وأنت تجيئين سحابةً
من مدن الحزن القديم
تَجْمَعُ الماء بلا حكمة
يمرّ الفجر عليك وحيدا
يشتهيه الحمام
تضمّه الغيوم
ورعشة الخطّاف
"زنّوبيا" الجميلة
هيّا عانقيني
فالموت مباغت
مثله مثل الحبّ
أنتظرك هناك على حافة "بردى"2
النّهر شارد مثلك
تجلده الأحداث
والرّبيع الوطنيّ يخوننا
أيّها الحزن لا تكن مثلي
أوصد خلفك الأبواب "فزنّوبيا" هنا
تنثر المدن فوق أمطار الخليج
ومعطفها الشّتوي يذكّرني
بخطايا التّاريخ
وخطى القوافل التي كما البروق
تشتم الصّحراء
والوقت
والعراء
هنا الحبر كرغوة البحر
يخفي رعود الشّتاء
وأسرارك تَكْسِرُنَا
تَرْمِي بنا نحو هشاشة
عواطفنا
تكاثف غيمها
فوق رياح دمشق
"زنّوبيا"
النصّ مثلك مبعثر على الأوراق
والمفردات في السّماء
تهجر بيتها واللّيل
وعمرك السّابح في المدى
موحشة هي الاستعارات
حين تكتفي بمعنى خفيف
فوق أسوارك المنفيّة
في الغياب
فلا خطاطيف المساء تحلّق
في سماء تدمر
ولا الأفق شيّع موتنا
نحو القبر الأخير
كلّنا زنّوبيا
والموج يستدرج جداول الشّمس
والبحر ونهداك
يكنسان الموت
وأبوابك المفتوحة على الجراح
-تونس -مفيدة بلحودي
زنوبيا1: زنوبيا أو الزّباء (240 – حوالي 274) كانت ملكة تدمر، قادت مع زوجها أذينة عصياناً على الإمبراطورية الرّومانية تمكنا خلاله من السيطرة على معظم سوريا. بعد وفاة زوجها قادت الإمبراطورية التدمرية إلى غزو مصر لفترة وجيزة قبل أن يتمكّن الإمبراطور أوريليان من هزمها وأسرها إلى روما حيث سرعان ما توفيت لأسباب غامضة
بــردى2: نهر في دمش العاصمة السورية ينبع من بحيرة نبع بردى في جنوب الزبداني على سلسة الجبال السورية شمال غرب دمشق ويصب في بحيرة العتيبة جنوب شرق مدينة دمشق