في بيتنا طيف
بقلم الدكتور : أحمد عثمان
.jpg)
هنا في ركن غرفتي وهناك في ركنٍ ما , في كل ركن من أرجاء البيت حسيس أسمعه , ومضات نور تتراقص على سقف البيت… في لحظة ما أشعر بانتعاشٍ لروحي, أنا لست واهماً , هذه الستائر تلوح عندما يمر الطيف بها… لست واهماً … أنا لست واهما , نفسي تدفعني أن أتعلق بهذه الستائر لتكون أرجوحتي, أو أختبئ خلفها لعلي أتمكن من الإمساك بالطيف قبل أن يرحل , كل شيء يدفعني لكي أصل لنتيجة أن أقتنع بما يحصل حولي ولست واهما.
هذا اليوم ليس كالأيام العاديات .. هواجس وانفعالات غير مدركة .. العيون تتعلق بكل شيء… هذا… وهذا … وذاك .. يا ترى هل يمكنني أن أغادر كهف ذاكرتي وأطلق العنان لجديد أفكاري .. أحاول .. وأحاول نعم نجحت أخيرا .. هذا الليل يرحل والشمس بدأت بالشروق … من نافذة غرفتي أرى شيئا يتعلق بحبال الشمس , مبتسما يقترب .. عيناه مبهرتان , يقترب ويقترب إنه يشبه الطيف الذي يحوم ليلا في غرفتي , نعم هو ذاته الذي يلامس جبهتي … آه لقد اقتنعت أنا لست واهماً هو الذي يتعلق في شعر الشمس كل يوم من الصياح حتى الغروب , وفي المغيب ينفلت ويأتي ليسكن غرفتي في الليل فتستقر الحياة في كل ذرة هواء .
أما قلت لك يا صديقي أنا لست واهماً , لقد وصفتني كثيرا بالواهم , انظر هذه الحقيقة تمثل أمام عينيك , أصدقت ما كنت أقوله لك, أنت اعتقدت بوهمي لأنك لا تشعر بغربة بل لم تعش يوما غربة كغربتي , أه يا صديقي أما ترى الأيام محفورة بقسوتها على جذران عمري , أما ترى كيف هي اختزلتني في كلمتين ( الأمل والشوق) أتعلم ما بقائي إلا بالأمل وما عملي الحسيس إلا شوقا لأمي وأبي , أما تعلم أن الأم عود مسك كلما احترق فاح شذاه , لقد اشتقت لأمي فلا تسألني يا صديقي فعيونها قصائد شعر , وحكاية بخيالٍ لا تنتهي.
يا صديقي اعلم أنه منذ نعومة الأظافر وحتى ما بقي من العمر هناك صورة تقلص الزمن وتوصي ربها بفلزة الكبد , تلك الصورة أمي وهذا طيفها الذي اصطفاه الله دون الخلق, فهنيئا لك إلهي عندما خلقتها , وهنيئا لي لأنك جعلته أمي .
آه أيها العمر الباقي بعد فراقها , لقد أتيت بالغربة العاتية التي أثقلت كاهلي , ( نحن بلا أم غرباء ) حقا متى نستطيع التحرر من الغربة وينتهي الترحال والملام
.. استعر يا بيتي نيران ولهب , اهتدي لقلب يخبئك من اللظى , أما كان عليك حمايتها قبل الفجر أن يطلع, هانت عليك يا ستائر البيت لما لم تتعلقي بها, وأنت يا أبواب نسيت أن تُغلقي قبل هجرها , وأما أنا يا جرة الماء ما نسيت شيئا , أتذكرين كم مرة حملتك على كتفها أمي بلا تعب , كم ذرت حولك حبات القمح , وحدك أنت ما نسيت وبقيت على كرسيك تنظرين يدها تمتد إليك بلحظة ما , هنا في هذا الركن تعثرت بك ألف مرة وخشيت أن أنقلك إلى مكان آخر خوفاً أن تأتي أمي ولا تجدك , أما زال الماء بداخلك طيب , لم أذقه من زمن بعيد, إني أخجل أن أشرب ما فيك خوفاً أن تأتي أمي عطشى فلا تجد ما يروي ظمأها , أعرف يا بيت أن أمي تعود وستعود ولن تغيب عنك يوماً , ففرح يبيت بكل لمسة تركته فيك , وجعلتك مفعماً بالحياة , أتدري يا بيتي أنني أجهل كيف الحياة بدونها , لقد رسمت المعالم للأفق, لقد خطت ببصمتها عنون كبير لم يعرفه إلا خالقها, أتدرس يا بيت م قرأني سوى أمي , وما حياني إلا أمي , وما أوجعني إلا أمي , وما أشفى وجع قلبي إلا أمي , كيف لا والأم هبة الله التي هُنئ عندما خلقها وأرسى بها كل صفاء الكون وصفوته وملكها العطف والحنان والخير , يا بيت عندما تأتي أمي انحني لطيفها, وتزلزل عندما تلمسك , وأنت يا أشياء البيت تزيني, ويا ستائر ارقصي ولوحي , وأما أنا إني باق أنتظر قرب جرة لماء أحرسها حتى لا يشرب مائها غير أمي .
كل عام وأمهات وطننا بخير والأم سورية بألف ألف خير
بقلم الدكتور : أحمد عثمان
.jpg)
هنا في ركن غرفتي وهناك في ركنٍ ما , في كل ركن من أرجاء البيت حسيس أسمعه , ومضات نور تتراقص على سقف البيت… في لحظة ما أشعر بانتعاشٍ لروحي, أنا لست واهماً , هذه الستائر تلوح عندما يمر الطيف بها… لست واهماً … أنا لست واهما , نفسي تدفعني أن أتعلق بهذه الستائر لتكون أرجوحتي, أو أختبئ خلفها لعلي أتمكن من الإمساك بالطيف قبل أن يرحل , كل شيء يدفعني لكي أصل لنتيجة أن أقتنع بما يحصل حولي ولست واهما.
هذا اليوم ليس كالأيام العاديات .. هواجس وانفعالات غير مدركة .. العيون تتعلق بكل شيء… هذا… وهذا … وذاك .. يا ترى هل يمكنني أن أغادر كهف ذاكرتي وأطلق العنان لجديد أفكاري .. أحاول .. وأحاول نعم نجحت أخيرا .. هذا الليل يرحل والشمس بدأت بالشروق … من نافذة غرفتي أرى شيئا يتعلق بحبال الشمس , مبتسما يقترب .. عيناه مبهرتان , يقترب ويقترب إنه يشبه الطيف الذي يحوم ليلا في غرفتي , نعم هو ذاته الذي يلامس جبهتي … آه لقد اقتنعت أنا لست واهماً هو الذي يتعلق في شعر الشمس كل يوم من الصياح حتى الغروب , وفي المغيب ينفلت ويأتي ليسكن غرفتي في الليل فتستقر الحياة في كل ذرة هواء .
أما قلت لك يا صديقي أنا لست واهماً , لقد وصفتني كثيرا بالواهم , انظر هذه الحقيقة تمثل أمام عينيك , أصدقت ما كنت أقوله لك, أنت اعتقدت بوهمي لأنك لا تشعر بغربة بل لم تعش يوما غربة كغربتي , أه يا صديقي أما ترى الأيام محفورة بقسوتها على جذران عمري , أما ترى كيف هي اختزلتني في كلمتين ( الأمل والشوق) أتعلم ما بقائي إلا بالأمل وما عملي الحسيس إلا شوقا لأمي وأبي , أما تعلم أن الأم عود مسك كلما احترق فاح شذاه , لقد اشتقت لأمي فلا تسألني يا صديقي فعيونها قصائد شعر , وحكاية بخيالٍ لا تنتهي.
يا صديقي اعلم أنه منذ نعومة الأظافر وحتى ما بقي من العمر هناك صورة تقلص الزمن وتوصي ربها بفلزة الكبد , تلك الصورة أمي وهذا طيفها الذي اصطفاه الله دون الخلق, فهنيئا لك إلهي عندما خلقتها , وهنيئا لي لأنك جعلته أمي .
آه أيها العمر الباقي بعد فراقها , لقد أتيت بالغربة العاتية التي أثقلت كاهلي , ( نحن بلا أم غرباء ) حقا متى نستطيع التحرر من الغربة وينتهي الترحال والملام
.. استعر يا بيتي نيران ولهب , اهتدي لقلب يخبئك من اللظى , أما كان عليك حمايتها قبل الفجر أن يطلع, هانت عليك يا ستائر البيت لما لم تتعلقي بها, وأنت يا أبواب نسيت أن تُغلقي قبل هجرها , وأما أنا يا جرة الماء ما نسيت شيئا , أتذكرين كم مرة حملتك على كتفها أمي بلا تعب , كم ذرت حولك حبات القمح , وحدك أنت ما نسيت وبقيت على كرسيك تنظرين يدها تمتد إليك بلحظة ما , هنا في هذا الركن تعثرت بك ألف مرة وخشيت أن أنقلك إلى مكان آخر خوفاً أن تأتي أمي ولا تجدك , أما زال الماء بداخلك طيب , لم أذقه من زمن بعيد, إني أخجل أن أشرب ما فيك خوفاً أن تأتي أمي عطشى فلا تجد ما يروي ظمأها , أعرف يا بيت أن أمي تعود وستعود ولن تغيب عنك يوماً , ففرح يبيت بكل لمسة تركته فيك , وجعلتك مفعماً بالحياة , أتدري يا بيتي أنني أجهل كيف الحياة بدونها , لقد رسمت المعالم للأفق, لقد خطت ببصمتها عنون كبير لم يعرفه إلا خالقها, أتدرس يا بيت م قرأني سوى أمي , وما حياني إلا أمي , وما أوجعني إلا أمي , وما أشفى وجع قلبي إلا أمي , كيف لا والأم هبة الله التي هُنئ عندما خلقها وأرسى بها كل صفاء الكون وصفوته وملكها العطف والحنان والخير , يا بيت عندما تأتي أمي انحني لطيفها, وتزلزل عندما تلمسك , وأنت يا أشياء البيت تزيني, ويا ستائر ارقصي ولوحي , وأما أنا إني باق أنتظر قرب جرة لماء أحرسها حتى لا يشرب مائها غير أمي .
كل عام وأمهات وطننا بخير والأم سورية بألف ألف خير