إذا ذكرت كلمة فندق عائم، فسوف تستحضر نموذجًا لفندق مصمم على الطراز الحديث. فكر مرة أخرى في الأمر، فهناك فندق في "بنجلادش" حيث لا يمكنك العثور على فراش مما يجعل الأمور أقل راحة بالنسبة لمن يقدِّرون قيمة المساحة الشخصية. فالنزلاء في هذا الفندق يقضون الليل في أرخص الغرف بجوار مصطافين آخرين. وعلى الرغم من توافر أبسط الإمكانيات إلا أن العمال والسياح يتزاحمون على فندق "فريدبور" الموجود في العاصمة "دكا"، حيث لن تكلفك الليلة أكثر من 31 بنسًا.
وظهر هذا الفندق العائم للمرة الأولى في المدينة في الخمسينات، وهو يعد أرخص فندق حيث افتتح للتجار الذين كانوا يأتون إلى دكا للعمل، وهو يطل على نهر "بوريغانغا" . وبمرور الوقت زاد أعداد النزلاء بشكل تدريجي. وبعد إعلان استقلال الهند تقلص هذا العدد إلى خمسة نزلاء فقط. ويتكون هذا الفندق من خمسة قوارب عائمة منفصلة.
ولكن على عكس الفنادق المريحة والتي تطل على المناظر الخلابة التي اعتادها المسافرون الغربيون، إلا أن هذه الأسرة الرخيصة فاخرة. فثمن الليلة الذي لا يكفي لشراء لوح شوكولاتة يسمح للنزيل بقضاء ليلة في الفندق واستخدام المياه والمرحاض مجانًا طوال مدة إقامته. كما أنهم يحصلون على خزنة صغيرة للاحتفاظ بمتعلقاتهم. و على الرغم من أن الفندق لا يحتوي على غرفة لمشاهدة التلفاز أو غرف للطعام أو سبل للراحة أو أسرة ملكية أو ورود لتزيين الغرف، إلا أنه يمكنك أن تجد الفنادق العائمة تعج بعشرات النزلاء.
ويقول مالك الفندق والبالغ من العمر 46 عامًا محمد مصطفى ميان: "لدينا في أي مكان في الفندق حوالي 40 نزيلا ويبقون لفترات طويلة تصل إلى ثلاثة أشهر".
وهناك 48 غرفة في الفندق تتضمن غرفًا خاصة وأسرة ويتكلف قضاء ليلة في غرفة مشتركة تطفو على نطاق واسع 30 تاكا أو 31 بنسًا. والذين يبيتون في هذه الغرفة مضطرون لاستخدام الفرش لجعل الأوضاع أفضل. وأغلى غرف في الفندق هي الغرف الخاصة حيث يحصل النزيل على غرفة بمفرده وتتكلف هذه الغرفة 120 تاكا أي ما يعادل (1.25 جنيها إسترلينيا).
ولكن هذه الفنادق ليست مخصصة للعائلات ، بل هي مخصصة للتجار الذين يأتون من مناطق وبلدات مختلفة والذين هم بحاجة للبقاء بالقرب من منطقة سادراجات التجارية. وهناك عدد كبير من التجار الذين يقضون فترات طويلة في هذه الفنادق.
ويقول سراج محمد وهو يعمل بائع فواكه ويبلغ 55 عامًا إنه قضى أكثر من 40 عامًا في هذه الفنادق العائمة متنقلًا بين منزله في شارياتبور ودكا. وعلى مر السنين تعلم محمد كيف يجعل الوضع مريحًا في أماكن الإقامة وقال: "أتيت إلى دكا قبل الاستقلال، وفي هذا الوقت كان هناك 50 فندقًا عائمًا على الأقل في نهر بوريغانغا وكانت مريحة رخيصة. وبالنسبة لي كان خيار العيش في دكا هو الأفضل لذا بقيت هنا"، وكحال سراج فهناك 15 تاجرًا على الأقل عاشوا في هذه الفنادق العائمة لـ 20 عامًا.
ويقول ميان والذي يدير الفندق في الـ 26 سنة الأخيرة إن سبب شهرة هذه الفنادق تعود إلى أسعارها. ويضيف "إنه رخيص لذا يأتي الناس من البلدات والقرى الصغيرة للعمل والتجارة ويبقون هنا. وفي مقابل مبلغ زهيد يحصل النزلاء على مياه نقية ومراحيض نظيفة وأسرة منفصلة، كما أننا نزود نزلاءنا بخزائن صغيرة للاحتفاظ بأشيائهم القيمة لكن لا يتم تقديم الطعام".