كتب المستشار محمد ابو زيد عبدالله من مصر :
من يحاصر من ؟
– – – – – – – –
لتوقيت إندلاع الأحداث فى سوريا دلالة يجب ألا تغيب عن الأذهان …فسوريا آخر بلد عربى هبت عليه عواصف ما أسموه ربيعا وهو الخريف بعينه …فالطبخة التى أعدت لسوريا كانت مختلفة عن تونس وليبيا ومصر واليمن …ففى 15 مارس 2011 كانوا قد فرغوا من امر تونس ومصر وليبيا ..وبذا يتأكد الحصار الخانق على سوريا ..حصار نواته جماعة الاخوان المسلمين ركيزة المشروع الامبريالى الذى اسموه ربيعا وكأننا شعوب تتوق إلى نعيم التحكم الاستعمارى ..فقد أطلقوا الاخوان من عقالهم لإدراكهم أن الإخوان بتهويماتهم حول استاذية العالم مسالمون فيما يخص اسرائيل فليست فى سلم اولوياتهم بل ان فكرة الوطن ككيان جيوبولتيكى لا تحظى بالاهمية لديهم فيستوى لديهم ان يبقى موحدا ام ينقسم ..لذا لم يكن غريبا ان يرقص بشير السودان مبتهجا بإنفصال جنوب السودان وقال قولته الشهيرة : اليوم تتأكد الهوية الإسلامية لشمال السودان …إذن فالاخوان ليسوا ضد مشروع الشرق الاوسط الجديد طالما انه سيجعلهم يحكمون كيانات اسلامية سنية صرفة ليس بها مسيحيون ولا جماعات اسلامية مناقصة للمذهب السنى ولو من حيث الشكل ..اضافة وهذا هو الاهم انهم وفريق الخسة والعمالة بلبنان ( 14 ذار ) لهم ثارات مع النظام السورى وهم مستعدون لحرق سوريا طلبا للثآر …
إذن فعشية 155 آذار المشئوم كانت سوريا محاصرة بإخوان مصر شرقا وإخوان ليبيا من المتوسط …وبإسرائيل وفريقها اللبنانى …وبالخليفة العثمانى المارق الذى يعتبره الاخوان خليفتهم وهم بالمناسبة يعتبرون سقوط الخلافة العثمانية مأساة مريرة للعالم الاسلامى ….وبالعراق المنهك الذى حاولوا احداث حراكا طائفيا به يتخذ من الانبار ( الفلوجة والرمادى ) مركزا له ..ولما فشل استبدلوه بداعش …هذا الحصار الذى ارادوه خانقا لسرعة الاجهاز على سوريا كلها وليس النظام فحسب أين اصبح اليوم بعد مرور ست سنوات وماهى مآﻻته ؟ ….
-لبنانيا : تم ترويض الفريق اللبنانى الذى لعب دورا منحطا فى بدء الأحداث وقصقصه ريشة بعمليات جراحية ناجعة فى سلسلة جبال القلمون من جانب الجيش العربى السورى والمقاومة الوطنية اللبنانية بزعامة حزب الله ..وتدجينه سياسيا ..وتفكيك اطرافة ..وبالتالى لم يعد له دور ملموس الا من خلال بعض التصريحات الخجولة لرموزه التى ادمنت الخيانة والانبطاح ..
– لبنانيا أيضا : …إستطاع حزب الله تدعيم نفوذه السياسى بوفاءه النادر تجاه حلفائه …وتدعيم قواه الميدانية التى باتت تشكل هاجسا مرعبا للكيان الصهيونى ..بل واثبت هذا الحزب امتلاكه وعيا استراتيجيا بقراره الاشتراك ميدانيا الى جانب الجيش العربى السورى فى مقاومة الجماعات الارهابية التى كانت قد كسبت ارضا واسعة بسوريا فى مستهل الاحداث ..
– تركيا : أستطاعت سوريا بذكاء سياسى وعسكرى ودبلوماسى إغراق اردوغان ومعه تركيا بجغرافيتها وتاريخها فى المستنقع ..فتركيا التى حملت على عاتقها تقديم التشهيلات اللازمة لانجاح المخطط الامبريالى لاسقاط سوريا بفتح حدودها ومعسكراتها للارهابيين من كل حدب وصوب والتى تبجح حاكمها يومها بأنه سيصلى بأموى دمشق بات مهددا اليوم بصلاة الرئيس الاسد فى جامع السلطان احمد باسطنبول بعد رحيل اردوغان الوشيك وهو رحيل لن يكون سلميا لحاكم رفع شعار الدم فى مواجهة شعبه وبلده ..وقد دفع الشعب التركى ثمنا باهضا لمغامرات هذا الحاكم الذى يتمتع بغباء وغلظة سلاطين الدولة العثمانية …فأصبحت تركيا بفعل سياساته الخرقاء مهددة بالتقسيم بينما قسم من جيشه باب مرتهنا فى باب سوريا وبعشوقه العراق ..
– اسرائيليا : تعانى اسرائيل الامرين مع ذلك النظام السورى الذى اصبح صداعا مزمنا فى رأسها منذ ستينات القرن الماضى ..فلا النظام سقط ولا أنهار جيشه الذى اصبح اقوى جيوش المنطقة بفضل الخبرات القتالية العالية التى اكتسبها واهمها اتقانه لحرب المدن وفنون حرب العصابات وهو تحول كيفى هائل ..ولا حلقة المقاومة الممتدة من طهران حتى شمال فلسطين قد كسرت بل نزداد قوة ومنعة كل يوم وباتت الجماعات التى راهنت عليها اسرائيل وقوى رأس المال الدولى بزعامها امريكا وفتحت لها بلدان الخليج خزائنها اعجز من ان تحقق اى هدف ولو مرحلى …بل وهذا هو الاهم فإن جبهة الجولان وجنوب لبنان قد اصبحت جبهة واحدة ويزداد المأذق الصهيونى بخروج المارد العراقى من قمقمه …
– انقلب السحر على الساحر وباتت اسرائيل محاصرة بالبحر ومحور المقاومة وانتفاضة الداخل وحركاته المقاومة …وهذه هى الجائزة الكبرى فى اى صراع تعد له امريكا …
محمد ابوزيد