..الشاعرجهاد صباهي .jpg)
فكرتُ كيف أدخلُ
إلى خليةِ النحلِ
وأتذوقُ من شهدِها المصنوعِ
من رحيقِ ورودٍ جوريةْ
فكرتُ كيف أصنعُ أجنحةً
أطيرُ بها
وأحطُّ على أشكالها الهندسيةْ
فكرتُ كيف أُغيرُ لونيْ
وأمسحُ دمعيْ
وأخفي أحزانيْ
وأتغلغلُ الى هذه العاصمةِ الكونيةْ
فكرتُ كيف أُغيرُ ذبذباتِ صوتيْ
لتعزفَ ألحاناً غيرَ ألحانيْ
وتصنعُ حُلُماً
من واقعِ أوهاميْ
فكرتُ كيفَ يُصبحُ الإنسان
بلبلاً يشدو
على عريشةِ الأبديةْ
فكرتُ كيفَ أُخفيْ
انني متعبٌ في وطني
واني أسكتُ جوعي وملأتُ بطنيْ
بقرعةٍ شتويةْ
فكرتُ كيفَ أُصبحُ فراشةً
تطيرُ من زهرةٍ الى زهرةْ
فتعبرُ الحدودَ خِلسةْ
وتقتربُ من عاشقةٍ تُبشرها
بأيامٍ آتيةٍ ذهبيةْ
فكرتُ كيف أخفي من هويتي
إسمي وملامحيْ
ومعتقديْ وميولي السياسيةْ
فكرتُ كيفَ أكونُ بشراً
كيفَ أكونُ إنساناً بسيطاً عادياْ
وأعبرُ بوابةَ هذهِ الخليةْ
لأُفرغَ سلتي المملوءةَ
بهمومِ وطنٍ صامداً أبياْ
مملوءةً
بدماءِ شعبي النازفةْ
من حربٍ ظالمةٍ وحشيةْ
لأُفرغَ وروداً
تئنُ خلف جدارِ الصمتِ
مهملةً منسيةْ
هناكَ حيثُ القتلُ والدمارُ
أصبحا هما الغايةَ والرمزيةْ
في الشوارعِ والبيوتِ
في العقولِ والقلوبِ
في المساجدِ والكنائسِ
وكأنَّ أسرابَ الطيورِ قد هجرتْ وطني
وتركتهُ يموتُ في بحرٍ
من أفكارٍ جاهليةْ
جئتُ لأفرغَ من سلتي
حصاناً أبيضَ قتلوه
وحصاناً بنياً حظروه
وأسودَ هو أنتم وعدوه
وعدوكم بالعسلِ والجنةْ
وأيديكم صبغوها بالحنةْ
ومصيركم جعلوه كالطبلِ له رنّةْ
هي جنّةْ .. هي حنّةْ .. هي رنّةْ
أكاذيبهم لاتحتاجُ لكشفها فنّاً
على وجوهكمْ أقرأُ همّاً
وشفاهكم تنطقُ
أُكلنا يومُ الحصانِ الأبيضِ أكلوه
جئتُ لأُفرغَ من سلتي
جاريَ المذبوحَ بخنجرِ ملتحيْ
يَدعي أنه نبيا
وصاحبي المحروقَ ظلماً
وهو حيّا
وحبيبتي التي جرّوا جثتها
في شوارعِ المدينةْ
وكشفوا عورتَها حقداً وغيّا
جئتُ لأفرغَ من سلتي
أغشيةَ بكارةٍ
مزقها جهادُ متعةٍ ونكاحْ
وأثداءَ نساءٍ مزرقةْ
من ضربِ السيوفِ والرماحْ
وأطفالاً أفتوا المتعةَ بهمْ
في المساءِ والصباحْ
ورجالاً استأصلوا أعضاءَهم الذكوريةْ
وهددوهم بالذبحِ
ان لم يتوقفوا عن الصمودِ والكفاحْ
في سلتي أشياءٌ وهمومٌ أخرى
فيها نيرانٌ تحرقنا
وسيولٌ قاسيةٌ تجرفنا
سرعتُها تجاوزت قدرتَنا
غايتُها كلَّ أمتِنا
لاتعترفُ بحدودٍ أو جوازِ سفرْ
أو هويةٍ تميزنا
في سلتي أسئلةٌ تحيرنيْ
أنحنُ في عصرِ الهمجيةْ
أحلامُنا صارت منسيّةْ
والكونُ أسودُ والليلُ مطويّا
ألا من ترياقٍ في خليتكمْ ؟
يشفي عقولَنا من الرقِ والعبوديةْ
ألا من أملٍ في زرعِ عقولِنا
ببعضِ ورودٍ جوريةْ
سأخرجُ من خليتِكمْ
مستعيراً أجنحةَ نحلةٍ بريةْ
أطيرُ بها وأطوفُ العالمَ
وأنشرُ غسيلَ قذارةِ البشريةْ
وأقولُ لهم
انني سوريا
وحدودي كلُّ البلادِ العربيةْ