" رسائل ثقافية "
الدكتور مهدي الزغبي
● من د.أنطون تشيخوف إلى أخيه الأكبر نيكولاس تشيخوف 1886 " أخي ﻏﺎﻟﺒًﺎ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻜﻲ ﺃﻣﺎﻣﻲ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻓﻬﻢ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﻚ، ﻏﻮﺗﺔ ﻭﻧﻴﻮﺗﻦ ﻟﻢ ﻳﺸﺘﻜﻮﺍ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﺣﺪﻩ ﺍﻟﻤﺴﻴﺢ ﺳﻤﺢ ﺑﺎﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﻌﺪﻡ ﻓﻬﻢ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻭﻟﻢ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﺬﻟﻚ ﺫﺍﺗﻪ، ﺑﻞ ﺍﺷﺘﻜﻰ ﻣﻦ ﻋﺪﻡ ﻓﻬﻢ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﺮﺳﺎﻟﺘﻪ. ..ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻔﻬﻤﻮﻧﻚ ﺟﻴﺪًﺍ، ﻭﺇﺫﺍ ﻓﺸﻠﺖ ﺃﻧﺖَ ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﺫﺍﺗﻚ، ﻓﻬﺬﺍ ﻟﻴﺲ ﺫﻧﺐ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ . ﺃﺅﻛﺪ ﻟﻚ ﺑﺼﻔﺘﻲ ﺃﺧﻴﻚ ﻭﺻﺪﻳﻘﻚ ﺑﺄﻧّﻨﻲ ﺃﻓﻬﻤﻚ ﻭﺃﺗﻌﺎﻃﻒ ﻣﻌﻚ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﻗﻠﺒﻲ. ﺃﺩﺭﻙ ﺻﻔﺎﺗﻚ ﺍﻟﺤﻤﻴﺪﺓ ﻛﻤﺎ ﺃﺻﺎﺑﻊ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ، ﺃﻗﻴّﻤﻬﺎ ﻋﺎﻟﻴًﺎ ﻭﺃﻛﻦّ ﻟﻚ ﺍﻻﺣﺘﺮﺍﻡ. ﺇﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﻳﻤﻜﻨﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺛﺒﺖ ﻟﻚ ﻓﻬﻤﻲ ﺗﻌﺪﺍﺩ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﻴﻢ. ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄﻧّﻚ ﻃﻴّﺐ ﺣﺪّ ﺍﻟﺮﻗّﺔ، ﺷﻬﻢ ﻭﻛﺮﻳﻢ ﻭﺩﺍﺋﻤًﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻻﻗﺘﺴﺎﻡ ﺁﺧﺮ ﻗﺮﺵ ﺗﻤﻠﻜﻪ . ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﻗﻚ ﺣﺴﺪ ﻭﻛﺮﺍﻫﻴﺔ، ﻓﻠﺒﻚ ﺻﺎﻑٍ ﻭﺻﺮﻳﺢ، ﺗﺘﻌﺎﻃﻒ ﻣﻊ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻭﻣﻊ ﺍﻟﻮﺣﻮﺵ، ﺗﺜﻖ ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ ﺩﻭﻥ ﺣﻘﺪ ﻭﺭﻏﺒﺔ ﺑﺎﻟﻐﺪﺭ ﻭﻗﺎﺩﺭ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﻴﺎﻥ ﺍﻹﺳﺎﺀﺓ. ﺗﻤﺘﻠﻚ ﻣﻮﻫﺒﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﺟﺎﺩ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻴﻚ، ﻣﻮﻫﺒﺔ ﻳﺘﻌﺬّﺭ ﻭﺟﻮﺩﻫﺎ ﻟﺪﻯ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ، ﺗﻀﻌﻚ ﻓﻲ ﻣﺮﺗﺒﺔ ﻣﺘﻘﺪّﻣﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﻼﻳﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ . ﻷﻥّ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﻔﻨﺎﻧﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻟﻢ ﻻ ﻳﺘﺠﺎﻭﺯ ﻭﺍﺣﺪ ﻟﻜﻞّ ﻣﻠﻴﻮﻧﻴﻦ ﻣﻮﺍﻃﻦ. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻮﻫﺒﺔ ﻣﻴّﺰﺗﻚ ﻭﻟﻮ ﺣﻀﺮﺗﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻬﻴﺌﺔ ﺑﺸﻌﺔ ﻛﻀﻔﺪﻉ ﺟﺮﺑﺎﺀ ﺃﻭ ﻋﻨﻜﺒﻮﺕ ﻣﺜﻼ ﻻﺣﺘﺮﻣﻚ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ، ﻷﻥّ ﻋﺎﻣّﺔ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻤﺘﻠﻜﻮﻥ ﻗﺎﺑﻠﻴﺔ ﻓﻄﺮﻳﺔ ﻟﻤﺴﺎﻣﺤﺔ ﻛﺎﻓّﺔ ﻧﻘﺎﺋﺺ ﺍﻟﻤﻮﻫﻮﺑﻴﻦ. ﻟﺪﻳﻚ ﻧﻘﻄﺔ ﺿﻌﻒ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻫﻲ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﺔ ﻋﻦ ﺷﻘﺎﺋﻚ، ﻓﻘﺪﺍﻧﻚ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ ﻟﻠﺜﻘﺎﻓﺔ. ﺳﺎﻣﺤﻨﻲ، ﺃﺭﺟﻮﻙ ﻭﻟﻜﻦ ( ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ) ، ﻫﻞ ﺗﻔﻬﻢ ﺑﺄﻥّ ﻟﻠﺤﻴﺎﺓ ﺷﺮﻭﻃﻬﺎ ﺍﻟﺨﺎﺻّﺔ، ﻛﻲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮﺍﺣﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﻠﻤﻴﻦ، ﻛﻲ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻭﻛﺄﻧّﻚ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻚ، ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻥ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺪّ ﺍﻷﺩﻧﻰ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ. ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻴﻦ ﺣﺴﺐ ﺭﺅﻳﺘﻲ ﺃﻥ ﻳﺘّﺼﻔﻮﺍ ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ : ﺍﺣﺘﺮﺍﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﺬﺍ ﻓﻬﻢ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻃﻴﺒﻮﻥ، ﺣﺮﻳﺼﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺟﺮﺡ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ، ﻻ ﻳﺜﻴﺮﻭﻥ ﺿﺠّﺔ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺸﺆﻭﻥ ﺍﻟﺘﺎﻓﻬﺔ، ﻻ ﻳﺸﻌﺮﻭﻥ ﺭﻓﻴﻖ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺑﺄﻧّﻪ ﻋﺎﻟﺔ ﻭﺇﺫﺍ ﻫﺠﺮﻭﻩ ﻻ ﻳﺼﺮﺣﻮﻥ ﺑﺄﻧّﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﻦ ﻳﺴﺘﺤﻖ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻣﻌﻬﻢ . ﻳﺘﻌﺎﻟﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻀﺠﻴﺞ ﻭﺍﻟﺒﺮﺩ ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﺭﺩ، ﻭﻳﺴﺎﻣﺤﻮﻥ ﺫﻛﺎﺀ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ﺍﻟﺤﺎﺩّ ﻭﺗﻮﺍﺟﺪ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ. ﻳﺘﻌﺎﻃﻔﻮﻥ ﻣﻊ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺘﺴﻮﻟﻴﻦ ﻭﺍﻟﻘﻄﻂ، ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﺎﻷﻟﻢ ﺣﻴﺎﻝ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺴﺘﻴﻄﻌﻮﻥ ﺭﺅﻳﺘﻪ ﺑﺄﻋﻴﻨﻬﻢ، ﻳﺴﻬﺮﻭﻥ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻟﻠﺘﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺓ ﺷﺨﺺ ﻣﺎ، ﻭﺩﻓﻊ ﻛﻠﻔﺔ ﺩﺭﺍﺳﺔ ﺃﺷﻘﺎﺋﻬﻢ ﻭﺷﺮﺍﺀ ﻣﻼﺑﺲ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻟﻠﻮﺍﻟﺪﺓ. ﻳﺤﺘﺮﻣﻮﻥ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻟﺬﺍ ﻳﺤﺮﺻﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺩﻓﻊ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺗﻬﻢ ﻭﺩﻳﻮﻧﻬﻢ. ﺻﺮﻳﺤﻮﻥ ﻭﻳﻤﻘﺘﻮﻥ ﺍﻟﻜﺬﺏ ﻛﺄﻧّﻪ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﺑﻌﻴﻨﻪ، ﻻ ﻳﻜﺬﺑﻮﻥ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺋﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ. ﺍﻟﻜﺬﺏ ﺇﻫﺎﻧﺔ ﻟﻠﻤﺴﺘﻤﻌﻴﻦ ﻭﺗﻀﻌﻬﻢ ﻓﻲ ﻭﺿﻌﻴﺔ ﺩﻧﻴﺌﺔ ﻓﻲ ﺣﻀﺮﺓ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺛﻴﻦ، ﻻ ﻳﺘﻜﻠﻔﻮﻥ ﻭﻳﺘﻈﺎﻫﺮﻭﻥ، ﻭﺗﺼﺮﻓﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻛﻤﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ، ﻭﺍﺣﺘﺮﺍﻣًﺎ ﻟﺤﺎﺳﺔ ﺍﻟﺴﻤﻊ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﺤﺮﺻﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻤﺖ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ . ﻻ ﻳﻘﻠّﻠﻮﻥ ﻣﻦ ﻗﺪﺭﻫﻢ ﻟﻴﺘﻌﺎﻃﻒ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ ﻣﻌﻬﻢ، ﻻ ﻳﺤﺎﻭﻟﻮﻥ ﺍﻟﺘﻼﻋﺐ ﺑﻘﻠﻮﺏ ﺍﻟﻐﺮﺑﺎﺀ ﻛﻲ ﻳﺘﻔﺎﺧﺮﻭﺍ، ﻭﻻ ﻳﻜﺮﺭﻭﻥ ﻋﺒﺎﺭﺓ " ﻻ ﻳﻔﻬﻤﻨﻲ ﺍﻵﺧﺮﻭﻥ " ، ﻷﻥّ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺭﺓ ﻣﺴﺘﻬﻠﻜﺔ ﻭﻣﺴﺘﻬﺠﻨﺔ ﻭﺯﺍﺋﻔﺔ. ﻻ ﻳﺘﺒﺎﻫﻮﻥ ﺑﺎﻟﻘﺸﻮﺭ ﻛﻤﻌﺮﻓﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ، ﻳﺤﺘﺮﻣﻮﻥ ﻣﻮﺍﻫﺒﻬﻢ ﻭﻳﻀﺤﻮﻥ ﺑﻜﻞّ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ. ﻳﻀﺤﻮﺍ ﺑﺎﻟﺘﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ ﻭﺇﺩﻣﺎﻥ ﺍﻟﻜﺤﻮﻝ ﻭﻳﺒﺘﻌﺪﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﺰﻫﻮ، ﻭﻣﺘﻄﻠﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﺫﻭﺍﺗﻬﻢ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺃﻓﻀﻞ ﺍﻟﻨﺘﺎﺋﺞ. ﻻ ﻳﻨﺎﻣﻮﻥ ﺑﻤﻼﺑﺴﻬﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ، ﻭﻻ ﻳﻘﺒﻠﻮﻥ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﺜﻘﻮﺏ ﻓﻲ ﺟﺪﺭﺍﻥ ﻣﻨﺎﺯﻟﻬﻢ ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﺻﻴﺮ ﺗﺠﻮﺑﻬﺎ ﺟﻴﺌﺔ ﻭﺫﻫﺎﺑًﺎ، ﻳﺮﻓﻀﻮﻥ ﺗﻨﻔّﺲ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺍﻟﻔﺎﺳﺪ، ﻭﺍﻟﻤﺸﻲ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺒﺼﺎﻕ . ﻳﺤﺮﺻﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻣﻈﻬﺮﻫﻢ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻲ ﻭﺭﺍﺋﺤﺔ ﺟﺴﺪﻫﻢ ﻭﻧﻈﺎﻓﺘﻬﻢ، ﻻ ﻳﻠﻌﻘﻮﻥ ﺍﻟﻔﻮﺩﻛﺎ ﺃﻳﻨﻤﺎ ﺗﻮﺍﺟﺪﻭﺍ ﻃﻮﺍﻝ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ. ﻫﺆﻻﺀ ﻫﻢ ﺍﻟﻤﺜﻘﻔﻮﻥ. ﻛﻲ ﺗﺼﺒﺢ ﻣﺜﻘﻔًﺎ ﻭﺗﺮﺗﻘﻲ ﺇﻟﻰ ﻣﺴﺘﻮﻯ ﺍﻟﺤﻀﺎﺭﻳﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﻴﻄﻴﻦ ﺑﻚ، ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﺃﻥ ﺗﻘﺮﺃ " ﻣﺬﻛﺮﺍﺕ ﺑﻴﻜﻮﻳﻚ " ﻭﺗﺤﻔﻆ ﻋﻦ ﻇﻬﺮ ﻗﻠﺐ " ﻣﻮﻧﻮﻟﻮﺝ ﻓﺎﻭﺳﺖ ." ﻫﻨﺎﻙ ﺿﺮﻭﺭﺓ ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻟﻴﻞ ﻧﻬﺎﺭ، ﻭﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻠﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻠﻢ ﻭﺍﻣﺘﻼﻙ ﺍﻹﺭﺍﺩﺓ. ﻛﻞّ ﺳﺎﻋﺔ ﺛﻤﻴﻨﺔ .. ﺗﻌﺎﻝ ﺇﻟﻴﻨﺎ، ﺣﻄّﻢ ﺯﺟﺎﺟﺔ ﺍﻟﻔﻮﺩﻛﺎ، ﺍﺿﻄﺠﻊ ﻭﺍﻗﺮﺃ ﺗﻮﺭﻏﻴﻨﻴﻒ، ﺃﻭ ﺃﻱّ ﻛﺎﺗﺐ ﺁﺧﺮ ﻟﻢ ﺗﻘﺮﺃﻩ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ. ﺗﺨﻞّ ﻋﻦ ﺯﻫﻮﻙ، ﺃﻧﺖ ﻟﺴﺖ ﺻﻐﻴﺮًﺍ، ﻗﺮﻳﺒًﺎ ﺳﺘﺒﻠﻎ ﺍﻟﺜﻼﺛﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ. ﻟﻘﺪ ﺣﺎﻥ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﺃﻧﺎ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎﺭﻙ ..ﺟﻤﻴﻌﻨﺎ ﻧﻨﺘﻈﺮﻙ ." ﺍﻧﺘﻬﺖ ﺍﻟﺮﺳﺎﻟﺔ.
● من د.مهدي الزغبي إلى د.أنطون تشيخوف 2015 صديقي صاحب حديقة الكرز.. لا أدري ماذا كان رد فعل أخيك نيكولاس عندما أرسلت له تلك الرسالة ؟ هل أزهر ما في داخله ؟ هل زاد بياض قلبه؟ أم ماذا.. قل لي لا يا صديقي، أنا القلق دائماً يعترض طريقي لا أستطيع أن أرسل مثل هذه الرسالة لأي أحد!! أخاف أن يتهمونني بجنون العظمة والهلوسة والتكبر. لذلك أحدث الجميع ياعزيزي عن رسالتك، وها أنا أرسمها في أحد كتبي، وكل عام أشرحها لطلابي. .. لقد فعلت ولا أزال يا تشيخوف لا أقول أقصى ما تمنيته بل أقول أقصى ما يمكن أن يفعله إنساناً ضعيفاً مثلي سلاحه قلمه ولا يمتلك سوى ثمن أوراقه.. لا يمتلك لا وكالة أنباء ولا دائرة معارف. أيها الطيب.. كل يوم عندنا مقلق بطريقة جديدة لكن أبداً لن استسلم ولن أصمت حتى تمام النتيجة أو أموت أو يستلم أحد أحبائي رسالتك ويمضي بها. انتهت الرسالة
● من د.مهدي الزغبي إلى أخيه الأكبر فراس زغبي 2016 أخي لا أدري ماذا كانت ردة فعلك عندما قرأت رسالة تشيخوف هل لامست داخلك؟ أم ماذا؟ قل لي.. أخي احمد الله أنك لست مثل نيكولاس وأنك ترسل لي الكتب عبر الايميل وأنك تعشق المطالعة وتكتب الشعر وتشاركني كل شيء أخي وصديقي أنا أكيد أنه لو ﻗُﻴّﺾ ﻟﺘﺸﻴﺨﻮﻑ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻲ بلادنا لشعر ﺑﺎﻟﻴﺄﺱ ﻭﺍﻟﻔﺎﺟﻌﺔ ﺣﻴﺎﻝ ﺍﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻟﻤﺘﻌﺎﺭﻑ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﻤﺜﻘﻒ ﻓﻲ مجتمعاتنا العربية. تخيل معي أيها الطيب المثقف، كل البيوت لدينا جدرانها من كتب، ومع كل قطعة تباع لك كتاب هدية، والحقائب مليئة بالكتب، وزحمة خانقة في المسارح ودور النشر والمكتبات.. وأن تعبت من التخيل يا أخي العزيز دعني أتخيل لوحدي أن رسالة تشيخوف لأخيه نيكولاس تدرس لأطفالنا في مناهجنا التعليمية منذ الصغر. لقد حان وقت العودة ضع علامة عند الورقة واغلق الكتاب تباً للغربة-أنا في انتطارك. انتهت الرسالة
