بقلم الاستاذ محمد محسن
.كيف ولــدت مملكة الأردن والدور الذي أسســت من أجــله ؟
…………..هل كانت ممـلكة الأردن تتــفرج على الحرب خلال السنين ؟
…………..عـدونا المباشر " اسرائيل " ولكـن الممالك كانت تكمل الدور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد يظن البعض أنني أكتب مسرحية ، فيها شيء من الهزل ، وكثير من التشويق " أكشن " ، ولكن هذا الظن فيه بعض الصحة ، سأبدأ بكتابة الفصل الأول من المسرحية ، عفواً فصل شكل حدثاً تاريخياً ، بني عليه دوراً سيؤرقنا ما دام على قيد الحياة .
…………………….كيف ولدت مملكة الأردن ……………………..
عندما احتل بني سعود مكة المكرمة عام / 1922 / ، طردوا الشريف حسين وأولاد منها ومن جميع أراضي الجزيرة العربية ، ففر الأمير عبدالله ابن الشريف حسين ، ومعه حاشيته متوجها إلى سورية ، حيث نصب أخوه الأمير فيصل ملكاً عليها ، ولما وصل جبل عمان وخيم هناك للراحة ورده خبر مفاده ، أن أخاه الملك فيصل قد هرب من سورية إلى العراق ، بعد دخول الجيش الفرنسي إلى دمشق ، فأُسقط في يده ، وقُطعت به السبل ، فهو غير قادر على العودة إلى الحجاز ، وغير قادر على متابعة طريقه إلى دمشق .
.
فأشار عليه أحد مستشاريه أن يكتب إلى وزير المستعمرات البريطاني الذي كان في حينها الثعلب البريطاني " تشرشل " والمقيم في أحد فنادق القاهرة عندما كانت مصر لاتزال مستعمرة بريطانية ، فأرسل له الأمير كتاباً يشرح له فيه وضعه ، وأنه لم يعد قادراً على العودة إلى الحجاز ، ولا التقدم نحو دمشق ، حيث طرد أخاه فيصل .
فقرر تشرشل تخصيصه بإمارة الأردن ، وهو في فندقه ، رسم خارطة الامارة بقلمه وهو في ردهة الفندق ، ورسم لها زيلاً طويلاً وصلها بالعراق ، حيث سينصب أخاه فيصل ملكاً عليها ، فكانت الامارة رسماً بريطانياً على ورقة ، ودوراً مستقبلياً سيسند لها ، لتكون شوكة في خاصرة سورية .
عندما وصل الأمر إلى كلوب باشا " أبو حنيك " الضابط البريطاني المسؤول عن تلك البلاد والذي أصبح قائداً للجيش الأردني ، حتى عام / 1956 / ارسل " أبو حنيك " هذا مندوبه إلى تشرشل ليعلمه أن القبائل لا ترضى بعبد الله ملكاً ، فأجابه تشرشل اشتري أمراءهم بالذهب وهكذا تمت الولادة القيصرية لدولة الأردن .
.
هذه حكاية الدولة الدور والوظيفة ، ومنذ تاريخ التأسيس والأردن ينهض بكل كفاءة بالدور المسند له ، لن نتحدث طويلاً عن علاقة الملك حسين " بإسرائيل " وزيارته " ل " غولدا مايير " رئيسة الوزراء في حينه وأعلمها أن العرب سيهاجمون "اسرائيل " ، ولكن سنتحدث عن بعض الأدوار التي قامت بها المملكة عام / 1970 / وما قبله ، عندما كانت جميع الحدود الأردنية ، المحاذية لفلسطين المحتلة ، مزروعة بقواعد المقاومة ، من الحدود السورية مروراً بجبال السلط ، والأغوار وحتى البحر الميت وصولاً إلى معان ، ولم يكن لل
سلطات الأردنية أية تواجد في تلك المناطق ، ولقد خاض المقاومون عشرات العمليات العسكرية ضد " إسرائيل " وكان أهمها معركة ــ الكرامة ــ .
.
…ولقد واكبت أنا كاتب هذه السطور مع المفكر المصري الأستاذ محمود أمين العالم في آذار 1970 مجموعة من المقاومين من جبال السلط ورافقناهم حتى الأغوار الأردنية ، وهناك تم وداع المجموعة المؤلفة من أربعة مقاومين ، وكانوا متوجهين إلى غزة ، ويحملون معهم أسلحتهم الخفيفة وبعض الخبز اليابس وحاجياتهم الشخصية .
……وفي أيلول الأسود تحالف الملك الذي مات ، مع أمريكا واسرائيل ، وضربوا المقاومة ، ولقد كلفت حينها ـــ انا كاتب هذه السطور ـــ بالذهاب إلى الأردن لتقديم تقرير للقيادة عن واقع المقاومة والجيش العربي السوري ، الذي كان قد دخل إلى الأردن لمساندة المقاومة .
…… وسأذكركم فقط بواقعتين مفصليتين في أيلول الأسود عام / 19700 /، ضرب قواتنا من قبل الطيران الاسرائيلي ، وموت الرئيس عبد الناصر وهو يودع أمير الكويت في مطار القاهرة في / 28 /أيلول الأسود /1970 / عندما كان بعض الرؤساء العرب يبحثون وضع الأردن والمقاومة .
.
…….ومنذ ذلك التاريخ وقبله أي منذ تأسيس هذه المملكة ، وهي تقوم مع مملكة بني سعود ، بدور مكمل للدور " الإسرائيلي " أحياناً بشكل مباشر ، وأحياناً من خلف الستار أو عن طريق وسيط ، ومن المستغرب أن يشكك عاقل بهذه القناعة لأن أمريكا هي الدولة التي استلمت رعاية وحماية المملكتين ، بعد أن سلمتها بريطانيا هذه المهمة ، وأمريكا هذه هي التي تتخادم مع اسرائيل بشكل مباشر ومن خلال " اللوبي " الصهيوني القوي والمؤثر في أمريكا ، فهي تحمي اسرائيل وتساعدها عسكريا ، واستخبارياً كما أن اسرائيل تخدم المصالح الأمريكية في المنطقة ، وما دام الراعي والحامي واحداً ، كيف يمكن الشك في أن المملكة الأردنية والمملكة السعودية ، لا يتقاطعان مع " اسرائيل " بنفس المهام خدمة لمصالح الدولة الحامية أمريكا .
.
…… إذن وبالمفهوم المقابل المملكتان مع " إسرائيل " في نفس الخندق المعادي لجميع القضايا العربية ، وللموضوعية يمكن أن نلحظ بعض التباينات في حجم الدور الممكن أن يلعبه كل منها ، وقد تولد بعض التناقضات مع " اسرائيل " ولكن أمريكا هي الحكم وهي المؤدب للمذنب ،
وهي القادرة دوماً على اصلاح ذات البين .
……….هذا هو الأردن ولادة ودوراً ، فما هو دوره الآن ؟!!………..
واهم من يعتقد أن الأردن كان يتفرج في السنوات السبع من الحرب على سورية ، حتى وقبل نشوب الحرب حيث وبكل تأكيد ساهم في تقديم ما لديه من معلومات ، عن الجيش العربي السوري ، وعن التكونات الديموغرافية ، العشائرية منها والمذهبية ، وبخاصة عن المنطقة الجنوبية ، لقربها من الأردن ، ولعلاقات القربى بين المنطقتين ، حتما قدم تلك المعلومات الغنية ، للدارسين والمخططين للحرب قبل اندلاعها .
.
ومن المؤكد أن الحكومة الأردنية ، والحركة الاسلامية الكبيرة والنشطة في الأردن ، ـــ والتي تسن أسنانها للانقضاض على المملكة الهشة والفقيرة عندما يحين الوقت ـــ هاتين الجهتين وكثيراً من رجال العشائر في الأردن ، لم يتركوا أسلوباً و أداة إلا وقدموها للإرهابين ، " المجاهدين " الأردنيين الذي فاق عددهم / 4000 / وحش ، وسلاحاً ، ومؤناً ، ومعلومات استخبارية ، ودعماً عسكريا مباشراً من الجيش الأردني ، كل هذا تم بالتعاون مع " اسرائيل " ودول الخليج وأمريكا ، وأوروبا ، وان نسينا فلن ننسى " غرفة " موك " السوداء التي كان دورها خدمة الارهابيين على جميع الأصعدة .
……. لا ننسى سبع سنوات من الحرب ، وقبلها سنوات عدة من التهيئة والتخطيط ، ومع المملكة كل دول العالم ، وعلى رأسها " اسرائيل " مع كل المال السعودي ، والقطري ، والاماراتي ، وعشرات الآلاف من " المجاهدين " الوحوش ، لم يتمكنوا من اسقاط الجنوب ، وبقي الجيش العربي السوري صامداً ، وفي مرحلة الهجوم ، ولكننا نقر أننا خسرنا بعض المواقع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
……. نجمل ونقول كل تحالف دول العدوان ، ومعهم الأردن مملكة الوظيفة والدور ، لم يتمكنوا من اخضاع الجنوب ، خلال السنين السبعة ، فالمنطق يقول من لم يستطع انجاز غاياته طوال هذه المدة الطويلة ، سيكون من العسير عليه تحقيقها الآن ، بل أجزم أنه من المستحيل .
………………………….هذه واحدة …………………………………
…… من قاوم سنوات سبع سيستطيع المقاومة لسنة أخرى ، أو أكثر ، فجيشنا وحلفاؤه امتلكوا الخبرة القتالية ، كما امتلكوا إلى جانبها التحدي والتصدي .
……………………….وهذه ثانية …………………………………
كنا نرتعب من قوة الجيش الأمريكي المدجج بالسلاح ، ولكن كشف الغطاء عنه فظهر جيشاً مرتزقاً ، أكل حذاءً على قفاه في الفيتنام ، ولن نتحدث عن ما جرى هو وكل جيوش الغرب في افغانستان ، وأخيراً كيف خرج من العراق مذموماً مدحوراً .
أما في سورية فهو سيواجه جيشنا الصامد ، وحلفاؤه من حزب الله ومن الحشد الشعبي العراقي وسواهما ، فعدة نعوش لجنوده تحملها طائراته ، وينظم لها الوداع في المطار الحربي الأمريكي ، تجده يلملم خيمه وآلياته ويتوجه غرباً ، وسندله حينها أن البحر الأبيض المتوسط أقرب له .
…………………………..وهذه ثالثة ………………………………..
سيقول البعض من المترددين ، والمكتئبين ، والرماديين ، هذا خطاب ، ………………………….ولكن أجيبهم ………………………………
……من تحمل تبعات السنوات السبع سيتحمل وزر المرحلة القادمة ……
…. ………………..شعبنا نسي الخوف ……