كرّست لمياء الكيلاني المولودة عام 1938 نفسها لتراث العراق ومتاحفه، وهي من أوائل عالمات الآثار العراقيات اللواتي نقّبن في المواقع القديمة في البلاد، واستغلت خبرتها في إعادة بناء المجموعة الأثرية في المتحف الوطني الذي نُهب عام 2003. أسهمت الراحلة في تحديد القطع الأثرية المسروقة واستعادتها في السنوات التي أعقبت الغزو الأميركي، من المتحف الوطني في بغداد لإعادة افتتاحه في 2015. حصلت على شهادة البكالوريوس في الآثار من «جامعة بغداد» عام 1957، وكانت أوّل عراقية تحصل على الدكتوراه في علوم الآثار من «جامعة كامبريدج» البريطانية، فضلاً عن دراستها في جامعتي «لندن» و«إدنبرة».
وتعتبر الكيلاني مؤسس الدور التعليمي للمتحف العراقي، فأطلقت سلسلة من الورش والمحاضرات بهدف تشجيع من يرتادها على متابعة دراسة الآثار، وكانت تسعى إلى زيادة عدد الآثاريين من العراقيين الشباب.
وضعت لمياء الكيلاني أول دراسة لها في الآثار بعنوان “الأواني السومرية الفخارية الطقسية”، وكتبت دراسة عن “الأختام الأسطوانية في الحقبة البابلية”، كما ألقت عدّة محاضرات في عدة مدن وعواصم في العالم، ومنها محاضرة حول الاستكشافات الآثارية وبعثات التنقيب في العراق في التاريخ الحديث، وأخرى تحت عنوان “قصة المتحف العراقي في النصف الأول من القرن العشرين”، والتي تطرقت فيها إلى تأسيس المتحف ومن تعاقب عليه من الآثاريين ومحتوياته وما جرى لها في فترات مختلفة، ودور المتحف في الحفاظ على الهوية العراقية.
كانت الكيلاني ممن عادوا إلى العراق بعد عام 2003، بهدف المساعدة في إنقاذ ما أمكن إنقاذه من الآثار من النهب والتدمير، وقد تطرّقت في محاضرات ومقالات مختلفة إلى الكيفية التي نُهبت بها هذه الآثار وكيف أُعيدت مجموعة منها.
للراحلة ثلاث بنات، هنّ: نورا وعزّة الكيلاني من زواجها الأوّل عبد الرحمن الكيلاني، وحُسن من زوجها الثاني رجل الأعمال الأردني جورج وير (توفي في 2003).
وعن عمر ناهز 80 عاماً، رحلت عالمة الآثار والأكاديمية العراقية المخضرمة لمياء الكيلاني في 18 كانون الثاني (يناير) 2019 في عمّان بعد إصابتها بالسكتة الدماغية. وقد كانت حينها في العاصمة الأردنية لحضور ورشة عمل، تدرّب خلالها المنسّقين الفنيين على المساعدة في حماية التراث الثقافي للعراق وسوريا وتعزيزه. ووريت الثرى في العراق بعدما شيّع جثمانها من المتحف الوطني في بغداد.
إعداد : محمد عزوز
من كتابي ( راحلون في الذاكرة ) الألف الأولى – برسم الطبع