د . م . عبد الله أحمد
قد تختلف المقاربات وَيَحْتَدّ الجدل حول طبيعة المرحلة والأسباب الموضوعية للأزمة والسبل الكفيلة بالخروج منها. وقد نتهم الآخر الذي يمثل العدو؛ من دول، ومجموعات، وشركات عابرة للحدود، وقد يكون من المفيد أيضاُ البحث في الجذور الميتافيزيقية والرؤى المادية والتصورات التي تُسوق حول مرحلة ما بعد الإنسانية. ولكن تكمن المعضلة الأساسية في الغوص في التفاصيل حول الخروج دون محاولة أو جهد أو برنامج بهدف الخروج من الهاوية. لأننا أصلاً لسنا جادين في محاولة الخروج من الهاوية؛ لن تؤدي مئات بل آلاف المحاضرات والندوات والمقالات في الصحف أو في مواقع التواصل الاجتماعي إلى شيء…
لن تؤدي تصريحات الساسة من دول تصنف على أنها مع أو ضد إلى شيء يذكر، فهذة الدول تضع مصالحها في عنوان كل تصريج أو تدخل، ولن يؤدي استخدام مصطلحات عاطفية إلى أي تغير في هذا السياق . فهذة الدول ترى في أزماتنا فرض لتعزيز مصالحها ولو على حسابنا . ولا يمكن لنا الخروج من الْمَأْزِق إلا إذا قررنا ذلك وعلمنا لأجله . ولكن للأسف؛ معضلتنا أكبر من أن تُحل بقرار هنا أو إجراء هناك لأننا: لسنا جادين، عندما يكون الوضع السائد فرصة للآخر على حساب الأخرين …
لسنا جادين،
• عندما يصبح تأمين لقمة العيش لفرد أهم من مصير كل الآخرين …
• عندما تدمر الملكية العامة لصالح جشع البعض الذي يستغل الوضع السائد ..
• عندما تصبح الحرب فرصة والفساد وسيلة …
• وعندما تكون الشوارع قذرة والملكية العامة ومشاريعها فرصة للفساد …
• عندما ندمر الزراعة والملكية الخاصة لصالح جشع البعض …
• عندما نفرق بين مواطن وآخر في الحقوق والواجبات …
• وعندما تنهار المؤسسات التي تبني الأجيال…..
• عندما ننتظر الآخر البعيد كي يأتي لنا بحلول جاهزة ….
يدار العالم بطرقية همجية، فالسلطة والسيطرة المطلقة على العالم ودوله هما العنوان والهدف، وتكمن فلسفة هؤلاء في أن إغْرَاق الشعوب باالفوضى والجوع والعوز وانسداد الأفق سيجعل هذة الشعوب توافق على أي شيء. وسترحب بإي حل حتى لو كان من خلال القضاء على الإنسان العاقل . وهذا ما يحدث حالياً . ومن الصعب علينا في دولنا الصغيرة والمنهكة من الحروب والفوضى والقلة الخروج من الهاوية في ظل هذ الوضع العالمي المضطرب، وفي ظل هذا السياق والأداء. وقد نحتاج إلى معجزة، بما أن المعجزات لن تأتي ! فلا أمل إلا بمشروع نهضوي يرمم مفهوم الوطنية والمواطنة (الذي أصبح مفهوماً ضبابياً) ويبني عليه . فلا يمكن الحديث عن الوطنية إلا أن كان الجميع لأجل الجميع، بحيث يصبح الْاِنْتِمَاء الوطني فوق كل المصالح والأنا المتضخمة لدى الأغلبية. عندها فقط تبدأ رحلة الخروج من الهاوية.