le figaro
ترجمة 24
خصصت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تحقيقاً مطولاً عن رجل أعمال كندي زعم أنه حرر ما لا يقل عن 130 سيدة وطفلاً من براثن داعش، في السنة الأخيرة، وذلك بعد تزايد الشكوك حول دور الرجل وحول مصداقية مزاعمه، ليتبين أن الرجل حوّل قضية الإيزيديين على ما يبدو إلى تجارة خاصة، درت عليه ما لا يقل عن 500 ألف يورو(600 ألف دولار).
وأوضحت الصحيفة أن الرجل، الذي ظهر فجأة قبل أشهر قليلة في صورة البطل المنقذ، بعد الإعلان عن إحداث مركز تحرير الإيزيديين والمسيحيين في العراق، وتخصيص اعتمادات مالية لشراء سبايا وعبيد داعش، وتخصيص حسابات بنكية لقبول التبرعات، أصبح أقرب إلى المحتال العادي منه إلى البطل الإنساني الكريم.
الإيزيديون أول المشككين
وكشف الصحيفة أن رجل الأعمال ستيف مانان، أصبح محور شكوك متزايدة في نواياه وفي حقيقة مساهمته في تحرير العشرات من السبايا والأرقاء لدى داعش، مقابل مبالغ مالية دفعها من جيبه وتتراوح بين 1800 و2700 يورو للشخص الواحد.
ولكن بعد أسابيع قليلة من إعلانه بدأت الشكوك تحوم حول الرجل ومركزه المزعوم بعد تشكيك عدد من الإيزيديين المحررين وإنكارهم أي معرفة به أو بشبكته العاملة على إنقاذ.
وفي إطار تحقيقها نقلت الصحيفة الفرنسية عن النائب السابق في البرلمان العراقي أمينة السعيد، أن رجل الأعمال: "عجز عن إثبات أقواله ومزاعمه، وعجز عن مدنا باسم سيدة واحدة أو طفل أنقذه، وأكثر باتصالنا بالمحررين من قبضة لم يذكر أياً منهم اسم الرجل أو شبكته".
مجهول
وأضافت الصحيفة أن الشكوك كانت كافية لتُثير فيها الرغبة في معرفة حقيقة الدورالذي يزعم الرجل أنه يلعبه، وبالاتصال بحكومة كردستان العراق التي يزعم أنه يتعاون معها، قال مسؤول رفيع عن ملف الإيزيديين فيها إنه ينتظر إلى اليوم قائمة المحررين التي يزعم مانان تحريرهم، وأَضاف نوري عبد الرحمان للصحيفة أنه حتى الساعة: "لم نسمع ولم نعرف من المحررين أن شخصاً أو منظمةً تابعة للسيد مانان لعبت دوراً في تحريرهم".
وفي إطار تحقيقها اتصلت الصحيفة بالكندي لنقل وجهة نظره من موقف ممثل حكومة كردستان فاكتفى بالقول إن الشخص المذكور"فاسد ومرتشٍ ولا يُعتد بكلامه".
وأكدت الصحيفة أنها تابعت تحقيقها بناءً على توجيه من مانان نفسه الذي قال إنه يتعامل مع الجهة المشرفة على التحقيق في جرائم داعش في المنطقة، مكتب الإبادة ضد الإيزيديين والمسيحيين في كردستان.
وبالاتصال بالمكتب المذكور، قال مسؤول إنه باعتباره المسؤول عن ملف الأسرى، لم يسمع بطريقة مباشرة أو غيرمباشرة محرراً أو محررة سابقة لدى داعش يتحدث عن مانان أو منظمته، وهو الذي دون ووثق شهادات المئات من الإيزيديين والمسيحيين والأكراد المضطهدين على يد التنظيم.
وأكد مدير المكتب القاضي أيمن مصطفى، أنه لا أحد من مئات المحررين ذكر هذا الإسم، وكل الهاربين من داعش نجحوا في ذلك في أغلب الأحيان بفضل علاقاتهم بشبكات تهريب وبعد دفع أموال طائلة من عائلاتهم أو معارفهم.
حصة شهرية من الطحين
ورغم التأكيدات الرسمية وغير الرسمية يؤكد رجل الأعمال الكندي، أنه حرر العشرات من يد داعش، وقدم للصحيفة وثيقة حاسمة حسب قوله تتمثل في وثيقة رسمية تؤكد تحريره لإحدى العائلات.
وتضيف الصحيفة "لكن بعد ترجمتها من العربية تبين أن الوثيقة المزعومة عبارة عن شهادة من وزارة التجارة العراقية تسمح للعائلة المعنية بالحصول على حصة شهرية من الطحين".
قناة إسرائيلية
ولتأكيد صدق أقواله حسب الصحيفة "أمدنا الرجل بأشرطة فيديو تكشف تحرير مخطوفين على يد المنظمة التي يُديرها الرجل، والتي بثتها بضع قنوات تلفزيونية مثل قناة أي 24 الإسرائيلية" وتضيف الصحيفة بالاتصال بالقناة المذكورة، قال معد البرنامج الذي بث الفيديو إنه حصل على الفيديو من منظمة الكندي، واستمع إلى شهادات أشخاص عن تحريرهم من قبضة داعش، ولكن لا هو ولا أحد من الفريق العمل معه، حضر التحرير أو عايشه".
ولتأكيد صحة أقواله مرة أخرى أكد مانان، أنه يعمل بالتنسيق مع الأمم المتحدة، ومع عدد من المسؤولين الكنديين والدوليين، لتضيف الصحيفة أنها وبعد الاتصال بالجهات التي ذكرها رجل الأعمال، تبين بما لا مجال للشك فيه، أن لا أحد سمع عن الإسم أو عن المركز المزعوم في أمريكا ولا حتى في فرنسا التي يزعم الرجل ان له علاقة متينة بالجمعيات المعنية بشأن الإيزيديين".
وتنقل الصحيفة عن جمعية الإيزيديين في فرنس انطوني شامون "لا أحد منا سمع بالمركز أو برجل الأعمال الكندي، رغم أنه يزعم تحرير 130 سيدة وطفل، وهو رقم كبير جداً ولا يمكن أن تمر بهذه الحجم في صمت تام".
حساب مصرفي جديد
وتنهي الصحيفة بالقول إن "التحقيق حول المركز المزعوم وأدوار الرجل انتهت عند وزارة الخارجية الفرنسية، التي لم تخف امتعاضها من أساليب الرجل، وشكها في تأكيده تحرير هذه الأعداد من الأسرى، خاصة بعد التأكد من حصوله على أموال وهبات بلغت نصف مليون يورو، بدعوى المساعدة على دفع فدية وشراء أسرى، وننتظر وصول دعاوى أو رفع قضايا ضده لتوجيه الملف نحو المحاكم بدل الصحافة ووسائل الإعلام".
ولا يبدو أن الرجل مستعداً للتراجع عن مشروعه، ذلك أن العنوان الإلكتروني للمركز أعلن منذ أيام عن إطلاق حملة جديدة لجمع التبرعات باللغات الفرنسية والانجليزية والروسية والهولندية.