني من «الدواعش»، ما يبيّن أن «التنظيم» ينتهج أسلوب الخلايا العنقوديّة.
ويبدو واضحاً أن «داعش» لا يترك تفصيلاً في لبنان إلّا ويتابعه وعينه شاخصة على النواب والوزراء وسائر الأجهزة الأمنيّة، وصار لديه أرشيف مفصّل عن معظم سياسيي لبنان وأمنييه بعد إنشائه مجموعات لا عمل لديها سوى مراقبتهم ورصدهم.
ثلاث مجموعات أساسية
وبحسب المعلومات، فإنّ الهيكليّة الأمنيّة والتنظيّمية الأساسيّة لـ «داعش» في لبنان كانت تتألف من أكثر من 40 إرهابياً، ثم ارتفع عديدها في العام 2015. ومن أبرز هؤلاء: المسؤول عن المجلس التنفيذي السوري جلال عاصم الحيالي، المسؤول عن تأمين انتحاريين العراقي محمّد قاسم الجيلاني، المسؤول عن التفخيخ السوري عبد الرحمن الأسعد، المتخصّص بسجناء رومية العراقي خالد الأجذع (لم يكن من نزلاء رومية)، المسؤول عن عمليات رصد الجيش اللبناني رأفت خضر الذويدي الملقّب بـ «أبو فأس»، المسؤول عن ملفّ الأجهزة الأمنيّة أيمن عبد الرؤوف،… هذا بالإضافة إلى شخصيات قياديّة مثل إسحاق الواقي، سهيل أبو عبدالله، أحمد المصري الملقّب بـ «أبو جعفر»، خالد السوافين، وحرار العوقلي.
وتحت إمرة هؤلاء، تعمل مجموعة أسامة الأطرش التي أوكلت إليها مهّمة استهداف الجيش والأجهزة الأمنيّة وتتفرّع عنها ثلاث مجموعات:
÷ المجموعة الأولى متخصّصة بمتابعة ورصد ضباط مخابرات الجيش اللبنانيّ وعناصرها، وهي مؤلّفة من: المسؤول والخبير في شؤون الاتصالات التونسي أحمد بورويس، سالم محمّد (مواليد 1973)، إيهاب نعيم الخالدي (مواليد 1974).
÷ المجموعة الثانية متخصّصة بمتابعة ضباط الأمن العام اللبنانيّ وعناصره، وتضمّ: السوري حسام محمّد الخطيب (مواليد 1974)، زهير محمّد قيس (مواليد 1981)، التونسي صالح رأفت سراج (مواليد 1985).
÷ المجموعة الثالثة متخصّصة بمتابعة ضباط فرع «المعلومات» وعناصره في قوى الأمن الداخلي، وتتألف من: العراقي أحمد عائد شريف (مواليد 1981) والسوري جلال محمّد قبلاوي (مواليد 1987).
وبالإضافة إلى المجموعات المكلّفة بمتابعة الأجهزة الأمنيّة، فقد أنشأ «التنظيم» مجموعة لوجستيّة بقيادة اليمني يوسف الوسامي المناط به أيضاً متابعة المجموعة المكلّفة بمراقبة الوزراء والنواب، وتضم الفلسطينيين كرم أبو حلقة وجمال خالد العويدات والتونسي زيد أبو رزق.
كذلك لم تهمل «داعش» خبرة القيادات المنضوية في «كتائب عبد الله عزّام»، التي كانت من أوائل الجماعات الإرهابيّة التي عملت في الداخل اللبناني بعد اندلاع الأزمة السورية، ولذلك، فإن بعض قيادات الجناح العسكري لـ«الكتائب» الذين بايعوا البغدادي يعملون في الساحة اللبنانيّة وتحت جناحه، ومن أبرزهم: عادل عبد الرزاق، خليل المكي الملقّب بـ«أبو حمزة»، أحمد عبد الغني، سهيل أحمد اليمني، خير الدين المعتصم، ومحمّد عبد الصمد.
كما تضمّ هيكليّة «التنظيم» في لبنان مجموعة الرصد، مجموعة تركيب العبوات ومجموعة الانتحاريّين.
«داعشيات» لبنانيات!
وإذا كان «داعش» قد قرّر أن يبعد اللبنانيين المبايعين عن العمل في هيكليّته التنظيميّة الداخليّة، فإنّ ذلك لا يعني أن هؤلاء همّ قلّة قليلة أو مبعدين عن العمل داخل «الساحة اللبنانيّة». فبعد عام على انطلاقته الفتيّة، صار لـ«التنظيم» عشرات القياديين من الجنسيّة اللبنانيّة وهم يأتمرون بأمرة «قاطع القلمون».
وبحسب المعلومات، فإنّ الهيكليّة التنظيميّة الأساسيّة لـ«داعش» في القلمون تضم مجموعات تتألف معظمها من لبنانيين ومهمّتها أيضاً العمل في الساحة اللبنانيّة، فيما اللافت للانتباه هو عمل إمرأتين لبنانيتين في إطارها.
وهذه المجموعات مقسّمة كالآتي:
÷ مجموعة تابعة لـ «الجزراوي» مباشرةً، وتضمّ 11 لبنانياً و5 من جنسيات أخرى. ويظهر أنّ هذه المجموعة قد تفكّكت جزئياً بعد أن استطاعت الأجهزة الأمنيّة القبض على 4 من أفرادها (3 منهم في شهر آذار الماضي). وهم:
– الشيخ طارق الخياط الملقّب بـ «أبو رمزي» أو «عبد الله الأردني»، المتواري عن الأنظار حالياً. ويتردّد أنّه المسؤول الشرعي لـ«داعش» في الشمال، وقد ألقت الأجهزة الأمنيّة منذ سنة القبض على ابن الخياط البالغ 19 عاماً بتهمة الانتماء إلى «داعش».
– عبد الله الجغبير الملقب بـ«أبو هاجر»، وهو من أصول أردنيّة وحاصل على الجنسيّة اللبنانيّة. كان مقيماً في طرابلس قبل أن يتمّ إلقاء القبض عليه في باب الرمل.
– أحمد سليم ميقاتي الملقّب بـ «أبو الهدى»، الذي تمّ إلقاء القبض عليه في العام الماضي واعترف أنّه كان ينوي إعلان «الإمارة الإسلاميّة».
– عمر أحمد ميقاتي الملقّب بـ «أبو هريرة»، وهو ابن أحمد ميقاتي وما زال قاصراً بالرغم من المهام الموكلة إليه.
– ابراهيم بركات، ويعرف بأنّه أمير باب التبانة وكانت مهمّته الأساسيّة تجنيد الشبّان، قبل أن يتمّ إلقاء القبض عليه في آذار الماضي.
وبالإضافة إلى هؤلاء تضمّ المجموعة اللبنانيين (أحمد ص.ر.)، (عمر أ. ش.) الملقّب بـ «أبو حمزة» («النصرة» سابقا)، (سومر ق. من عكّار) وقد ألقي القبض عليه في نهاية العام 2014، (شادي م. ح.)، (شوكت م. ح.)، (عبد الرحمن ص.)، و(خالد م.م.) وامرأة لبنانيّة تدعى (منى ا. م.).
أما أفراد المجموعة نفسها من غير اللبنانيين، فهم:
– الكويتي أبو طلحة الدوسري الذي كان موقوفاً في رومية قبل أن يهرب منه مع موقوفين من «فتح الإسلام» في العام 2011. ويعتقد أنّه مسؤول هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في «التنظيم»، فيما يتردّد أنه انشق عنه مؤخرا.
– الفلسطيني تحسين الحمل، وهو أردني الجنسية وملقّب بـ«أبو محمد».
– الفلسطيني خالد منير الشهابي، الذي ورد اسمه خلال التحقيق مع موقوفين أشاروا إلى أنّه زوّر لهم أوراقاً ثبوتية ويرجّح أنّه موجود في عين الحلوة.
÷ أما المجموعة الثانية، فتضمّ كما الأولى إمرأة لبنانيّة تبايع «داعش» وتدعى (ماجدة ب.س.)، بالإضافة إلى 8 لبنانيين و7 سوريين من دون أن يتمّ إلقاء القبض على أي واحد منهم فيما يتردّد أن بعضهم قتل في معارك سوريا.
وهذه المجموعة تتألف من اللبنانيين: (محمّد ص.)، (عدنان م. ب.) وهو يحمل الجنسيّة الاستراليّة ومن ممولي «التنظيم»، (أيمن م. م.ع.)،(محمّد أ. ر.) الملقّب بـ «أبو كلاب»، (ابراهيم م. ح.) وشقيقه (يوسف م. ح.) و(منذر ح. ع.).
في حين أن السوريين في هذه المجموعة قتل معظمهم وهم: يحيى محمّد سعيد المحمّد الملقّب بـ «أبو طلال» وكان مسؤول «داعش» في القلمون قبل أن يقتل في أيّار الماضي. مصطفى خالد العبد الذي قتل في القلمون نهاية العام 2014. عامر أكرم غورلي وطارق محمود غورلي وعلي جمعة العبد الذين تردّد أنّهم قتلوا مؤخرا.
÷ المجموعة الثالثة هي التي كانت تابعة للبناني الموقوف خالد حبلص ومهمتها الأساسيّة تحريض العسكريين اللبنانيين على الانشقاق، وكانت تتألّف من 5 عناصر لبنانيين، هم: (محمّد س.م.)، (ظافر م. ج.) وقد ورد اسمه في شهادة أحد الموقوفين المقربين من حبلص، (صهيب ف. ح.) الملقّب بـ «أبو الخطاب الفدائي» ويعرف بخطاباته التي ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، (بدر م. ق.)، (محمود ع. أ. ع.).
÷ أما المجموعة الرابعة فكانت تأتمر بأوامر خالد حبلص ثمّ «الجزراوي»، وهي مؤلّفة من شخصيات قياديّة متشدّدة متعدّدة الجنسيات غالبيّتها من السعوديين بالإضافة إلى لبنانيين اثنين هما: الشيخ المتواري طارق الخياط عضو المجموعة الأولى أيضا وعبد الرحمن بازرباشي الملقّب بـ «حفيد البغدادي» وكان ناطقاً إعلامياً قبل أن يتمّ توقيفه في أيّار الماضي.
أما العناصر من جنسيات أخرى، فأبرزهم: التونسي أحمد أبو رويس، السعودي عابد المصري الذي كان ينتمي إلى «كتائب عبدالله عزّام» ومقرباً من أميرها ماجد الماجد، وقد تردّد اسمه بأنّه خليفة الماجد قبل أن يبايع البغدادي، السعودي وليد عبد المحسن العمري الملقّب بـ «أبو الوليد السعودي»، وهو من أبرز قيادات «التنظيم» وقتل على يد «حزب الله» في بداية الشهر الحالي في جرود القلمون.
كما تضمّ المجموعة أيضاً: السعودي أحمد الدوسري، المنسق العام بين لبنان وسوريا اسماعيل الخطيب، جاسم ابراهيم والسوريين علوان حسن المشهداني الملقّب بـ«أبو ساطور»، خالد العقاد الملقب بـ«أبو جندل»، أدهم عثمان الملقّب بـ«أبو سفيان».