ماذا فعلت ما تسمى الحرب ببلدنا
هذا السؤال ما له وما عليه يسأله ويجيب عنه الاستاذ محمد محسن
…ماذا فعـــــــــــــلت الحـــــــــــــرب في بـــــــــــــــــــــلادي
………………ماذا فعلـــــــت سلــــــــباً ، وما حققــــــــــته ايجــــــــــــــاباً
………………تحالف المـعارضة يشبـه تحـالف العـدوان من حـيث البـــنية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم اقرأ و لم أسمع على الأقل ، أن معارضة في العالم بهذا التزويق اللوني الواسع من الانتماءات ، ومن التعارضات الفكرية ، والمختلفات الثقافية ، والدينية والقومية ، مع رعيل من المثقفين " الأساتذة " تتلمذ الكثيرون على أيديهم ، ـــ ولكن الثقافة لا تنتج انساناً ـــ يساند كل هذه الألوان ويقودها ويتناغم معها ، العديد من الفاسدين والمفسدين الذين كانوا في أعلى مراكز السلطة ، أو على حوافها من المرتزقة ، والانتهازيين ، والمتكسبين ، والحالمين بالتسلل إلى السلطة ، في هذه المعارضة كل الألوان .
كل هذا الرهط وهذا التشكيل الفسيفسائي من المعارضين انضووا في حشد قطيعي واحد ، ألغى ميزاتهم الفردية ، وبات الجميع يرطنون بمفاهيم طائفية ، وصهروا جميعاً وشكلوا خليطاً لكن بلون واحد ، هو لون التوحش وكأنهم يعيشون في مجتمع " قبل بشري " .
هذا الواقع بات مدركاً من الكافة ، ولم نأت فيه بجديد ، ولكن الغريب ، والمستهجن ، والذي خرج عن المنطق ، أن يستقوي هذا الخليط ليس بأعداء وطنهم المباشرين فقط ـــ بل استنجدوا واستقووا بكل أعداء الانسانية ـــ هذا العدو شكل أيضاً خليطاً عجيباً ، يتشابه في تركيبته البنيوية بنية المعارضة ، ، ويبدوا أنه غير متجانس شكلاً ، لكنه متجانس غاية ، بحيث امتد ليشمل كل دول الرأسمال الغربي بزعامة أمريكا طبعاً " التي تزعم أنها جاءت لفرض الديموقراطية بنموذجها الغربي اللبرالي " على الدول الديكتاتورية في المنطقة ؟ !، ـــ تخيلوا ـــ تحالفت من أجل تحقيق " الديموقراطية الموعودة " ، مع أعتى رجعيات العالم ، والتي تنتمي إلى الحقب ما قبل المدنية .
…………………….هل ترون في هذا مفارقة ؟؟!!……………………
…………………….ليس في هذا أدنى مفـارقة ……………………….
لأنني أرى أن هذا التحالف بطرفيه يشكل خليطاً فيه كل الألوان ، ومع ذلك يمثل وحدة واحدة متكاملة ، انصهرت في بوتقة واحدة وجبلت فصنع منها بقطبيها " الوحش المعادي للإنسانية " ، الاستعمار الغربي الذي سرق حضارة البشرية ، وحرفها ، ثم صادرها لمصلحة الشمال ، ولكنه لم يدر أنه بذلك خرب الشمال والجنوب ، أفقر الجنوب حد الجوع والموت ، وكدس الثروة في الشمال ، فحول الفرد في الشمال ، إلى انسان فرد يعيش من أجل نفسه ، همه اشباع غرائزه الجسدية ، لكنه أفقره اجتماعياً وانسانياً ، من خلال استنزاف طاقاته ، وقدراته ، في عمل روتيني تكراري ، لا يقدم له أي بعد روحي ، هذه حالة افقار لروح الانسان الاجتماعية ، واعادته إلى فردانيته التي كان يعيش فيها وضمنها الانسان ما قبل الحضارة .
…………………نعم عودة الانسان إلى الحياة الفردية ………………..
أما حلفاء العدوان الاقليميين ، فكما سرق الغرب حضارة الانسان وحولها إلى حياة الفردنة ، سرق هؤلاء حلفاء الظلام العقل وأغلقوه ، وحولوا الانسان أيضاً الذي يعيش في القرن الواحد والعشرين ، إلى انسان مستسلم ، خانع ، يقضي عمره وهو يتمتم بجمل جاهزة لقنه اياها شيخه الذي علمه السحر ، وأدعية مصلوبة على حيطان كلمات محددة يقضي عمره يرددها كالببغاء ، معتقداً أنها هي التي ستفتح له ابواب الجنة ، ومن ثم يندلق على الحور العين ، كما يندفع وحش على فريسة .
.
هذا التحالف العدواني الغريب العجيب الذي يتشكل أيضاً من ألوان فاقعة على أرضية سوداء قاتمة ، والذي يشبه ألوان المعارضة المتنافرة والتي غلب عليها السواد أيضاً ، لذلك كان استنجاد المعارضة بتحالف العدوان ، الذي يشبهها بنيوياً ، لتدمير وطنها وقتل شعبها ، يملك بالنسبة لها مشروعيته ، فالكل يبحث عن ما يشبهه ، فالمعارضة القطيعية التي غلب عليها لون الارهاب الأسود ، استنجدت بقوى الظلام الاستعمارية ، وقوى الظلام العقلية ، وهذه التشكيلة العدوانية ، يجب أن تستولد مثيلها وعلى شاكلتها الارهاب المتوحش الذين يشبهها ، كما يشبه الوليد أمه وأباه .
فأخذت الحرب القذرة شكلها الخاص الذي لا يشبهه في التاريخ الحديث مثيلاً ، قطعان من الوحوش بمؤازرة كل أشرار العالم العسكرية ، والمالية ، والدينية ، كلها صبت في عدو واحد ، هاجمت بلدنا فقتلت ودمرت ، لأن من استولدها صنعها من أجل ذلك ، فمهمتها القتل والتدمير ثأراً للغرب المتوحش الذي لم ترفع له سورية راية الاستسلام ، وتشفياً من البلد النازع نحو العقلانية ، والذي يشكل خطراً وجودياً على محميات الخليج الأنظمة ما قبل تاريخية .
.
لكن الوحش الذي صنعوه باتت له رغباته المستقلة عن مصنعيه ، بعد أن كبر وزادت قوته ، لذلك سيكون أمام مفترقين :
اما أن يذهب إلى البيئة الحاضنة فقهاً ومالاً ، فيهشم من صنعه ولقنه ألف باء التوحش ، لأن الوحش إذا جاع يأكل صاحبه ، وقد تفر منها ذئاب منفردة إلى العالم الغربي " الكافر " لتمارس هوايتها في القتل والتدمير هناك ، حتى دعوات معسكر العدوان الخلبية لقتال الوحش ، لم تكن لتقال لولا صمود سورية التاريخي .
………………………ماذا حدث في بلادي …………………………
وماذا استفاد الغرب من تدمير بلادي وقتل شعبي ، بعد أن نعلم يقيناً أن الحروب هي فعل تلقائي وضروري تستدعيه بنية التشكيلة الرأسمالية ، أي لاوجود للرأسمالية بدون حروب ، ومجنون من يعتقد أن الغرب لا ينام لأن في العالم بلد غير ديموقراطي ؟؟ وأن كل همه تعميم الديموقراطية ، هذا كذب ، وتضليل ، ولا يمت للحقيقة بصلة ، بل كانت الدول الغربية معنية بتحطيم اي تجربة ديموقراطية في العالم ، في الوقت ذاته التي تحمي وتساند أعتى الرجعيات في العالم ، وهناك ألف دليل ودليل ، فهل السعودية ، وقطر ، والبحرين ، والأردن ، والمغرب ، كلها بلدان ترفل بالديموقراطية ـــ ياما شاء الله ـــ ؟؟؟!!!
……………نعم دمروا بلادي وقتلوا شعبي ، وشرد وه تحت كل نجم ، ………………………………..ولكنه لم يركع ……………………….
الصمود بحده ذاته انتصار ، فكيف ونحن قادمون على انتصار حقيقي !! ، عندما نقيم واقع بلادنا الآن وننظر إلى الوراء لنرى ما تشيب له الولدان ، ونقارن حاضرنا الآن بما جرى وبما كان متوقعاً سيتبين لنا بجلاء ، وبدون أي ظلال .
……………..كم كان انجاز شعبنا وجيشنا وحلفائنا عظيماً ……………
اذن كل قوى الشر ـــ الرأسمالية السوداء ، والفكر الديني الأسود ـــ تحالفتا ضد هذا البلد الصغير بمساحته ، الوارث تاريخاً ، وتراثاً حضارياً وقيماً موغلة في القدم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا التاريخ المجيد بكل مناقبيته ، وبكل انجازاته ، وبكل مواجهاته ، في جميع الحقب الماضية ، هو الذي شكل الظهير، والسند ، لصمود شعبنا ، وجيشنا ، فمنه استقى أبطالنا روح الكفاح حتى الاستشهاد ، ومنه تعلمت أمهات الشهداء الصبر والتحمل .
سيتنطح البعض للقول عدنا للتغني بالماضي !! ، وأنا أقول التاريخ يورث قيمه ، كما يورث الآباء جيناتهم لأبنائهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
……………..فهل يمكن أن يكون لهذه الحرب مكاسباً ؟؟………………
من ينظر لهذه الحرب ويقيمها على أنها حرب عادية ، كباقي الحروب في التاريخ ، لن يجد لها مكسباً ، ولكن عندما نضعها في اطارها الصحيح ونعتبرها حرباً مفصلية ، عندها نبحث عن مكاسبها ، وسنجد الكثير ،
قلت منذ سنتين أن هذه الحرب ستكون الحرب الأخيرة بين الحروب الكبيرة ، لأن العالم كله اشترك بها بحجم من الحجوم ، اذن سيكون مردودها ومنعكساتها العالمية سلباً أوايجاباً ، بمقدار حجم التدخل السلبي أو الايجابي .
أشعل الغرب هذه الحرب منتهزاً فرصة تسيده على العالم كقطب أوحد ، فبادر للحرب لإنهاء البؤر الأخيرة المعاندة ، معتقداً أنها ستكون حرب نزهة ، ويستريح لعقود وسيستتب له ولعملائه من بعدها الاستقرار الأبدي ، كما قال فيلسوفهم " فوكوياما " التشكيلة الرأسمالية هي نهاية التاريخ .
.
ولكن هذه الحرب سينتج عنها رابح وخاسر ، الرابح من لم يستسلم لأعدائه ولم يرفع الراية البيضاء ، والخاسر من لم يتمكن من تحقيق ما جاء من أجله ، ولم يتمكن من لي زراع خصمه ، أليست هذه القاعدة التي يتم من خلالها تقييم نتائج أي حرب ؟؟!!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن العدو الخاسر الذي لم يستطع تحقيق الهدف الذي جاء من أجله ، يكون قد خسر معركة وضيع هدفاً ، وما دام لم يحقق هدفه والغاية التي خاض الحرب من أجلها ، يكون قد جير خسارته تلقائياً نصراً لخصمه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
واذا ما ترجمنا هذا الرأي على الواقع نخرج بنتيجة ، أن الغرب لم يستطع فرض وصايته على المنطقة ، اذن سيتقلص نفوذه بحجم خسارته ، ولما لم تتمكن ممالك الخليج تحقيق انتصار على النزوع العقلاني في سورية ، وكانت سورية قلب العروبة النابض ، فهذا يعني نشر العقلانية وتوزيعها في المنطقة على حساب التزمت الديني الماضوي النكوصي .
نعم دمروا وقتلوا وشردوا ، وهذا شكل ويشكل مأساة انسانية ، سيذكرها التاريخ ، وسيلعن مفجريها .
……ولكنهم لم يستطيعوا سحق الهوية العربية السورية وبقيت رايتنا ……………………………مرفوعة