اعتبرت صحيفة "معاريف" الاسرائيلية، أن تعين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لنجله محمد بن سلمان كولي للعهد يخدم تطور العلاقات بين تل أبيب والرياض.
ووصفت الصحيفة التغيير السياسي في السعودية بأنه "هزة سياسية في المملكة"، وقالت إن الملك أطاح بولي العهد السابق لصالح تعيين ابنه، وأن التغيير كان متوقعا لأن الأمير محمد بن سلمان كان الشخص الأقوى في المملكة منذ تولي الملك سلمان العرش. وكان واضحا منذ البداية أن "الملك محمد" هو الشخص الذي سيقود المملكة في المستقبل لكن المفاجأة تبقى التوقيت ودلالاته.
وقالت الصحيفة العبرية أن محمد بن سلمان هو ولي العهد الأصغر سنًا في تاريخ السعودية و "تغيير سياسي دراماتيكي في السعودية".
وأضافت الصحيفة، بالنسبة لـ"إسرائيل" فيعد التعيين تطورًا إيجابياً لأن الأمير محمد بن سلمان يقود "حربا حازمة" ضد "الإرهاب والتطرف". ويأتي التعيين على خلفية الحديث عن تقارب في العلاقات بين "إسرائيل" والسعودية. وفي هذا الشأن، أكد وزير الإعلام الإسرائيلي، أيوب قرا، أن "إسرائيل" والسعودية تقيمان بواسطة وسطاء أميركيين قناة تواصل لتطوير العلاقات الديبلوماسية بينهما.
وأشارت معاريف الى أن الجانبين ناقشا خطوات ممكنة لتطوير العلاقات بينهما في اليوم التالي لحل الصراع الفلسطيني – إسرائيلي. ومن هذه الخطوات، إتاحة إقامة شركات إسرائيلية في السعودية، وفتح المجال الجوي السعودي للطائرات الإسرائيلية. واصفة هذا المسار السياسي بالقول "يوجد احتمال كبير لإقامة علاقات مع من نطلق عليهم "الائتلاف السعودي".
كتب ديفيد هيرست، مقالاً في صحيفة "ميدل إيست آي"، مقالاً جاء فيه "تم للتوّ الانتهاء من الخطوة الأخيرة في انقلاب القصر الذي كنت أكتب عنه منذ تولي الملك «سلمان» السلطة.كان الجميع يتوقعون انقلابا على قطر، ولكن الحقيقة أن الانقلاب وقع في المملكة نفسها."
حدث ذلك في منتصف الليل بعد الفجر، حيث استيقظ الملايين من السعوديين على واقع جديد، أمير يبلغ من العمر 31 عاما سيكون الملك القادم. ويبدو أن تنحي الملك «سلمان» لم يعد أكثر من مسألة شكلية. «بن سلمان» هو الآن ملك في كل شيء عدا الاسم.
خطوة بخطوة، تمت إزاحة العقبة الأخيرة في طريق «بن سلمان» إلى السلطة، والمتمثلة في ابن عمه «محمد بن نايف»، الذي تم تجريده تباعا من سلطاته. في البداية تم إلغاء الديوان الخاص به، ثم تم إنشاء مجلس أمن وطني فوق رأسه قبل أن يتم تجريد وزارته من دور الادعاء (النيابة العامة). وأثناء ذلك تمت محاصرة أقرب حلفائه في قطر.
في المجتمعات القبلية، إذا هب شيخ القبيلة في اتجاه، فإن هناك القليل مما يمكن القيام به خلاف الاتباع. وينبغي هنا ألا نخلط بين الرضا والخضوع. هذه هي أكبر صدمة للأسرة المالكة السعودية منذ أن اضطر الملك «سعود» إلى التنازل عن الحكم للأمير فيصل عام 1964.
ما الذي يعنيه ذلك؟
تتركز جميع السلطات اليوم في يد شاب عديم الخبرة اكتسب سمعة طائشة خلال الفترة القصيرة التي قضاها كوزير للدفاع. فبعد أن قام بشن حملة جوية ضد الحوثيين في اليمن، سارع بالاختفاء في عطلة في جزر المالديف، و استغرق الأمر عدة أيام قبل أن يصل إليه وزير الدفاع الأمريكي. وبعد عشرة آلاف من القتلى في وقت لاحق، لا يزال الحوثيون يسيطرون على صنعاء، في حين خرج الجنوب المحرر عن سلطة الرئيس «عبد ربه منصور هادي».
كل ملف تولى «بن سلمان» مسؤوليته انتهي به إلى الفشل. قام في البداية بتبني سياسة التقشف عبر طرح تخفيضات عميقة في الأجور لموظفي الحكومة، محذرا من أن البلاد ستفلس في غضون خمس سنوات. ثم قام لاحقا بعكس التخفيضات مدعيا الوصول إلى الاستقرار المالي. ثم ألزم نفسه بمبلغ يصل إلى 500 مليار دولار من المشتريات العسكرية من أمريكا.
والآن سيحصل جميع السعوديين، في المملكة التي يقودها التقشف، على عطلة إضافية في عطلة عيد الأضحى، أي ما يقرب من أسبوعين من العطلة عن العمل.
وتبقى التفاصيل الدقيقة لقرارات بن سلمان المتهورة مفقودة. وأنتجت خطة بيع ما يصل إلى خمسة في المائة من شركة أرامكو للنفط الحكومية في بورصة نيويورك ولندن تحذيرات بشأن المخاطر القانونية بسبب قانون جاستا، إضافة إلى ما يتطلبه الاكتتاب من متطلبات الإفصاح عن احتياطيات البلاد النفطية بشفافية.
القصة ذاتها تنطبق على سوريا، ودعونا لا ننسى الذين زودوا الجماعات المسلحة في سوريا ببعض أكثر العناصر عنفا وتطرفا. كان ذلك خلال خدمة الأمير بندر بن سلطان كأمين لمجلس الأمن القومي، عندما أطلق سراح 1239 سجينا من المحكوم عليهم بالإعدام، بما في ذلك متهمون بجرائم الاغتصاب والقتل العمد، شريطة أن يتوجهوا إلى سوريا. وهذا الأمر موثق ومكتوب بوضوح في مذكرة بتاريخ 17 أبريل/ نيسان 2012.
وتحت حكم بن سلمان، خرجت المملكة من الإدارة الجزئية للمعارضة السورية -التي بلغت حد إخبار رئيس لجنة التفاوض في جنيف بالضبط متى ينبغي للوفد أن يغادر إلى المطار لضمان انهيار المحادثات- إلى فقدان الاهتمام بالمعارضين تماما.أن تكون حليفا للسعودية يعني أنه يمكن أن يتم التخلي عنك في أي وقت. سواء كان ذلك في اليمن أو سوريا أو قطر، حصل ولي العهد على لقب آخر،وهو أمير الفوضى.
طوال مسيرته كان بن سلمان كان يتبع تعليمات محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، الذي قدم له نصيحتان للتعجيل بتيسير طريقه إلى العرش. النصيحة الأولى هي فتح قناة اتصال مع (إسرائيل)، وهو ما أنجزه فعلا، حيث صارت المملكة تحت قيادته أقرب من أي وقت مضى إلى تل أبيب. وأما النصيحة الثانية، فهي تقليص نفوذ السلطات الدينية في المملكة.
وعلى الرغم من أن بن سلمان عمل على تقليص نفوذ المؤسسة الدينية في الحياة اليومية للمواطنين السعوديين، فإنه يستخدم هذه المؤسسة لتعزيز سلطته، كما ظهر خلال سلسلة التغريدات التي أصدرتها هيئة كبار العلماء في مناسبات متعددة والتي توضح كيف يتم توظيف الدين في خدمة السياسة.
وحتى توقيت تنصيب «بن سلمان» كان مثيرا للاهتمام. فالأمير سيتلقى البيعة من عائلته ومن الشعب في مكة ليلة السابع والعشرين من رمضان، ليلة القدر وهي الليلة الأهم على الإطلاق في التقويم الإسلامي. لا يمكن أن يكون هذا ملكا ينوي تحييد دور الدين في شؤون الدولة، وإنما يعمل على استخدام الدين في ترسيخ حكمه الاستبدادي.
اليمن على القائمة
وما من شك في أن طموحات بن سلمان في الاستيلاء على العرش جاءت متزامنة مع وصول أخطر رئيس في التاريخ لأمريكا إلى السلطة. وأطلقت زيارة «ترامب» إلى الرياض الرصاصة الأولي.
فخلال أيام قليلة من تلك الزيارة انطلقت أسهم محور «بن سلمان — بن زايد» أولا باتجاه قطر ثم باتجاه «بن نايف». ومن المؤكد أن اليمن سيكون هدفهما التالي. وهناك بالفعل خلاف كبير بين الرئيس «هادي»، الذي يقيم في الرياض، والقوى المحلية في عدن والتي تتحكم بها الإمارات.
ومن المنتظر أن يتم حل هذا الإشكال في وقت قريب، حيث التقى «محمد بن سلمان» مع «طحنون بن زايد»، الأخ الأصغر لمحمد بن زايد ومستشاره الأمني ليطلب منه تهدئة الوضع في جنوب اليمن. ووعد «بن سلمان» بأنه بمجرد انتهاء ترتيبات ولاية العهد، فإنه سيتخلص من «هادي» ويقوم بتنصيب خالد بحاح، المقرب من أبوظبي. وبعد ذلك، من المقرر أن يبدأ الهجوم الموسع على الإصلاح، فرغ جماعة الإخوان المسلمين في اليمن.
و إذا ما وضعت هذه الخطط موضع التنفيذ فإن من شأنها أن تخضع المنطقة لعقود من الفوضى العارمة والحروب الأهلية والصراعات بالوكالة وأنهار الدماء.
خلافات اللصوص
إلا أن اللصوص معتادون على الانقلاب على بعضها البعض. حتى الآن، مازال «بن زايد» يوفي احتياجات «بن سلمان» حيث معهد له السبيل ليصبح الملك القادم. ولكن ما إن يصل إلى السلطة، فلن يناسب الملك الشاب أن يتلقى تعليمات من دولة أصغر بكثير من دولته. ويمكن لمصالحهما ساعتها أن تختلف كما رأينا في مصر، حيث نصب السعوديون دكتاتورا عسكريا قبل أن يكتشفوا أنه لا يساندهم في حملتهم ضد إيران.
ومن ناحية أخرى فإن محور «بن سلمان — بن زايد» سوف يؤدي إلى تشكل تحالفات جديدة لمواجهة نفوذه، كما حدث مؤخرا بين أنقرة والدوحة. وقد تجبر كذلك تركيا والكويت وعمان على التقارب مع إيران. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى رأب الخلاف الذي سببته الحرب السورية بين حزب الله وحماس.
عندما وصل الملك «سلمان» ونجله إلى السلطة بعد وفاة الملك «عبد الله»، كان هناك أمل بأن يتمكنا من توحيد السنة وتوفير قيادة للمنطقة المطربة، وبدلا من ذلك، فإنهما ربما يكونان تسببا في تفتيت المنطقة إلى الحد الذي يستحيل معه من جديد إصلاحها.
قالت صحيفة "هآرتس" إن تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد في السعودية كان مسألة وقت فقط. مضيفة أن "الصبي"، الذي يحتفل في نهاية شهر آب/أوغسطس بعيد ميلاده الـ32، هو القائد الفعلي في السعودية، وهو المقرر في كل ما يتعلق بالسياسات الخارجية، والتقدير هو أنه بعد فترة قصيرة سيتنحى والده المريض ويستلم هو زمام القيادة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه منذ تولي سلمان منصبه، قبل سنتين ونصف، بدأ إعداد محمد لوراثة منصبه الرفيع، سواء كمبعوث لمهمات سياسة، وكذلك كمبادر ومخطط ومنفذ للحرب على اليمن في منصبه وزيراً للدفاع.
وبحسب الصحيفة، فإن محمد بن نايف، ابن وزير الداخلية السابق، تجاوز، بداية محمد بن سلمان، في العلاقات مع الإدارة الأميركية، وخاصة مع وكالة الإستخبارات الأميركية الـ سي أي إي، ولكن بعد وقت قصير، تمت تنحيته، وبدأت الإدارة الأميركية تدرك أن محمد بن سلمان هو الرجل القوى في السعودية، لافتة إلى أن بن سلمان تحول إلى رجل الاتصال ليس فقط مع الإدارة الأميركية إنما أيضاً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اجتمع معه عدة مرات لتنسيق السياسات بشأن سوريا وإيران.
وإعتبرت "هأرتس" أن تعيين محمد بن سلمان يحمل حتى الآن أخباراً سارة "لإسرائيل" والولايات المتحدة، بسبب مواقفه الصارمة ضد إيران، الأمر الذي جعله شريكاً إستراتيجياً مهماً، وليس فقط في الصراع ضد إيران، مشيرةً إلى أن محمد بن سلمان يتفق مع الإدارة الأميركية بشأن الحاجة إلى صد النفوذ الروسي في المنطقة، وإسقاط نظام (الرئيس) الأسد، والعمل بحزم ضد داعش والتنظيمات الارهابية الأخرى.
ولفتت الصحيفة إلى أن عدة تقارير عربية أفادت في السنتين الأخيرتين عن لقاءات جرت بين كبار المسؤولين السعوديين والإسرائيليين. وبحسب هذه التقارير، جرى في العام 2015 لقاء كهذا في إيلات، وآخر على هامش القمة العربية في الأردن في شهر آذار الماضي، إضافة إلى سلسلة لقاءات دورية تجري بين ضباط سعوديين وضباط إسرائيليين، في إطار غرفة الحرب المشتركة مع الأردن والسعودية والولايات المتحدة لتنسيق نشاطات الميليشيات.
وختمت الصحيفة بالقول ان "هذه اللقاءات كانت تتطلب مصادقة بن سلمان، بحكم منصبه في وزارة الدفاع. الأمر الذي لا يزال غير واضح هو إلى أي مدى سيرغب بن سلمان بالدفع بعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، كجزء من خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وهل سيحصل تحول في العلاقات بين إسرائيل والسعودية؟".
كما قالت المُعارضة السعودية البارزة مضاوي الرشيد وفي نفس السياق إن تعيين محمد بن سلمان وليًا للعهد ليس بالأمر الغريب، وإنّ الملك سلمان بن عبد العزيز كان يحضّر ولده لهذا المنصب منذ توليه الحكم عام 2015.
وفي حديث تلفزيوني، أضافت الرشيد إن "ابن سلمان أشعل الحرب في اليمن ولم يحصل على الانتصار الذي ينتظره. كما أشعل حربًا جديدة مع قطر، وهو يحاول التأسيس لتحالف لمقاطعة قطر ووضعها في حجر الزاوية"، مشيرة الى أنها لا تستغرب بعد أكثر من أسبوعين عدم رضوخ قطر جرّاء الأزمة، وتابعت "بالعكس هناك مفاجئات، فقطر استطاعت أن تجلب إليها معونة من تركيا، وهو ما لم يتوقعه الملك وولده، إذ كانا يعوّلان على أن تقف تركيا إلى جانبهما".
وأردفت "ابن سلمان كان يتوقع حصول انقلاب في قطر بإزاحة تميم بن حمد آل ثاني وبروز وجه جديد يكون أكثر طواعية للقرار السعودي مثل ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة.. الحصار قد يؤدي إلى تفكك مجلس التعاون الخليجي.
واستبعدت الرشيد حصول أي اعتراض على تعيين ابن سلمان وليًا للعهد، لا شعبيًا ولا حتى داخل الأسرة الحاكمة، فـ"الأمراء لا يستطيعون أن يبدوا أيّ اعتراض، لأن أية بلبلة في صفوفهم ستطيح بالكعكة كاملة.. الوضع حرج وسيخسرون كل شيء، ولذلك يفضلون الحصول على المال للسكوت. ربما يعترضون بشكل مبطن لكن ليس علنًا، طالما أن الأموال تصرف على هذه المجموعة من الأمراء المهمين ليلتزموا الصمت حيال هذا الموضوع".