شهر شباط لهذا العام يتكون من 29 يوما بما يسمى بالسنة الكبيسة..
تدور الأرض حول نفسها مرة كل 23 ساعه و 56 دقيقة و 4 ثواني الباقي (3 دقيقة و56 ثانية) وبالتالي تدور الأرض حول الشمس خلال (365 يوم و5 ساعات و48 دقيقه و46 ثانية) أو (365.242189). ولتسهيل عمليه الحساب حذفت الكسور من الساعات والدقائق والثواني ، لتضاف كل اربع سنوات الى شهر شباط لتصبح عدد ايام السنه 366 يوم وتسمى سنه كبيسة. أما باقي الفروقات فيتم تعويضها في مع نهاية كل قرن وبداية قرن جديد، لأن مجموع 0,24 مضروبا بأربعة في منعطفات القرون، لا يساوي يوما كاملا، وإنما أقل من يوم.
لماذا تسمى هذه السنة باللغة العربية بـ “الكبيسة”؟
جاء أصل التسمية باللغة العربية من بلاد الشام، التي كانت خاضعة للإمبراطورية الرومانية. تقول قواميس اللغة ومنها “لسان العرب”: الكَبْسُ: طَمُّك حُفرة بتراب. وكبَسْت النهرَ والبئر كَبْساً: طَمَمْتها بالتراب. ويقول صاحب “القاموس المحيط”، كَبَسَ البِئْرَ والنَّهْرَ يَكْبِسُهما: طَمَّهُما بالتُّرابِ. وكل طمّ هو زيادة على الشيء، والسنة الكبيسة هي التي يُزاد يوم على أيامها. أو بلغة القواميس العربية القديمة : السنة الكبيسة هي “السنة التي يُسترَق لها يوم وذلك في كل أربع سنين”.
القاعــــدة
تقول القاعدة : جميع السنوات تدعى بالسنوات البسيطة، أما السنوات التي يقبل مجموع أرقامها القسمة على 4 تدعى سنوات كبيسة. باستثناء أرقام السنوات التي تنتهي بـ 100 يجب أن تقبل القسمة على 400. ولهذا لم تكن سنوات 1700 و 1800 و 1900 سنوات كبيسة، في حين كانت سنة 2000 سنة كبيسة. وستكون سنة 2400 سنة كبيسة، أما 2100 و2200 و2300 فلن تكون سنوات كبيسة بينما عام 2400 و2800 سنة كبيسة.
التقويم اليولياني
تاريخيا ينسب التقويم اليولياني إلى يوليوس قيصر الإمبراطور الروماني الذي وصل إلى حكم روما عام 63 قبل الميلاد، وقد لاحظ أن هناك خللا في التقويم المتبع في روما، حيث صادف أن عيد الحصاد عند الرومان أصبح يحل في آخر الشتاء بدلا من أوائل فصل الصيف، مما يدل على أن السنة الرومانية الحسابية أقصر من السنة الشمسية العادية، الأمر الذي جعله يتحمس للقضاء على هذا الخلل، حيث قام عام 46 قبل الميلا بعد أن احتل يوليوس قيصر مصر باستدعاء الفلكي المصري الاسكندراني (سوريغن) التي اقترح عليه أولا إلغاء العمل بالسنة القمرية واستخدم السنة الشمسية جاعلا طولها 365.25 يوما بحيث تكون 365 يوما في ثلاث سنوات متتالية – وتسمى سنين بسيطة – ويضاف ربع يوم إلى السنة الرابعة في نهاية شهر شباط الذي أصبح 29 يوما، بدلا من 28 يوما ليصبح طول السنة و366 يوما وتسمى سنة كبيسة.
اتبعت الطريقة الجديدة في التقويم عام 45 قبل الميلاد. وقد حسب (سوريغن مقدار الخلل فبلغ 80 يوما، لذلك اقترح على يوليوس قيصر إضافة هذه المدة إلى سنة 46 قبل الميلاد لتصبح أطول 445 يوما ولتكون أطول سنة مرت على روما. ونقل يوليوس قيصر بداية السنة لتصبح من شهر آذار إلى شهر كانون الثاني. وبقي العمل بهذا التقويم الذي سمي بالتقويم اليولياني حتى عام 1582 بعد الميلاد أي طوال 1627 عاما. بل أكثر من ذلك في العديد من دول العالم التي لم تأخذ بالتقويم الغريغوي إلا في وقت متأخر، ويعرف التقويم اليولياني بالتقويم الشرقي، الذي لا يزال أهل الريف في سورية يستخدمونه حتى اليوم في حساباتهم الطقسية والزراعية.
التقويم الغريغوري
يعتبر التقويم الغريغوري – ويسمى بالتقويم الميلادي – تعديلا وتصحيحا للتقويم اليولياني الذي اعتبر السنة الشمسية 365,25 يوما في حين أن السنة الشمسية تبلغ 365,2422 يوما، وبذلك فإن السنة في تقويم يوليوس قيصر كانت تزيد بجزء صغير يقدر بـ 0.007626 من اليوم بالنسبة للسنة الشمسية الحقيقية ، وهذا يعادل زيادة قدرها 11 دقيقة و14 ثانية سنويا، وبتوالي السنين يزداد هذا الفرق إن هذا العدد من الدقائق سبب زيادة في عدد الأيام بقدر 3 أيام كل 4 قرون. وقد لاحظ فلكيو البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما أن الاعتدال الربيعي الحقيقي وقع في اليوم الذي اعتبرته النتيجة اليوليانية 11 آذار، فكان الخطأ قد بلغ 10 أيام وذلك في عام 1582 بعد أن كان الاعتدال الربيعي قد وقع في 21 آذار سنة 325 ميلادية. ولهذا فقد اقتطع ثلاثة أيام من كل 400 سنة؛ وذلك باعتبار السنين المئوية بسيطة إلا ما كان منها قابلا للقسمة على بدون باقٍ 400 فتكون كبيسة
هكذا نام الناس يوم الخميس 4 تشرين الأول 1582م واستيقظوا يوم الجمعة 15 تشرين الأول 1582م وقد كبروا في ليلة واحدة 10 أيام . ولولا مكانة البابا الدينية ما كان هذا الأمر ليقبل عند مجموع الناس. ولذلك قاومت الدول غير الكاثوليكية هذا التقويم. حتى استقر الأمر عليه في القرن العشرين فقبلته كل الدول مدنيًا. ولكن القيادات الدينية لم تقبل هذا التعديل في الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، والكنائس الأرثوذكسية الرومية، واستمروا على استعمال التقويم اليولياني، الذي أصبح الفرق بينه وبين التقويم الغريغوري حاليًا 13 يومًا . لذلك فحسب التقويم الغريغوري المستعمل يعيد المسيحيون الشرقيون في 7 كانون الثاني مع أن الجميع يعيد في 25 كانون الأول ولكن كل حسب تقويمه.
على هذا فالسنين الكبيسة في التقويم الغريغوري (الميلادي) هي التي تقبل القسمة على 4 ما عدا السنين المئوية ( القرنية ) فلا تكون كبيسة إلا إذا قبلت القسمة على 400. فمثلا السنوات 1512، 1324، 1204 كبيسة في التقويمين اليولياني الغريغوري والسنوات 1500، 1700، 1900 تعتبر بسيطة في التقويم الغريغوري وكبيسة في التقويم اليولياني. والسنوات 1200، 1600، 2000 كبيسة في التقويمين.
إن هذه الطريقة تضمن توافقا كبيرا ولقرون طويلة وهي تحقق عاما غريغوريا طوله 365.2425 يوما ولكن ما زال هناك فرقا بين طول العام في التقويم الغريغوري المفترض وما بين العام الحقيقي والذي يساوي 365.242189 وهذا الفرق يعادل 0.0003 من اليوم تقريبا أي ما يقارب 26 ثانية كل عام وهذا يسبب تراكما بطيئا بحيث يعادل يوما كل حوالي 4000 عام. وهناك اقتراحات بعدم جعل العام 6000 كبيسا لإزالة أثر هذا التراكم الصغير.
د. رياض قـــــــــره فــــــلاح
أســــــتاذ علم المنـــــاخ
قسم الجغرافية – جامعة تشرين