الإعلامي الاستاذ حسين ابراهيم :
قادني البحث في نظرية الحتمية_التكنولوجية لماكلوهان إلى الرؤية التي طرحها بول_لازارسفيلد، صاحب نظرية تدفق_المعلومات_على_مرحلتين، التي تتلخص في أن المعلومات تصل إلى الجمهور عبر وسيلتين: وسائل الإعلام وقادة الرأي، حيث “ترتبط كل شريحة من الجمهور بنخبة أو بصفوة (مهندس، مثقف، دكتور، متتبع للأخبار) يلجأ إليه الجمهور في كل وقت ليشرح له ما ورد في النشرة أو يأتيه بالتفاصيل الكاملة”.
لازارسفيلد يؤكد أن تأثير قادة الرأي في الجمهور أكثر من تأثير وسيلة الإعلام، لأن الجمهور غالبا ما يتبع قائده في كل شيء، ولا يلجأ للوسيلة إلا للفرجة وللاستماع للخبر، فهو إذا يحتاج لمن يشرح ويحكم.
ويدعم أصحاب هذه التوجه رأيهم بعدة عوامل تساهم في تفسير الدور الفعال للجمهور من أهمها:
- ظهور مفهوم صحافة المواطنة مع ظهور الإنترنت، حيث أصبح المواطن يشارك في بث المعلومة والتعليق على الأخبار بل وصناعتها والمشاركة فيها، وسرعان ما تطور ذلك ليظهر #التدوين كمنافس قوي لكبرى مصادر الخبر.
- ظهور مفهوم الإعلام الرقمي الذي يُعدّ من أكثر الأمور التي ستجعل الجمهور يتفوق على الإعلام ويتحكم فيه، فمع ظهور وسائل التواصل الاجتماعي من فيسبوك وتوتير وغيرها، بدأ المشاهد يتحكم في المشهد الإعلامي عن طريق ما يُعرف بالتدوين، وأصبحنا نشاهد كبرى مؤسسات الإعلام العالمية والعربية تتجه إلى ذلك المجال علّها تستطيع التحكم فيه أو على الأقل تخفف من ضرره عليها.
ولهذا، فقد باتت كبريات وسائل الإعلام تمنح الجمهور مساحة للمشاركة والتفاعل مع برامجها ونشراتها الإخبارية عن طريق التقرب إلى جمهور مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تصنع المشاهير وتُسقط بعض نجوم وسائل الإعلام. بل إن بعض المذيعين ومقدمي البرامج باتوا يخضعون لشريحة الجمهور التي تتابعهم وأحيانا لا يستطيعون الخروج عن النص والفكرة الأساسية التي كونها الجمهور عنهم خوفا من فقدانهم.
يرى مختصون في المجال الإعلامي بأن مستقبل وسائل الإعلام هو العالم الافتراضي الذي يعتبر الجمهور سيده، لكن السؤال سيظل مطروحا دوما حول #من_يحكم_من: الإعلام أم الجمهور؟