د . م . عبد الله أحمد
تشير معظم المؤشرات على تراجع الدور والهيمنة الامريكية في العالم بشكل واضح ، بالاخص بعد التحول الكبير في سورية و فشل المشاريع الامريكية في المنطقة ، والتي سعت الى تكريس الهيمنة في الشرق، وصولا الى اوراسيا والحد من نفوذ الدول الاقليمية المناهضة لها ومحاصرة روسيا .
التحول الاستراتيجي بفضل صمود سورية ، بما في ذلك اندفاع روسيا لاظهار القوة وممارستها في المنطقة ، ساعد الصين ايضا على القيام بخطوات راكمت فيها قوتها العسكرية والاقتصادية …
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة مازالت القوة المهيمنة عالميا ، الا أن منسوب هذه القوة بدأ ينخفض وبشكل واضح ، الا أن قراءة المستقبل محفوفة بالمخاطر والتطورات التي قد تقلب المفاهيم ، في ظل سعى الولايات المتحدة على المحافظة على قوتها المهيمنة عالميا …
الا أنه لا بد من التوقف على بعض النقاط الجوهرية …
البرازيل : فوز بولسونارو في البرازيل ، جعلها أقرب إلى الولايات المتحدة إلى حد ما ، و وضعت حدودًا أكبر على نفوذ الصين، وشكل ذلك ضربة لمجموعة البريكس والقضايا العربية ، الا أن الحكم على هذا النهج والرهان عليه ،يبدو خطأ على المستوى المتوسط والبعيد ..
القلق من الاعلام الروسي :
تعتبر الولايات المتحدة حملات التضليل الإعلامي في وسائل الإعلام الروسية على أنها "سلسلة تضليل" ، متعرجة من القيادة الروسية ، إلى الأجهزة والوكالات الروسية ، من خلال قنوات التضخيم مثل منصات وسائل الإعلام الاجتماعية ، وأخيرا للمستهلكين ، والذي يشكل تهديد لها ، ويعني ذلك أن زمن الهيمنة والتضليل الاعلامي الامريكي بدأ يتراجع وبشكل كبير
القلق من "التجسس الصيني" :
تروج الولايات المتحدة لما يسمى "التجسس الصيني" فيما يخص التقنيات الفائقة والامن وتقرأ من خلال ذلك ،" الصينيين لا يحترمون قوتنا العسكرية." وربما يسعون إلى تجنب الصدامات العلنية ، الا أن ذلك يصب في خانة التراجع والعجز العسكري تجاه الصين ، بالتوازي مع قيود الحرب الاقتصادية مع الصين ..
هذه المؤشرات والاحداث ، تعني ان مستوى الصراع الجيوسياسي في تصاعد خطير وسيؤدي على المدى المتوسط الى حدوث اضطرابات وحروب مركبة بدفع من الولايات المتحدة التي تعيش على الازمات من أجل اضعاف الخصوم ، في محاولة لاستمرار هيمنتها على المستوى العالمي ..
العقد القادم ، هو مرحلة تحول كبيرة في العالم ، قد تتغير الخرائط وتحدث اضطرابات وحروب في مناطق مختلفة من العالم …
في سورية والمنطقة، لا يكفي الرهان على المؤشرات والتوقعات، ولابد من الاستفادة من الفرص المتاحة من صميم الازمات ، اي بترميم الفضاء الجيوسياسي ليخدم السياسات الوطنية ، وفي المفهوم الجيوسياسي يعني ذلك الاستفادة بالحد الاقصى من الجغرافيا والثروات والموقع والمواطن لبناء منظومة القوة التي توجه السياسات الوطنية …وهذا لا يمكن ان يتم الا من خلال نهج عملي تطوري وفكر ورؤية يكون فيها الانسان "المواطن " هو الاساس والجوهر ، اي معايىرة الوسائل لتحقيق الاهداف "في البعد الجيواستراتيجي " وهذا ممكن ومتاح …أنها فرصة وتحتاج الى ارادة وقدرة …فهل نحن في الطريق ؟