كتب نبيه البرجي مقالاً في جريدة «الديار اللبنانية» جاء فيه: هي رقصة الثعالب في الشرق الأوسط. هل استطاع رجب طيب اردوغان أن يتخطى دور الثعلب، وشخصية الثعلب، في دفع التراجيديا السورية الى تخوم العدم!
وهل استطاع بنيامين نتنياهو أن يتخطى دور الثعلب، وشخصية الثعلب بعدما راهن على أن سقوط سوريا يعني بناء الهيكل الثالث. هذه المرة ليس بخشب الارز وانما بحجارة دمشق..
اين محمد الماغوط الآن ليقول انه شاهد طارق بن زياد يرقص عاريا، وباكيا، حول حائط المبكى؟
لا احد اكترث بقول يفغيني بريما كوف في ايلول عام 2011 عن الازمة السورية «لسوف يكتشف اللاعبون، في نهاية المطاف، انهم سوف يقفون حفاة امام ابواب جهنم».
ليست قضية بشار الاسد في أي حال الا اذا اصررنا على التعامل القبلي مع لعبة الازمنة، ولا مجال لكي لا نرى أي شيء أخر سوى البراميل المتفجرة، كما لو أن المقابر نفسها لا تتفجر. هي قضية سوريا التي اظهرت ان الثعالب قد لا تمتلك احيانا خيال الدجاجة. قدري غورسل كتب أن طربوش السلطان راح يتدحرج على بلاط الخليفة.
اردوغان لم يفعل شيئا سوى انه تصور أن اللحظة العثمانية، أو النيوعثمانية، ازفت. لعله اخذ بالمثل القائل «إن الحدود مثل جلد الغزال تنكمش اذا ضعف الغزال وتتوسع اذا تعافى». «الرجل المريض»، وهكذا كان البريطانيون الذي اطلقوا مصطلح «المسألة الشرقية»، يرون في السلطنة، تعافى الان، ولا بد أن يتوسع جلد الغزال. احتار بين ان تصل اصبعه الى دمشق ام الى حلب ام الى اللاذقية.احتار ايضا، وقد لعب بعظام العرب والاكراد، السنّة والشيعة، في العراق، بين ان يصل حصانه الى بغداد ام الى الموصل ام الى كركوك…
منذ البداية، قال لهم بريما كوف «هذه ازمة تحطم الاصابع، بل وتحطم الرؤوس». اين هو الان طربوش السلطان وقلنسوة الحاخام؟
لا احد يمكنه أن يتصور فظاعة ما قام به اردوغان ازاء سوريا وفي سوريا. استضاف ذلك القطيع من الدمى، وسواء اعضاء «المجلس الوطني» او اعضاء «الائتلاف الوطني»، في اسطنبول، ثم راحت اجهزة استخباراته، وبالتواطؤ مع اجهزة استخبارات عربية و«اسرائيلية»، تجند الحثالة من الشيشان الى تونس، مرورا بالقارة العجوز، لتحرير سوريا من …سوريا.
ما كان يعني واشنطن، وما كان يعني اورشليم، ان يتحقق القول التوراتي «وتزول دمشق من بين المدن و تغدو ركاماً من الانقاض». هنا تزول سوريا من بين الدول، ولقد تجد الف امرؤ قيس بالكوفية والعقال، وبالحصان الذي مات فيه الصهيل، وهو يبكي على الاطلال…
بتلك الطريقة البهلوانية «و يا للمفارقة ان عالمة اجتماع تركية كتبت عن الثعلب والبهلوان»، استدعى الدرع الصاروخية لتكون بمثابة الخوذة الاميركية للسلطان، ثم استدعى بطاريات الباتريوت لكي يدفع بدباباته الى الداخل السوري قبل ان يقرأ جيدا الكلام الروسي والكلام الايراني حول سوريا.
الاميركيون، وعقب اتفاق فيينا، يتجهون الى تفكيك منشآت الدرع الصاروخية في تركيا، والاوروبيون يسحبون بطاريات الباتريوت من هناك. لماذا اصبح السلطان عاريا الى هذا الحد؟
حتى الخليفة الذي ترعرع بين يديه يثور عليه و يدعو الى «فتح القسطنطينية»، وصفه بالخائن الذي يسلّم تركيا الى «الصليبيين» و«الاكراد الملاحدة» واتباع «سنّة اتاتورك». رجله احمد داود اوغلو لم يتمكن من تشكيل الحكومة، فهل يتصور انه بذلك اللعب العبثي، وبكل انواع النيران، ينبعث، كما الفينيق، من صناديق الاقتراع…
الاستطلاعات تعطي حزب العدالة والتنمية نقطتين أو ثلاث. بالمقابل تعطي الاكراد النسبة ذاتها. السقوط مرة اخرى في الدوامة. الا يوجد هناك من يرفع اصبعه ويقول لاردوغان Game Over؟
ماذا جنى الثعلب الاخر بنيامين نتنياهو؟ يسخر الاميركيون، ويسخر الروس، ويسخر الاوروبيون منه حين يقول على مقربة من الخط الازرق، وحيث يطارده شبح «حزب الله»، أن ايران تطور برنامجها النووي لتدمير اسرائيل. ماذا عن الغواصات المزودة بالرؤوس النووية وعن القاذفات التي طالما باهى موشي يعالون بأنها مستعدة دوما للحظة النووية؟
الثعلب يلعب هكذا لأنه كان يراهن على ذلك الفائض الجغرافي «السوري» في تكريس أرض الميعاد…
ثمة من قال للسلطان، كما للحاخام، أن سوريا لن تكون أرضاً …للثعالب!!