المستشار القانوني في موقع نفحات القلم الاستاذ محمد محسن كتب مقالا بعنوان
دور " اسرائيل " في هذه الحــــــــــــــــــــــــــــــــــــرب
………………..هل حقــــــــقت حلمـــها ؟ أم خـــــــــــــــــــاب فألــــــــها
………………..هل ستعيد " اسرائيل " دراسة مستقبلها على ضوء النتائج
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس عاقلاً من يعتقد أن حرب السنوات السبع المستعرة في سورية ، والتي وصل اوارها عنان السماء ، وأطراف الأرض الأربعة ، وسالت الدماء فيها أنهاراً ، واشتركت فيها كل دول الأرض بحجم من الحجوم ولكل دوره ، عسكرياً ، أو مالياً ، أو اعلامياً على الأقل من خلال آلاف محطات التلفزة ، والمواقع " الإليكترونية " ، والصحف المقروءة ، والمكتوبة ، منها من فبرك الأخبار ، ومنها من ساهم بصناعة الرأي العام ، وكلها اشترت وباعت في سورية ، ولكن وبعد كل هذا الكر ، والفر ، والموت ، والدمار .
.
" نمي إلينا أن " اسرائيل " كانت واقفة على قمة جبل الشيخ تتفرج على المتقاتلين فقط ، لكنها تشجع خلسة الفريق الذي تقوده أمريكا؟؟!! "
.
نعم اسرائيل هي لاعب اساسي ومركزي في هذه الحرب ، وهي صاحبة المصلحة الكبرى ، بل المستفيد الأكبر ، لأن وجودها البنيوي كدولة بات مهدداً ، لذلك كانت قد استدعت الحرب استدعاءً ، وحرضت عليها ، وروجت لها ، ولأن " اسرائيل " لا تعيش بدون حروب ، كانت المعنية الأكثر بهذه الحرب ، ولا بد وأن تكون قد قدمت دراسات الجدوى منها ، وأكدت لأمريكا أنها مضمونة النتائج لأنها تجيء في مرحلة مفصلية من التاريخ ، لأنها تجيء بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ، وتفرد أمريكا بحكم العالم لوحدها ، لذلك دعت " اسرائيل " أمريكا وحلفاءها اهتبال الفرصة ، المواتية لأن الصيد ثمين ، والمردود سيعم الغرب وحلفاءه ، وسيحقق " لإسرائيل " استقراراً لعقود ، والاستقرار سيهيئ لها امكانية الامساك بكل خيوط اللعبة في الشرق الأوسط وقيادته وفق مصالحها وكيفما تريد ، وكان من أهم مقاصدها الاستراتيجية تاريخياً ، اسقاط الهوية العربية السورية من خلال اسقاط الدولة السورية ، وليس النظام فقط ، لأن اسقاط الدولة يعني تمزيقها وتحويلها إلى كانتونات منقسمة على أسس دينية ، أو مذهبية ، أو قومية متصارعة وغير مستقرة ، وهذا أهم مطلب لها لأنها ستمسك حينها بسياسة تلك الكانتونات التي تشبهها بنية وتوجهاً بكلتا يديها .
.
وبإسقاط الدولة السورية تُسقط النصير والظهير للمقاومة ، والحليف القوي لإيران ، بعد كل هذه الانجازات المترابطة مع بعضها والمأمولة !! سيتحقق " لإسرائيل " الاستقرار لعقود ، ويزاح الهم المقيم الذي فرضه حزب الله وحلفاؤه عليها من خلال" توازن الرعب " ، والذي جعل ـــ أصحاب الهويات المزدوجة يفكرون باستخدام هوية المنشأ ـــ ، وعليه ستكون الرابح الأكبر من هذه الحرب المجنونة .
كل هذا يؤكد أن " اسرائيل " كانت من أكثر المحرضين على قيام الحرب ، بل والمخططين لها ، والتي ستقدم الدراسات الديموغرافية والجغرافية عن جميع المناطق السورية التي تحيط بها ، ولا بد وأن يكون لها دور اساس في استنفار الدول والقوى التي ستساهم فيها ، وهي من ساهمت حتماً بتحديد ساعة الصفر لتفجيرها ومراقبة جميع التحركات والمواجهات التي ستشكل ارتداداتها .
.
فأينما توجهت ، وإلى أي بؤرة من بؤر المواجهة والقتال في سورية ، ستجد أمامك ملمحاً من ملامح " اسرائيل " إما بتواجد عسكري فعلي ، أو مادي تسليحي ، أو استخباري ، أو لوجستي ، أو صحي ، أو اعلامي ، وحتى ولو لم ترى أي قرينة على وجودها يجب أن تثق أن اسرائيل ، موجودة في كل معركة ، بروحها العدوانية ، أومن خلال عملائها ، وجواسيسها ، والمعارضين الذين أكل الحقد قلوبهم وعقولهم ، فقادهم الغل إلى زيارتها " والتشرف بلقاء قياداتها " وعقد التحالفات معها " العميل فهد المصري نموذجاً " ، أو من خلال الاستقواء بها عندما يدلهم الخطب ، لأن أي ربح لمعسكر العدوان يعتبر انتصاراً للمعارضة " ولإسرائيل " في آن واحد ، لأن كلاهما باتا في مركب واحد ، ومصلحتهما واحدة وهمهما واحداً ، ألا وهو اسقاط الدولة السورية.
.
إذن " اسرائيل " كما قلنا سابقاً هي المعني الأكبر بهذه الحرب ، والتي تتعقب مسارها يومياً ، شأنها شان جميع دول حلف العدوان ، التي كانت تعتقد أن الحرب لن تأخذ أكثر من أسابيع وبعدها تنهار الدولة ، حتى المعارضة السورية بكل تشعباتها وألوانها المتناقضة ، والتي صهرتها تشكيلة القطيع ، كانت تتوقع أنها مجرد أيام ويقفز أولئك " العصاة " على أرائك السلطة ، وتتسنم دفة البلاد والعباد ، ولكن لم يطل الوقت حتى خاب أمل المعارضين " اللبراليين الجدد" المترحلين من الماركسية أو من جوارها ، لأنهم تأكدوا أن المخطط يقتضي تسليم واحدة من الحركات الاسلامية ، السلطة في المنطقة ، وأن حزب الاخوان المسلمين هو المرشح الأوفر حظاً للامساك بالسلطتين المصرية والسورية على الأقل ، وهذا يحقق رغبة " اسرائيل " ومطالبها الأساسية ومنها :
.
…..أولاً ـــ تحقيق الحلم القديم الأوروبي ــ الأمريكي " والاسرائيلي " والذي عمل الغرب عليه عقوداً ، ألا وهو تنصيب الحركات الاسلامية على سدة الحكم ، في سورية ، ومصر بصورة خاصة ، وبالتالي سينضوي هذا النظام الإخواني المأمول تحت المظلة الأوروبية والأمريكية ، ويشكل جزءاً هاما من التحالف الذي تقوده تركيا ، المتحالفة مع الغرب ومع" اسرائيل ".
.
…..ثانياً ـــ سيكون من أهم مهمات النظام الجديد ، تسعير الصراع المذهبي ضد ايران بين الحلف الاسلامي العربي التركي ، المتطلع نحو اعادة العثمانية الجديدة ، مع ايران " الفارسية المجوسية " إلى أبعد مدى ، ـــ والتي لم تكن فارسية ولا مجوسية في عهد الشاه " زلمة " أمريكا ـــ ، وهذا يؤدي إلى استنزافها بشرياً ، ومادياً ، ويحجب عنها أبسط حالة من حالات الاستقرار ، وهذا يحول دون تقدمها العلمي والحضاري ، كما ويضيق عليها مجالها الحيوي ، ، وتتحول إلى دولة اقليمية مغلقة ، محاصرة من جميع الجهات ، بدول اسلامية تناصبها العداء الدائم .
.
…..ثالثا ـــ اسقاط الدولة السورية ، وحصار ايران تفضيان حتما إلى حرمان حزب الله من الظهير ، والنصير ، والمعين ، وهذا يخلق الوضع المثالي لحصاره وتصفيته ، وبذلك يتحقق الربح العظيم . وتتحصل اسرائيل عندها على الجائزة الكبرى .
…..رابعاً ــ النظام الديني إخوانياً كان أم وهابياً ، سيتفيأ تحت المظلة الأمريكية ، وعليه وبالضرورة سيكون حليفاً " لإسرائيل " وسيتحول العداء التاريخي معها إلى صداقة تاريخية ، وبخاصة بعد سقوط الدولة المعاندة والعنيدة سورية ، وتترسخ الهيمنة " الإسرائيلية "على المنطقة كلها لأنها تكون هي الدولة الأقوى ، وبهذه الصيغة المرتجاة ، تصفى القضية الفلسطينية ، ويطوى الصراع إلى الأبد وتصبح المنطقة كلها رهينة للفكر الديني الظلامي المغلق ، الذي تشجعه اسرائيل ، وتستثمره لمصلحتها على كل الصعد .
.
……………………هل كانت النتائج وفق المأمول ؟؟!! ……………………………..
لاتزال اسرائيل تحلم ببعض من فتات ، ما دامت الحرب مستعرة ، ولكن بدأت خيبات الأمل تتسرب إلى خبرائها ، وسياسييها ، وضمن الوقت الضائع ومن خلال مفهوم ـــ عدو عدوك صديقك ـــ تحاول مد يدها إلى محميات الخليج ، التي كانت طوال الفترات السابقة ، تتبادل مع " اسرائيل " المهمات وتتقاسم معها الأدوار ، ولكن عن طريق وسيط أمريكي ، أو أوروبي ، بهدف انهاك المنطقة ، والحؤول دون أي تقارب بين الأقطار العربية وبخاصة بين مصر وسورية .
.
السؤال الحار والحال والمهم بعد أن وصلت الحرب إلى ما وصلت إليه ،
…………ما هو قطاف " اسرائيل " من هذه الحرب ؟ هل لازالت تحلم بحصاد وفير ؟ وهل بات تحالفها العلني والمباشر مع الرجعيات العربية ما قبل تاريخية بات واقعاً ودائماً ؟ كلها تساؤلات تملك بعض الراهنية والأهمية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن نحن نجيب : لقد خاب فأل " اسرائيل " لأن النتائج جاءت مخيبة لآمالها ، وأملها بات يتسرب من بين يديها ، مع أنها لاتزال تعتقد واهمة أنه لايزال هناك بصيص من الأمل ، هذا الأمل الخلبي دهسته عربات الانتصارات المتصاعدة .
وبدلاً من أنها كانت تواجه خصماً يملك خبرة قتالية جيدة ، هي في المستقبل ستواجه قوىً مدربة متمرسة بكل فنون القتال ، والسؤال الذي يؤكد رأينا هو :
….. لو كانت " اسرائيل " تعتقد غير هذا ، ما هو الذي يردعها من استثمار حالة الاشتباك الدائم للجيش العربي السوري وانشغاله على مئات الجبهات ، وانشغال حزب الله في سورية ؟
لماذا لا تستغل هذا الفرصة النادرة وتشن حرب خلاص منهما في آن ؟؟؟!!!
………….نعم ستكون اسرائيل الخاسر الأكبر من هذه الحرب .