• من دراسة تساؤلات حول الحوار (ماهيته ، غاياته، أدواته، الحاضرين له وكيفية تمثيل السوريين، نزيف الدم والحوار المأمول،….)
تساؤلات تمهيدية
قبل كل شيء: إن قطرة دم واحدة لشهيد سوري لا يعادلها مداد الكلام كله
بداية: إن الأسماء الواردة في هذا الجزء لا تشير إلى الأشخاص بحد ذاتهم أو تهاجمهم – وهذا ليس بوارد تفكيري مطلقا- وإنما ولسهولة التعبير عن شريحة ما اختزلتها بهذه الشخصية أو تلك.
مقدمه:
إن الحراك الذي انطلق في البداية ساهم في تسريع فتح ما تبقى مغلقا من أبواب التعبير والكلام عن كل شيء يخص الدولة ومؤسساته ومسؤوليها ؟ رغم الكثير من اللغو والغوغائية والانتهازية الذي رافقه وغياب الرؤيا والانسجام في بعض الطروحات التي قدمت والتي ظهرت للأسف من قبل نخب ثقافية قبل ظهورها من قبل غيرهم، هذا الحراك وضع العجلة على مسار لو انطلق يومها نحو إصلاحات جذرية وتراتبية في مفاصل الحياة السياسية السورية ولو بطبخة على نار هادئة كانت تحتاج لبعض التصميم والصبر والمنهجية الوطنية من كل الأطياف السياسية ووضوح الرؤيا الموضوعية لكل الظروف والتدخلات الخارجية ، والترهلات المحلية ؛ ولكن..
دخل الحراك في معادلة الفوضى والتغاضي فكان نتاجه كرة نار تأكل الوطن في أتون الموروث والبيئة والمغنطة الدولية والإقليمية والدينية بعيدا عن كل الغايات المرجوة .
سرق البعض الفرص، وأضاع البعض الفرص، وأعمى البعض أعينه عن الفرص، فيما انخرط البعض في الحقد والكيدية وانجاز البطولات الوهمية ، وانجر البعض ليبيع نفسه فوطنه لمارق هناك وطامع هناك ؟
وبعيدا عن ثقافة جامعه ناهضة بالمجتمع انساق الحراك نحو سواد النفط مستوردا فكرا، ومالا، وسادة حراك استثمروا لعبة الديمنو التي أفاضت عن مآرب حسن اللفظ "الربيع العربي" واضح المأساة بخريف عاصف بالفوضى غائم الأفكار، ماكينة صفراء لاستنبات الحقد وسموم الطائفية، فخاب الرجاء بثقافة سورية ناهضة نحو ثقافة أعرابية هدّامة تسحل في طريقها ما بقي من أحلام النهوض.
مر الأسبوع بعد الأسبوع، والشهر بعد الشهر ، الصورة تقتم أكثر، حيرتنا تكبر يوما بعد يوم، وتساؤلاتنا فاضت عن ضفاف البحث عن إجابات ، فكان حق لنا وواجب علينا أن نطرح كل تساؤلاتنا دفعة واحدة دون انتظار وتحقق من الإجابات الممكنة أو المحتملة.
هل كان للمشاركين في الاحتجاج أية دراية بمفهوم "نظام" ، وتعريفا واضحا لمفهوم "إسقاط النظام"، وعن البرنامج السياسي والوطني للحراك؟، عن العلائق الأخلاقية والوطنية الناظمة بين المحتج الممثل لحاجات مجتمع وعنصر الأمن الممثل لضرورات دولة؟.
هل حملت لنا الأيام حكاية واضحة لقصص كثيرة تداولتها القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية وحتى الأصدقاء؟، أم أن الأمر لم يتجاوز أن يكون سردا سريعا ومتسارعا لأحداث وأخبار بعيدا عن دقتها بهدف إلغاء التعقل عن عاقل ونبش الفوضى من جمجمة مجنون وفق مبدأ حشو الدماغ بالكثير الكثير من المعلومات الهامة وغير لمراكز العقل المتعلقة بالأخلاق والقيم؟.
هل ما زالت خطة "بندر" قائمة، هل أوقفها أحد؟ ، هل غاب عن الذهن أنها حُملت على ظهر كل سوري؟. فكنا النار وكنا الهشيم.
هل خرج إلينا أحد ممن أدعوا الحراك أو تضامنوا معهم وأصبحوا –من خارج سوريا- سادته عن أسباب الارتماء السريع في أحضان حليفي "النظام " السابقين وأقصد تركيا وقطر؟.
هل غاب عن ذهن البعض أن بعض ساسة سوريا ما قبل 1962 كانوا قد اختلفوا فقط في اسم الدولة التي يسلمونها مخادعهم السياسية ، أهي السعودية ، أو العراق أو مصر؟، فكانت الانقلابات وجاءت الوحدة وحصل الانفصال، وضاع الاقتصاد السوري بين الرياض وبغداد والقاهرة ؟.
هل نسي ذلك أبناء أو أحفاد أولئك الساسة، والصارخين بـ "الثورة الدونكيشوتية" الناهدة لما بقي للطبقات الفقيرة، قبل أن يأتي فيقودهم " فداء السيد" بصفحة فيسبوكية إلى وهم تحول إلى كابوس فحقيقة سفك وسفاح ، وقبل أن يخرج عبد الحليم خدام شاكيا باكيا خروجه من كهف علي بابا بما استطاع إليه سبيلا ، وقبل أن تفتتح الإدارة الأمريكية أولى محطاتها الفضائية الموجهة ضد سوريا بعد كل أفعالها الديمقراطية في العراق من هدايا الـ B5 إلى سبي أبو غريب على الطريقة الجاهلية تشفيا بما حصل في تاريخ مضى بما يسمى "السبي اليهودي"؟.
هل قرأ أحد من السوريين أحفاد المقاتلين في صفوف "الثورة العربية الكبرى" بعيد "السفر بلك" كيف قسمت هذه الثورة سوريا ، وسمحت هذه الثورة غباءً وطمعاً بأن تقضم أراضٍ من سوريا والعراق، وأن الأمر لم يكن ليتعدى انتقال الوصاية السياسية الدينية من السلطان العثماني إلى ملك من شبه الجزيرة العربية؟ .
هل سمع بذلك فريد الغادري قبل أن يهتم بشكل النظام القادم، وعمار القربي وأيمن عبد النور قبل نكرانهم للتباهي بالاتصال بالجهات التي يناصبونها الآن العداء بداعي صحوة الكرامة والحرية ، هل بذل جهدا لأجل ذلك ورضوان زيادة بقدر الجهد المبذول للكلام؟.
هل أخبر الجنرال طلاس ابنه بذلك؟.
هل قرأ فيصل القاسم ذلك لأولاده، فبرر لهم أسباب تقديمه لبرنامج " التدمير الممنهج" للرموز الوطنية والشعبية دون خطة نهوض ثقافي حقيقي ؟.
متى كان النفط العربي ناهضا بأهله ثقافيا وفكريا قبل أن ينهض بأبناء عمومتهم أو جيرانهم ؟!!!!
هل سمع مراهقو درعا من كبارهم كيف أن درعا خزان سوريا العلمي والزراعي باتت تختزل بشيخ يفتي بقتل هناك وشيخ يفتي بسبي هناك وتختزل إلى معبر لكل مارق يريد أن يفجر نفسه؟.
هل تابع مسؤول بعثيّ – بعيدا عن "كرافتته" الجاثية على كرش – حضوره بكل أمانه وإخلاص إلى بساتين وحقول فلاحي حلب و ادلب فيزيدهم اهتماما بأنهم لم يكونوا يوما إلا همّ البعث وحلم البعث في بناء دولة زراعية صناعية قضت على الإقطاع البغيض والبرجوازية العفنة؟.
هل سمع بذلك بعض الشباب الميسور من أبناء الأحزاب السياسية الجديدة والقديمة في سوريا ومن جماعة التيار الثالث والرابع ولربما الخامس بعد حين؟، أم نسيوا ذلك في دوامة انشغالهم في اللقاءات السياسية حديثة العهد في سوريا الآن فيتفقوا على طبيعة المحاججة على أبناء الأحزاب الأخرى، وعلى طبيعة المحاصصة الحزبية في المنظور السياسي القادم ، وليتفقوا على أدوات الظهور الإعلامي في دعم المهجرين النازحين و المعتقلين والمخطوفين ، هل يخاف بعضهم تحديد موقفه –خيفة تغير في وقائع السلاح – لينظروا في أي جهة يوجهون دعمهم للجيش العربي السوري ، أم بتمجيد العمليات العسكرية للمجموعات العسكرية المختلفة من منشقين عسكريين إلى معارضة مسلحة، إلى مجموعات تكفيرية، إلى قاطعي طرق، أم بمتابعة الصراخ لضرورة إنقاذ سوريا من العنف دون أن تتسخ ثيابهم السياسية بموقف تعريف موضوعي "للعنف" ولمعنى "التغيير السياسي" ولمعاني "التظاهر والاحتجاج"، وأي يوم هو الأنسب للاحتجاج ؟.
هل فكر يوما محمد سلمان وقبل أن يخرج هو ورفاقه في بداية الأزمة بمبادرتهم ، حين كان وزيرا للإعلام، أن بث الأرضية السورية لا يصل واضحا لأبناء الجزيرة في دير الزور فانصرفوا عنها ناهيك عن تقدمنا الإعلامي حينها وقبلها وبعدها إلى ما بعيد الكارثة التي نحن فيها ؟.
هل قرأت سهير الأتاسي يوما عن المعادلة الدولية، وصفرها السوري في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات؟، هل اضطلعت على سياسة الأحلاف وتمعنت فيها عبر خرائط الحرب الباردة، فالساخنة، من يوم كنا فيه مسألة شرقية إلى يوم أصبحنا فيه شرقا أوسطا يولد جديدا من رحم الفوضى الخلاقة عبر التحكم بالكتل البشرية؟. هل قرأت جيدا مذكرات العائلة ومذكرات القائد "فوزي القاوقجي"؟
هل قرأ معاذ الخطيب يوما عن كيف ولماذا تم تسليم لواء اسكندرون لتركيا، ومن ساهم وشارك، ومن وتغاضى وتناسى، ومن رفض ؟ وهل يستطيع أن يوضح "للشعب السوري" لم كان الاسم الحقيقي للاحتجاجات ضد أديب الشيشكلي بـ "الثورة ضد الديكتاتورية الكردية العسكرية "، وفي أسباب نشوء "فصائل محمد" في الستينات حين تضررت مصالح المملكة السعودية، هل قرأ عن أسباب دعم العراق لما حصل في سوريا الثمانينات؟.
هل خرج علينا يوما مسؤول واحد قبل الأزمة ليبرر للجماهير المشغولة بلقمة العيش عن أسباب دعم "حماس المقاومة" واحتضان كوادرها، على الرغم من أن بعض كوادرها شاركت في التخطيط لمجازر في الثمانينات؟. لقد علمنا ذلك تبريرا بعيد نكران خالد مشعل لجميل عطف ورعاية ودعم سوريا دولة وجيشا وشعبا، وبعيد ما حدث في مخيم اليرموك.
هل أوضح لنا حسن عبد العظيم لما يشير مريدوه بالبنان إلى حزب الله إشارة تشابه إشارة مضيفه سفير العم سام ؟، هل الأمر مرتبط بالصراع استراتيجيا ، وتكتيكيا ، وسياسيا ، قبل أن يكون للأمر أبعادا اجتماعية اقتصادية.
هل يستطيع الشباب العلماني السوري أن يوضح لنا أسباب عمليات الاغتيال ضد موظفي وطلاب وعسكريي "لم يشاركوا في العمليات الحربية" لون طائفي سوري ليسوا فاسدين ، ولم هم من قتلوا وسحلوا وذبحوا ، ولم أسمع أن فاسداً واحدا قدم لمحاكمة "ميدانية " للثورة إلا لفقراء أتهموا بأنهم "عواينية" وفق نظرة "أبو شهاب".
هل يدرك السوريون (من هامشيين ، وممن من ذكروا أعلاه اختزالا لشرائح) ما هي ماهية الحوار الذي نتحدث ويتحدثون عنه في زمن بات فيه الحوار الدولي أهم أدوات الصراع الظاهر علنا لما خفي من ترتيبات دولية لبناء دول وإزالة دول وتقاسم كعكات دول؟.
ما هي الحلول التي قد ينتجها الحوار ؟ وما نجاعة كل منها لوقف نزيف الدم والدولة، الموارد والبنى، المجتمع والوعي ؟.
هل ندرك أنه – ولربما- ما نحن فيه الآن من فوضى سلاح وتشتت أوصال الوطن وانعدام الأمان هو نتاج لحوار سابق لم نتنبه له ؟. حصل بين الكبار أمم أو شركات ، دول أو منظمات ، أشخاص أو جماعات؟؟!!
هل الحل الناتج عن الحوار من بين كل الحلول التي نسمع بها ونقرأ عنها ونبحث عنها ، ونناقشها ؟، وهل يحضر موروثنا التاريخي والثقافي في كل الحلول التي نحاول أن نفهمها أو نقاربها أو نستنبطها؟.
هل سيستنسخ لنا أم سنستنسخ حلا من حلول أزمات مشابهة؟، أهو كما يوغسلافيا أو السودان أو العراق أو رومانيا أو الصين أو الولايات المتحدة ، أو على شاكلة جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية ، أم سنصبح مرتعا لزوج موزة بنت ناصر المسند وأصدقائه بعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى من ذلك…؟ .
لو استطاع البعض أن يستنسخ حلا لفعل ذلك ،سواء أكان هذا البعض نحن (كسوريين) أو هم (غير السورين)، دون عناء التفكير والتحضير للحوار والتكهن بنتائجه، وهل يمتلك أيّ بعض القدرة على فعل ذلك في المدى المنظور ؟، وهل يؤدي ذلك إلى وقف نزيف الدم والوطن؟.
هل سنحصل على حل يطبق نظرية "البطة السوداء" فيولد غريبا عن كل الحلول التي نعرفها أو نتوقعها؟.
هل يصبح الحوار جداريات ترسم وجدانيات النزيف بأقلام تخربش الوطن إلى كنتونات؟، لربما….
ختاما : تساؤلاتنا تمهد لتساؤلات أخرى سنقدمها تباعا ، عن ماهية الحوار المأمول وغاياته ، عن أدواته،عن الحاضرين له وكيف سيمثل السوريون أنفسهم فيه ،عن نزيف الدم والحوار المنتظر، عن المبادرات المقدمة وجدواها.
تساؤلات تمهيدية
قبل كل شيء: إن قطرة دم واحدة لشهيد سوري لا يعادلها مداد الكلام كله
بداية: إن الأسماء الواردة في هذا الجزء لا تشير إلى الأشخاص بحد ذاتهم أو تهاجمهم – وهذا ليس بوارد تفكيري مطلقا- وإنما ولسهولة التعبير عن شريحة ما اختزلتها بهذه الشخصية أو تلك.
مقدمه:
إن الحراك الذي انطلق في البداية ساهم في تسريع فتح ما تبقى مغلقا من أبواب التعبير والكلام عن كل شيء يخص الدولة ومؤسساته ومسؤوليها ؟ رغم الكثير من اللغو والغوغائية والانتهازية الذي رافقه وغياب الرؤيا والانسجام في بعض الطروحات التي قدمت والتي ظهرت للأسف من قبل نخب ثقافية قبل ظهورها من قبل غيرهم، هذا الحراك وضع العجلة على مسار لو انطلق يومها نحو إصلاحات جذرية وتراتبية في مفاصل الحياة السياسية السورية ولو بطبخة على نار هادئة كانت تحتاج لبعض التصميم والصبر والمنهجية الوطنية من كل الأطياف السياسية ووضوح الرؤيا الموضوعية لكل الظروف والتدخلات الخارجية ، والترهلات المحلية ؛ ولكن..
دخل الحراك في معادلة الفوضى والتغاضي فكان نتاجه كرة نار تأكل الوطن في أتون الموروث والبيئة والمغنطة الدولية والإقليمية والدينية بعيدا عن كل الغايات المرجوة .
سرق البعض الفرص، وأضاع البعض الفرص، وأعمى البعض أعينه عن الفرص، فيما انخرط البعض في الحقد والكيدية وانجاز البطولات الوهمية ، وانجر البعض ليبيع نفسه فوطنه لمارق هناك وطامع هناك ؟
وبعيدا عن ثقافة جامعه ناهضة بالمجتمع انساق الحراك نحو سواد النفط مستوردا فكرا، ومالا، وسادة حراك استثمروا لعبة الديمنو التي أفاضت عن مآرب حسن اللفظ "الربيع العربي" واضح المأساة بخريف عاصف بالفوضى غائم الأفكار، ماكينة صفراء لاستنبات الحقد وسموم الطائفية، فخاب الرجاء بثقافة سورية ناهضة نحو ثقافة أعرابية هدّامة تسحل في طريقها ما بقي من أحلام النهوض.
مر الأسبوع بعد الأسبوع، والشهر بعد الشهر ، الصورة تقتم أكثر، حيرتنا تكبر يوما بعد يوم، وتساؤلاتنا فاضت عن ضفاف البحث عن إجابات ، فكان حق لنا وواجب علينا أن نطرح كل تساؤلاتنا دفعة واحدة دون انتظار وتحقق من الإجابات الممكنة أو المحتملة.
هل كان للمشاركين في الاحتجاج أية دراية بمفهوم "نظام" ، وتعريفا واضحا لمفهوم "إسقاط النظام"، وعن البرنامج السياسي والوطني للحراك؟، عن العلائق الأخلاقية والوطنية الناظمة بين المحتج الممثل لحاجات مجتمع وعنصر الأمن الممثل لضرورات دولة؟.
هل حملت لنا الأيام حكاية واضحة لقصص كثيرة تداولتها القنوات الفضائية والمواقع الالكترونية وحتى الأصدقاء؟، أم أن الأمر لم يتجاوز أن يكون سردا سريعا ومتسارعا لأحداث وأخبار بعيدا عن دقتها بهدف إلغاء التعقل عن عاقل ونبش الفوضى من جمجمة مجنون وفق مبدأ حشو الدماغ بالكثير الكثير من المعلومات الهامة وغير لمراكز العقل المتعلقة بالأخلاق والقيم؟.
هل ما زالت خطة "بندر" قائمة، هل أوقفها أحد؟ ، هل غاب عن الذهن أنها حُملت على ظهر كل سوري؟. فكنا النار وكنا الهشيم.
هل خرج إلينا أحد ممن أدعوا الحراك أو تضامنوا معهم وأصبحوا –من خارج سوريا- سادته عن أسباب الارتماء السريع في أحضان حليفي "النظام " السابقين وأقصد تركيا وقطر؟.
هل غاب عن ذهن البعض أن بعض ساسة سوريا ما قبل 1962 كانوا قد اختلفوا فقط في اسم الدولة التي يسلمونها مخادعهم السياسية ، أهي السعودية ، أو العراق أو مصر؟، فكانت الانقلابات وجاءت الوحدة وحصل الانفصال، وضاع الاقتصاد السوري بين الرياض وبغداد والقاهرة ؟.
هل نسي ذلك أبناء أو أحفاد أولئك الساسة، والصارخين بـ "الثورة الدونكيشوتية" الناهدة لما بقي للطبقات الفقيرة، قبل أن يأتي فيقودهم " فداء السيد" بصفحة فيسبوكية إلى وهم تحول إلى كابوس فحقيقة سفك وسفاح ، وقبل أن يخرج عبد الحليم خدام شاكيا باكيا خروجه من كهف علي بابا بما استطاع إليه سبيلا ، وقبل أن تفتتح الإدارة الأمريكية أولى محطاتها الفضائية الموجهة ضد سوريا بعد كل أفعالها الديمقراطية في العراق من هدايا الـ B5 إلى سبي أبو غريب على الطريقة الجاهلية تشفيا بما حصل في تاريخ مضى بما يسمى "السبي اليهودي"؟.
هل قرأ أحد من السوريين أحفاد المقاتلين في صفوف "الثورة العربية الكبرى" بعيد "السفر بلك" كيف قسمت هذه الثورة سوريا ، وسمحت هذه الثورة غباءً وطمعاً بأن تقضم أراضٍ من سوريا والعراق، وأن الأمر لم يكن ليتعدى انتقال الوصاية السياسية الدينية من السلطان العثماني إلى ملك من شبه الجزيرة العربية؟ .
هل سمع بذلك فريد الغادري قبل أن يهتم بشكل النظام القادم، وعمار القربي وأيمن عبد النور قبل نكرانهم للتباهي بالاتصال بالجهات التي يناصبونها الآن العداء بداعي صحوة الكرامة والحرية ، هل بذل جهدا لأجل ذلك ورضوان زيادة بقدر الجهد المبذول للكلام؟.
هل أخبر الجنرال طلاس ابنه بذلك؟.
هل قرأ فيصل القاسم ذلك لأولاده، فبرر لهم أسباب تقديمه لبرنامج " التدمير الممنهج" للرموز الوطنية والشعبية دون خطة نهوض ثقافي حقيقي ؟.
متى كان النفط العربي ناهضا بأهله ثقافيا وفكريا قبل أن ينهض بأبناء عمومتهم أو جيرانهم ؟!!!!
هل سمع مراهقو درعا من كبارهم كيف أن درعا خزان سوريا العلمي والزراعي باتت تختزل بشيخ يفتي بقتل هناك وشيخ يفتي بسبي هناك وتختزل إلى معبر لكل مارق يريد أن يفجر نفسه؟.
هل تابع مسؤول بعثيّ – بعيدا عن "كرافتته" الجاثية على كرش – حضوره بكل أمانه وإخلاص إلى بساتين وحقول فلاحي حلب و ادلب فيزيدهم اهتماما بأنهم لم يكونوا يوما إلا همّ البعث وحلم البعث في بناء دولة زراعية صناعية قضت على الإقطاع البغيض والبرجوازية العفنة؟.
هل سمع بذلك بعض الشباب الميسور من أبناء الأحزاب السياسية الجديدة والقديمة في سوريا ومن جماعة التيار الثالث والرابع ولربما الخامس بعد حين؟، أم نسيوا ذلك في دوامة انشغالهم في اللقاءات السياسية حديثة العهد في سوريا الآن فيتفقوا على طبيعة المحاججة على أبناء الأحزاب الأخرى، وعلى طبيعة المحاصصة الحزبية في المنظور السياسي القادم ، وليتفقوا على أدوات الظهور الإعلامي في دعم المهجرين النازحين و المعتقلين والمخطوفين ، هل يخاف بعضهم تحديد موقفه –خيفة تغير في وقائع السلاح – لينظروا في أي جهة يوجهون دعمهم للجيش العربي السوري ، أم بتمجيد العمليات العسكرية للمجموعات العسكرية المختلفة من منشقين عسكريين إلى معارضة مسلحة، إلى مجموعات تكفيرية، إلى قاطعي طرق، أم بمتابعة الصراخ لضرورة إنقاذ سوريا من العنف دون أن تتسخ ثيابهم السياسية بموقف تعريف موضوعي "للعنف" ولمعنى "التغيير السياسي" ولمعاني "التظاهر والاحتجاج"، وأي يوم هو الأنسب للاحتجاج ؟.
هل فكر يوما محمد سلمان وقبل أن يخرج هو ورفاقه في بداية الأزمة بمبادرتهم ، حين كان وزيرا للإعلام، أن بث الأرضية السورية لا يصل واضحا لأبناء الجزيرة في دير الزور فانصرفوا عنها ناهيك عن تقدمنا الإعلامي حينها وقبلها وبعدها إلى ما بعيد الكارثة التي نحن فيها ؟.
هل قرأت سهير الأتاسي يوما عن المعادلة الدولية، وصفرها السوري في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات؟، هل اضطلعت على سياسة الأحلاف وتمعنت فيها عبر خرائط الحرب الباردة، فالساخنة، من يوم كنا فيه مسألة شرقية إلى يوم أصبحنا فيه شرقا أوسطا يولد جديدا من رحم الفوضى الخلاقة عبر التحكم بالكتل البشرية؟. هل قرأت جيدا مذكرات العائلة ومذكرات القائد "فوزي القاوقجي"؟
هل قرأ معاذ الخطيب يوما عن كيف ولماذا تم تسليم لواء اسكندرون لتركيا، ومن ساهم وشارك، ومن وتغاضى وتناسى، ومن رفض ؟ وهل يستطيع أن يوضح "للشعب السوري" لم كان الاسم الحقيقي للاحتجاجات ضد أديب الشيشكلي بـ "الثورة ضد الديكتاتورية الكردية العسكرية "، وفي أسباب نشوء "فصائل محمد" في الستينات حين تضررت مصالح المملكة السعودية، هل قرأ عن أسباب دعم العراق لما حصل في سوريا الثمانينات؟.
هل خرج علينا يوما مسؤول واحد قبل الأزمة ليبرر للجماهير المشغولة بلقمة العيش عن أسباب دعم "حماس المقاومة" واحتضان كوادرها، على الرغم من أن بعض كوادرها شاركت في التخطيط لمجازر في الثمانينات؟. لقد علمنا ذلك تبريرا بعيد نكران خالد مشعل لجميل عطف ورعاية ودعم سوريا دولة وجيشا وشعبا، وبعيد ما حدث في مخيم اليرموك.
هل أوضح لنا حسن عبد العظيم لما يشير مريدوه بالبنان إلى حزب الله إشارة تشابه إشارة مضيفه سفير العم سام ؟، هل الأمر مرتبط بالصراع استراتيجيا ، وتكتيكيا ، وسياسيا ، قبل أن يكون للأمر أبعادا اجتماعية اقتصادية.
هل يستطيع الشباب العلماني السوري أن يوضح لنا أسباب عمليات الاغتيال ضد موظفي وطلاب وعسكريي "لم يشاركوا في العمليات الحربية" لون طائفي سوري ليسوا فاسدين ، ولم هم من قتلوا وسحلوا وذبحوا ، ولم أسمع أن فاسداً واحدا قدم لمحاكمة "ميدانية " للثورة إلا لفقراء أتهموا بأنهم "عواينية" وفق نظرة "أبو شهاب".
هل يدرك السوريون (من هامشيين ، وممن من ذكروا أعلاه اختزالا لشرائح) ما هي ماهية الحوار الذي نتحدث ويتحدثون عنه في زمن بات فيه الحوار الدولي أهم أدوات الصراع الظاهر علنا لما خفي من ترتيبات دولية لبناء دول وإزالة دول وتقاسم كعكات دول؟.
ما هي الحلول التي قد ينتجها الحوار ؟ وما نجاعة كل منها لوقف نزيف الدم والدولة، الموارد والبنى، المجتمع والوعي ؟.
هل ندرك أنه – ولربما- ما نحن فيه الآن من فوضى سلاح وتشتت أوصال الوطن وانعدام الأمان هو نتاج لحوار سابق لم نتنبه له ؟. حصل بين الكبار أمم أو شركات ، دول أو منظمات ، أشخاص أو جماعات؟؟!!
هل الحل الناتج عن الحوار من بين كل الحلول التي نسمع بها ونقرأ عنها ونبحث عنها ، ونناقشها ؟، وهل يحضر موروثنا التاريخي والثقافي في كل الحلول التي نحاول أن نفهمها أو نقاربها أو نستنبطها؟.
هل سيستنسخ لنا أم سنستنسخ حلا من حلول أزمات مشابهة؟، أهو كما يوغسلافيا أو السودان أو العراق أو رومانيا أو الصين أو الولايات المتحدة ، أو على شاكلة جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية ، أم سنصبح مرتعا لزوج موزة بنت ناصر المسند وأصدقائه بعد أن كنا قاب قوسين أو أدنى من ذلك…؟ .
لو استطاع البعض أن يستنسخ حلا لفعل ذلك ،سواء أكان هذا البعض نحن (كسوريين) أو هم (غير السورين)، دون عناء التفكير والتحضير للحوار والتكهن بنتائجه، وهل يمتلك أيّ بعض القدرة على فعل ذلك في المدى المنظور ؟، وهل يؤدي ذلك إلى وقف نزيف الدم والوطن؟.
هل سنحصل على حل يطبق نظرية "البطة السوداء" فيولد غريبا عن كل الحلول التي نعرفها أو نتوقعها؟.
هل يصبح الحوار جداريات ترسم وجدانيات النزيف بأقلام تخربش الوطن إلى كنتونات؟، لربما….
ختاما : تساؤلاتنا تمهد لتساؤلات أخرى سنقدمها تباعا ، عن ماهية الحوار المأمول وغاياته ، عن أدواته،عن الحاضرين له وكيف سيمثل السوريون أنفسهم فيه ،عن نزيف الدم والحوار المنتظر، عن المبادرات المقدمة وجدواها.