من أين تبدأ ؟ أنه السؤال ألأكثر إلحاحاً وعمقاً فالبدايات تحدد معالم الطريق …
د , عبد الله أحمد
فالحياة حالة فريدة وعظيمة، والإنسان قد يكون أعظمى تجلياتها فيما إذا أجاب على السؤال الذي قد يحدد مسار البداية ، والإجابة ليست تعبيرا لفظيا وإنما يجب أن تكون لحظة تحول معرفي تُكرس للسير في ذلك الطريق ، وعند تلك اللحظة ندرك أن الحاجات الغريزية (الطعام ، الجنس ، النجاة ) ليست هدفاً بحد ذاتها، وإنما ضرورة للبقاء من أجل مراكمة المعرفة للوصول إلى حالة أسمى والى بعد آخر، وهنا فقط يكمن الفرق بين الحيواني (الغرائزي) والإنساني، حيث أن التمسك المطلق(دون أي شيء آخر) بالحاجات الغريزية ينقل الإنساني إلى الحيواني، والتمسك المطلق بالثانية (المعرفة) غير ممكن فعلياً إلا أنه قد ينقلنا إلى حالة انفصام، ولكن، ما علينا سوى الحرص على الأولى من اجل الثانية .
وعندما ترى نفسك في خطر وجودي وتهتم بالنجاة فقط، في سعي مضني من أجل تأمين كل تلك الحاجات الغريزية والتي بدونها لا يمكنك التفكير أو مراكمة أي معرفة ، وعندما ينبري الكهنة لإقناعك بأن ذلك اختبار لك ، بل أن ذلك نعمة وفضيلة ، فعليك أن تدرك أن خلف ذلك محاولة لنقلك بشكل نهائي إلى العالم الحيواني، وإن تفشت تلك الحالة بشكل مرضي وأصبحت كالطاعون ، فإنها تحمل في طياتها أزمات وحروب وصراعات وتتحول الحياة من حالة فريدة وعظيمة إلى تجلي عبثي للتراجيديا المؤلمة – يكمن الخلاص في الوعي المعرفي (وليس في الوعي المجرد)…