.انتــصر العـــراق فــأرادوا اغتـــيال الانتـــصار بـل اغتــيال العــراق……
………….عقبـــــات وعراقـــــــيل وعمـــلاء وأشـــــراك زرعـتـــها أمـريــــكا……
………….من خــلق المقــاومة والحـــشد سيـــخرج مـن حـالة المخـاض منتصراً …..
المحامي محمد محسن
عندما نناقش واقع دولة ما في مرحلة زمانية محددة ، لا يكفي ادراك حجوم وتوجهات مكوناتها السياسية والاجتماعية الداخلية الراهنة ، ومدى تأثير كل منها على حركة المجتمع الداخلية ، بل لابد من الاحاطة
بمحصلة تلك التعارضات والصراعات ، وإلى أي وجهة تأخذ الدولة صعوداً أو هبوطاً .
لكن الأهم والأكثر تأثيراً : الاحاطة بحجوم الضغوط الخارجية الدولية على الدولة ومؤسساتها ، وبخاصة في المراحل الانتقالية كما هو عليه العراق الحبيب الآن ، ومدى تأثيرها على الوضع الداخلي ، وحجم الأذرع التي زرعها العدو كعملاء لاستثمارها عند الحاجة ، والأشراك التي نصبها ، في أوقات الحرب والسلم ، وفاعلية تلك القوى الداخلية التي تؤازرها ، عندها نجد أن المحصلة قد شكلت واقعاً جديداً ، متعال على الواقع العادي المعاش الآن ، ولا تشبهه ، بل تدفعه نحو الانفجار ، بعد ايقاظ جميع التناقضات الاجتماعية وتفعيلها لخلق واقع رجراج ، وغير مستقر ، بل ومهدد ليس لبنية الدولة بل لوجودها كدولة موحدة أحياناً ، عندها فقط تتمكن قوى الخارج من مسك زمام الأمور وتوجيهها حيث تريد ، لذلك كان علينا البحث عن حجم هذه الشبكة من الضغوط والضغوط المضادة ، الداخلية والخارجية ، لتحديد واقع الدولة العراقية الراهن ، وما هو مسارها المستقبلي .
.
استناداً على هذا المدخل النظري ، ندخل في الحرب التي شنها الطاغوت الأمريكي وحلفاؤه وعملاؤه على العراق ، وكيف جيشوا العالم ضد ( الحاكم المستبد صدام حسين ) ، فهل كانت الحرب ضد الاستبداد أم ماذا ؟؟ واهم من يعتقد أن أمريكا معنية بإرساء الديموقراطية في أي دولة من دول العالم ، ( والدليل الفاقع والذي يكذب ادعاءات هذه الدولة الوحش التي تثير الحرب تلو الحرب ولو حصدت أرواح الملايين من البشر ، فما يهمها أن تحافظ على هيمنتها المتفردة على العالم ، فمن يتحالف مع السعودية التي تعتبر أكثر دولة في العالم أقرب للتوحش ، يكون مهتماً بنشر الديموقراطية ؟؟!! ) .
.
لذلك كان احتلال العراق هو جزء من المخطط الأمريكي للسيطرة على العالم كل العالم بعد تفكك الاتحاد السوفييتي ، ولتريح زراعها الطويلة في المنطقة اسرائيل ، وتعطي بنفس الوقت ممالك الخليج العميلة واسرائيل دوراً أوسع في المنطقة ، بهدف حصار ايران وحزب الله ، وانهاء دوريهما في المنطقة ، فالسيطرة الأمريكية على المشرق العربي ، تعني سيطرتها على أهم منطقة استراتيجية في العالم ، لأنها وهي تفتت الدول التي تقول لا للسياسة الأمريكية ، وتخضعها كما قلنا لسيطرتها ، تكون تمهد بنفس الوقت لحروبها الاقتصادية والسياسية ، وأحياناً حروبها العسكرية ولكن بالوكالة وغير مباشرة كالعادة ضد روسيا والصين ، لأن الحروب الكبيرة وبخاصة بين الدول الكبيرة باتت من الماضي .
.
لكن ما يجب التركيز عليه في هذا المعرض ، لتوضيح الصورة ، وبهدف الاضاءة على ( بنية المعارضة العراقة التي تحالفت مع دول العدوان على بلدها ، والتي تتشابه من حيث البنية مع المعارضة العميلة في سورية ) ، ففي العراق أيضاً انضم الشيوعيون ، والكثير من العقلانيين والتقدميين ، وبعض [ القوى الدينية الاسلامية الشيعية في العراق كما اعتمدت على بعض القوى السنية في سورية ]، وهي ذات القوى التي كانت قد حشدتها في حرب ( أمريكا ، والخليج الأمريكي ) ضد ايران عن طريق صدام حسين ، بعد الثورة الاسلامية التي وقفت ضد أمريكا واسرائيل ، وهي ذات القوى التي وقفت مع ( الخليج الأمريكي ومع أمريكا ) إلى جانب الحرب الأمريكية العالمية الزاحفة ضد صدام حسين . لا لإنهاء الديكتاتورية الصدامية كما كذبت بل لتدمير العراق فكان ما كان .
[ هل يثير بعض الغرابة تشابه بنية القوى المتحالفة مع العدوان الأمريكي العالمي على العراق ، مع القوى التي تحالفت معه ضد سورية ، والتي كانت محسوبة على التيار اليساري العقلاني ؟؟؟ ألا يستحق هذا التشابه المزيد من البحث والتدقيق عن أسبابه ودوافعه ؟؟ ] .
.
لا يمكن استشراف واقع العراق الآن ومستقبله ، بدون أن نضع في أولى حساباتنا ، ما أوجده الاستعمار الأمريكي للعراق بعد احتلاله من ويلات ، حيث انصرف همه الأساس إلى : تسريح الجيش الوطني الموحد والقوي ، وتجويع العراق الغني ، وخلخلة اللحمة الاجتماعية العراقية ، من خلال تمزيق وحدته الوطنية ، حيث حُول العراق الموحد إلى دولة بدون جيش ، وإلى بلد بثلاثة أقاليم على أسس مذهبية وقومية ، متصارعة ، والذي وضع ( بريمر ) لهذه الأقاليم دستوراً يكرس هذا التقسيم ، ويحول دون التفكير بعودة العراق إلى وحدته الوطنية ،حتى السلطات الثلاث وزعت بين شيوخ المذاهب والقوميات ، ( مستفيداً من تجربة لبنان ) وهذه باتت غنائم بالنسبة لهم لا يمكن التخلي عنها ، وبهذين ( الانجازين القاتلين ) هزت أمريكا ركناً اساسياً من أركان المشرق العربي .
.
[ وما الحرب على سورية إلا استكمالاً للمخطط الأمريكي ، الهادف إلى السيطرة على شرق المتوسط بالكامل كما قلنا ] .
لا أعتقد أن متابعاً منصفاً يمكن أن يشكك بأن القاعدة وداعش ومستولداتهما ، ليستا من صنع أمريكي وبتمويل سعودي مالي وفقهي ، وما صناعتهما إلا لاستخدام المذهبية المتوحشة في تفتيت المنطقة وتحقيق السيطرة الأمريكية عليها ، ( وكنت قد قلت في مقال سابق : إن استيلاد هذا الطاعون هو خطأ استراتيجي فادح لأمريكا والغرب ، وحتى للسعودية ، لأنه وباء لابد أن تنتقل عدواه إلى ( بلاد الكفر ) وإلى حيث يقيم خادم الحرمين ، وكاد هذا الوباء أن يسيطر على بغداد العاصمة ، بل على المنطقة كلها وبخاصة على العراق وسورية .
.
لكن ( العراق التاريخ ) الذي سرح جيشه ، وشكل على مقياس المصالح الأمريكية ، خلق المعجزة المقاومة ، فتحت سمع وبصر العدو الأمريكي الرابض على أرضه ، والذي كان يستثمر في الارهاب ، هذا العراق ومن خلال المعاناة المريرة والتحدي ، خلق القوة الشعبية المقاومة ، والتي كان بعضها قد تمرس في المقاومة ضد الأمريكي الغازي ذاته ، ( كعصائب أهل الحق ، وحزب الله العراقي وغيرهما ) ثم انضمت لهما قوة شعبية كبيرة ومؤثرة فشكلوا [ الحشد الشعبي العظيم ] ، وبالرغم عن أنف أمريكا تمكن هذا الحشد أن يحرر العراق من الارهاب ، مع بقاء قطعان متفلتة ، هنا وهناك ، ليس هذا فحسب بل حطموا حلم البرزاني العميل الأمريكي الاسرائيلي بالانفصال .
ثم جرت الانتخابات البرلمانية ولأول مرة بشكل أقرب للديموقراطية ، كل هذه الانجازات التاريخية التي كاد العراق من خلالها أن يخرج من وهدته ، وأن يطرد الأمريكي من على أرضه . لكن ما زرعه الأمريكي من أشراك ومن عملاء ، مستفيداً من بعض التناقضات في ( المصالح المذهبية ) راح يفجر كل شيء في العراق ، محاولاً اعادته إلى النقطة التي احتل فيها الأمريكي العراق .
نعم علينا أن ندرك بل يجب أن ندرك ، أن أمريكا قد هدمت جميع المؤسسات الاجتماعية والمدنية والدينية في العراق ، وأن الخلاص من تلك التركة الثقيلة ، والخروج من تحت الركام ليس مستحيلاً .
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن أيضاً علينا أن ندرك أن العراق يمر بعملية مخاض وولادة جديدة
ولكنها قيصرية وصعبة ، لأنها تشمل اجتثاث جميع الأشراك التي بثها الأمريكي في جميع مؤسسات المجتمع المدني ، والتداوي من الجروح المذهبية التي حاولت أمريكا فتحها ، والتعامل مع النزعات الانفصالية ووأدها ، من هنا كانت الولادة صعبة .
لكن من بث روح المقاومة في أوصال العراق ، وخلق الحشد الشعبي وحقق الانتصار العظيم ، عنوة عن أمريكا وعملاءها ، سيتمكن من الخروج من المأزق الذي وضع فيه ، وذلك بإثارة مطالب اجتماعية حقة ، ولكن باطنها يخفي مخططاً خبيثاً ، اشترك فيه أمريكا وعملاءها .
…. على الكل أن يعلم أن نصر العراق وخروجه من أزمته ، هو انتصار لمحور المقاومة ، وللحلف المشرقي ، ولكل شعوب العالم النازعة نحو الحرية ، ومن هنا نرى الأهمية العظمي لانتصار العراق العربي . ومن هنا ندرك حجم الهجمة المتوحشة على العراق .