الرؤيا..!
محمد يحيى كعدان
الحكاية من البداية… هي رؤيا..! عبر الزمان وفي المكان.. أما الزمان.. فليس في سالف العصر والأوان..
وأما المكان.. فمن المحيط إلى الخلجان، ويتجاوز في الجوار إلى بلاد ستان..
ومثل حكاية إغريقية.. يقف قطبان إلاهان.. قديمان جديدان.. روس وأمريكان.. عند قرني الثور الوسنان.. الحامل لأرض الإنسان.. ألا بأي آلاء ربكما تكذّبان؟..
هم لا يكترثون بالإنسان.. يقتسمون فقط البلدان.. من أقصى شبه الجزيرة إلى البلقان.. وتزلزل الكرة عندما تتناقلها اليدان..
وينوس المنجمون.. عند أطراف النجمة السداسية.. يضربون أسداساً في أسداس.. ويستدعون الوسواس الخناس..!
ينفخون في المزامير.. والدخان يطير.. يستحضرون سحر هاروت وماروت، عند بيوت العنكبوت..! يريدون العبث بالملكوت..! يزيدون العدد.. ينفذون من الزرد.. ويجلبون النفاثات في العقد..!
كبيرهم عرّاف حيزبون، فاق كل الظنون، ذو أنف مسنون، ديدنه ما كان وما سيكون..
الرؤيا تكتمل في أربعين من السنين.. أمضت عشرين، وأبقت عشرين..! فالرؤيا بدأت عام التسعين..
جاء الوفاق الدولي.. وتغيّر الاصطفاف من حولي.. لا أعرف الذي بعدي ولا الذي قبلي.. فقد انعقد المحفل.. وكان المقتل.. فهناك من استخدم الفيتو.. ووزع بلاد تيتو.. وهبّت عاصفة الصحراء، وعمّ البلاء في كربلاء.. عشر سنين عجفاء.. غدا فيها النفط مقابل الغذاء..!
وبعد سنة وفوقها ألفان، انهار في بلاد الواق الواق برجان..! صدمهما طائران..! قيل هما من نسل عدنان.. ومن صنع قاعدة بصّروها في الفنجان..! وفي عامين.. أصبحنا ضمن فكّين..!
وزد في السنين خمسة، خِلسة.. بعدها تفلّت المكوك.. وتغيّر السلوك.. ومُزّقت الصكوك.. وأفلست البنوك.. والتهبت الأسعار، كالسعار.. وغارت الآبار.. وضرب الإعصار.. وما بار قد بار..
العراق أضحى ثلاثة.. أربيل وبصرة وبغدان.. وثلاثة يُخطط لإيران.. فرس وكرد وعربستان.. وثلاثة لإخوة التراب، ترك وعرب وكردستان.. عربٌ إلى جوار فرس وكرد وتركمان..
اثنتان في السودان.. وأكثر منها في ليبيا واليمن العدنان.. اثنتان في أفغانستان.. واثنتان في باكستان.. ولدينا حجاز ونجد والظهران.. وهكذا حتى تنتهي البلدان..! وسمعنا عن قتل التنّين.. عند حدود الصين..!
الأرض حبلى بشرق جديد.. تم التبشير به من بعيد.. مزروع الجينات..! مهندَس المورثات..! هو قدرنا الآت…
وفي الألفين وفوقها أحد عشر، من حركة الشمس والقمر، عنّ على بال بعض البشر، استبدال ولاتهم بالمهدي المنتظر.. قالوا هي صدفة، لا نعلم.. وقالوا هي تتبع أثر.. وبعضهم تحدّث عن ترتيب بشر.. لا يهم ذلك.. فلنا بالمختصر..
خرجوا تحت الشموس.. مرّت عليهم أيام عبوس.. اندس بينهم ألف مدسوس ومدسوس..! وتنافس المتنافسون، مصلحون ومفسدون..! أي منقلب ينقلبون..؟ أتراها عادت البسوس..؟ أم ضاقت الصدور وفارت النفوس..؟ فأطاحت بالرؤوس..؟ ولكن.. لم يأت خيرٌ ملموس..!
وانتشر الغليان، عبر الكثبان، وتم الإعلان، بالمجان، في ذلك الزمان.. ومن لم يأت طوعاً، طُوّع بالخيزران.. حتى عمّت الفوضى كل مكان.. من جنوب البحر إلى شمال البحر، بلاد الإسبان.. ومن شرق البحر أيضاً، حتى بلاد اليونان.. وقد يطال المقال بلاد السكسون والغال.. وظنوا ذلك محال..
سأروي لكم النهاية..! فمعظمكم يعرف البداية..! فقط في بلاد الشام تنقلب الآية..! وتختلف الحكاية..
فباب الشام المقصود، موصود..! أمام السحر المرصود.. كلنا على ذلك شهود، من عهود.. وذلك معقود، من قرون وعقود.. عند أهل القرآن والإنجيل والتلمود..
لن نجزع ممن قال وممن سيقول.. لن نجزع من السيول.. ولن نجزع من تبدّل الفصول.. جاهزون عند قرع الطبول.. متشوقون في الساح إلى الولوج.. جاهزون لقراع العلوج..!
كما في الأفلام.. انهار البرجان في المكان، وأفلس الأخوة ليمان، وغدا الكل مُدان.. ويدوخ مردوخ.. ويتبخر الإعلام..! ومرّتان.. تذهب ريح من علوا في الأرض، ولن تنفع التعاويذ ولن ينفع الجان.. لأنّ لا شيء بالمجان..
العبريون.. في بناء الجُدُر منشغلون.. هم، من خلف الجُدُر يقاتلون.. يناورون.. ويظنون كل الظنون… ولكن ما سيكون.. كائن ومكنون.. ولن ينفع حتى الخيار شمشون..
الأرض تمور، والبحر يفور، وتمتلئ القبور.. آخر العصور.. وتنهار السدود، وتتحرك الحدود، أيام العبور..
فثالثة الأثافي تدق الأبواب.. وقريباً سنسمع الجواب..
سيعيد الخلق سيرتهم الأولى.. والذي كان.. يصير صلصالاً من طين.. ثم يتم تشكيل العجين.. عندها سيُعاد التكوين..
وقد تتغيّر مواقع القبائل..! وقد تعظم المسائل..! ويختلط الحابل بالنابل..! ولكن.. ليس من سائل، عن البدائل..!
ومن العرين يهبّ إعصار.. اسمه بشار.. هو المختار.. يجمع العباد والبلاد.. من تخوم البحر حتى بغداد…! يُعيد لأهلها أرض الميعاد.. ويشيح السواد.. فالحق ساد.. والتاريخ عاد..
البحر وإخوته خمسة متلازمين.. ميت، وأحمر وأبيض وأسود، وقزوين.. والكل حولها ينادي آمين.. آمين..
وفي شمال شمال البحر يتجمّع ثانية الألبان.. وعند تخم البحر يزول الكيان..
هذه هي الرواية.. ليست ككل حكاية.. بدأت قبل البداية..! ولن تنتهي عند النهاية..!
ويولد شرق جديد سيكون قلبَ العالم.. وفي قلب القلب منه سورية.. ففي البدء كانت كلمة..! وأصبحت الشام..