….تركــيا من السلطـــنة إلى العلمـــنة
……………..ثم إستــدارة كامــله إلى العثــــــمنه
……………….من هزم من الباب لن يعود من الشباك
ـــــــــــــــــالكاتب محمد محسن ـــــــــــــ سورية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ظن أحمد داوود أوغلوا فيلسوف ومنظر العثمانية الجديدة ـــ صاحب فلسفة صفر مشاكل ـــ " رئيس وزراء تركيا حالياً " ظن أنه التقط بذكاء ثلاث تحولات مفصلية استراتيجية ستغيروجه المنطقة برمتها على ضوئها وضع نظريته " الهميونية " ، أولاها نفور وقرف وعدم قبول الاتحاد الأوربي إنضمام تركيا إلى الاتحاد ، الثانية انتهاء الأزمة الجورجية وأزمة شبه جزيرة القرم ــ الأكرانية ــ بالشكل الذي انتهتا إليه واللتين أكدتا لتركيا وللعالم محدودية حلف الناتو وعدم رغبته أو عدم قدرته على المواجهة ،
اماالثالثة فكانت التحول الأهم ألا وهي إنكفاء نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية عن المنطقة والذي عبرت عنه قولاً وفعلاً في أكثر من مناسبة وبخاصه بعد هزيمتها المدوية في العراق ، هذا الفراغ الاستراتيجي ، دفعت فيلسوف عصره " أوغلو " للاستدارة الكاملة إلى الشرق الأوسط عاملاً على إعادة الحلم العثماني من خلال الهيمنة على الارث التاريخي للسلطنة ، وبخاصه بعد تنامي المد الديني في تركيا الذي أدى إلى وصول حزب اسلامي بزعامة أردوغان إلى السلطة فقرر التوجه شرقاً حيث المجد العثماني الغابر .
وتطبيقاً لهذه السياسة عملت تركيا على تحسين علاقاتها مع سورية ، ففتحت سورية لها الأبواب على مصاريعها ، في جميع المناحي السياسية والاقتصادية ، فازدحمت رفوف المحلات التجارية بالبضائع التركية التي زاحمت المنتجات السورية بل حلت محلها ، حتى وصل الأمر إلى فتح الحدود وإلغاء تأشيرة الدخول وباتت سورية طريق عبور للشاحنات التركية إلى دول الخليج ، وأصبحت العلاقات بين البلدين "سمناً على عسل" وصولاً إلى الدعوة لتناسي قرون الظلم والظلام العثمانية الأربعة وتجاهل ــ اللواء السليب ـــ هنا كان مكمن الخطر لأن نسيان التاريخ أو تجاهله ، يجعل بناء مداميك المستقبل تقوم على فجوة مضللة ستأدي حتماً إلى حالة عماء تاريخية .
ولكن وما أن لاحت تباشير نصر حركة النهضة الاخوانية في تونس ، وتلاها سرقة الاخوان المسلمين للثورة الشعبية في مصر وتبوء " مرسي " كرسي الرئاىسة الذي خاطب "بيريز" بالصديق العزيز ، حتى تحول الحلم بعودة العثمانية الجديدة إلى قناعة وثقة مفرطة أدت إلى تضخم الذات التركية ، عندها قلب الساسة الأتراك ظهر المجن لسورية "العلمانية نسبياً "، وراحوا يعدون العدة " للربيع العربي الاخواني التوجه "، ولحسوا جميع المواقف والتصريحات السابقة ، وأمروا بنصب الخيام قبل ستة أشهر من تفاقم الحرب على سورية ، وجاء أوغلوا إلى سورية بصفة ناصح ولكن بصيغة أقرب للانذار طالباً التشارك مع "الاخوان " وعندما رُفض الطلب أسفر عن وجهه وأنيابه الذئبية ، فتحرك الاعلام وبدأ الحشد وتقاطرت القطعان المتوحشة مجتازة الحدود التركية مزودة بالمال والسلاح ، واستعرت الحرب .
حل الهواء الأصفر " الربيع العربي " بثوبه الاسلاموي وراح يوقظ ويحرض الهويات الثانوية المذهبية والدينية على حساب الهويات الوطنية الجامعه ، وبدأت ــ المذابح الجماعية والقتل والشي وأكل الأكباد ــ ، لم يستثني الموت أو الحزن بيتاً في سورية ، وحل الدمار بالتاريخ بالجغرافيا بالمفاهيم والقيم ، وبدأ الوافدون من كل أصقاع الدنيا يرطنون لغة غير لغتنا ، غاب العقل والتعقل وحل السلاح بدلاً من الكلام ، حتى وصل الأمر إلى أن يقتل الولد أمه بدم بارد كي يسرق الجنة من تحت أقدامها ، وطبقت قوانين الغابات .
أدركت إيران وروسيا الاتحادية أن الحرب على الأراضي السورية تستهدف هذا الثلا ثي ، كما تستهدف من حيث النتيجة المقاومة اللبنانية ، فجاء التحالف رداً طبيعياً على حرب القرن الواحد والعشرين التي جاءت لتدمير الشرق ، فكان أن رُد كيد العدوان إلى نحورهم ، وخرج المحور الجديد من هذه الحرب أكثر تماسكاً وتكاملاً ، أما تركيا التي كانت محركاً اساسياً للحرب فيجب أن تعترف بالهزيمة وأنها خسرت مراهناتها ، ومن خرج من الباب خاسراً لايمكن أن يدخل من الشباك منتصراً ، وتبخر الحلم العثماني واضاعت تركيا قدرتها على التكيف واعادة التموضع . وهزمت الحركات الاسلاموية الى يوم يبعثون ، وستترك هذه الهزيمة ندوبها على الفكر الديني في المنطقة ، كما تركت الحروب الدينية الأوروبية آثارها على المجتمع الأوروبي التي دفعت أوروبا باتجاه العلمنة وفق شعار " ما لقيصر لقيصروما لله لله "
أما النظامان التركي والسعودي فلقد باتا في دائرة الخطر الوجودي لأنهما يتلقيان الآن ارتدادات عقابيل الحرب الارهابية والدينية .
………….والحكمة التاريخية تقضي ……….
…………….
….على الخاسردفع الحساب .
نفحات القلم ……….