((محمد ابوزيد محمد
ما كتبته عن سارتر ( سبعة أجزاء ) ، وعن كافكا ، وعن ماركس فى المسألة اليهودية ، أضعه بتصرف السيدة الفاضلة / منيرة أحمد صاحبة موقع نفحات قلم ..ففى عنقى وعنق كل سورى ، وكل شريف فى عالمنا ، دين كبير ، لتلك السيدة المخلصة لبلدها ، والتى عملت خلال السنوات الماضية فى صمت ودون ضجيج ، وكان دورها يماثل دور أى جندى سورى فى جبهات القتال ..هى فرصة لأحييها ، ولأشد على ايديها ، وأمنحها اقل القليل مما تستحق …)).
ونحن بدورنا نحييك ونحمل الأمانة .. وننقل الرسالة
محمد ابوزيد محمد
جان بول سارتر
ولد جان بول سارتر فى الحى السادس عشر من أحياء باريس فى ٢١ يونيه ١٩٠٥ وكان والده ضابطا بحريا ، وامه آن سيدة طيبة قليلة الخبرة بالحياة . توفى والده بالهند الصينية وعمره عامان فانتقل مع والدته للعيش فى منزل جده لأمه شارل شفايتزر عم الفيلسوف اللاهوتى البرت شقايتزر . ويقول سارتر انه قد عاش وحيدا فى منزل جده بين رجل عجوز وسيدتين هن امه وخالته ، وانه قد تنازعه فى مقتبل حياته المذهبان : الكاثوليكى ( كزوج أمه ) والبروتستنتى ( كعائلتى أبيه وأمه ) . واللغتان الفرنسية والالمانية ، حيث كان جده يدرس الالمانية فى مدارس باريس وقد أخذ يدرسها لحفيده بهمة ونشاط .
وقد فقد سارتر البصر فى عينه اليمنى وهو فى الثالثة من عمره ، لكن هذا لم يمنعه من التعلق بالقراءة ، وكتابة القصص أحيانا
وقد كتب سارتر بعد ذلك :
( لقد كانت قصتى الاولى وأنا فى الثامنة من عمرى . وكنت كلما رأيت ورقة بيضاء لم أتمالك عن تسويدها بكل مايتراءى لى )
التحق سارتر سنة ١٩١٥ بالفصل السادس بمدرسة ليسيه هنرى الرابع بباريس ، حيث كان جده يدرس الالمانية ، ولكن والدته آن مارى تزوجت فى ١٩١٦ بأحد مهندسى البحرية الفرنسية ، الضابط مانسى وانتقلت معه للحياة فى مدينة لاروشيل الساحلية ، ومع ان سارتر كان متقدما فى دراستة ، فإن زواج والدته الجديد قد اصابه بالقلق ، والغضب ، واثر على تقدمه فى دراسته بلاروشيل ، وقد ذكر انه قد امضى مراهقة غير سعيدة فى تلك المدينة .
وفى عام ١٩٢٤ ألتحق سارتر بمدرسة النورمال سوبيريور بباريس ، فأخذ يدرس الفلسفة وعلم النفس ، وكان من زملائه فى تلك المدرسة صديقه الفيلسوف رايمون آرون ، وقد كتب سارتر بعد دخوله تلك المدرسة بثلاثة اعوام أى فى ١٩٢٧ روايته الاولى : هزيمة . ولكن الناشر الفرنسى الشهير جاليمار رفض نشرها ..وفى العام التالى ١٩٢٨ رسب سارتر فى امتحان الاجريجاسيون واصبحت رفيقة حياته سيمون دى بوفوار زميلة له فى دراسته عام ١٩٢٩ وكانت هى فى الواحدة والعشرين وسارتر فى الرابعة والعشرين وقد نجحا فى ذلك العام وكان ترتيب سارتر الاول وسيمون دى بوفوار الثانية ..
يقول سارتر فى حديث له مع سيمون دى بوفوار بعد ذلك :
( لقد اردت عندما كنت صغيرا ان اكتب رواية مثل نوتردام باريس او البؤساء ..اى عملا باقيا على مر العصور ، اما الفلسفة ، فقد دخلت حياتى بطريقة غير مباشرة . فقد كانت الرواية فى دمائى ، وعندما أخذت فى دراسة الفلسفة ، وكان لدى قريب يدرس الرياضيات . ويتعلم معها الفلسفة ، لكنه كان يتعالى على بهما حتى ثارت حماستى وأخذت ادرسهما )
وتقول سيمون دى بوفوار انها عندما اختارت سارتر من دون زملائها الذكور جميعا ، لرفقتها الدائمة ، كان ذلك لقباحته وقذارته . وكان سارتر قصيرا ، وملابسه قذرة ويدخل الغليون ، ولكن سيمون تقول انه كان رغم عيوب جسمه الواضحة ، جذابا للجنس الآخر ..وقد كتبت فى مذكراتها بعد ذلك : ..( عندما قابلت سارتر ، احسست لاول مرة بتأثير شخصيته القوى على شخصيتى . فانه كان يفكر فى كل دقبقة من يومه . وحقا أننى كنت ايضا افكر ، ولكن ليس طوال النهار مثله ) ..
وتدل مذكرات سارتر التى نشرت بعد وفاته ، وخطاباته المتبادلة مع سيمون دى بوفوار والتى استمرت حتى عام ١٩٦٠ على انهما كانا يتبادلان طوال حياتهما حبا قويا . وكانت سيمون تبكى عندما تتأخر عليها خطابات سارتر طويلا ، خصوصا عند تغيبه كمجند فى شرقى فرنسا ، او بعد ذلك عند سفره لأمريكا ..
ورغم العلاقة الحميمة بين سارتر وسيمون دى بوفوار ، فقد رفضا أن يتزوجا بإعتبار ان الزواج ( عقد بورجوازى عقيم ) و ( دليل عبودية المرأة للرجل ) . واستمرا يخاطبان بعضهما البعض بضمير الجمع والاحترام vous . وليس بالضمير المفرد والحميم tu . وكان يعيشان فى مكانين منفصلين ، هو فى فندق او اتيليه صغير ، وهى تعيش فى شقة أنيقة . وقد أعطاها سارتر خاتما ثمينا ظلت ترتديه طول حياتها . وقد استمرت علاقتهماوالحميمة ، واخلاصهما لبعضهما ، طوال حياتهما .ولكن هذا لم يمنعهما من اتخاذ احباب آخرين ..
وقد أشار سارتر انه كان يفضل دائما مجتمع النساء على مجتمع الرجال ، وانه كان يحب أن يجد نفسه دائما محاطا بالناس ، شريطة ان يكونوا من النساء ، وخصوصا الجميلات ، وانه كان يسعى لإغوائهن منذ شبابه ( بإتقاد ذهنى ، واعمالى ، وكتابتى ، وأشعارى . فهذا ما كنت أحب أن يحبوننى من اجله ) ..
وقد كتب سارتر بعد ذلك :
( ان اطيب علاقاتى على الاطلاق كانت مع النساء . لأن العلاقات الجنسية بمعناها الكامل ، تسمح بامتزاج ما هو موضوعى بما هو ذاتى ، بطريقة ميسورة . فالعلاقة مع امراة ، حتى ولو لم يضاجعها الانسان ، ولكن ولاسيما لو ضاجعها فعلا ، او كانت هناك فرصة لمضاجعتها ، تصبح اكثر غنى وثراء ، لأن الرجل يكون حاضرا مع المرأة بكل كيانه ووجوده )
وتقول سيمون دى بوفوار انها كانت تغير إذا أحست ان رفيق حياتها قد أصبح اكثر سعادة مع امرأة أخرى ..( ولكننى كنت أطمئن ، لأنى أعلم أنهن لا يشاركنه اهتماماته ، على ما استطيع أنا ان افعل معه ) وكانت سيمون تحب ان تتعرف على من يقعن فى شباك سارتر ، وتحاول ان تسيطر عليهن .
والمعروف ان لسيمون دى بوفوار عدد من العشاق ، وكان سارتر على معرفة ببعضهم ، ومن هؤلاء كلود لانزمان مدير تحرير مجلة الازمنة الحديثة ، ونلسون ألجرين الامريكى الذى عرفته فى باريس ، ثم نزلت عليه فى شيكاجو عدة اسابيع ، وقد عرض عليها البقاء معه ، لكنها رفضت هجر سارتر والحياة بصفة دائمة بأمريكا .
ومازالت رحلتنا مع سارتر مستمرة …..