..استـــــــــــــــــقالة الحـــــــــــــــــريري………………………
بقلم المحامي محمد محسن
بكل موضوعية وبكل روية ـــ قدر المستطاع ـــ لا يمكن أن أتفهم استقالة سعد الحريري رئيس وزراء لبنان ، واعلانها من السعودية ومن خلال التلفاز ، ولا أستطيع إلا أن أضعها في اطار تصرف انفعالي غضوب من شاب يفتقد الحكمة والروية ، والقدرة على التحكم بعواطفه وانفعالاته ، يقوده غضبه وانفعالاته وأحقاده التي تكاد تفتك بمشاعره ، كل هذه المشاعر المتضاربة قادته إلى اتخاذ هذا القرار الارتجالي ، ومن المؤكد أن يكون قد دفعه دفعاً إلى ذلك الموقف المتسرع وغير المتوازن ، العنتري ، الشاب محمد بن سلمان الذي يماثله في العمر وفي الخصائص والمشاعر . والذي لا يكاد يرى العالم إلا من خلال ثقب ابرة .
.
لم يراع سعد الحريري هذا " الولد " الغر في السياسة ، وفي الوعي ، وفي الخبرة ، ظروف وطنه المتعب اقتصادياً وسياسياً ، والموزع إلى مذاهب وطوائف والذي قد يعرضه إلى هزة لا يمكن تقدير مداها ، فخرج عن أبسط الأعراف الديبلوماسية ، مستخفاً بسيادة بلده ، وبمشاعر شعبه ، ليعلن استقالته من عاصمة غير عاصمته ، وليؤكد ويظهر بمظهر الولد التابع إلى ولي أمره مادياً وسياسياً المملكة العربية السعودية ،
نعم أصيب سعد الحريري بخيبات أمل وليست خيبة ، وتبخرت أحلامه حلماً بعد حلم ، وضاق عليه الواقع ، ولم يعد قادراً على تمويل أزلامه ومناصريه بعد افلاسه ، كما ولا يملك الحجة والتبرير لأتباعه ومريديه ، والقدرة على تفسير ما جرى وما يجري من حوله ، وهو يرى ويسمع انتصارات محور المقاومة على جميع الساحات .
ولكن القائد الذي يتبوأ موقعاً سياسياً رفيعاً ، لم تعد مواقفه ملكاً له أو أسيرة مشاعره ورغباته ، بل تصبح ملكاً لشعبه الذي يمثله ، لذلك كان عليه التحكم برغباته ومشاعره ، بما يتوافق ومصلحة وطنه وشعبه ، ولكنه غر في السياسة وفي أصول القيادة والتحكم .
مهما حاولت التبرير والتفسير لهذا الفعل الارتجالي المتسرع ، لا يمكن لي إلا أن أعتبره استجابة لانفجار داخلي ، لم تعد أعصاب بقادرة على تحمل تفاعلاته واضطراباته الداخلية التي تعتمل في صدره ، وتكاد تقتله ، فجاء هذا الانفجار تنفيساً لذاك الغليان الناتج عن خيبات متكررة ، وحتى خسارات شخصية متلاحقة ، وعلى جميع الصعد السياسية والمالية .
.
واهم من يعتقد أن هذا الاجراء توطئة لعمل عسكري ضد ايران أو ضد حزب الله ، لأن ذلك الاحتمال قد فات ومات ، ولم تعد حتى أمريكا واسرائيل قادرة على القيام به ، لذلك يبقى ضمن حملة الصراخ والتهويل ، الذي يقوم بها عادة غير القادر على الفعل ، ليعوض عجزه أمام جمهوره وشعبه .
وواهم أيضاً من يعتقد أن ما حدث سيشكل خطراً على لبنان ، لأن في لبنان رئيس عاقل وشجاع ومتوازن ، كما أن القوة القادرة على سحق خصومها ـــ حزب الله ـــ هي القوة الأكثر حرصاً على السلم الأهلي ، ولكن أنا أثق أنه سيشكل سبباً لتفكك حلف / 14 / آذار غير المقدس ، لأن البعض قد يتخذ منه سبباً للتكويع والاستدارة ، أما حلف / 8 /آذار فسيزداد تماسكاً مزدهياً بانتصاراته .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
………….إن ارتدادات هذا التصرف على المستويين اللبناني والعربي…………….
…………………..لا تســــــــاوي عفـــــــطة عنـــــــــز……