المآل الذي وصلت له النفسية العالمية و اغلب البلدان والتي كانت في مراحل جيدة من التنمية و التطور لم يكن عبثيا او بسبب ظروف آنية وإنما هو إنعكاس حقيقي لسياسات معولمة فرضت على هذه البلدان بالترغيب او الترهيب وذلك لأن اي تطور ونمو لهذه البلدان سيكون ضد مصالح الدول الامبريالية و على حساب نهبها وسلبها واستلابها فالتطور سوف يقوي صلابة الدولة و يزيد من استقلالية قرارها و يزيد من قدرتها على استثمار مواردها و بالتالي يخف مدى استهلاكها كسوق لتصريف منتجاتهم من جهة وكذلك يزيد قدرتهم على التحكم بثرواتهم وهذه معاكسة للمشروع الامبريالي الرأسمالي العالمي المتسارع الخطا نحو عرقلة و تدمير هذه التطورات و التنميات بشتى الوسائل و غالبا عبر استثمار نقاط ضعف داخل البلدان وخلقها ان لم توجد .كانت السمة الأساسية لمنظومة البلدان الفقيرة و النامية والساعية للنمو السير بسياسات اقتصادية واجتماعية فحواها العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات وبناء الانسان الوطني المتجذر المبتكر المبدع وهذا ما ساعدت عليه الظروف العالمية سواءا في البلدان التي اعجبت بالتجربة الاشتراكية او الاممية الشيوعية والتي اطرت القوى المنتجة وخاصة العمال والفلاحين و قوتهم و اعتبرتهم اساس النمو والتنمية و أسنت القوانين والتشريعات المؤدية للغاية المنشودة و كذلك إضطرار البلدان الغربية لسياسات مانعة للتصادمات بين مالكي رؤوس الأموال و العمال لتطبق الوصفات الاشتراكية مضطرة لعدم إكتساح الفكر الاشتراكي والشيوعي لبلدانها و كان ما ارادت لتصل لمرحلة تفشيل التجربة السوفيتية و لتجمع الامبريالية قواها مستهدفة فرض سياسات اقتصادية واجتماعية ليبرالية الغاية منها استعمار بشكل جديد اقذر و اكثر حقد مما سبق عبر تدمير البنى الاجتماعية وتفقير البشر وتحطيم الحجر و اس ما سعوا إليه تدمير وقتل الطبقات الوسطى عماد المجتمعات واس صلابته وجسر تقدمها ومناعتها الداخلية أتجاه أي عدو خارجي وكانت الوصفات الممهورة بالختم العالمي و المكتوبة أمريكيا جاهزة والهادفة لتحرير الاقتصاد بما لا يضر بمصالح المعولم.و.قتل القطاع العام.رفع الدعم عن المنتجات تعويم العملات المحلية وتقويض دور المنظمات والمؤسسات الكابحة والموازنة بين حقوق العمال و اصحاب العمل وكذلك فرض قوانين تعرقل قوة و استقرار طبقة العمال والكادحين إضعاف دور الحكومات في قيادة المجتمع ولتتبنى مؤسسات البنك الدولي و صندوق النقد هذه الوصفات و لتلحق بمؤسسات المجتمع المدني التابعة والسائرة بنفس الدور و التي تساعد بتلميع وتقوية شخصيات بعيدة عن السلطات لتكون ركائز مستقبلية للمشاريع الامبريالية و لتصاب اغلب البلدان بتصدع كبير وتهشيم للطبقة الوسطى والتي كانت هي الغالبة والمسيطرة وتنال منها من المعايير المالية والأخلاقية والقيمية و لتنجم تناقضات داخلية بالبلدان افقدتها مناعاتها لاي اعتداء و لتكون بوابة لتمرير مشاريع اقذر واكثر لا إنسانية و لتصاب هذه البلدان بأمراض مستعصية ولينال الفقر من أغلب سكانها و لتكون البطالة عنوان لاغلب قواها العاملة وكانت ادوات الترغيب عبر مساعدات وقروض لاغلب البلدان و بالتدمير و القتل لمن لم يسير بهذه الإملاءات و ليصبح العالم غابة قوانينها تسن من قبل القوة المسيطرة و أي تجاوز ثمنه الدمار و هكذا استطاعت قوى مدعية العولمة تدمير وتقويض ما استغرق عقود من النضال والبناء وبذل الغالي والرخيص بوصفات غايتها التحكم والسيطرة و زيادة الابتزاز والتبعية والاستلاب و و باتخاذ العقوبات والحصارات اللاشرعية سلاح وبالاعتماد على ادوات غير منتمية لهويتها الجغرافية وإنما لمشغلها من متمركزي رؤوس الاموال و كان أس افكارهم تهشيم دواخل البلدان وضرب الاستقرار عبر قتل الطبقة الوسطى و ضرب وتقويض دورهم ومنع تأطير وتنظيم اي صراع طبقي قادم وتحويل الصراع من افقي كصراع طبقي بناء لصراع عمودي مدمر للبلاد والعباد..وقد يكون جزء من اهدافهم اللا إنسانية قد تحققت في فرض البرامج القاتلة للبلدان و المحطمة للطبقة الوسطى وفي توهم تحييد الصراع الطبقي ليأخذ اشكال اخرى ولكن الاوضاع الماساوية اللاإنسانية و الوضع التفقيري الذي نجم عنهم وبأحجامه المخيفة واللااستقرار النفسي والاجتماعي والاقتصادي أفرز معاناة قاسية ملئت النفوس بالأحقاد اتجاههم واتجاه ادواتهم والتي لن تستطيع الاستمرار بنفس الاساليب والبرامج لأن عدم استقرار المجتمعات سينعكس عليهم وبالتالي الصراع الطبقي المنظم المنضبط المقونن قد يتحول إلى كوارث وصراعات تأخذ ابعاد اخرى تنال من الاشخاص والاموال وقودها اسوداد العقول والقلوب الناجمة عن تفقير منظم وعن ابتزازات و استلابات و تهميشات والوصول لهذه المراحل سينعكس على المشروع العالمي و سيرورة الإنسانية و البشرية تجعلك تستنبط بأن هذه الرؤية هي الاقرب وهي الانعكاس الصحيح لقتل الطبقة الوسطى موازن المجتمعات وعماد التنمية والنمو وعنوان العدالة الإجتماعية وجسر الإنطلاق التنموي بكل ابعاده وعدم إعادة بنائها سينجم عنه كوارث تواجه العولمة المتامركة بأدوات وردات فعل أكبر من الصراع الطبقي المقونن المنضبط.إن الأنانية واللا إنسانية المدعومة بالأسلحة الفتاكة و باقذر الأساليب كالعقوبات والحصارات اللا شرعية وغير القانونية لتفريغ المجتمعات طبقيا فكريا و إيديولوجيا وقانونييا ولدت فوضى عارمة قابلة بالاشتعال والانتشار بكل وقت وبكل مكان ولمواجهة مسببي المأساة الأمر الذي يستوجب على المتحكمين بعالمية القرار إعادة لغة العقل القائمة على الموازنة بين المال والإنسانية و العدالة الإجتماعية كانت وستبقى صمام الأمان و لكل معاناة حد و إن حرف الصراع سيولد عنه مزيد من الإنفجارات غير معروفة الإنعكاسات والنتائج
الدكتور سنان علي ديب جمعية العلوم الاقتصادية