منيرة احمد -نفحات القلم – مدرسة النهضة الادبية الحديثة -مديرة الاعلام فرع سورية
أصدرت المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والاشهار” Anep بالتعاون مع وزارة الثقافة الوطنية المجموعة القصصية الأولى للروائية والقاصة ” نجاة دحمون بعنوان ” مرايا أمازيغية ” ،حيث صدر الكتاب في طبعة فاخرة من الحجم المتوسط وعدد صفحاته 461 صفحة ضمت ثلاثين قصة مستوحاة من واقع المجتمع الأمازيغي،علما أنه تم اختيار المجموعة القصصية ضمن الأعمال التي تصدرها الوزارة في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية
وكان لموقع مدرسة النهضة الادبية الحديثة وموقع نفحات القلم وقفة وحوار مع الكاتبة حول مجموعتها القصصية وشؤون اخرى تناولناها بالبحث مع الاديبة نجاة دحمون
((مرحبا بك كاتبة نغرف من معين كلماتك ومعانيها ما يضيئ لنا انوارا جديدة ويدخلنا عوالمك الادبية بما فيها من فرادة في وقفتنا السريعة معك نتمنى ان نضيئ على بعض مما لديك))
س1: كيف تقدم الكاتبة نفسها للقراء؟
ـ صعب جدا أن أعرف نفسي ،فأنا منذ البدء كنت معلمة أدرس أبجديات التاريخ والجغرافيا لتلاميذ الطور المتوسط في مدرسة صغيرة من مدارس الجزائر العميقة ،وهذه المعلمة الريفية يسكنها حلم الكتابة منذ الصغر إذ كانت تسود دفاتر تدون فيها خواطر مختلفة وقصصا متخيلة وقصائد نثرية ،واستمر الأمر لعقدين من الزمن قبل أن تتمكن من طباعة روايتها الأولى باسم مستعار هو " ناردين دمون " ،وخلفه نشرت عدة مقالات وقصص ونشطت في مواقع الكترونية قبل أن تجمع شجاعتها لتنشر باسمها الخاص عملها الثاني مرايا أمازيغية ،بعد ثلاث سنوات من طبع رواية " زهرة زعتر" …وكأغلب كاتبات الجزائر تناضل كي تكتب ،كي تقرأ ،كي تسمع صوتها في عالم يعلو فيه صوت الذكور فيخفي أي صوت ناعم ،لكنها تحب التحدي فتواصل الكتابة لتوصل صوت نساء أخريات أجبرن على الصمت لسبب أو لآخر.
س2: الكتابة فن وذوق وارتقاء لمن ملك زمامها ،كيف بدأت الكتابة مسيرتها مع الكلمة وما العوامل التي أثرت فيها ؟ولكل جنس أدبي جماليته وميزاته فكيف كان اختيارك للقصة أم أنها جانب من ………………؟
ـ عندما ننتمي لمجتمع تقليدي المرأة فيه تسمع أكثر مما تتكلم ،وغيرها يقرر حياتها ومستقبلها ،ويتخذ جميع القرارات عنها ،النساء يبحثن عن وسائل بوح للتخفيف عن القلب ولإزاحة بعض أحمال الروح ،والنساء الأمازيغيات اخترعن وسائلن الخاصة للبوح دون أن يطلهن سوط الرقابة ،فنجد الشاعرة البارعة في غناء شعر الزجل " أشويق" لتكشف لنا في قصائد مغاناة ما في فؤادها ،ونجد الراوية التي تحيك خلف منسج الحزن قصص وأساطير وتحول كل موقف لمقولة مأثورة أو مثل ،ونقع في حبال شاعرات قادرات على نسج قصائد في كل مكان وحين …
في جو تتوارث فيه الأجيال أشعارا موروثة وأساطير عمرها مئات السنين وحوارات منقحة بأمثال وحكم ترعرعت نجاة ،وكانت محظوظة بسماع قصص كثيرة رويت لها ببراعة من طرف راوية متميزة لقبتها ب" ثمغراث تمشهوتس" ( عجوز الحكايا) وأخ يجعل أي قصص تتحول إلى فيلم أمام ناظر من يسمعه ،ولأن هذا الأخ معلم لغة عربية حرص على أن يعلم إخوته وأخواته العربية وأن يحبب فيهم المطالعة والكتب …في جو كهذا من الصعب أن لا تصبح الفتاة الحالمة كاتبة ،ومن المستحيل أن لا تعشق الكتب ،فكل الطرق كانت تؤدي إلى الكتابة ،فمن يقضي كل أوقات فراغه يقرأ ومن يعتبر الليلة التي يسمع فيها قصة ليلة عيد سيجد نفسه متجها لا محالة لكتابة قصصه الخاصة وسيصادق الورق ليبوح له بمكنونات صدره خاصة إن شعر أنه غير مفهوم.
س3: لو قمنا بجولة سريعة على ما وصلنا من المجموعات ،اهتماماتك الأخرى في الكتابة .
وإذا تحدثت عن تجربتي في النشر فأنا بدأت مع الشعر ـ الشعر النثري ـ حيث نشرت عدة قصائد في مجموعات ومواقع أدبية لكن الظروف أبعدتني عن الشعر وركزت على القصة والرواية ،ومن حين لآخر أكتب مقالات وخواطر و ومضات ،فما أكتب عنه هو ما يحدد الجنس الأدبي الذي أستخدمه ،لكني أجد نفسي أكثر في القصة والرواية حيث يكون قلما حرا في اختيار تفاصيل أبطاله وعوالمهم .
ولدي مخطوط بثلاثين قصيدة أجلت طبعه لانشغالي بالقصة الرواية.
س4: وقفة مع مجموعتك القصصية " مرايا أمازيغية " كيف تقيمين هذه التجربة؟
مرايا أمازيغية من القصص الواقعي ،والمجموعة تجميع لقصص نشرت في جريدة الحقائق الجزائرية على مدار عامين في ركن يحمل نفس الاسم ( مرايا أمازيغية ) ،المجموعة تحوي ثلاثون قصة ،كل قصة تميط الغموض عن بعض تفاصيل امرأة حقيقية ،المجموعة بوح هامس لامرأة أمازيغية لأخرى ،وتعريف صغير لتفاصيل مجتمع العرب لا يعرفون عنه إلا النزر القليل ،مرايا انعكاس لمعاناة النساء في مجتمعي الذي يشبه في تفاصيله المجتمع العربي …مرايا ليست سيرا ذاتية بل اقتباس لواقع نساء متميزات في صبرهن وعظيمات في قدرتهن على صنع الفرح أو هزم الحزن أو تحمل القهر أو الثورة ضده …مرايا انعكاس لبطولة نساء عاديات لا يلتفت إليهن الكتاب الرجال فهن نساء باهتات وقصصهن في نظرهم مكررة أو صعبة الكتابة ….
ولأن قصص مرايا موجعة فهي أبكت الكاتبة وأبكت بعض قرائها ،مع مرايا اكتشفت وجع النساء الكتومات ،وتحدي الكتابة بشكل منتظم لعامين متتاليين ،فالكتابة عن الواقع كمن يكتب على حد سكين ،والإصابة بجروح قدر محتوم .
س6: في رأيك هل وصلت القصص إلى المتلقي كما توقعت ؟ هل حصلت على حقها في التداول والنشر؟
ـ عندما بدأنا في نشر قصص مرايا لم أتوقع أن تلقى التجاوب والاهتمام ،لكننا فوجئنا بقراء أصبحوا يتابعون الركن وينتظرون قراءة نهاية كل قصة ،الكثير من المشاعر وصلت ،الكثير من الألم انتقل من صفحات القصص إلى قلوب القارئ …إحدى قارئات مرايا قالت لي:" لقد سرقتني القصص من زوجي ،قضيت أياما وأنا أقرأ الكتاب وزوجي مستغرب من تعلقي به ،فكنت أضحك مع البطلة وأبكي معها ،أكشر ،أغضب ،أبتسم …في بعض القصص وجدت القليل من نفسي ." وأخرى قالت لي :" كل قصة كانت ترميني لشاطئ أخرى ،ولأني أعرف أنهن سنساء حقيقيات كنت أستعجل الوصول إلى النهاية لأعرف إن انتصرت البطلة أم انهزمت." وثالثة قالت لي :" هذه القصص أفضل من روايتك " زهرة زعتر "…."
من هكذا أصداء عرفت أني قدمت الصورة التي أردتها عن المرأة الأمازيغية ،وعرف القراء بعض عادات وتقاليد وأمثال المجتمع الأمازيغي…
أما عن وصوله للقارئ فأنا واثقة من أن دار النشر قد عملت على نشر الكتاب ،وسيصل إلى قراء آخرين خلال المعرض الدولي للكتاب الذي سيقام في الجزائر العاصمة نهاية أكتوبر /بداية نوفمبر ،خاصة وأن جرائد مواقع كثيرة قد نشرت خبر صدوره …وأتمنى أن يوزع في مختلف ربوع الجزائر وخارجها أيضا ليحظى بالقدر الذي يستحقه من الانتشار فمرايا أمازيغية هي أول مجموعة قصصية من نوعها ( قصص مستوحاة من الواقع ،بطلاتها حقيقيات وبقلم نسوي أمازيغي ).
س7: حدثينا : القصة والرواية بعد امتلاك أدواتها بحرفية جميلة بماذا تنصحين الكتاب الجدد؟
أولا أنا وافدة جديدة على الساحة الأدبية الجزائرية ،أنشر أعمالي منذ 2013م فقط ،لذا أنا من الكتاب الجدد ،وإن كان لدي نصيحة لزملائي الجدد مثلي فستكون التمسك بحلمهم في ايصال أعمالهم لدور نشر تطبع أعمالهم بشكل لائق ،أن لا يتسرعوا في الطبع وأن لا يطبعوا أبدا دون أن يراجعوا أعمالهم فكثرة الأخطاء المطبعية تقتل أي عمل مهما كان متميزا …أن يقرأوا لغيرهم وأن يحتكوا بتجارب الروائيين من جيلهم وطبعا الأجيال التي سبقتهم ،وأن يقرأوا بأكثر من لغة …وطبعا أنصح نفسي بذلك وأذكرها بالأمر ،فالتوقف عن القراءة يعني عدم تطور أدوات لغة الكاتب.
س8: للقصة مفاتيحها كما أسلفنا كما أيضا للرواية أبوابا تحتاج إلى مفاتيح خاصة حدثينا عن تجربتك في كتابة الرواية .
عندما نقول قصة فإن تركيز اللغة والمعاني أمر لا بد منه ،فالكاتب ملزم بقول الكثير من خلال جمل مركزة تخدم سياق الأحداث ولا مكان للاطناب والتفاصيل التي قد تضيع جمالية العمل وتشتت انتباه القارئ ،في حين أن قلم الروائي يجب أن يكون سيالا في الرواية ،ففي هذه الأخيرة مجال التفاصيل والشخوص والأحداث والوصف يتسع إلى ما لا نهاية ،وإن كان هناك ما قد يقيد الروائي سيكون مخياله و تحكمه في أدوات اللغة أو حدودا يضعها هو لنفسه .
بالنسبة لتجربتي الروائية الصغيرة فعملي الأول كان تحديا إذ يمكنك أن تتخيلي صعوبة بناء حياة مناضلة فلسطينية من خلال بضع رسائل ايميل ،والتحدث الكتابة عن تاريخ بلد عريق بتاريخ موغل القدم وكثير المنعرجات التاريخية مثل تاريخ فلسطين ،دون أن يشعر القارئ بالملل …هذه التجربة كان امتحانا حقيقيا لقلمي ولصبري في آن واحد وذلك خدمني فيما بعد عندما شرعت في كتابة قصص مرايا وغيرها من القصص ،فالروائي يستطيع أن يكون قاصا إن تمكن من تطويع اللغة وإن تجنب إغراء التركيز على التفاصيل .
س9:رسالتك للقارئ:
ما أرجوه من القارئ العربي هو محاولة القراءة للكتاب الجدد وأن لا يلهث خلف الأسماء المكرسة ،وأن يبحث عن الأعمال الجميلة ـ المتميزة دون أن يهتم باسم مؤلفيها …وأن تكون وجهته المكتبات والمعارض وأن يتواصل مع من يقرأ لهم ،خاصة في ظل توفر الانترنيت التي تسهل ذلك .
وأتمنى أن تكون مرايا أمازيغية إطلالة خفيفة على المجتمع الجزائري ـ الأمازيغي ،ويكون ذلك بداية فضول ليعرف عنا أكثر ،عن الأدب الجزائري أكثر ،فهنا في بلدي أقلام متميزة سيسعد القارئ المشرقي بالقراءة لها ولا شك.
ومن القلب شكرا لك ولموقعكم المتميز لأنكم فتحتم لي نافذة صغيرة أطل من خلالها على الساحة الأدبية العربية وكذا للتعريف قليلا بمجموعتي القصصية مرايا أمازيغية.